Wednesday 11 July 2012

{الفكر القومي العربي} FW: مالعمل! الكتابة على ورق النظام 3/4


 

Date: Sat, 7 Jul 2012 12:25:24 -0700
From: shawki2375@yahoo.com
Subject: مالعمل! الكتابة على ورق النظام 3/4
To:

ما العمل!

الكتابة على ورق النظام 3/4*

 شوقي عقل

بعد  عام ونصف العام من (بدء) ثورة يناير تشكل في مصر عالم جديد سريع الايقاع، سريع الكشف عن الحقائق والمواقف، عميق الدلالات محمل بالكثير من الخبرات، عبر تجارب مريرة وإخفاقات لا حد لها، وأمال كبيرة أسفرت عن أحباطات أكبر منها، وأنتصارات عميقة تمثلت في تغيير هائل في البنية السياسية والأجتماعية، بطيئة الظهور لدرجة أن لا تكاد تدرك حدوثها. ولايبدو في الافق ما يوحي بأن الثورة قد أنتهت أو في سبيلها للتوقف، قبل أن تستطيع أن تحقق اهدافها. ولتحقيق النقلة النوعية المطلوبة في مجمل الأوضاع السياسية والأجتماعية لابد من مراجعة ما حدث، ومن ثم الأستفادة  من الظرف التاريخي الأني المناسب لتحقيق تلك النقلة، فهي لحظة توازن وصراع مابين قوتين،   مابين سدنة نظام قديم يتهاوى ببطء بعد أن مات وشبع موتا حتى في عهد المخلوع، وكهنة نظام جديد يريد أن يحل محله بتبادل العباءات، وتغيير البخور، وطلاء المعبد،  لعبادة نفس الاله، اله الثروة والبؤس، والشعب فيها على استعداد لتقديم تضحياته من اجل أحداث تغيير ثوري  حقيقي.

وإذا كان الاعداء كثر، فقوة الثورة أكبر، هذا درس إساسي من دروس الثورة، رأينا قوة الثورة حين توارى العسكر، ومرت لحظة كانوا يطلبون فيها الخروج الآمن، لولا أن نجدهم قادة الأخوان والسلفيون، وتصدوا لشباب الثورة في يوم إنعقاد أول جلسات برلمان الثورة، فكان الأنكسار بدلا من الأنتصار، وهو ما يدفع الجميع ثمنه االيوم.

لن يحقق التغيير الثوري إلا قوة ثورية، تحمل برنامجا واضحا يدرك الاهداف المرحلية قبل أن يسعى لأحلامه البعيدة، والثورة في حالتنا هي مشروع تحالف طبقي تتطلب تكاليفه درجة عالية من الوعي والتضحيات والنفس الطويل، وهو مشروع طبقي لأنه يستهدف إزاحة الطبقة الحاكمة المكونة من البيروقراطية العسكرية والبيبروقراطية الدواوينية، والرأسمالية التي نمت من خلال علاقات الفساد وكونت ثرواتها الهائلة ضمن اطار هذه العلاقات، وإزاحة مؤسسات هذا الحلف الفاسد وإحلال سلطة شعبية تتكون من تجمع واسع من طبقات الشعب المختلفة، لأحلال الدولة البرلمانية الديمقراطية محل دولة العسكر، وهو لن يتحقق إلا عبر تحالف واسع بين طبقات متباينة المصالح لأنجاز الأهداف المرحلية للثورة، التي تستهدف (مدينة) المجتمع، وجعله فوق (كل) مؤسسات الدولة.

أن الحق في التعبير، والمشاركة السياسية- الأقتصادية للشعب بكل صورها، وتحسين شروط وظروف العمل المأجور، ورفع مستوى الدخل فورا إلى حد أدنى حقيقي لايقل عن ثلاثة الاف جنيه، وووضع كافة أعمال الأستيراد وتجارة الجملة الكبرى للمواد المتعلقة بحياة الشعب، أي مايسمى بالسلع الأستراتيجية مثل القمح والذرة الصفراء والأسمدة والغاز والبترول في يد الدولة، ومراجعة القوانين التي صدرت في عهد مبارك المتعلقة بأيجارات الأراضي الزراعية والملكية لتعديلها بما يحقق صالح ملايين الفلاحين الفقراء ورفع أنتاجية الأرض، وتقديم القروض الميسرة لصغار الفلاحين بفائدة لاتتجاوز 5%، ومشاركة العمال والموظفون في إدارة الوحدات الأنتاجية المملوكة للدولة، وتحرير الأمة من هيمنة وسيطرة العسكر، وإعادة ما أخذوه من أموال وأصول إلى الشعب صاحب الحق، وتحرير الأرادة الوطنية من التبعية للحلف الصهيوني الامريكي وأتباعهم في المنطقة، ونبذ ورفض هيمنة صندوق النقد والبنك الدولي على الأقتصاد، وأنتهاج سبيل التنمية الصارم هي الأهداف المرحلية للثورة.

فما هي ملامح وسمات الدروس والخبرات التي تبدت جلية في العام والنصف اللذان لو قيسا بحجم ما شهدناه من احداث لتجاوزا حجم عقودا طويلة من عمر الامة، وهي الملامح المتعلقة بطبيعة القوى الحاكمة  والمتصدرة للمسرح السياسي، وقدرتها على تقديم الحلول للأزمة.

أول هذه الملامح هي نهاية قدرة النخبة العسكرية الحاكمة على ادارة المجتمع، بعد ستة عقود من جلوسها في مقاعد السلطة المطلقة، وذلك يتمثل في حقيقتين، الأولى تتعلق بالبنية الهيكلية لوجود تلك النخبة ومهامها الوظيفية من خلال دورها المحدد لها بالحفاظ على تبعية مصر ضمن إطار اتفاقية الكامب وبقية الأطر الاخرى المكبلة لأستقلال الامة،  والحقيقة الثانية هي سيطرة تلك النخبة على ثروات هائلة وإراضي شاسعة وإعفاءات جمركية وضرائبية وإستخدامهم لملايين المواطنين المجندين في مشاريع لاتدر عائدا إلا لهم، ومنها ما هو خاص، وهو مايقدر بما يتجاوز ثلث حجم الأقتصاد المصري، وسيطرة المحالون للمعاش منهم على المراكز القيادية في هيكل الأدارة المحلية، أي مؤسسة الفساد الحكومية الرسمية، وهاتان الحقيقتان تبينان بوضوح أن ما تعانيه الامة من فقر وفساد وتبعية وتخلف ما هو إلا نتاج طبيعي ومحتم لوجود تلك النخبة على رأس السلطة.

 

الملمح الثاني هو عدم قدرة النخبة التجارية المالية الممثلة في قادة الأسلام السياسي على ادارة الامور وقيادة المجتمع وذلك للاتي:

أ‌-       الانفصال الطبقي عن تطلعات الملايين بحكم الضرورة المصلحية، فقيادة الاخوان الحالية في يد مجموعة من أصحاب المليارات الذين تشكلت ثرواتهم من التجارة والاستيراد والمشاريع المشتركة مع شركات اجنبية عملاقة، قال الامام علي (ما متع غني إلا بما جاع به فقير)!

 

ب‌- الانفصال المرجعي والسلوكي عن الطبقة الوسطى المدينية بشرائحها المختلفة، تمثل ذلك في التأييد الواسع الذي منحته تلك الطبقة في غالبيتها لشفيق رغم علمها بفساده، فكرهها لما يمثله الاخوان كان اقوى.

 

ت‌- ميلهم الدائم للمهادنة مع أعداء الوطن داخليا وخارجيا لايتفق وحجم الازمة التي تواجهها الأمة، وحتمية مواجهة اولئك الأعداء في طريق التحرر.

 

ث‌- ترتيب مصالحهم ضمن منظومة العلاقات مع السوق العالمي لأستثماراتهم الكبيرة في الأستيراد وتصنيع سلع إستهلاكية بالتعاون مع شركات عالمية لا يدفعهم إلى التطلع إلى إستقلال أقتصادي  حقيقي، فمصالحهم تتشابك مع علاقات التبعية الأقتصادية، هي داخل هذه العلاقات ونتاج لها.

 

ج‌-   تبنيهم لأفكار إقتصادية يمينية شديدة التخلف تتعلق بحرية التجارة وحرية التملك كسبيل لتحقيق نهضة المجتمع، وهي الأفكار ذاتها التي بشر بها (ادم سميث) فيما سمي بـ ( اليد الخفية) منذ قرون وأثبتت فشلها، أنه فكر معادي ومضاد لفكر التنمية حتى بمفهومه الرأسمالي الحديث.

 

ح‌-   عدائهم الواضح تجاه مدنية المجتمع بالمعنى الذي يعلي من قيمة تحرر الفرد من سطوة مؤسسات القهر تحت إي مسمى عسكري أو ديني أو قضائي أو شرطي  أو بيروقراطي، يجعلهم قوة مضادة بالضرورة لتحرر الامة من عوامل الاستبداد، ويكرس قوة المؤسسات المذكورة، التجربة الماضية ترينا ذلك بوضوح.

 

 

خ‌-   علاقاتهم الوثيقة بالمنظومة الرجعية العربية المادية والفكرية المرجعية، تشكل قوة مضادة لقوة التحرر والخلاص من التبعية والتخلف.

 

 

الملمح الثالث هو عدم قدرة النخبة السياسية المعارضة حاليا في غالبيتها على طرح برنامج تغيير حقيقي وإنجازه وذلك للأتي:

 

أ‌-       ارتباط بعضها الوثيق مع نظام مبارك وبعده مع العسكري مثل حزبي الوفد والتجمع.

 

ب‌- ارتباط بعضها بعلاقات خفية إو منهجية مع النظام العسكري بالقبول والمساندة الخفية أو بحكم الأنتماء الفكري (العسكريتاريا) مثل حزب الكرامة.

 

 

ت‌- التذبذب الواضح في المواقف السياسية وعدم وجود خط منهجي محدد والتراوح في المواقف مابين أصلاحية صورية هزيلة ومواقف ثورية صلبة، والضعف الواضح للقدرة التنظيمية والقيادة مثل بعض الأحزاب المحسوبة على التيار اليساري.

 

ث‌- الطبيعة الليبرالية المسيطرة على قطاع واسع من المثقفين المنتمين أو الذين كانوا ينتموا إلى اليسار، مما أدى أن تصبح قضايا مثل الحجاب والنقاب وقضايا المرأة وكافة الحريات الشخصية بالمفهوم البرجوازي، أي حرية الفرد في تأكيد تفرده وليست حرية الجماعة العاملة أزاء علاقات القوى الأقتصادية المنتجة، اصبحت هي الشاغل الأساسي لهذه المجموعة الواسعة، وكان لذلك إثران شديدي الضرر على مجمل الحراك السياسي التقدمي، الأول أنه جعل المعركة تدور حول قضايا لاتهم في الدرجة الأولى سوى النخبة السياسية الليبرالية، مما عزلهم عن قضايا الواقع الملحة، وعزلهم بالتالي عن جماهير واسعة، والثاني أنه بين وأكد الطبيعة الطبقية لمثقفي ذلك القطاع.

 

 

ج‌-   ارتباط بعض قوى النخبة السياسية  بعلاقات خارجية معلنة، غربية مثل حزبي الغد والجبهة، أو خليجية مثل الأحزاب السلفية وجماعة الأخوان، والكثير منها يتم تمويله من منظمات دولية بعضها عليه شبهات قوية، وما يعنيه ذلك!

 

ح‌-   إستجابة بعض القوى السياسية الميدانية المشهود لها بمواقف نضالية صلبة للدعوات الغربية بالسفر وحمل جوائز وحضور حفلات (السفارة) كانت تلك تعتبر لديهم تهمة لا تغتفر إلى وقت قريب!

 

تزامن عجز النخبة السياسية مع وجود جمهور كبير من الشباب الحديث العهد بالعمل العام، والذي تلقى وعيه السياسي وحسه النضالي في الميدان، معمدا بدم رفاقه ممن شهدهم يسقطون أو يدهسون أمامه، أنهم ابناء التحرير الممتد في كل ربوع مصر، أنهم الملهمين بروحهم النضالية العالية ومعين الفداء لديهم الذي لا ينضب لميادين اخرى في نيويورك ومدريد ولندن والخرطوم وصنعاء،  أنهم يدركون عجز تلك النخبة وضعفها وميلها للمهادنة، ولا يجدون بديلا سوى المواجهة مع قوى الفساد والتخلف، أنهم روح شاعرة وقوة للثورة لا تنطفئ.

*كان المفترض أن يكون هذا الجزء هو الثالث والاخير لسلسلة مقالات بنفس العنوان، ولكن الطول الزائد لهذا المقال – الذي لم اجد مفر منه- جعلني اضعه في جزئين

يتبع

No comments:

Post a Comment