Wednesday, 28 February 2018

{الفكر القومي العربي} كَنَائِسُ القُدسِ تُقَاوِمُ وأَوقَافُهَا تُهُوَّدُ

كَنَائِسُ القُدسِ تُقَاوِمُ وأَوقَافُهَا تُهُوَّدُ

بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

رغم أن حكومة الكيان الصهيوني ومعها بلدية القدس ورئيسها العنصري المتطرف نير بركات قد تراجعوا عن قراراتهم التعسفية وجمدوا مفاعيلها الآنية والرجعية، ولم تعد تطالب بلدية القدس بتنفيذها، وذلك نتيجة موقف إدارة الأوقاف المسيحية التي رفضت الاستجابة إلى قرار بلدية القدس، واعتبرته قراراً باطلاً أصدرته سلطات احتلال عسكرية، وعليه أغلقت بوابات كنيسة القيامة أمام المصلين المسيحيين من الفلسطينيين وغيرهم من الضيوف الوافدين إلى فلسطين المحتلة للحج وزيارة الأماكن المسيحية المقدسة، ما أدى إلى جانب الضغوط الدولية العديدة، إلى جانب التضامن الإسلامي الكبير مع إخوانهم المسيحيين الفلسطينيين، إلى تراجع سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن قراراتها بحق الأوقاف المسيحية في مدينة القدس.

لا يبدو أن الإجراءات الإسرائيلية بحق كنيسة القيامة وأوقاف الكنيسة المسيحية في القدس إجراءاً عادياً، أو أنها قوانين بلدية مرعية الإجراء بحق جميع المرافق والعقارات في مدينة القدس، بل هي إجراءاتٌ تعسفيةٌ مقصودة، ومساعي متعمدة لإرهاق الكنيسة مالياً وكسر ظهرها مادياً، ودفعها للقبول بمحاولات بيع ممتلكاتها والتنازل عن عقاراتها لتسديد ما عليها من مستحقاتٍ تدعيها بأثرٍ رجعي، لعلمها أن ممتلكات الكنيسة في القدس كبيرة، ومواقعها حساسة ومميزة، ولهذا فهي تخطط بكل السبل الممكنة لتجريد الكنيسة من عقاراتها، وحرمانها من ممتلكاتها بكل السبل الممكنة، وهناك سماسرة يهودٌ وغيرهم يحاولون إقناع بعض رجال الدين ببيع بعض العقارات المسيحية لتمويل أنشطتهم الكنسية، ومساعدة أتباع دينهم الذين يتقلص عددهم يوماً بعد آخر في فلسطين المحتلة، إلا أن مسيحيي فلسطين يرفضون ويستنكرون كل هذه المساعي والمحاولات.

الحكومة الإسرائيلية تسعى جادةً لخلق دولةٍ يهودية في فلسطين المحتلة، وتريد شطب كل ما يدل على الأديان الأخرى فيها غير اليهودية، فهي كما تحارب الإسلام والمسلمين في القدس وفي عموم فلسطين، فهي تحارب المسيحية أيضاً وتقسو على أتباعها وتضيق عليهم وتدفعهم للهجرة والهروب، فهي لا تريد في فلسطين المحتلة وجوداً مسيحياً أبداً، في الوقت الذي تسعى إلى طمس المعالم الإسلامية عن المدينة وتهويدها، إذ لا فرق بين المقدسات الدينية الإسلامية والمسيحية في الفكر الصهيوني والممارسة العنصرية الإسرائيلية، فكلاهما لدى العدو واحدة، يستهدفهما معاً، ويعتدي عليهما عن عمدٍ وبقصدٍ، ويرى في وجودهما دعامةً للحق العربي الفلسطيني، وصبغةً عربيةً تقوي وجودهم، وترسخ أقدامهم، وتحمي مستقبلهم.

علماً أن الصراع المسيحي اليهودي في فلسطين المحتلة صراعٌ قديمٌ قبل الفتح الإسلامي لفلسطين في عهد الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه، إذ كان المسيحيون يعانون كثيراً من الاعتداءات اليهودية على مقدساتهم، ومن مزاحمتهم لهم في أرضهم وممتلكاتهم، ومحاولاتهم السيطرة على دور العبادة والحصون المسيحية، وتدنيسهم لكنيسة القيامة وغيرها، ولهذا أصر بطريرك القدس صفرنيوس الثاني على عمر بن الخطب رضي الله عنه في العهدة العمرية، ألا يساكنهم اليهود في المدينة المقدسة، وألا يسمح لهم بالإقامة فيها، لعلمهم أن اليهود قومٌ عنصريون، وأنهم انعزاليون أنانيون، معتدون ظالمون، يريدون الاستحواذ على حقوق غيرهم والسيطرة على ممتلكات سواهم بغير وجه حقٍ، اللهم إلا الاستعانة بالقوة واللجوء إلى العنف والافراط في الاعتداء واستخدام السلطة إذا تمكنوا منها، وهو الأمر الحادث الآن في مدينة القدس، والذي كان بطارقة القدس القدامى يخافون منه ويحذرون من وقوعه.

أليس غريباً أن تأتي هذه الاستفزازات الإسرائيلية بعد قرار الرئيس الأمريكي المسيحي دونالد ترامب، الذي هو رئيس أقوى دولة مسيحية في العالم، باعتبار القدس العاصمة الأبدية والموحدة لدولة الكيان الصهيوني، فجاءت هذه القرارات العنصرية على هيئة قوانين بلدية ضد الوجود المسيحي كله في المدينة، وكأنهم يشكرون ترامب على صنيعه بطريقتهم، ويمتنون فضله بفهمهم، ويكافئونه على ما قام به اهتماماً بأنباء ملته، وحمايةً لمقدسات دينه، ويعلنون له صراحةً طمعهم في ممتلكات وعقارات كنائسه.

ولكن ترامب المنسلخ عن مسيحيته السمحاء، والمارق من دينه الأصيل، والبريء من المسيح عيسى عليه السلام، الفاقد للغيرة والمفتقر إلى الحمية، متضامنٌ معهم، ومتآمرٌ وإياهم في هذه الجرائم النكراء كلها، التي تستهدف المسيحيين والمسلمين في فلسطين عموماً وفي القدس على وجه الخصوص، طالما أنهم فلسطينيون، يحبون وطنهم ويعشقون قدسهم، ويتطلعون إلى تحريرها واستنقاذها من الاحتلال الصهيوني الغاشم لها، لكن يبدو أن كره ترامب للفلسطينيين كبيرٌ ولو كان بعضهم من أبناء دينه، وإخوانه في العقيدة، يؤمنون مثله في الصليب والاعتراف وقيامة المسيح عليه السلام.

يبدو أن الحكومة الإسرائيلية مطمئنة إلى ردة فعل حكومات العالم المسيحي وفي المقدمة منهم الإدارة الأمريكية وبريطانيا ودول أوروبا الغربية مجتمعة، ولا تهتم بالحراك الشعبي والمعارضة العامة والتحريض الإعلامي، إذ أن دول أوروبا والحكومات المسيحية متواطئة مع حكومة الكيان الإسرائيلي، وتسكت عن إجراءاتها التعسفية بحق أبناء ملتهم وإخوانهم في الدين المسيحي، الذين يجأرون بالسؤال وطلب النصرة، ويعلو صوتهم بالشكوى والصراخ من الممارسات الإسرائيلية المتزايدة ضدهم، ولكنهم لا يجدون من إخوانهم تعاطفاً، ولا يلمسون من حكومات العالم المسيحي تفهماً لمعاناتهم، ونصرةً لهم، أو محاولةً لرفع الظلم عنهم.

ألا ينتصر المسلمون الفلسطينيون والعرب وغيرهم لإخوانهم المسيحيين في فلسطين، الذين يُضطهدون ويُعذبون، ويحاصرون ويُهُجَّرُون، ويُطردون من أرضهم ويُحرمون من حقوقهم، وتُصادر عقاراتهم وتُسرق ممتلكاتهم، ويُضيق عليهم في كنائسهم ومعابدهم، ويُعتدى عليهم في دينهم، ويُمنعون من أداء طقوسهم والعبادة في دورهم، ويُدلسُ عليهم في مفاهيمهم، ويكونون صفاً واحداً وإرادةً مشتركة لمواجهة الأخطار الصهيونية والتهديدات الإسرائيلية، فهذا الأخطبوط المخيف يستهدف الاستقرار في العالم، ويهدد السلم والأمن في المنطقة كلها، إنه سرطانٌ خطيرٌ وشرٌ مطلقٌ يحاول السيطرة والهيمنة على حقوق الفلسطينيين أياً كانت هويتهم وديانتهم، ولعل حقده على المسيحيين الفلسطينيين يفوق بكثير حقده على المسلمين وكرهه لهم.

 

بيروت في 1/3/2018

https://www.facebook.com/moustafa.elleddawi

moustafa.leddawi@gmail.com


--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To unsubscribe from this group and stop receiving emails from it, send an email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
To post to this group, send email to alfikralarabi@googlegroups.com.
Visit this group at https://groups.google.com/group/alfikralarabi.
For more options, visit https://groups.google.com/d/optout.

{الفكر القومي العربي} روابط وجمعيات بيروتية تحيي مئوية جمال عبد الناصر




 روابط وجمعيات بيروتية تحيي مئوية جمال عبد الناصر

احيت الجمعيات والروابط اللبنانية في بيروت مئوية القائد المعلم جمال عبد الناصر باحتفال شعبي في مقر رابطة أبناء بيروت في الطريق الجديدة بمشاركة وفود ناصرية من مصر والأردن وفلسطين ولبنان..
الاستاذ محمد الفيل رئيس رابطة أبناء بيروت رحب بالحضور مشيرا إلى أن بيروت هي مدينة الوفاء لجمال عبد الناصر حيث التف أبناؤها حول قيادته وكانوا طليعة من واجه الاحلاف الاستعمارية ووقفوا إلى جانب المقاومة الفلسطينية التي قال عنها الزعيم الخالد انها وجدت لتبقى ولسوف تبقى.
ثم كانت للجنة اللبنانية لإحياء المئوية كلمة ألقاها عضو أمانة سرها الاستاذ عدنان برجي فأكد على ان جمال عبد الناصر كان يعرف عن قرب أحياء بيروت ورجالاتها وجمعياتها وهيئاتها وما زالت جامعة بيروت العربية شاهدة على ان عبد الناصر قدم للبنان العلم الذي به يسمو الإنسان ويرتقي واضاف برجي ان أحياء مئوية عبد الناصر ليست حنينا الى ماض تليد انما هو تأكيد ان مشروعه ومبادءه هما سبيل الأمة إلى التطور والتقدم والاستقلال وتحقيق التنمية وتحرير فلسطين بعد أن ثبت فشل جميع المشاريع البديلة.
هذا وقد تحدث في الاحتفال ايضا النائب المصري السابق الدكتور حمدي فخراني وعضو المؤتمر الناصري العام محمود شربيني والأستاذ عصام صبح من المنتدى العربي الناصري في الأردن  ورئيس جمعية التعاون الثقافي الاستاذ حسن فخر الدين وممثل الشباب الناصري في لبنان الاستاذ عمر خالد.
هذا وقد قدم الحفل الإعلامي الاستاذ محمد عاصي كما قدم الاستاذ ابراهيم كلش وأعضاء رابطة أبناء بيروت دروعا تكريمية للضيوف العرب.
بيروت في ٢٨/٢/٢٠١٨












{الفكر القومي العربي} يد واحدة لا تصفق


نشر فى : الإثنين 26 فبراير 2018 - 10:05 م | آخر تحديث : الإثنين 26 فبراير 2018 - 10:05 م

الحوار الساخن الدائر الآن فى مصر حول قضايا الغاز وحقوق مصر فى البحر المتوسط وجدوى التعامل اقتصاديا مع إسرائيل، وهو الحوار الذى رحب به الرئيس السيسى، يعكس الرغبة الجارفة للمصريين فى المشاركة فى صناعة مستقبل البلاد وليس الوقوف موقف المتفرج.

فى نوفمبر من العام الماضى حضرت ندوة فى مدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية، وهى من أعرق معاهد العلم الأكاديمية فى لندن. كانت المناسبة صدور كتاب «مصر» للبروفسور الأمريكى الأصل «روبرت سبرينجبورج» وهو متخصص فى دراسات الأمن القومى ومن المهتمين بدراسة مصر ويشغل حاليا منصب زميل بمعهد الدراسات الدولية الإيطالى. والكتاب يقدم تحليلا بالغ الأهمية للحالة المصرية إبان ثورة 25 يناير وما أعقبها ويحذر من تداعيات الأزمة الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة. وليس المجال هنا عرض كل الكتاب ولكن إلقاء نظرة على بعض مداخلاته لعلها تفيد فى الحوار الوطنى الدائر ونحن نقترب من المدة الثانية والأخيرة لحكم الرئيس السيسى.

تكلم «سبرينجبورج» عن مصر بحب وتذكر شوارع قاهرة الخمسينيات الهادئة التى كانت تعبق برائحة الفل والريحان، ثم دلف بسرعة إلى بيت القصيد، فى القرن التاسع عشر كانت مصر أغنى من اليابان، وفى الستينيات كانت أغنى من كوريا الجنوبية، وفى السبعينيات كانت أغنى من تايلاند، وعندما استدارت الألفية الثانية سبقتها المغرب، وهى الآن أفقر من كل هذه الدول. وتساءل: لماذا تخلفت مصر عن الركب العالمى بهذا الاطراد المخيف؟ وكيف يمكن وقف عجلة التقهقر ثم اكتساب قوة دفع للأمام؟ لم يستغرب أن ثورة يناير لم تنجح فى تحقيق أهداف النهوض، وأرجع ذلك إلى عدة أسباب منها أن غالبية المجتمع من الشباب وهم بالضرورة تنقصهم الخبرة والمعرفة، وهى ظاهرة تتكرر فى معظم الدول النامية التى تعجز عن تفعيل التغيير، وقد صاحب ذلك غموض الرؤية لدى الكبار مما حدا بالجميع إلى اللجوء للمجلس العسكرى لإدارة الأمور تماما مثلما فعل الرئيس المخلوع. تطرق بعد ذلك إلى الدور المحورى لعناصر الدولة العميقة التى نجحت فى استرداد الدولة المصرية من براثن الإخوان المسلمين إلى حضن النظام القديم.

***

فى محاولة لفهم الأسباب ربط «سبرينجبورج» بين تعثر الاقتصاد المصرى ونظرة جهاز الدولة لدور الأفراد والتنظيمات المدنية فى المساهمة فى النشاط الاقتصادى للدولة، واستند فى ذلك إلى نظريات المؤرخ الاقتصادى دوجلاس نورث الذى حصل على جائزة نوبل فى عام 1993 ورحل عن عالمنا منذ عامين. فرق نورث بين الدول المتقدمة والدول النامية طبقا لدرجة الانخراط المجتمعى فى النشاط الاقتصادى والتى تصل إلى أعلى درجاتها فى المجتمع المتقدم وسماها مجتمعات النشاط المفتوح، بينما تكون درجة هذا النشاط محددة فى المجتمعات النامية وتقتصر على نخب منتقاة تستحوذ على حرية المشاركة فى النشاط الاقتصادى وتجنى ثماره لنفسها وتمنع حرية باقى المجتمع من التعبير أو المشاركة، وسماها مجتمعات النشاط المحدد. وأوضح أن مجتمعات النشاط المفتوح تتميز بالتزام الجميع بالقانون فى إطار استقلال المؤسسات واستقرار مبدأ تداول السلطة سلميا بينما لا تتوافر هذه المقاييس فى المجتمعات النامية ذات النشاط المحدد، واعتبر أن هذا هو السبب فى تأخر نمو هذه المجتمعات. واعتبر «سبرينجبورج» أن هذا العامل هو أهم معضلة تقف فى وجه النمو الاقتصادى المصرى. ونبه إلى أن زيادة الناتج القومى لا تكفى وحدها لصنع التقدم وأن التقدم يحدث كلما اتسعت دائرة المشاركة من أكبر عدد من السكان فى النشاط الاقتصادى وهو ما لا يمكن حدوثه إلا باطمئنان الجميع لرسوخ حكم القانون واستقلالية المؤسسات، أى أن تكون قواعد اللعب واضحة وثابتة للجميع وبالتالى يمكن أن تزداد المشاركة ويرتفع مستوى معيشة الغالبية ويتحقق التقدم الفعلى.

ولتوضيح فكرته استعان «سبرينجبورج» بكتابات الراحل د. سامر سليمان ود. عمرو عدلى ونبه إلى أن الدولة المصرية حين انتقلت من اقتصاد القطاع العام الذى كان يمول الخزينة ووصل إلى 50% من حجم الاقتصاد إلى القطاع الخاص الذى وصل حجمه الآن إلى 70% من حجم الناتج القومى لم تطور أساليب التحصيل الضريبى، حيث كانت أجهزتها قد تعودت على استقطاع دخولها مباشرة من مؤسسات القطاع العام الذى كانت الدولة تملكه، ولذلك كلما كانت الخصخصة تزداد لم يكن يصاحبها تزايد مواكب فى فرض الضرائب وهكذا تقلص دخل الدولة من الضرائب على القطاع الخاص بعد الانفتاح والخصخصة بشكل مطرد حتى وصل أخيرا إلى 12.5% من الناتج القومى مقارنة بـ51% فى الدانمارك و32.5 % فى تركيا و22.3% فى المغرب، وهو ما يفسر المأزق الاقتصادى والمجتمعى الذى تواجهه الدولة، فهى لا تزال مكلفة بتمويل الخدمات العامة وخدمة الدين العام ودعم الطبقة المتوسطة التى تشكل قاعدتها الاجتماعية. ويلاحظ «سبرينجبورج» أن هذا الدين العام ارتفع إلى 100% من الدخل القومى فى 2016 بعد أن كان انخفض إلى نحو 12% فى 2004. ويشير الكاتب أنه لو كانت مصر التزمت فعليا بالانتقال إلى نظام يقوده القطاع الخاص لوجب أن يشارك هذا القطاع بشكل فعال فى استثمارات الدولة لكن ذلك لم يحدث إلا بنسب متواضعة بل لقد تراجع هذا الاستثمار من 36 بليون دولار فى 2008 /2009 وهو رقم محدود نسبيا إلى أقل من نصف ذلك فى 2011/ 2012، وهو ما لم يتحسن بعد، كما أن أكثر من نصف استثمارات القطاع الخاص المصرى هى فى مجالات العقارات والهيدروكربونات ولم تحظ مجالات كالصناعة والزراعة والصحة إلا بمساهمات ضئيلة لم تتعد 50 دولارا للفرد سنويا.

***

وإذا كانت السنوات الأربع المنصرمة قد شهدت جهودا مضنية قادها الرئيس السيسى لإثبات القدرة على الإنجاز السريع مستعينا بالانضباط المعهود للقوات المسلحة والدعم اللامحدود للمصريين الذين لم يبخلوا فى تمويل المشروعات الطموح التى تصدى لها فإن السنوات الأربع القادمة جديرة بنفس الاندفاعة الطموح فى مجالين لو التزمنا بهما لتحققت أهداف الرئيس والوطن وهى الاعتماد بشكل أساسى على رأس المال المصرى فى تمويل خطط نهضة مجتمعية وسياحية وصناعية زراعية، بهذا الترتيب. ويتضح من العرض البالغ الاختصار لأفكار الدكتور «سبرينجبورج» أنه كلما اتسعت المشاركة المجتمعية فى النشاط الاقتصادى تغلبت الدولة على أهم معوقات التقدم وهى ضعف طاقة الدفع المجتمعى الواسع لعجلة التقدم. المجال الثانى هو الاستثمار السريع والمدروس فى البنية الأساسية للإنسان المصرى من تعليم وصحة وانضباط فى السلوك ورفع لمستوى الأداء فى كل المجالات وعلى كل المستويات. أى أن رفع مستوى معيشة المواطن من مسكن وملبس ومظهر وسلوك أصبح شرطا للتقدم.

والبداية المطلوبة للولاية التالية للرئيس يجب أن تركز على تصور محدد لماهية التقدم وما يراد لشكل الدولة المصرية فى العقود القادمة. فعلى سبيل المثال لو أردنا للاقتصاد المصرى أن يعتمد على السياحة فلابد أن نضع خططا عاجلة لتطوير نظم الخدمات وثقافة الضيافة، بمعنى إصلاح البنية التحتية وإزالة مظاهر القبح والتكدس، والارتفاع بمستوى النظافة والأناقة لدى الأفراد لا شكليا ولكن فعليا، وهى أمور لا يمكن أن تتم إلا برفع مستوى الإنسان العامل وتدريبه. فعامل النظافة فى فندق أو مطعم لا يستطيع أن يقدم خدمة نظيفة إلا إذا كان هو نفسه نظيفا فى بيته أنيقا فى مظهره، وهكذا.

وبمناسبة القفزة الكبيرة فى مجال تجارة الطاقة وتحويل مصر إلى مركز عالمى لها سيتطلب ذلك تطوير خدمات معاونة على أحدث النظم العالمية فى مجالات موازية كجمع المعلومات واستكشاف التيارات الاقتصادية المتشعبة التى تتقاطع ما بين دول أوروبا وآسيا وإفريقيا مما يفتح المجال لنمو أنشطة اقتصادية جديدة تستفيد من كنوز المعلومات التى يمكن التوصل إليها. من يدرى ربما تستعيد القاهرة دورا دوليا حيويا كانت تحتله فى أربعينيات القرن الماضى.

{الفكر القومي العربي} المؤتمر الشعبي اللبناني يندد بإجراءات العدو الصهيوني ضد المؤسسات المسيحية في القدس وفلسطين





loge%20mo2tamarالمؤتمر الشعبي اللبناني
  مكتب الإعلام المركزي
 
 
المؤتمر الشعبي اللبناني يندد بإجراءات العدو الصهيوني ضد المؤسسات المسيحية في القدس وفلسطين
 
ندد المؤتمر الشعبي اللبناني بالإجراءات التعسفية للعدو الصهيوني ضد المؤسسات المسيحية في القدس وفلسطين.
وقال بيان صادر عن أمانة الشؤون الدينية في "المؤتمر": إن الإجراءات التعسفية التي اتخذها العدو الصهيوني الغاصب ضد الكنائس والأديرة والمباني الوقفية المسيحية في القدس وعموم فلسطين التاريخية المحتلة، والمتمثلة بفرض ضريبة باهظة (أرنونا) على هذه المؤسسات وبمفعول رجعي لسنوات يقارب مئتي مليون دولار، هي اجراءات مخالفة للمواثيق الدولية والمعاهدات والأعراف، وتأتي في إطار التضييق لتهجير المسيحيين، ومصادرة مؤسساتهم الدينية، كما هو حاصل مع المسلمين، وما كان ذلك ليحصل لولا دعم واشنطن وترامب المتصهين، ولولا الصمت المشبوه للمؤسسات الدولية والإقليمية.
إننا إزاء هذه الإجراءات التعسفية نطالب بـ:
1- التحرك السريع من جهة المرجعيات المسيحية والإسلامية الدينية، والقيام بحملات داعمة للمقدسيين والكنيسة والمسجد، مع تخصيص الخطب والمواعظ لهذا الموضوع، ومقاطعة كل حاكم أو سلطة تتواطؤ مع العدو .
2- تأمين الدعم السياسي والإعلامي والمادي للمقدسيين وفلسطينيي الداخل تعزيزاً لصمودهم ومقاومتهم بكل أشكالها .
3- عقد اجتماع عاجل لجامعة الدول العربية ولمنظمة التعاون الإسلامي، واتخاذ مواقف بمستوى رد العدوان، والقيام بتحرك ديبلوماسي دولي ضد قرارات العدو المحتل وشريكه ترامب.
4- رفع شكاوى أمام المحاكم الدولية من قبل الازهر والنجف والفاتيكان والسلطة الفلسطينية والكنائس الشرقية وجمعيات حقوق الإنسان واليونيسكو والأيسيسكو ضد قرار ترامب بنقل السفارة وضد قرارات العدو التهويدية .
5- القيام بتحركات شعبية تضامنية مع القدس وفلسطين تدين العدو الإسرائيلي وشريكته واشنطن وترامب العنصري.
---------------------------------------------- بيروت في 27/2/2018
  Email: almawkef@yahoo.comkamalchatila@hotmail.com بيروت – برج أبو حيدر – بناية شاهين – ط8/ص.ب: 7927/11 – هاتف: 305627 – 307287/01 فاكس: 312247/01
 
 
 
 
 
  ----------
Lebanese Public Conference
  ----------
 








--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To unsubscribe from this group and stop receiving emails from it, send an email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
To post to this group, send email to alfikralarabi@googlegroups.com.
Visit this group at https://groups.google.com/group/alfikralarabi.
For more options, visit https://groups.google.com/d/optout.

Monday, 26 February 2018

{الفكر القومي العربي} الأعياد اليهودية مآسي وآلامٌ فلسطينية

الأعياد اليهودية مآسي وآلامٌ فلسطينية

بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

يكره الفلسطينيون الأعياد اليهودية ويتوجسون منها خيفةً، ولا يشعرون بالسلامة فيها ولا بالراحة خلالها، ولا يطمئنون إليها عند حلولها، ولا يأمنون على أنفسهم من سلطات الاحتلال أثناءها، ويشعرون أنها نقمةٌ عليهم أو لعنةٌ تنزل بهم، إذ بقدر ما يفرح اليهود بها ويحتفلون خلالها، ويستعدون لها زينةً وطقوساً، فإن الفلسطينيين يعذبون أثناءها، ويُحاصرون ويُضيق عليهم، وتُغلق مناطقهم كلياً، ولا يُسمح لهم بالخروج منها، كما يُمنع سكانها من العودة إليها، وتفرض على بعض مناطقهم أحكامٌ عسكرية كمنع التجوال، ولا تستثن سلطات الاحتلال من إجراءاتها المرضى والحالات الاستثنائية، بل تمارس سلطاتها العسكرية إلى أبعد مدى، وتطبق أحكامها على السكان بكل قسوةٍ وشدةٍ، وبحزمٍ وبلا تردد، بحجة حماية المواطنين اليهود خلال فترة الأعياد، والحيلولة دون وقوع أي عملياتٍ قوميةٍ تخل بالأمن العام، وتلحق الضرر بالمواطنين.

يحتفل اليهود في فلسطين المحتلة وفي أنحاء متفرقة من العالم هذه الأيام بعيد البوريم، وهو نسبةً إلى اليوم الذي نجا فيه اليهود من مذبحةٍ كادت أن تقع لهم في بلاد فارس، إذ نجوا من الموت والقتل بأعجوبةٍ من خلال حيلةٍ بارعةٍ نفذتها زوجة الملك استير اليهودية بالتعاون مع ابن عمها مردخاي، ولهذا يحتفلون في هذه المناسبة فرحاً بالنجاة، واستهزاءً بالوزير هامان الذي فتكت به استير وبأتباعه، وأنقذت أبناء شعبها من يومٍ أسودٍ كان ينتظرهم، فإذا به ينقلب أسوداً على من كان يدبر لقتلهم.

يصر اليهود في هذا العيد أن يظهروا أقصى مظاهر الفرح والسعادة، وأن يعبروا عن سرورهم وبهجتهم بكل الوسائل الممكنة، ولا يسمحون لأي شئٍ بأن يعكر مزاجهم، أو أن يفسد احتفالاتهم، أو أن يعطل مهرجاناتهم، إذ أنه يوم الخلاص بالنسبة لهم، مما يستحق الفرحة والسعادة والبهرج والزينة والهدايا والاحتفال، ولهذا فإن القرار العسكري الإسرائيلي الذي يفرض على المناطق الفلسطينية يأخذ الصفة الدينية أحياناً، إذ أنه يأتي تطبيقاً لتعاليم يهودية قديمة، وليس فقط استجابةً للإجراءات الأمنية، ودرءاً للمخاطر والتهديدات التي من الممكن أن تعكر عليهم صفو الاحتفالات وتفسد عليهم فرحة العيد.

يسمى هذا العيد عند اليهود أيضاً بعيد المساخر، وفيه يلبسون الغريب ويلونون وجوههم بمساحيق مختلفة، ويضعون الأقنعة الغريبة التي تحمل صوراً لحيواناتٍ أو صوراً شيطانية وبهلوانية، حيث يظهرون بمظاهر عجيبة تدل على فرحهم وتظهر سعادتهم، وذلك إمعاناً في إظهار شماتتهم بهامان الذي كان ينوي بزعمهم قتلهم، حيث يصنعون دمىً باسمه، يبشعون شكلها ويشوهون صورتها ثم يقومون بحرقها والتشنيع بها، كما يصنعون الحلوى والسكاكر على شكل أذن وكأنها أذن هامان ويوزعونها.

وهو العيد نفسه الذي كرهته شعوب أوروبا وعافته، وتمنت رحيل اليهود عن بلادهم وتخليص أوطانهم من شرورهم، ذلك أن اليهود الذين كانوا يعيشون في أوروبا، اعتادوا أن يصنعوا فطيرة كبيرةً بمناسبة العيد، يأكلون منها جميعهم، ولكن هذه الفطيرة ممزوجة بدمِ ضحيةٍ يختارونها من غير اليهود، وغالباً ما تكون الضحية طفلاً صغيراً، يضعونه في برميلٍ مثقبٍ مليئ بالإبر، حيث تقوم الإبر بوخز جسد الضحية وتستنزف دمه الذي يتجمع في وعاءٍ خاصٍ، ثم يستخدمونه في صناعة فطيرة العيد المقدسة، التي يحرصون على أن يأكل منها جميع اليهود المتواجدين في منطقتهم، ولهذا كرهت الشعوب الأوروبية وجود اليهود بينهم، وتمنت رحيلهم، إذ كانوا السبب في كل رذيلة وأداة كل جريمة، ومنبع كل فسادٍ اجتماعي واقتصادي ظهر بينهم.

إنها ذات العقلية اليهودية وذات الجبلة القديمة ما تغيرت ولا تبدلت، إذ كانوا يصنعون سعادتهم من دماء الآخرين، ويحيون احتفالاتهم على آهات وأنين المعذبين من ضحاياهم، ويبنون فرحهم على أحزان سواهم، ولا يهمهم أن يسرقوا الفرحة من أصحابها، وأن يغتالوا البسمة من على شفاه مستحقيها من النساء والأطفال، الذين يحرمونهم حقهم المقدس في الحياة، ويجردونهم من فرصتهم في الفرح والسعادة والبقاء.

الحال نفسه اليوم يكررونه هم أنفسهم مع الشعب الفلسطيني المحتلة أرضه والمغتصبة حقوقه، إذ أنهم يحيلون حياة الفلسطينيين في أيام أعيادهم إلى جحيمٍ لا يطاق، ويجعلون من مناطقهم سجوناً كبيرة أو معتقلاتٍ مفتوحةً، بعد أن يجزأوا مناطقهم، وينصبوا الحواجز ونقاط التفتيش على مداخلها وعلى الطرق المؤدية إليها، حيث يمنعون السكان من العبور، ويوقفون حركة التجارة، فلا سيارات تعبر ولا بضائع يسمح لها بالمرور، ولو كان السكان في حاجةٍ لها أو كانوا على موعدٍ معها ينتظرونها، ومع أن أيام الأعياد محدودة إلا أنهم يمدونها ويفتحونها، لا في مدينة القدس وحدها بل في الضفة الغربية عموماً، فتكون أياماً قبل العيد وأياماً بعده، مما يزيد في معاناة الفلسطينيين ويفاقم من أوضاعهم السيئة.

إنها ساديةٌ عنصريةٌ يهوديةٌ متطرفةٌ، وأنانيةٌ حيوانيةٌ مفرطةٌ، يمارسون فيها أبشع أنواع القهر والتعذيب والإساءة والتنكيل بالشعوب الأخرى، ويحرمونهم من حقهم في الحياة، وفرصتهم في العيش الكريم، فقط ليحتفلوا هم بمناسباتهم، ويحيوا أعيادهم، وليدعوا أطفالهم يفرحون وشبانهم يرقصون ونساءهم تغني، وليشربوا جميعاً نخب الحياة ويرقصوا طرباً على سيمفونية جراح الآخرين، ولو كان ذلك على حساب سعادة غيرهم، أو كان ثمنه شقاء سواهم، فهذا الأمر ما كان يعنيهم قديماً، وهو لا يعنيهم اليوم، ولن يعنيهم غداً، وسيجدون للأسف من الحكومات الغربية من يؤيدهم ويساندهم، ويقف معهم وإلى جانبهم، ويهيئ لهم كل السبل الممكنة لتمام فرحتهم ونجاحهم في احتفالاتهم.

إنه عيد المساخر اليهودي وليس عيد البوريم القديم وحسب، إنه عيد المساخر اليهودي الجديد بثوبه المعاصر، يوم أن سيطروا على أمةٍ كانت الأعز، وعلى شعوبٍ كانت الأكرم، وهزموا بلاداً كانت الأقوى، وطووا حضاراتٍ كانت الأعلى، واحتلوا أرضاً كانت وما زالت هي الأقدس، وداسوا فوق ترابٍ كان ولا زال هو الأطهر، لهذا فإنهم يحتفلون بعيد المساخر الذين يسخرون فيه من أمةٍ فرطت، ومن بلادٍ باعت، وأنظمةٍ ساومت وفاوضت، ثم استسلمت وخانت.

فحق لليهود أن يحتفلوا بانتصاراتهم على هذه الأنظمة الخربة، التي قوضوا بنيانها وخربوا اقتصادها وأفسدوا حياتها، ومزقوا نسيجها وبثوا الفرقة بين أبنائها، فاستحقوا بانتصارهم الحياة ونالوا حق البقاء، وحريٌ بالمنهزمين الضعفاء أن يتواروا عن الأنظار وأن يغيبوا عن الصورة والواقع، ليستبدلهم الله بأقوامٍ غيرهم، أعزةٍ كرامٍ، يثورون على الظلم، وينتفضون على الذل، ويرفضون الهزيمة، وينتصرون على العدو وينهون أسطورته الكاذبة.

بيروت في 27/2/2018

https://www.facebook.com/moustafa.elleddawi

moustafa.leddawi@gmail.com


--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To unsubscribe from this group and stop receiving emails from it, send an email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
To post to this group, send email to alfikralarabi@googlegroups.com.
Visit this group at https://groups.google.com/group/alfikralarabi.
For more options, visit https://groups.google.com/d/optout.

{الفكر القومي العربي} يحيى حسين عبد الهادى: للفساد دُر

للفساد .. دُر
بقلم المهندس/ يحيى حسين عبد الهادى

الفسادُ ليس حدثاً عارضاً .. وإنما هو اختيارٌ واضحٌ .. هناك إصرارٌ على الهبوط معه نحو قاع مؤشر الشفافية (والصعود بالتالى إلى قمة مؤشر الفساد .. الصعود إلى الهاوية) .. هذا ما يستخلصه بسهولةٍ أى قارئٍ لتقرير منظمة الشفافية الدولية الصادر منذ أيامٍ .. فالتقرير يشير إلى هبوط ترتيب مصر على مؤشر الشفافية فى عام 2017 إلى المركز 117 على العالم (بنسبة شفافية 32%) .. بعد أن كان ترتيبها 108 سنة 2016 (بنسبة شفافية 34%).. وكان ترتيبها 88 سنة 2015 (بنسبة شفافية 36%) .. ويشير نفس التقرير إلى تربع نيوزيلاندا على قمة الشفافية (أى الأقل فساداً فى العالم) بنسبة شفافية 89% .. ويتذيَّل القائمة (أى الأكثر فساداً) الصومال بنسبة شفافية 9%.
العالم يرانا هكذا وليس فى الأمر مفاجأة .. فالعالم لا يقيس مكافحة الفساد فى بلدٍ ما بعدد الذين تضبطهم الأجهزة الرقابية .. فكل الدول والأنظمة (بما فيها الفاسدة والفاشلة) تلقى القبض من آنٍ لآخر على فاسدٍ هنا أو هناك .. حتى العصابات تعاقب بعض لصوصها أحياناً .. الأعداد مجرد مؤشرٍ على إنجاز الجهاز الرقابى القائم بالضبط .. وحتى هذا الإنجاز لا يكتمل قياسه إلا بمعرفة عدد المضبوطين الذين انتهت محاكمتهم بالإدانة .. فضبط الأبرياء ليس إنجازاً.
والعالم لا تخدعه العبارات البراقة مثل (القانون على الجميع) وهو يرى القانون ليثاً هصوراً فى مواجهة البعض .. خجولاً ذليلاً فى مواجهة من يتستر أكثر من ثلاثة شهورٍ على مكان اختباء وزيرٍ أسبق للداخلية مُدانٍ باللصوصية .. العالم يعرف أن الانتقائية في محاربة الفساد .. فسادٌ.
والعالم لا تنطلى عليه عباراتٌ مثل (ما شفتوش شريف قبل كده؟) .. وإنما يراقب التزام رئيس الدولة بنشر تفاصيلَ ذِمَّتِه المالية فى الجريدة الرسمية، ومِن أين اكتسبها، ليس تفضلاً وإنما التزاماً بالدستور .. فإذا لم يفعلها لا يستمر على مقعده يوماً واحداً وتتم محاسبته أمام البرلمان .. المشكلة أن العالم يضع مواصفاتٍ مختلفةً للبرلمانات .. فميزانياتها أيضاً معلنة وليست سراً من أسرار الأمن القومى.
والعالم لا يتخيل أن دولةً تَدَّعِى محاربة الفساد تصدر قانوناً ليس له شبيه فى تاريخ الأمم للتصالح مع لصوص المال العام وتكريمهم .. قانوناً لا تجرؤ حتى عصابات المافيا على إصداره لإدارة شؤونها .. وعندما اكتشف السادة اللصوص بعد عدة شهورٍ أن هذا القانون (رغم ما به من عوار) لا يعفى من العقوبة شركاءَ اللص (كالموظف العام الذى سَهّل له السرقة مثلاً) صَدَرَ تعديلٌ آخر يشمل بالعفو كل العصابة، ليعود كلٌ مِن أفرادها (بالقانون) خالياً من الذنوب كيوم ولدته أُمُهُ .. ادخلوها فاسدين.
المقياس الوحيد المعتمد عالمياً لمكافحة الفساد هو مستوى الشفافية .. التي تعنى بالبلدى أن يكون كل شئ فى النور .. لأن الفساد لا ينمو ويترعرع إلا فى الظلام .. وتتحدد درجة الشفافية في الدولة بناءً على مدى استيفائها لعدة متطلبات، أهمها ما يلى:
1 – وجود برلمان حقيقى يمارس رقابةً حقيقية على السلطة التنفيذية.
2-توسيع نطاق مساءلة كافة مؤسسات الدولة أمام الشعب، حيث لا استثناء لفئة أو مؤسسة (جيش/ شرطة/ قضاء … إلخ).
3-وجود منظمات مجتمع مدنى قوية ومستقلة وفعَّالة (ولا تُلَفَق لها القضايا أو يُبتَدَع لها قانونٌ أضحوكة بالطبع).
4-قضاء قوىٌ ومستقلٌ استقلالاً لا شُبهة فيه، وتطبيقٌ صارمٌ للقانون على الجميع بلا استثناءات.
5-درجة عالية من إتاحة المعلومات وحرية تداولها، ومنع تضارب المصالح، والإفصاح عن الذمة المالية.
6-إعلامٌ حرٌ مستقلٌ .
7-التزام المزيد من الشفافية حيال العقود التى تبرمها الدولة وكافة أوجه الإنفاق العام والمشروعات الحكومية (أو ما يُسَّمَى بالمشروعات القومية) والميزانيات العامة.
رأيى أن تقرير الشفافية الأخير لا يدين الشعب وإنما يدين النظام .. فالتدهور فى البنود السابقة كلها مسؤولية النظام لا الشعب .. الشعب المصرى أشرف من نظامه .. معظم المصريين يلاطمون الحياة ويبيتون على الطوى ولا يسألون الناس إلحافاً ولا يمدون أيديهم إلى مالٍ حرام.
قبل أسابيع قلتُ للمستشار هشام جنينة مُداعباً (لقد تسببتَ فى تقهقر مصر على مؤشر الشفافية فى العام الماضى الذى اعتبر ابتداع قانونٍ لإقالتك دليلاً على استشراء الفساد فى غيبة أى إرادةٍ سياسيةٍ حقيقيةٍ لمحاربته) .. الحمد لله أن التقرير الجديد لم يلحق بما حدث له بعد ذلك من حبسٍ بعد محاولة اغتيال .. كما لم يلحق بالتجليات السابقة واللاحقة للانتخابات الرئاسية .. لكن فى ضوء البرامج والنوايا المُعلَنَة للمرشحين الرئاسيين الوحيدين نستطيع أن نُخَّمِن حالة الشفافية فى مصر فى السنوات القادمة .. نحن نسير بخُطىً سريعةٍ على الطريق .. إلى الصومال.
(مصر العربية- الاثنين 26 فبراير 2018).