Sunday, 30 April 2017

{الفكر القومي العربي} إضراب الأسرى والمعتقلين مشاهدٌ وصور الحرية والكرامة "10"

إضراب الأسرى والمعتقلين مشاهدٌ وصور

الحرية والكرامة "10"

بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

اليوم الخامس عشر للإضراب ....

صورة إضراب الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين عن الطعام في مختلف السجون والمعتقلات الإسرائيلية ليست صورةً جامدة لا تتغير، وليست على حالٍ واحدةٍ لا تتبدل، وليست كئيبةً كما يُتَصورُ، ولا مملةً كما يتعمد العدو وصفها، والأسرى ليسوا حزنى ولا باكين، ولا هم منعزلين في زوايا غرفهم، ولا منفصلين عن الواقع حولهم، بل إن صورتهم تتميز بالحيوية الدائمة والحركة الدائبة والتطور المستمر، وتشهد في كل ساعةٍ أحداثاً جديدةً، تغير المشهد وتبدل الصورة، تعزز في قلوبهم الأمل وتقرب إليهم النصر.

المعتقلون خلايا نحلٍ نشطٍ يعملون في كل السجون والمعتقلات، يتبادلون الرسائل، ويتصلون بقياداتهم في الخارج، ينسقون معهم المواقف، ويخططون للمستقبل، ويصيغون البيانات المشتركة، ويعلنون السياسات العامة، ويوضحون مواقفهم مما يجري معهم وحولهم، وكأنهم في مركز عملياتٍ أو قيادة أركانٍ، إذ الكل منهمكٌ في عمله، ومشغولٌ في مهمته، يعملون بكدٍ ونشاطٍ وحيويةٍ وأملٍ، دونما استسلامٍ للأسوار المحيطة بهم، ولا للأبواب المغلقة عليهم، ولا للسجانين المتربصين بهم، ولا للعيون المفتوحة عليهم، ولا لوسائل التجسس المنصوبة حولهم، التي تصورهم وتسجل أصواتهم وترصد كل حركاتهم.

يخطئ من يظن أن بقية الأسرى والمعتقلين غير المنخرطين في الإضراب، يقفون متفرجين ولا يشاركون إخوانهم في معركتهم، ولا يقفون إلى جانبهم في مواجهتهم، بل إنهم على العكس من ذلك مسؤوليةً وانشغالاً، إذ يحملون المهام الصعاب، ويقومون بالتكاليف المجهدة، ويبادرون للقيام بكل صغيرةٍ وكبيرةٍ، كونهم أقدر على التحمل، وأصبر على الجهد، فتراهم ينوبون عن إخوانهم في كل ما يتعلق بمهام المعتقلين اليومية في غرفهم وزنازينهم، ويبادرون لإجراء الاتصالات وجمع المعلومات وتدوين الأحداث وصياغة المواقف، في محاولةٍ منهم للتخفيف عن الأسرى المضربين، وحمل بعض الأعباء الدورية نيابة عنهم، فضلاً عن أنهم يحرصون على عدم تناول الطعام أمامهم، ولو كانوا مرضى وفي حالٍ صحيةٍ تلزمهم بتناول الطعام.

هذه الصورة المفعمة بالحيوية والنشاط، والمليئة بالأمل واليقين، لا تقتصر مشاهدها المتجددة داخل أسوار السجون، وفي عتمة الزنازين وجوف الإكسات العميقة حيث العزل الإنفرادي والإقصاء المتعمد، رغم أنهم صناع الحدث، وأبطال الساحة ورجال الموقف، لكنها تتجاوز السجون إلى خارجها، وتخترق أسوارها إلى خارجه الذي يغلي كالمرجل ويمور كما البحار، وتجتاز حدودها الضيقة إلى العالم الرحب الفسيح، حيث تتردد أصداء إضرابهم في كل أنحاء الدنيا، ويسمع بهم من أراد العدو أن يبقيهم بعيداً عن جرائمه، وعمياً عن سوء أفعاله، فقد أجبر الأسرى بصمودهم وثباتهم وإصرارهم العالم كله على التضامن معهم أو الحديث عنهم، إذ نجحوا في فرض قضيتهم على كل نشرات الأخبار، التي باتت تفرد مساحاتٍ كبيرة من برامجها لتغطية تطورات قضيتهم، وتسليط الضوء على معاناتهم.

الصور والمشاهد الخارجية التي تواكب إضراب الأسرى والمعتقلين، ليست كلها واحدة أو متشابهة، بل هي مختلفةٌ ومتباينة، فهي في فلسطين وعموم الدول العربية والإسلامية مختلفة عن الصورة التي ترسمها حكومات دول أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، فهي صورٌ بيضاء ناصعةٌ، وأخرى سوداء قاتمة، مؤيدة ومناصرة لهم، أو معارضة ومناوئة لتحركاتهم، الأولى يبديها الشعب الفلسطيني كله وترسمها الأمة العربية والإسلامية، والأخرى يحاول العدو فرضها وتضليل العالم بها، ويضغط على الدول والحكومات لتصديقها والقبول بها، ولكن الصورة الأولى أنضى وأنصع، وأبلغ وأصدق، بينما الثانية معتمةٌ مظلمةٌ فاسدةٌ مضللةٌ، يبدو فيها الظلم ويغيب عنها العدل، وتظهر عليها سمات الحقد والكراهية، والعنصرية والعدوانية.

فقد أعلن المئات من مناصري الشعب الفلسطيني ومن المناضلين الأمميين تضامنهم مع الأسرى والمعتقلين، وأيدوهم في إضرابهم المفتوح عن الطعام، وشرع الكثير منهم في الإضراب عن الطعام مثلهم، أو شرب الماء والملح تضامناً معهم، ومنهم المناضل اللبناني الشهير جورج عبد الله، المعتقل منذ قرابة العشرين عاماً في السجون الفرنسية، الذي أعلن إضراباً عن الطعام لمدة ثلاثة أيامٍ تضامناً مع الأسرى الفلسطينيين وذويهم، وغيره كثير من قدامى الأسرى والمحررين في الخارج، الذين انظم إليهم مئات الفنانين والسياسيين والإعلاميين والمثقفين، وعشرات النشطاء الدوليين في لجان كسر الحصار وغيرهم من المشاهير.

أما الشيخ رائد صلاح فقد ارتحل بكليته وحنجرته، ومن قبل بقلبه وعقله إلى بوابات السجون الإسرائيلية، التي كان فيها قبل أيامٍ قليلةٍ معتقلاً ومعزولاً، فوقف على بوابة سجن مجدو متضامناً مع إخوانه الأسرى خلف القضبان، ومخاطباً إياهم بشجاعةٍ ورباطة جأشٍ وقوة جنانٍ، أن الفجر آتٍ، وأن الصبح عما قريب سينبلج، وستعودون أحراراً رغم أنف العدو إلى بيوتكم حيث أسركم وأطفالكم.

في حين اعتصم تلاميذ المدارس وطلبة الجامعات، وأعضاء مجالس الشعب والنواب، والصحفيون ورجال الإعلام، والنقابات العمالية ومؤسسات المجتمع المدني، الذين خصصوا جميعاً جزءاً كبيراً من أوقاتهم لاستعراض قضايا الأسرى والمعتقلين في السجون الإسرائيلية وبيان معاناتهم وعرض مشاكلهم، وكان إلى جانبهم أبناء الأسرى وزوجاتهم وأمهاتهم، الذين شاركوهم الإضراب، واعتصموا تضامناً معهم وأملاً في الإفراج عنهم في خيامٍ كثيرٍ نصبت، ومقارٍ عديدةٍ فتحت لترفع صوتهم، وتسلط الضوء على قضيتهم.

مع بداية اليوم الخامس عشر تجاوز عدد الأسرى المشاركين في الإضراب عتبة ألـــ 1600 أسيراً، وما زالت سفينة الإضراب تمخر عباب التحديات والصعاب، تتحدى العدو وتقف في مواجهته، ولا تبالي بتهديده وعنجهيته، بل يزداد صبيحة كل يومٍ عددهم، وتتضاعف قوتهم، ويشتد تأثيرهم بإصرارٍ على تلبية طلباتهم، وضمان حقوقهم، وعدم القبول بأي سحبٍ أو تراجعٍ عما تم تحصيله سابقاً من الحقوق والامتيازات، فهذه المعركة الأليمة التي يخوضونها بأمعائهم، ويشقون طريقها بجوعهم، ليس لها من خاتمةٍ إلا النصر أو الشهادة.

بيروت في 1/5/2017

https://www.facebook.com/moustafa.elleddawi

moustafa.leddawi@gmail.com

--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To unsubscribe from this group and stop receiving emails from it, send an email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
To post to this group, send email to alfikralarabi@googlegroups.com.
Visit this group at https://groups.google.com/group/alfikralarabi.
For more options, visit https://groups.google.com/d/optout.

Saturday, 29 April 2017

{الفكر القومي العربي} انتفاضة الأسرى عنوان الوحدة وسبيل الوفاق الحرية والكرامة "9"

انتفاضة الأسرى عنوان الوحدة وسبيل الوفاق

الحرية والكرامة "9"

بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

·      اليوم الرابع عشر للإضراب ....

إيماناً بعدالة قضية الأسرى والمعتقلين، وإحساساً بمعاناتهم، وأملاً بحريتهم والإفراج عنهم، نجد أن قطاعات الشعب الفلسطيني المختلفة في الوطن المحتل والشتات، وجموعه المنظمة والعامة، وفصائله المتنافرة والمتنافسة، وقواه المنقسمة والمتخاصمة، وكتائبه العسكرية وتنظيماته السياسية، ومؤسساته الإعلامية وهيئاته الشعبية، تلتقي كلها اليوم على هذه القضية وتتحد، وتتناسى مشاكلها وتقفز على اختلافاتها وتتفق، وتنسق فيما بينها وتتعاون، وتتقاسم الأدوار وتتبادل، وتنوب عن بعضها وتتكامل، ذلك أن أسرانا البواسل في سجون العدو هم نقطة انطلاق وعلامة اتفاق ومحل وفاق، عليهم نلتقي وتحت ظلالهم نتحد، أياً كانت اتجاهاتنا السياسية وانتماءاتنا الحزبية.

وفي الوقت الذي يقف فيه أهلنا في النقب والجليل والمثلث وعموم فلسطين التاريخية، في حركةٍ تضامنيةٍ رائعة، والتفافٍ شعبيٍ عزَّ في غير هذه القضية نظيره، تلتقي فيها المساجد مع الكنائس، ويتداخل فيها الأذان مع أجراس الكنائس، بصوتٍ واحدٍ حرٍ واعدٍ صادقٍ، يؤيد الأسرى والمعتقلين في السجون الإسرائيلية ويقف معهم وإلى جانبهم، وينادي بحقوقهم، ويستصرخ العالم الحر لينتصر لهم ويساندهم، ويتحدى سلطات الاحتلال التي تسجنهم وتجلدهم، وتعذبهم وتعاقبهم، يهب أهلنا في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة، هبة رجلٍ واحدٍ ثائرٍ غاضبٍ ناقمٍ، لا يلوون على شئٍ غير حرية أسراهم وحقوق أبنائهم، فهم اليوم في سجون العدو يعذبون ويضطهدون، وهم الذين انبروا دفاعاً عن شعبهم، وثأراً لإخوانهم، وانتقاماً من عدوهم، نواباً عنهم ورواداً قبلهم، فاستحقوا بتضحياتهم من الشعب الوفاء، ومن الأمة التقدير والعرفان.

أما الأسرى والمعتقلون أنفسهم فقد كانوا رغم سجنهم واعتقالهم، سباقين إلى الوحدة، ورواداً في الاتفاق والوفاق، ورسموا لشعبهم المنقسم على ذاته والمتصارع مع نفسه، أروع الأمثلة في التلاحم والتنسيق والانسجام، ونسقوا فيما بينهم إضرابهم المفتوح عن الطعام فخرج قوياً متماسكاً، صاخباً مدوياً، منسجماً ومنسقاً، فلا تناقض بينهم ولا اختلاف، ولا أصوات معارضة ولا أخرى نشاز، بل شكلوا فريقاً واحداً وجسماً موحداً، فأعيوا العدو عن اختراقهم، وأعجزوه عن التأثير على بعضهم أو الوشاية والوقيعة بينهم.

وكأن الأسرى خلف القضبان، المحاصرين خلف الأسلاك الشائكة أو بين الجدران العالية، وداخل الزنانين الضيقة ذات الأبواب السميكة الصدئة، أعمق وعياً وأوسع فهماً، وأدرى بعدوهم وأعلم بمواجهته، فأرادوا أن يلقنوا شعبهم وقيادته درساً في أصول المواجهة وخوض المعارك، وفي إدارة الحروب وتحدي العدو، بأنه لا بد من الوحدة والاتفاق، والتنسيق والتكامل، فهذا هو سبيل النصر وطريق الفوز، وإلا فإن الاختلاف سيضعفنا، والانقسام سيشرذمنا، والتناقض سيهزمنا.

الأسرى الذين يخوضون الإضراب المفتوح عن الطعام وقد تجاوز عددهم في يومهم الرابع عشر الألف وستمائة أسيرٍ، ليسوا أبناء تنظيمٍ واحدٍ، أو ينتمون إلى حزبٍ أو فصيلٍ دون آخر، وإن كان يتقدمهم الأسيران مروان البرغوثي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، وأحمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، إلا أنهم جميعاً يدٌ واحدةٌ وصفٌ واحدٌ، وإن كانوا لفيفاً من أبناء حركة فتح وهم الأكثرية، وإلى جانبهم أسرى حماس والجهاد الإسلامي والجبهتين الشعبية والديمقراطية وغيرهم، في وشاحٍ وطنيٍ رائعٍ، وقلادةٍ منضودةٍ بأزهى الألوان، ترصع الحالة النضالية للحركة الوطنية الأسيرة وتزينها بثوبٍ وطنيٍ قشيبٍ جميلٍ، تغيظ العدو وتؤلمه.

وهم ليسوا نزلاء سجنٍ واحدٍ فقط، بل إنهم يمثلون السجون والمعتقلات الإسرائيلية كلها، بعيدها وقريبها، القاصي في النقب، والمعزول في نفحة، والقريب في عوفر، وهذا ما يغيظ السجان ويغضب سلطات الاحتلال، إذ أن شرارة الإضراب انتشرت وامتدت، وانتقلت من سجنٍ إلى آخر، حتى أصبح من الصعب عليهم تطويق الإضراب وحصاره، أو التحكم فيه وتسييره، وأسقط في أيديهم محاولاتهم عزل الأسرى المضربين وإقصاءهم، فعما قريب سيكون المضربون هم الأكثرية، وسيلتحق بهم كل الأسرى والمعتقلين، وسيسبقهم إليه المرضى والنساء، والأطفال وذوي الحالات الخاصة، فهذه معركةٌ لا يتخلى عنها أحد، ولا يغيب عنها قادر، ولا يتأخر عن خوضها مؤمنٌ بها ومعتقدٌ بأنها صانعة الكرامة وبوابة الحرية.

لا شئ يوحد الشعب الفلسطيني كالأسرى والمسرى، فعليهما يلتقي الشعب وتتظافر جهوده، ويتعاون أبناؤه، وتتحد فصائله، وتتكاثف جهوده، وتتركز أعماله، وفي سبيلهما يضحي الشعب وتهون دونهما الصعاب، وتتضاءل أمامهما التحديات، ويتسابق لاستنقاذهما الرجال والنساء، والشيوخ والصبيان، وينبري للدفاع عنهما الأب والأم، والأخ والأخت، والابن والابنة، والجار والقريب والنسيب، والغريب والنصير، والكل يهب إذا رفع شعارهما، ونودي من أجلهما، إذا أحدق الخطر بهما، أو حاول العدو المساس بهما والتآمر عليهما، ولا يبالي الفلسطينيون إذا سقط في معركة الدفاع عنهما شهداءٌ وجرحى، أو معتقلون وبالرصاص الحي مصابون، فهذه معركةٌ يرونها قدسية، طاهرة نقية، لا مراءاة فيها ولا مداهنة، عنوانها واضحٌ، وهدفها محددٌ، إنها لنصرة القدس وللدفاع عن جنود فلسطين والأقصى.

المعتقلون الفلسطينيون والعرب في السجون الإسرائيلية، والقدس ومسجدها الأقصى، هما عنوانان عظيمان وواجهتان شريفتان، ورايتان ناصعتان عاليتان تخفقان، إنهما أيقونتا الشعب الفلسطيني وقبلة الأمة العربية والإسلامية، بطهرهما يقسمون، وبقدسيتهما يفتخرون، وبنقائهما يعتزون، ومن أجلهما يضحون بكل غالٍ ونفيسٍ، وانتصاراً لهما يتظاهرون ويعتصمون، ويجتمعون ويحتفلون، ويهتفون ويغضبون، فلا نستغرب ما نراه اليوم من وحدة الأمة والتفافها حولهما، رغم الظلام البهيم، والفتن السود، والحروب العدمية المدمرة، إلا أن ما أحاق بالأمة العربية لم يشغل شعوبها وأبناءها عن نصرة الأسرى الفلسطينيين، وتخصيص أوقاتاً من أجلهم، يدافعون عنهم، ويبرزون قضيتهم، ويفضحون العدو الذي يستفرد بهما ويعتدي عليهما.

 

بيروت في 30/4/2017

https://www.facebook.com/moustafa.elleddawi

moustafa.leddawi@gmail.com

--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To unsubscribe from this group and stop receiving emails from it, send an email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
To post to this group, send email to alfikralarabi@googlegroups.com.
Visit this group at https://groups.google.com/group/alfikralarabi.
For more options, visit https://groups.google.com/d/optout.

Friday, 28 April 2017

{الفكر القومي العربي} محاولاتٌ إسرائيلية لوأد انتفاضة الأسرى وإفشال إضرابهم 4

محاولاتٌ إسرائيلية لوأد انتفاضة الأسرى وإفشال إضرابهم (4/4)

الحرية والكرامة "8"

اليوم الثالث عشر ...

بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

إنه غباء المحتل وغطرسة الباغي، وتمادي الظالم وتيه الضال، وفساد عقل المعتدي وضيق أفق المفتري، وقلة عقل المعتد بقوته والمختال بعدته، الفاقد للعدل والمعادي للحق، المفتون بزمرته والمزهو بجماعته، الذين يظنون أنهم يحسنون في مواجهة إرادة الحق وأهله صنعاً، ويتوقعون عليهم نصراً، ويرجون عليهم كسباً، ويتطلعون بما أعدوا لهم من قوةٍ طاغيةٍ وعدةٍ باغيةٍ، وأحابيل خبيثة وخدع سقيمة، أن ينتصروا عليهم، وأن يفرقوا جمعهم ويشقوا صفهم، وأن يوقعوا الخلاف بينهم، فلا يكون لهم صوتٌ موحدٌ، ولا إرادةٌ صلبة، فتراهم ينتقلون من خطةٍ إلى أخرى، ويقفزون من تجربةٍ إلى غيرها، وكلهم أمل أن تجدي الثانية إذ لم تنفع الأولى، وأن تثمر الجديدة إذ فشلت القديمة، وما علموا أنهم يواجهون رجالاً يخوضون معركة الكرامة، ويصنعون غد العزة، فلا يرومون لحياةٍ ذليلةٍ، بل يتطلعون إلى الصعود إلى القمم، ويكرهون العيش أبداً بين الحفر، ولكن العدو يجهلهم ومعهم يحاول، وتجاههم لا ييأس، وفي سبيل كسر إضرابهم يسعى ولكنه سيفنى.

o    القوة المفرطة والعنف المؤذي ...

بعد أن لم تنجح وسائله في كسر إضرابهم ووقف امتداده بينهم ومنع انتشاره في صفوفهم، تلجأ سلطات السجون إلى استخدام القوة المفرطة ضد الأسرى والمعتقلين، فتداهم غرفهم، وتقتحم أقسامهم، وتدوس أغراضهم، وتصادر حاجياتهم، وتفسد محفوظاتهم، وتتلف مقتنياتهم، وتمزق مدوناتهم، وتسحق بأقدامها مصنوعاتهم، وتفتح في وجوههم فوهات اسطوانات الغاز الخانق والمدمع، وتندفع فرقهم الخاصة المزودة بأقنعةٍ واقيةٍ وخوذٍ متينةٍ وعصيٍ كهربائية وهراواتٍ سميكةٍ، فتضربهم بقسوةٍ، وتعتدي عليهم بشدةٍ، وتقودهم بالقوة خارج غرفهم وأقسامهم، وتعيد تقسيمهم وتوزيعهم بقصد تفريقهم والفصل بينهم، وهي تعتقد أنها بأسلوبها العنيف تستطيع أن تصل مع الأسرى والمعتقلين إلى ما لم تصل إليه بالحجة والمنطق، واللسان والحوار، والحكمة والعقل، ولكن النتيجة التي تصل إليها دوماً معهم، هي المزيد من الثبات والإصرار، والكثير من القوة والعزم واليقين، والتي بها يصفعون وجوه السجانين، ويصرخون فيها أننا هنا الأقوى والأصلب، والأكثر صبراً وثباتاً، والأكثر يقيناً وإيماناً، وأننا سنحقق ما نريد، وسنصل إلى ما نتطلع إليه.

o    المساومات ...

هي المرحلة التالية لاستخدام وسائل العنف المختلفة، وسبل القمع المتعددة، حيث تحاول إدارة السجون والمعتقلات قبل أن تدخل في مرحلة المفاوضات المباشرة والجدية مع وفد المعتقلين المفاوض، اختراق جمعهم وتمزيق وحدتهم، من خلال إجراء مساوماتٍ معهم، وعرض إغراءاتٍ عليهم، فتطرح عليهم حلولاً جزئية، وتقدم لهم تنازلاتٍ محدودة، أو تعيد لهم ما قد سحبته من امتيازاتهم القديمة، أو تستجيب لبعض طلباتهم الجديدة مقابل كسرهم للإضراب، أو تناولهم لوجبة طعامٍ واحدة، إذ أن ما يهمها هو كسر الإضراب، وتراجع المعتقلين عن برنامجهم التصعيدي ولو بوجبة طعامٍ واحدة يتناولونها، أو بتعليقٍ مؤقتٍ مشروط.

ولكن الأسرى والمعتقلين الذين يدركون هذه السياسة ويعرفون حيل وخدع الإدارة، استناداً إلى تجاربهم السابقة وخبرتهم المتراكمة، يرفضون تقديم أي تنازلاتٍ، ولا تلين مواقفهم أمام الضغوط القاسية، أو إغراءات المصلحة الكاذبة، ولا يصدر عنهم ما يوحي إلى استجابتهم لوعودهم أو اطمئنانهم إلى سياستهم، بل يبدون أمام إدارة السجون تماسكاً وتصلباً وتشدداً في الموقف، كونهم يعبرون عن إرادة الأسرى والمعتقلين جميعاً، فهم الذين ضحوا وعانوا، وصبروا واحتملوا، وتعرضت حياتهم للخطر وصحتهم للتدهور، بعد أن أمضوا أياماً طويلة وقاسية مضربين عن الطعام، علماً أن المفاوضين دوماً هم من الأسرى المضربين أنفسهم، ومن أقدمهم إضراباً وأكثرهم خبرةً في المفاوضات وعلماً بعقلية العدو السجان، وهو شرطٌ يضعه المعتقلون ويصرون عليه ويتمسكون به، ويحترمه الأسرى الآخرون ولا يزاحمون إخوانهم عليه، ولا يتقدمون إليه عليهم.

تدرك إدارة السجون أن فريق الأسرى المفاوض يأتيها دوماً مسلحاً بإرادة الأسرى والمعتقلين، وقوياً بموقفهم، وثابتاً بصبرهم، ولديه كل العزم على تحقيق مطالبهم، لهذا فهي تحاول أن تخترق جسم الأسرى عبر استدعاء بعضهم للتفاوض، وإهمال أو تهميش الفريق المنتدب من قبل المعتقلين، وفي أغلب الأوقات يرفض الأسرى من غير الفريق المنتدب للمفاوضات التفاوض معهم، ويشير إلى الإدارة أنه غير مخول أو مفوض بإجراء أي مفاوضاتٍ معهم، وأن الجهة الوحيدة المخولة بذلك هي الفريق المنتدب للمفاوضات فقط، وبذا يضعون حداً لمحاولات الإدارة شق صف الأسرى من خلال محاولاتها انتقاء بعض المعتقلين ممن تظن أنهم أكثر ليناً وأقل تشدداً للتفاوض معهم.

ولكن هذا التشدد في المواقف والصلابة في المفاوضات لا يمنع عودة المفاوضين إلى بقية الأسرى والمعتقلين للتشاور معهم، والاستماع إلى رأيهم، ومعرفة وجهة نظرهم من الأفكار التي تعرضها إدارة السجن، فقد يكون بعضهم غير قادرٍ على مواصلة الإضراب، ولديه الرغبة في كسره ببعض المكتسبات والتنازلات التي تقدمها إدارة السجن، ولما كان الأسرى والمعتقلون يسيرون بقوة الأضعف فيهم، فإنهم يحرصون على الاستماع إلى جميع الآراء، ومعرفة وجهات نظر الجميع، مخافة أن يكون قرارهم بالمواصلة ورفض الاستجابة إلى عروض الإدارة مخالفاً لرأي بقية الأسرى ومؤثراً على صحتهم وسلامتهم، ويتعارض مع قدرتهم على الصمود والمواصلة، إلا أن التجارب النضالية السابقة قد أثبتت أن أضعف الأسرى هو أقواهم، وأشدهم مرضهم هو أصبرهم، وأكثرهم ألماً هو أكثرهم عناداً وإصراراً.

لكن القرار النهائي في كل العروض الإسرائيلية بالقبول أو الرفض، كلياً أو جزئياً، سواء مع الفريق المكلف بالتفاوض أو مع غيرهم ممن تجبرهم إدارة السجن على التفاوض معها، فإنه يعود لمجموع المعتقلين المضربين عن الطعام، وليس إلى فئة معينة منهم، لكن الأسرى يحرصون بقرارهم الموحد والنهائي على وحدة صفهم وتماسك كلمتهم، ويحرصون على دراسة جميع المقترحات التي يحملها الأسرى بنوع من العقلانية والانفتاح وعدم الصد العنيف مخافة أن يخسروا أنفسهم، أو يحدثوا شقاً بينهم، ويقعوا في الفخ الذي نصبته لهم إدارة السجون الإسرائيلية، قبل أن يقولوا كلمتهم الأخيرة، التي هي كلمة الفصل الحاسمة في نتيجة المعركة.

بيروت في 29/4/2017

https://www.facebook.com/moustafa.elleddawi

moustafa.leddawi@gmail.com

--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To unsubscribe from this group and stop receiving emails from it, send an email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
To post to this group, send email to alfikralarabi@googlegroups.com.
Visit this group at https://groups.google.com/group/alfikralarabi.
For more options, visit https://groups.google.com/d/optout.

{الفكر القومي العربي} المؤتمر الشعبي: نأمل بموقف لرئيس الجمهورية يعيد شاطىء الرملة البيضاء الى أهل بيروت واللبنانيين




loge%20mo2tamarالمؤتمر الشعبي اللبناني
مكتب الإعلام المركزي
 
 
المؤتمر الشعبي: نأمل بموقف لرئيس الجمهورية يعيد شاطىء الرملة البيضاء الى أهل بيروت واللبنانيين
أعرب المؤتمر الشعبي اللبناني عن أمله بموقف لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون يعيد شاطىء الرملة البيضاء الى أهل بيروت واللبنانيين، ويضع حداً لسرقة الأملاك البحرية والنهرية.
وقال بيان صادر عن مجلس بيروت في "المؤتمر": لقد أصبحت قضية شاطىء "الرملة البيضاء" تختصر المشهد المعيب والمستمر منذ العام 1992 والمتمثل باستشراء مظاهر الفساد والسطو على المال العام دون حسيب أو رقيب، والمترافق مع ضرب استقلالية القضاء من قبل الطبقة الحاكمة لمنعه من القيام بواجبه في تطبيق القوانين وحماية الأملاك العامة للشعب اللبناني.
وإذا كان أهل بيروت وسكانها قد استبشروا خيراً بصدور قرارين عن القضاء المختص ضد مشروع "الإيدن روك" الذي استولى أصحابه على شاطىء الرملة البيضاء دون وجه حق أو مسوغ قانوني، فإن القائمين على هذا المشروع وبدعم من مسؤولين في الطبقة الحاكمة تجاهلوا هذين القرارين واستمروا في عمليات البناء، وعملوا على تغيير القرار الصادر عن مجلس شورى الدولة لصالحهم، غير عابئين بالقانون اللبناني الذي يحمي الأملاك البحرية والنهرية وبخاصة المرسوم 4810/1966 الذي ينص على أن الأملاك العامة البحرية تبقى "باستعمال العموم ولا يكتسب عليها لمنفعة أحد أيّ حق يخوّل إقفالها لمصلحة خاصة"، وكذلك مرسوم تنظيم وترتيب الأراضي الصادر عام 2009 والذي يؤكد حماية الخصائص الطبيعية لهذه المواقع من مشاريع عقارية أو إنشائية تشوّه معالمها.
وإذا كان ملف هذه القضية قد بيّن تواطؤ بلدية بيروت والمحافظ و"المجلس الأعلى للتنظيم المدني" ووزارة الداخلية، وقبل كل هؤلاء رئيس الحكومة، وسلّط الضوء على ظاهرة ضرب مبدأ فصل السلطات، فإن الأمل معقود على موقف لفخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي تسلّم خرائط وصوراً جوية عن المخالفات المرتكبة في تنفيذ مشروع "الإيدن روك"، فشاطىء بيروت هو حق لأبناء العاصمة وسكانها وليس لأصحاب المليارات اللاهثين وراء بناء منتجعات سياحية لكبار الأثرياء من أجل تكديس الأموال على حساب حق الفقراء في التمتع بالأملاك البحرية دون عوائق، خاصة وأن هذا الشاطىء هو المتنفس الأخير لأهل بيروت ويشكل مع الواجهة البحرية في عين المريسة وصخرة الروشة جزءاً لا يتجزأ من هوية العاصمة وخصائصها الطبيعية والجمالية.
إن المطلوب هو إلغاء رخصتي البناء ووقف العمل بهما نهائياً، وإزالة التعدي عن الأملاك البحرية العامة، وهدم المبنى المؤلف من 7 طوابق علوية وطابقين سفليين على نفقة من شيّده، وتحميله كل عطل وضرر نتج عن هذه المخالفة للقوانين المرعية الإجراء، ليكون عبرة لمن تسول له نفسه الإعتداء على أملاك الشعب العامة، وندعو الهيئات والجمعيات وشخصيات المجتمع الأهلي والمدني والناشطين في مجال حماية البيئة ومحاربة الفساد الى تنسيق جهودهم في معركة إستعادة الأملاك البحرية والنهرية والبرية العامة من مغتصبيها والمعتدين عليها.
-------------------------------------- بيروت في 27/4/2017
  Email: info@al-mawkef.cominfo@kamalchatila.org بيروت – برج أبو حيدر – بناية شاهين – ط8/ص.ب: 7927/11 – هاتف: 305627 – 307287/01 فاكس: 312247/01
 
 
 
 
  ----------
Lebanese Public Conference
  ----------
 








--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To unsubscribe from this group and stop receiving emails from it, send an email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
To post to this group, send email to alfikralarabi@googlegroups.com.
Visit this group at https://groups.google.com/group/alfikralarabi.
For more options, visit https://groups.google.com/d/optout.

Wednesday, 26 April 2017

{الفكر القومي العربي} محاولاتٌ إسرائيلية لوأد انتفاضة الأسرى وإفشال إضرابهم 3

محاولاتٌ إسرائيلية لوأد انتفاضة الأسرى وإفشال إضرابهم (3/4)

الحرية والكرامة "7"

بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

لا تتوقف سلطات السجون الإسرائيلية عن محاولاتها إنهاء الإضراب ووضع حدٍ له دون تقديم أي تنازلاتٍ تذكر للأسرى والمعتقلين، أو الاستجابة إلى أيٍ من مطالبهم الإنسانية، بل تتشدد إزاءهم حتى النهاية، وتتصلب أمامهم ولا تبدي ليونةً في التفاوض معهم، وهي تعتقد أن منهج القوة التي تعتمده من شأنه أن يقودها إلى نصرٍ، وأن يؤدي إلى تحطيم إرادة الأسرى والمعتقلين وكبح جماحهم، ومنعهم من مواصلة إضرابهم عن الطعام، رغم أن تجاربها السابقة مع مثل هذه الإضرابات تقول عكس ذلك، وتؤكد أن إرادة الأسرى أقوى من إرادتهم، وأن الرهان على صبرهم هو دوماً لصالحهم، وأن مصلحة السجون تخضع لهم في النهاية، ولا تجد مناصاً من الإصغاء إليهم والتفاوض معهم والقبول بأغلب مطالبهم، ولكنها تبدي الرفض وتكابر، وتتمسك بعنجهيتها وتعاند، وتواصل محاولاتها الخبيثة ومساعيها القمعية ومنها ...

o    عزل الرموز والنشطاء المحرضين ...

تتابع إدارة السجون ومعها المخابرات الإسرائيلية ما يحدث داخل السجون والمعتقلات بدقةٍ عاليةٍ، وتستطيع أن تعرف الأسرى الفاعلين الذين يلعبون الدور الرئيس في تحريض وتوجيه وتنظيم المعتقلين، والذين يتولون إدارة معركة الإضراب عن الطعام، ويجرون التنسيق الشامل مع مختلف الأسرى في السجون والمعتقلات الأخرى، ويقومون بتعبئة الأسرى والمعتقلين، وشحذ هممهم وتحريضهم، وحثهم وتشجيعهم على مزيدٍ من الصبر والاحتمال والعناد والإصرار.

وهم في الغالب أعدادٌ قليلة تعرفهم إدارة السجون من قبل، وتعرف مدى تأثيرهم وقوة شخصيتهم وأثرهم على بقية الأسرى والمعتقلين، لذا فإنها تقوم بإخراجهم من غرف وأقسام الأسرى، وتعزلهم في غرفٍ وحدهم، أو تعزلهم في زنازين انفرادية، فلا يكون بينهم وبين بقية الأسرى والمعتقلين الآخرين أي اتصال، وبذا تقضي على أدوارهم وفعلهم المؤثر بين الأسرى، إلا أن عملية العزل لا تتوقف ولا تنتهي، ولا تقتصر على أسيرٍ أو اثنين، بل تبقى العملية مستمرة ومتجددة، ذلك أن الأسير القائد الذي يغيب يحل مكانه آخر غيره، وقد يكون أكثر تأثيراً وأشد تصميماً وعناداً ممن سبقه، مما يدفع إدارة السجون إلى مواصلة صيرورة العزل والترحيل.

ومع كل هذه الإجراءات القاسية والمقصودة، فإن الأسرى المعزولين يبذلون قصارى جهودهم ليبقوا على اتصالٍ فاعلٍ مع إخوانهم الأسرى المضربين، في الوقت الذي يواصلون فيه إضرابهم، ويتمسكون به أكثر، رغم محاولات الإدارة المحمومة كسره، حيث تتعمد أن تضع في الزنازين الفردية التي لا يوجد فيها سوى أسيرٍ واحد، بعض الطعام والمأكولات الشهية والفواكه الطازجة، لتغري الأسير الذي يوجد في الزنزانة وحيداً الفرصة ليأكل ما يشاء دون أن يراه أحد، فتضعفه وتدفعه تحت تهديد الكشف والفضح لكسر إضرابه والتراجع عن مواقفه، ومع ذلك فإن الأسرى المعزولين يدركون هذه اللعبة الإسرائيلية القذرة، ويعلمون أنها لعبة وخديعة للإيقاع بهم والتشكيك في صدق إضرابهم، فتراهم يتشددون ويتمسكون بإضرابهم أكثر مما لو كانوا بين إخوانهم في الغرف والأقسام العادية.

o    ترحيل المعتقلين وتفريقهم عن بعضهم ...

تلجأ إدارة السجون والمعتقلات عندما يشتد الإضراب وتتواصل أيامه، ويتعذر عليها كسره، أو التخفيف منه عبر القبول الجزئي ببعض طلبات المعتقلين، وفي ظل رفض الأسرى التفاوض أو منح الإدارة فرصة من الوقت إضافية لدراسة الطلبات والقرار فيها، وامتداد الإضراب إلى كل السجون والمعتقلات، وتصاعد الهبات الجماهيرية المتضامنة معها، وتزايد الضغوط الدولية على الحكومة الإسرائيلية، إلى القيام بأوسع حملة تفريق ونقل وترحيل للأسرى والمعتقلين، وتتعمد الخلط بين الأسرى من الضفة الغربية وقطاع غزة، وإبعاد الأخوة والأقارب عن بعضهم البعض، وتفريق أبناء المنطقة والحي والواحد، في محاولةٍ منها لتشتيت جهود الأسرى التنسيقية، وكسر حلقات التواصل فيما بينهم، وعرقلة تبادل الاتصالات والمعلومات بين الأقسام.

ولكن الأسرى والمعتقلين يدركون أن هذه الخطوة قادمة، ويعرفون أن إدارة السجن ستقوم بتفريقهم وترحيلهم إن عاجلاً أو آجلاً، فتراهم يحتاطون لهذه الخطوة، ويعدون خططاً لمواجهتها قبل أن تبدأ وتصبح أمراً واقعاً، وبالتالي فإنهم لا يرتبكون عندما يتم نقلهم وترحيلهم وتفريقهم، لأن الخطط البديلة موجودة، وحالة الطوارئ قائمة عندهم منذ اليوم الأول، ويعرفون يقيناً ما يقومون به في مثل هذه الحالة لحرمان إدارة السجون من نتائجها، أو التقليل من آثارها وحصر مفاعيلها.

بل إن مثل هذه الخطوات القمعية قد تأتي بنتائج عكسية، ولا تحقق الأهداف الإسرائيلية المرجوة منها، فبدلاً من أن تمزق جمعهم وتفرق صفوفهم وتربك خططهم، فإنها تدفع الأسرى والمعتقلين نحو تعميق التنسيق فيما بينهم أكثر، وترتيب خطواتهم بطريقة أفضل وأحسن، طالما أن جميع الأسرى مشتركون في الإضراب، ومصممون على مواصلته، ولا يهمهم أين يكونون طالما أنهم جميعاً يقومون بالمهمة الموكلة إليهم، وبهذا لا تنجح إدارة السجون والمخابرات الإسرائيلية في الوصول إلى أهدافها بهذه الطريقة، وإن كانت قاسية على نفوس بعض الأسرى أحياناً كونهم ينتزعون من بين إخوانهم وأصدقائهم انتزاعاً.

ولكن إدارة السجون الإسرائيلية تلجأ أحياناً إلى نقل بعض الأسرى إلى أقسام المحكومين جنائياً من العرب واليهود على السواء، من المجرمين والقتلة والمهربين واللصوص ومدمني المخدرات وغيرهم من المجرمين الإسرائيليين، الذين لا تحكمهم قيمٌ ولا أخلاق، والذين ينزعون إلى الشر والعنف والإساءة بطبعهم، والذين يكرهون العرب ويحقدون عليهم ويتمنون موتهم وزوالهم، الأمر الذي يجعل من حال الأسرى صعباً، وتطلب إدارة السجن من السجناء الجنائيين إجبار الأسرى الأمنيين على تناول طعامهم، وتعرض على السجناء الجنائيين حوافز ومكافئات إن هم نجحوا في ثني الأسرى عن إضرابهم وإجبارهم على كسر إضرابهم، ولكن إدارة السجون قد تتجنب العنف في هذه الظروف، وتوصي السجناء الجنائيين بعدم استخدامه مع الأسرى، وإنما التهديد والتلويح به فقط دون استخدامه، خوفاً من تطورٍ غير محسوبٍ، وانفلاتٍ للأمور غير دقيق.

يتبع ...

بيروت في 27/4/2017

https://www.facebook.com/moustafa.elleddawi

moustafa.leddawi@gmail.com

--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To unsubscribe from this group and stop receiving emails from it, send an email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
To post to this group, send email to alfikralarabi@googlegroups.com.
Visit this group at https://groups.google.com/group/alfikralarabi.
For more options, visit https://groups.google.com/d/optout.

Tuesday, 25 April 2017

{الفكر القومي العربي} محاولاتٌ إسرائيلية لوأد انتفاضة الأسرى وإفشال إضرابهم 2

محاولاتٌ إسرائيلية لوأد انتفاضة الأسرى وإفشال إضرابهم (2/4)

الحرية والكرامة "6"

بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

اليوم العاشر للإضراب ...

لا تحرق إدارة مصلحة السجون والمخابرات الإسرائيلية كل أوراقها القمعية مرةً واحدةً، ولا تستخدم كل وسائلها المتاحة دفعةً واحدةً، بل تتدرج في استخدام ما لديها من أساليب قد اعتادت عليها طويلاً وتدربت عليها كثيراً، ولكنها قد تجمع في بعض المراحل بين أكثر من سياسة، خاصةً في ظل تصاعد وتيرة الإضراب وانتشاره في أكثر من سجنٍ، والتحاق أعدادٍ كبيرةٍ من الأسرى به بصورةٍ متتابعةٍ، مما يدفع إدارة السجون إلى الإسراع في خطواتها، والجمع بين سياساتها، علها تتمكن من التغلب على الإضراب والسيطرة عليه، أو تطويقه ومنع انتشاره بصورةٍ أكبر، ومن السياسات العامة التي تتبعها ...

o    الإهمال ...

تهمل إدارة السجون في الأيام الأولى إضراب المعتقلين ولا يبدو عليها الاهتمام أو القلق والاكتراث، وتحاول أن تستهزئ بما يقوم به المعتقلون من رد وجبات الطعام وعدم قبولهم إدخالها إلى غرفهم، وتصف إضرابهم بأنه ليس أكثر من جوع، وتعذيبٍ للنفس وحرمانٍ لها، وأنه لن يؤدي إلى نتيجة تذكر، وأنهم في إدارة السجون لن يستجيبوا إلى طلباتهم، ولن يخضعوا إلى شروطهم، وأنهم فقط سيعذبون أنفسهم دون جدوى، وبعد أيامٍ سيتراجعون من تلقاء أنفسهم عن إضرابهم، وسيعودون إلى قبول وجبات الطعام اليومية وتناولها، ويتعمد الحراس والسجانون الأكل والشرب أمام الأسرى والمعتقلين المضربين عن الطعام، علهم يحركون شهوة الطعام عندهم، ويضعفون إرادتهم، ويدفعونهم لكسر إضرابهم.

لكن الإهمال الشكلي والظاهري الذي تحاول أن تبديه إدارة السجون، يخفي قلقاً واهتماماً كبيراً ولكنه خفي، حيث تخشى إدارة السجون من انتشار الإضراب إلى بقية السجون والمعتقلات، كما تخشى من استمراره وطول أمده، وتقلق من إمكانية تدهور صحة بعض المعتقلين أو وفاة بعضهم، مما قد يحملهم المسؤولية ويعرضهم للمحاسبة، ولكنهم في الوقت الذي يهتمون فيه داخلياً، ويعقدون اجتماعات ولقاءاتٍ خاصة، فإنهم يحرصون على ألا يبدو للمعتقلين منهم ما يشير إلى شئٍ من هذا الاهتمام والقلق.

يشكل الإهمال المرحلة الأولى من مراحل الإضراب، حيث لا يتعدى عدة أيام فقط، ثم يبدأ بالضعف والتراجع مع مضي الوقت، فكلما مرت الأيام وأثبت الأسرى إصرارهم وثباتهم، كلما تراجع الإهمال وحل محله الجدية والقلق، ويدرك الأسرى هذه القاعدة، ويعرفون أنهم سيجبرون إدارة السجن على سرعة التراجع وإيلاء الأمر أهميته القصوى، وإظهار الاهتمام اللازم بالأمر، ولهذا فإنهم يصبرون ولا يتأثرون بأفعال وتصرفات الإدارة، لأنهم يدركون يقيناً أنها مؤقتة وستتغير بسرعة.

علماً أن الأسرى يختارون الأوقات المناسبة لإعلان الإضراب عن الطعام، حتى يضمنوا الاستجابة إلى شروطهم وطلباتهم، فهم لا يعلنون الإضراب في أوقات الحروب، ولا في ظل العمليات العسكرية الموجعة التي تقوم بها المقاومة، ولا في ظل الأزمات والاضطرابات السياسية التي تعاني منها الحكومات الإسرائيلية، ولا تكون فيها مهيأة لدراسة مطالب الأسرى والاستجابة لها، حيث تلعب العوامل الذاتية والموضوعية دوراً كبيراً في تحديد توقيت الإضراب، الذي يدرسه الأسرى جيداً ويعرفون مدى ملائمته.

o    إحداث بلبلة واضطراب ...

تلعب إدارة السجون والمخابرات الإسرائيلية أدواراً قذرة وخبيثة في محاولاتها إحداث خرقٍ في صفوف الأسرى والمعتقلين، وكسر إضرابهم ووضع حدٍ لاستمراره وتواصله، ومن أجل هذا الهدف فإنها لا تتوانى أبداً في استخدام أخس السبل وأقذرها في محاولاتها الوصول إلى غاياتها، فهي قد تشيع أن بعض السجون أو الأقسام قد تراجعت عن إضرابها، وأنها أعلنت إنهاء الإضراب بعد موافقتها على العروض التي قدمتها لها الإدارة، لتوهن من عزم المعتقلين وتضعف إرادتهم، وتوقع بينهم الخلافات والتناقضات.

أو تقوم خلال عمليات الجرد والتفتيش ومداهمة الغرف والزنازين بوضع خبزٍ أو طعامٍ قابلٍ للحفظ في أماكن خفية في غرف الأسرى وأقسامهم، ثم تعلن فجأة عن اكتشافها لهذه المخابئ السرية للطعام، وتعلن بأن الأسرى والمعتقلين كاذبين ومخادعين، وأنهم أعلنوا الإضراب عن الطعام في الوقت الذي قاموا فيه بتخزين كمياتٍ كبيرة من الخبز والطعام عندهم، ليوحوا لإدارة السجون بأنهم مضربين، والحقيقة أنهم يأكلون مما قاموا بتخزينه من الخبز والطعام.

علماً أن الأسرى والمعتقلين عندما يعلنون بدء الإضراب عن الطعام، فإنهم إلى جانب وجبة الطعام الأولى التي يعيدونها ولا يسمحون بإدخالها إلى غرفهم، فإنهم يخرجون كل أنواع الطعام الموجودة عندهم مسبقاً، كما يخرجون كل الخبز المحفوظ عندهم، ليؤكدوا لإدارة السجن جديتهم في الإضراب، وأنهم لا يخدعون ولا يكذبون في خطوتهم التصعيدية، وأن غايتهم تحقيق أهدافهم مهما كلفهم الإضراب من خسائر وتضحيات.

وقد تقوم إدارة السجن بإدخال الطعام والشراب والفواكه الشهية الطازجة إلى غرف الأسرى والمعتقلين، وتبقيه في داخلها، وتمنع الأسرى والمعتقلين من إخراجها، كما قد تكون لبعض الأطعمة رائحة نفاذة قوية وشهية تنساب بقوة إلى الغرف والأقسام، كرائحة شواء اللحم، في محاولة من الإدارة للتأثير على نفوس المعتقلين، والضغط عليهم من خلال شهوة الطعام التي فطر عليها الإنسان، حيث أن لرائحة الطعام النفاذة أثر كبير على الرغبة والشهية، مما قد يضعف البعض، أو قد يؤسس لبداية خلافٍ بينهم.

كما تشيع إدارة السجن في بعض الأحيان وخلال فترة الإضراب أن بعض المعتقلين قد توفوا نتيجة الجوع وتدهور حالتهم الصحية، الأمر الذي من شأنه أن يؤثر ولو نسبياً على نفسية بعض الأسرى والمعتقلين، على الرغم من أنهم عندما أقدموا على هذه الخطوة قد وطنوا أنفسهم على مثل هذه الإشاعات الكاذبة، وكانوا يعرفون أنه قد يكون مصيرهم الشهادة إذا طالت فترة الإضراب وأهملت الإدارة مطالبهم، إلا أنهم يشعرون ببعض الضعف والتردد الإنساني عندما يسمعون بوفاة أحد الأسرى في السجن تحت الإضراب عن الطعام.

يتبع .....  

بيروت في 26/4/2017

https://www.facebook.com/moustafa.elleddawi

moustafa.leddawi@gmail.com

--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To unsubscribe from this group and stop receiving emails from it, send an email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
To post to this group, send email to alfikralarabi@googlegroups.com.
Visit this group at https://groups.google.com/group/alfikralarabi.
For more options, visit https://groups.google.com/d/optout.

{الفكر القومي العربي} يحيى حسين: جيسُ مصر لا جيش السيسى

جيشُ مصر لا جيش السيسى
بقلم المهندس/ يحيى حسين عبد الهادى

اِغْضَبْ كما شئتَ من السيسى .. فهذا حَقُّك .. بل واجبك .. فهو بشرٌ يصيبُ ويُخطئ .. وقد صار كارثِىَّ الأخطاء .. لكن حاذِر أن تخلط بين رفضِك للسيسى ورفضِك للجيش .. وإلا صِرتَ كمن قال اللهُ فيهم (يخربون بيوتهم بأيديهم) .. هذا جيشُك لا جيش السيسى ولا أى حاكم.
لا أتحدث عن قلةٍ تطعن جيشها مع سبق الإصرار والترصد، فلأولئك حديثٌ آخر .. ولكننى أتحدث عن كثيرين ممن لا يُشكُ في وطنيتهم وإجلالهم لجيشهم ممن يرفضون الكثير من السياسات الراهنة، ولكنهم يستشعرون الحرج الشديد في ظل المزج الخبيث بين شخص الرئيس وبين الجيش، الذى هو مؤسسةٌ أكبر من كل الأشخاص .. وهو ربطٌ يُسألُ عنه الرئيس السيسى شخصياً، فهو الذى استحدثه وأوغل فيه بصورةٍ لم تحدث من قبل .. توالى على حكم مصر قبل عبد الفتاح السيسى أربعةُ رؤساء من ذوى الخلفية العسكرية .. نجيب وناصر والسادات ومبارك .. وكان لكلٍ منهم إنجازاتٌ وأخطاء (لأنهم بشر) .. وكان (ولا يزال) لكلٍ منهم مؤيدون ومعارضون .. لكن أحداً لم يحسب أخطاء أى رئيسٍ منهم على الجيش، الذى ظلت له المحبة والمهابة فى قلوب المصريين لم تتأثر .. كما أن أياً من المعارضين في كل هذه العهود، لم يستشعر أنه بمعارضته للحاكم إنما يطعن فى الجيش، ولم يتهمهم إعلام الحاكم بذلك أبداً .. فعلى سبيل المثال، لم يتبادر إلى ذهن أىٍ من نُبلاء كفاية (وقد تشرفتُ بصحبتهم) أننا برفضنا لمبارك نطعن فى الجيش .. كما أن إعلام مبارك رغم فجاجته وانحطاطه لم يتهم معارضيه أبداً بالهجوم على الجيش .. إلا فى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى أصَّرَ على هذا الربط منذ اللحظة الأولى .. لحظة إعلان ترشحه للرئاسة من تليفزيون الدولة مرتدياً الزى العسكرى ومخالفاً القواعد الانضباطية، وهو ما فهمه كثيرون على أنه رسالةُ ضمنيةٌ للجميع بأنه (مرشح الجيش) وهى رسالةٌ كارثية فضلاً عن أنها غير حقيقية .. فالجيش لا يُرشح أحداً .. الجيشُ ليس حزباً سياسياً ولا ينبغي أن يكون .. وكم تمزقت دولٌ بتسييس جيوشها.
مفهومٌ أن مصلحة أى شخصٍ أن يخلط بين أدائه وأداء الجيش .. فكل نجاحٍ لهذه المؤسسة (الناجحة والمُنجِزة) سيُنسَبُ له .. لكن مكمن الخطورة أن كل فشلٍ لهذا الشخص سيُنسَبُ ظلماً للجيش ويخدشُ مكانته وهيبته المستحقة .. وهنا مكمن الخطورة .. من حقك، بل من واجبك، أن تغضب من انتهاك الدستور ومرمطة القانون وسحق الكرامة وتنصيب الطبالين وعزل الأكفاء وخنق الحريات وحبس المظلومين وفوضى الأسعار وتخبط القرارات .. اغضب ولكن ما علاقة الجيش بكل ذلك؟ إنها أخطاء الرئيس لا الجيش .. بل إنه حتى التَغَّول على الحياة الاقتصادية المدنية، ليس قرارَ الجيش، ولا يملك الجيشُ أن يفعل ذلك من تلقاء نفسه، إنما هو قرار الرئيس .. ولو طلب منه الحاكمُ أن ينسحب من هذا النشاط لَنَّفَذَ فوراً .. . الجيش لا يُبادر بسياساتٍ من تلقاء نفسه وإنما هو مُنَّفِذٌ محترفٌ كُفءٌ لما يُكَّلَفُ به من مهام .. من المؤكد أن الجيش أصابه ما أصاب باقى مؤسسات الدولة في العقود الأخيرة .. لكنه بطبيعته الانضباطية وجذوره الوطنية ظَلَّ أقل مؤسسات الدولة سوءاً .. جيش مصر هو المصريون، ولكن فى أبهى صورهم .. يلتحقون به تجنيداً وتطوعاً .. متعلمين وأميين .. صعايدة وفلاحين .. مسلمين ومسيحيين .. بكل إيجابياتهم وسلبياتهم .. فإذا بسلبياتهم تتراجع ويصطبغون بقيمٍ إيجابيةٍ واحدةٍ .. الانضباط والإنجاز والجديّة. اغضب يا بُنَّى واسخر من اللواء عبد العاطى صائد الإيدز فهو يستحق السخرية هو ومن استخدمه .. لكن تَرَفَّق لكيلا تصيب سهامُك عبد العاطى صائد الدبابات .. اغضب من المهرجين الاستراتيجيين ولكن تَرَّفَق لئلا تصيب دون أن تقصد جدودك عرابى أو محمد عبيد أو عبد المنعم رياض أو سعد الشاذلى أو إبراهيم الرفاعى أو آلافاً غيرهم فى رقدتهم .. حاذِر يا بُنَّى أن تُصيب جيشك، فسهمُك مُرتدٌ إليك .. احرص على جيشك .. هو رصيدُك ليومٍ هَرِمنا دون أن نصل إليه .. لكنك وجيلُك واصلون إليه حتماً بإذن الله .. يومٍ تتنفس فيه مصرُ نسائم الحرية ككل خَلْق الله .. فى وطنٍ بلا تمييزٍ .. ولا توريث .. الشعبُ فيه هو السيد .. والحاكمُ هو الخادم .. .. لا يعنى ذلك أن العسكريين معصومون فقد يكون منهم المخطئ، بل والمجرم .. فالجيش مجتمعٌ بشرىٌ لا ملائكى .. على الأرض لا في السماء .. ولا يعيب الجيشَ وجودُ هؤلاء وإنما يعيبه عدم حسابهم .. وقد أُنشئت المحاكم العسكرية أساساً لمحاكمة العسكريين المخطئين .. وهذا يأخذنا لموضوع الفيلم الذى قيل إنه لواقعة قتلٍ خارج القانون في سيناء .. والذى لا أعتقد في صحته .. ليس فقط للأخطاء الواضحة في إخراجه .. ولكن لأنه يتناقض بشدةٍ مع شرف العسكرية المصرية وتاريخها وتقاليدها الراسخة .. لكن هذا الاتهام ليس من الأمور التي يجوز التوقف معها عند الظنون والاعتقادات، وإنما يجب أن تخضع لتحقيقٍ جادٍ .. أعرف أن التقاليد المتوارثة في بعض المؤسسات (ومن بينها الجيش) لا تُحَّبِذُ نشر تفاصيل التحقيقات والعقوبات الموقَّعَة على المُخطئين منهم لاعتباراتٍ كثيرةٍ، من بينها الاحتفاظ بهيبة المؤسسة .. لكن تظل هناك استثناءاتٌ يصبح الصمتُ فيها أكثر ضرراً بتلك الهيبة من إعلانها .. وهل وُجِد المتحدث العسكرى إلا لمثل تلك الاستثناءات؟ .. يتمنى كلُ المُحبين لبلدهم وجيشهم أن يكون الاتهام كاذباً .. ولكن هَبْ أن التحقيقات، لا قدَّر الله، أثبتت صحته، فيجب ألا يجادل أحدٌ في أنها جريمةٌ لا يجوز لإنسانٍ أن يوافق عليها حتى لو كانت في حق إرهابيين .. لكنها تظل جريمةً تشين وتدين مرتكبيها أيَّاً كانت أعدادهم ورُتَبُهم، ولا تدين الجيش .. ما يدين الجيوش هو التستر على أمثال هؤلاء المجرمين .. ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء مِنَّا.
(البداية- الثلاثاء 25 أبريل 2017).