{الفكر القومي العربي} محمد اليوسف حبيبُ الشعبِ يرحلُ وسندُ الأيتامِ يترجلُ

محمد اليوسف حبيبُ الشعبِ يرحلُ وسندُ الأيتامِ يترجلُ

بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

بكته العيونُ، وحزنت لرحيله القلوبُ، وجزع لموته المحبون، وغصت لوفاته المفاجئةِ النفوسُ، واضطرب لسماع الخبر المعوزون وذووا الحاجات المتعففون، وخرج الفلسطينيون في مخيمات لبنان يتساءلون، وفي مدنه وبلداته على فراقه يتحسرون، واستيقظ المغتربون يتصلون ويتأكدون، وعقدت الصدمةُ ألسنَ إخوانه المحبين وأصدقائه المقربين، وكلهم قد أصابهم النبأ بالصدمة، ونزل بهم الخبر كما الصاعقة، وقد شاهده بعضهم صباحاً على قدميه يمشي، وبهمةٍ يهرول، وبأملٍ يسعى، فلا شيء يقلقه، ولا مرض يقعده، ولا شكوى تيأسه، وقد أعد برنامجه اليومي كما اعتاد، وأرجأ بعض مهامه حتى يعود، فقد كان عفيَّاً قادراً، ذا همةٍ عاليةٍ مقداماً، سليماً معافىً لا يشكو،  وصاحب عزمٍ لا يلينُ، ويقينٍ لا يضعفُ.

 

إنه محمد اليوسف، المكنى كبقية أشقائه السبعة وهو ثامنهم، بأبي السعيد، تيمناً بشقيقهم الأكبر "المغيب" القائد سعيد اليوسف، الذي حافظت عائلته على ذكره، وأصرت على اسمه، وما زالت تذكره قائداً، وتعظمه أخاً، وتفتخر به مسؤولاً، وتتشرف به مناضلاً، وهو الذي سبقهم إلى ميادين المقاومة وسوح النضال، وغرس فيهم حب الوطن والتضحية في سبيله، وعلمهم العطاء بلا حدودٍ والفداء من أجل الوطن، فكان محمد كبقية أشقائه أبا سعيدٍ آخر، وفياً له، ومخلصاً مثله، وصادق الوعد يشبهه، سائراً على الدرب، وماضياً على النهج، وحافظاً العهد، وواثقاً بالنصر وإن تأخر، وبالعودة وإن تعذرت.

 

وافته المنيةُ فجأةً وهو يحمل ملفات المرضى، ويمسك بين يديه أوراقهم، ويحمل هموم فقرائهم وطلبات محتاجيهم، ويحفظ في ذاكرته مطالبهم الملحة وحالاتهم الإنسانية، وهمومهم اليومية، وهو الذي عاش بينهم في مخيم عين الحلوة، وأصر أن يكون منهم ولا يختلف عنهم، يجاورهم ولا يسكن بعيداً عنهم، يخف إليهم كل صباح، ويطرق أبوابهم في الليل والنهار، وقد عَمَّرَ بيت العائلة الكبير وفتحه، وجعله عنواناً لأهله، وبيتاً لشعبه، وسرداقاً لأفراحه، ومنزلاً يخفف أحزانهم ويسري عنهم، ويهون عليهم همومهم وآلامهم.

 

فقد كان محمد اليوسف، الباسم الثغر، العذب الكلمة، الباش الوجه، الحيوي النشط، السريع السباق، الخدوم المعطاء، البسيط المتواضع، الطيب الخلوق، المعروف بكوفيته، والمشهور ببسمته، يسعى لشعبه ويعمل من أجلهم، ويسخر أوقاته خدمةً لهم، ويوظف علاقاته للتخفيف عنهم وتقديم العون لهم، يحجز لبعضهم مواعيدَ، ويحدد لغيرهم لقاءاتٍ، ويحصل لآخرين حسوماً وتخفيضاتٍ مالية تخفف عنهم الأعباء، وترفع عن كواهلهم الهموم، وترسم على شفاههم البسمة، وتزرع في قلوبهم الأمل، وقد رحل عن الدنيا وملفات شعبه بين يديه، لم يتخلَ عنهم ولم يبخل عليهم، حتى آخر يومٍ من حياته، لم تشغله همومه عنهم، ولم ينسه مرضه ومعاناته حاجات أهله وشجون شعبه.

 

استحق بجدارةٍ لقب "حبيب الشعب"، وكان جديراً به، فقد منحه الشعب هذا اللقب مختاراً، وقلده أرفع الأوسمة الشعبية، ووضعه في أعلى المناصب والرتب الوطنية، وعلق على صدره أعظم النياشين الإنسانية، وليس أصدق من الشعب وصفاً، ولا أخلص منه تقديراً، فقد رأوا فيه الصدق والوفاء، والحب والحرص، والعمل والعطاء، والإخلاص والتجرد، والتفاني والإيثار، وهو الذي فتح بيوتاً مغلقة، وأفرح قلوباً حزينة، وكفكف دموعاً ساخنةً، ومسح على رؤوس الأطفال الأيتام وربت على ظهورهم، وأقسم لهم أن يبرهم ويحفظهم، وأن يرعاهم ويكلأهم، وأن يعوضهم ما استطاع عمن فقدوا، فلا يشكون عجزاً، ولا يشكون نقصاً، ولا يعانون عوزاً وحاجةً.

 

يقول الفلسطينيون في صيدا ومخيماتها، وفي جنوب لبنان ومخيماته، وفي عاصمته وشماله، أنهم ما شهدوا منذ سنواتٍ جنازةً تشبه جنازة المرحوم محمد اليوسف، فقد كانت جنازةً مهيبةً، ومسيرةً عظيمةً، ووداعاً شعبياً مشهوداً، وحضوراً لافتاً، استرعى الأنظار كثافتُه، ولفت المراقبين حشودُه، وقد خرجوا من بيوتهم، رجالاً ونساءً، وشيباً وشباباً، على أقدامهم سائرين، مختارين طائعين، صامتين بخشوع وباكين بألمٍ، وكأن الفقيد فقيدهم، والمرحوم ابنهم، والفاجعة فجيعتهم، يودعون رجلاً منهم، لا يختلف عنهم، ولا يتكبر عليهم، يشعر بأوجاعهم، ويتألم لمعاناتهم، ويحلم مثلهم.

 

في وجوه المعزين الكثيرة رأيته، وفي عيونهم شاهدت ملامحه وعرفت الكثير من صفاته، فقد أَمَّ بيت العزاء في دار أخيه العامرة اللواء ناظم اليوسف، آلاف الفلسطينيين الذين عرفهم وعرفوه، وألفهم وألفوه، وكان لهم سنداً وعوناً، فرأيت الفزع في عيونهم، والجزع في نفوسهم، فقد انكسر ظهرهم، وغاب معيلهم، ورحل الرجل الذي يعنى بهم، ولسان حالهم يقول من لنا من بعده، ومن سيهتم بشؤوننا بعد رحيله، وهو الذي كان لا يرد أحداً، ولا يطردُ سائلاً، ولا يمتنع عن مساعدةِ محتاجاً، فكان ينفق من لا يخشى الفقر، ويعطي من يملك سخاء البحر، وإن لم يكن في جيبه شيئاً أو في حوزته مالاً، فقد كان يعطي وعينه في عيني الله عز وجل الذي لا يخيب أمثاله، ولا يفقده رجاءه.

 

أما بالنسبة لي شخصياً فقد أفجعني موته، وأحزنني رحيله، وإن كنت أؤمن بالقضاء والقدر وأسلم بالأجل، وأرضى بحكم الله عز وجل وقضائه، ولكن غيابه السريع وموته المفاجئ آلمني، وهو الذي عرفته أخاً معيناً وصديقاً قريباً، ألفته منذ اليوم الأول الذي أُبعدت فيه إلى لبنان، وأحببته منذ أن عرفته، وشاركني أعباء العمل وهموم الحياة، وسعدت به وهو يفاخر الجميع بأنه أول العاملين في حركة حماس وإن لم يكن ينتسب لها، لكنه سبق الجميع عملاً وعطاءً، وجهداً وسعياً، فكان من أوائل من خدم في صفوفها نيابةً عن أبنائها، وأداءً لواجبٍ رأى أنه يستطيع أن يقوم به وأن يحسن فيه، فسبق بالفضل أخاه علياً وبَزَّه، وتباهى عليه وتفاخر.

 

رحم الله أبا السعيد محمد اليوسف، وتغمده بواسع رحمته، وجعل الجنة مثواه والفردوس الأعلى منزله، وجمعه في جنان الخلد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه الأخيار والشهداء الأبرار، وعوض الله أهله خيراً، وجعل أولاده من بعده خير خلفٍ لخير سلفٍ، يبرونه ميتاً، ولا يقطعون عمله الصالح وقد رحل، ويحفظون بيته عامراً وذكره طيباً، ويواصلون بالبر عطاءه وبالخير فعاله، فقد والله سبق بصدقه، ونال الدرجات العلى بإخلاصه، ولا نزكيه على الله عز وجل، ولكننا ندعوه سبحانه وتعالى أن يجعله في الآخرة كما كان في الدنيا في أعلى عليين، فرحمة الله عليك أبا السعيد، وسلام الله عليك في الخالدين.

 

بيروت في 30/11/2021

moustafa.leddawi@gmail.com

--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To unsubscribe from this group and stop receiving emails from it, send an email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
To view this discussion on the web visit https://groups.google.com/d/msgid/alfikralarabi/CA%2Bk3Ojine6H0%2BHe5hesRk8_Bp-4AcGR3wb46nCmBANYKiNegRw%40mail.gmail.com.

Saturday, 27 November 2021

{الفكر القومي العربي} نقاطُ الالتقاءِ والافتراقُ الأمريكيِ والإسرائيليِ حولَ فلسطين

نقاطُ الالتقاءِ والافتراقُ الأمريكيِ والإسرائيليِ حولَ فلسطين

بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

من النادر جداً أن تختلف الإدارة الأمريكية، أياً كانت ديمقراطية أو جمهورية، مع الكيان الصهيوني أياً كانت حكومته ورئيسها، ولعله من السفه وقلة العقل، ومخالفة المعهود ومناقضة المنطق، أن نعتقد أن الإدارة الأمريكية من الممكن أن تختلف أو تتناقض يوماً مصالحُها مع الكيان الصهيوني، فتصطدم معه وتتعارض وإياه، أو تقاطعه وتعاقبه، وتضغط عليه وتجبره، وتُكرهه على ما لا يريد أو تحمله على ما لا يرغب، وإن اختلفت معه ظاهرياً، فهي تختلف شكلياً لا جوهرياً، ونظرياً لا عملياً، وقد لا تظهر خلافاتهما على السطح، ولا يعرف بها العامة، وإنما تدار في الكواليس، وتعالج في الخفاء، ويتم التوصل إلى حول مشتركة بشأنها، بفضل الوسطاء وجماعات الضغط اليهودية الأمريكية وغيرها، التي تسعى لضمان المصالح الإسرائيلية وتقدمها على غيرها، وتعمل على ضبطها واستيعابها وعدم تضخمها أو خروجها عن السيطرة.

 

لكن مما لا شك فيه، أن إدارة الرئيس جون بايدن قد انقلبت على سياسات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وأنه يسعى ومساعدوه تدريجياً للتنصل من بعض وعود سلفه، وإبطال بعض قراراته، واستحداث أخرى جديدة تتوافق مع فهمه للسياسة الإسرائيلية تجاه القضية الفلسطينية، وقد بدا ذلك واضحاً ومتوقعاً، ولم يكن غريباً أو صادماً، إذ كان الرئيس الأمريكي بايدن قد أعلن عن كثيرٍ منها خلال حملته الانتخابية، ولم يخفِ معارضته لسياسة ترامب وسعيه لتغييرها في حال فوزه، وهو ما أصبح بالفعل بعد توليه منصب الرئاسة، علماً أنه أجرى تغييراتٍ أخرى ذات أبعادٍ قانوينة، كتلك التي فرضها خلال اتفاقه مع الأونروا لإعادة الدعم الأمريكي لها بشروطٍ واضحةٍ صريحةٍ، تعتمد على النصوص القانونية وليس على الرغبات والعواطف الشخصية، بما يكبلها ويقيد عملها، ويحد من القطاعات المستفيدة منها.

 

بدأت أولى خطوات الرئيس الأمريكي بايدن العملية الجديدة تجاه القضية الفلسطينية على وجه الخصوص، بتغيير السفير الأمريكي إلى الكيان الصهيوني دافييد فريدمان، وهو اليهودي المتهم بأنه صهيوني متطرف وجندي إسرائيلي سابق، وأنه صديقٌ مقرب لنتنياهو، وتعيين السفير توماس نيدس مكانه، علماً أنه يهودي أمريكي، ويؤيد الكيان الصهيوني، إلا أن أفكاره التي تشكلت إبان خدمته مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما، تدل على أنه يمتلك رؤية مختلفة عن رؤية سلفه، خاصة فيما يتعلق بالمواطنين الفلسطينيين، وأنه لن يتم ما بدأه سلفه، ولن يواصل نهجه، بل سيعتمد مقاربة رئيسه تجاه الحكومة الإسرائيلية.

 

توافق تغيير السفير الأمريكي مع انتهاء مهمة صهر الرئيس الأمريكي السابق جاريد كوشنير، المبعوث الخاص إلى الكيان الصهيوني وفلسطين خاصةً، ومنطقة الشرق الأوسط عموماً، وتعيين الشاب الدبلوماسي المخضرم، الأمريكي العربي اللبناني الأصل، هادي عمرو، الذي بدا في طريقة عمله وطبيعة اتصالاته ولقاءاته، وفي توصياته العامة وقناعاته الشخصية مختلفاً كلياً عن سلفه، إذ حذر من مغبة استمرار الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة، ووصف أوضاع سكانه بأنها مأساوية، وأوصى رئيسه بضرورة العمل على تخفيف الحصار، وتمكين السكان من العيش الكريم.

 

ورأى أن تردي أوضاع السلطة الفلسطينية المادية، وإن كانت تتحمل جزءً كبيراً من المسؤولية عنها، بسبب حالة الفساد الإداري المخيف الذي تعيشه، من الممكن أن تؤدي إلى انهيار السلطة وسقوطها، وتفكيك مؤسساتها الأمنية وبناها التنظيمية والاجتماعية والسياسية، وهو ما من شأنه أن يفجر الأوضاع في الأوساط الفلسطينية، ويقود إلى تفشي العنف وشيوع الفوضى العامة في المنطقة، وهو الأمر الذي لا يخدم المصالح الإسرائيلية، ولا يحقق لها الأمن والاستقرار الذي تمتعت به السنوات الماضية، ولهذا فهو يدعو ويعمل على دعم السلطة الفلسطينية سياسياً ومالياً.

 

وبخلاف ترمب الذي دعا إلى صفقة القرن التي تحرم الفلسطينيين من حقهم في دولةٍ مستقلةٍ، يؤيد بايدن حل الدولتين، ويدعو الكيان الصهيوني إلى القبول به وعدم تدمير فرص هذا الحل، عبر إجراءاتٍ أحادية وخطواتٍ استباقية، فهو الحل الذي من شأنه أن يحقق الأمن والاستقرار في المنطقة كلها، بما فيها أمن إسرائيل وسكانها، وشرعية وجودها، واحترام حقوقها، وسلامة حدودها وضمان سيادتها.

 

وترفض إدارة الرئيس جو بايدن السياسات الاستيطانية الإسرائيلية، وتدعو إلى كبح جماحها ومنع انتشارها، وتصف المستوطنات المشادة في القدس الشرقية والضفة الغربية بأنها مستوطناتٌ غير شرعية، وتعتبر قرارات مصادرة الأراضي والسيطرة عليها، أو احتلال البيوت الفلسطينية وطرد سكانها منها، والحلول مكانهم برعاية عناصر من الجيش والشرطة، أعمالاً عدوانية ومخالفاتٍ قانونيةً، ينبغي على الحكومة الإسرائيلية الكف عنها، والتوقف عن تشجيع المستوطنين والمتطرفين عليها.

 

تؤكد إدارة بايدن عزمها على إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية، وهي التي أغلقها سلفه، ومنع الفلسطينيين من الاستفادة منها، وأعلن اعترافه بالقدس عاصمةً أبديةً موحدة للكيان الصهيوني، ورفض أي سيادة غير الإسرائيلية عليها، إلا أن الرئيس الأمريكي يصر على عودة قنصلية بلاده للعمل في الشطر الشرقي من مدينة القدس، وتمكينها من تقديم مختلف الخدمات القنصلية، والمادية الخاصة بالمؤسسات المدنية والأهلية الفلسطينية، الصحية والتعليمية والإجتماعية والإنمائية.

 

مما لا شك فيه أن هناك تباينٌ ما بين سياسة بايدن وسياسة سلفه ترامب، ولكن الأول مهما بدا مختلفاً ومغايراً، فإنه لن يبتعد كثيراً عن السياسة الأمريكية التقليدية، أقلها تلك التي اتبعها والرئيس باراك أوباما عندما كان نائباً له، فالذي لم يقدم للفلسطينيين شيئاً ذا شأنٍ على مدى ثمانية سنواتٍ كاملةٍ، كانت فيها الظروف الدولية أفضل، والعلاقات العربية أمتن، فإنه لن يقدم لهم شيئاً في ظل الهرولة العربية نحو إسرائيل، واعترافها بها وتطبيعها معها، وستبقى المصالح الإسرائيلية في سياسته هي الثابت الوحيد، وهي المقدمة، وأمنهم وسلامة وجودهم وتفوقهم هو الضابط في العلاقات، والحكم في السياسات، وَعيَّ من وَعى أو جِهِلَ من جِهِلَ.   

 

بيروت في 28/11/2021

moustafa.leddawi@gmail.com

--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To unsubscribe from this group and stop receiving emails from it, send an email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
To view this discussion on the web visit https://groups.google.com/d/msgid/alfikralarabi/CA%2Bk3OjjLPJLMgmindk%2B2JiikZiukzxE_eREwc%3DRzqpdRUnW%2BqA%40mail.gmail.com.

Monday, 22 November 2021

{الفكر القومي العربي} الأسرى يوحدون صفوفَ الشعبِ ويجمعونَ كلمةَ الأمةِ

الأسرى يوحدون صفوفَ الشعبِ ويجمعونَ كلمةَ الأمةِ

بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

آحادٌ في الأمة العربية والإسلامية هم الأسرى والمعتقلون، وإن تجاوزت أعدادهم في السجون والمعتقلات الإسرائيلية الآلاف، إذ يزيد عدد الأسرى الفلسطينيين الذين سبق اعتقالهم مرةً أو مراتٍ عدة، أو أولئك الذين ما زالوا يقبعون في سجونهم الآن، عن المليون أسير من الرجال والنساء والأطفال، إلا أنهم رغم كثرتهم، يبقون أقليةً لا أكثرية، وطلائع المقاومة لا جيشها، وسنا الشعب لا نوره، وبريقه لا وهجه، وعلى الرغم من ذلك، فإن صوتهم الذي يخترق صمم جنود العدو، يملأ الفضاء كله، ويغطي الكون بأسره، ويخترق الآفاق على امتدادها، ويُسمِعُ الجوزاء في عليائها البعيد، ودوماً تنتصر إرادتهم على صخب سلطات السجون، وغطرسة ضباطهم، وحقد أجهزة قمعهم، ومرض نفوسهم وخبث ضمائرهم.

 

صوتهم بالحق صداحٌ لا تحده الحدود، ولا توقفه السدود، ولا تحول بينه وبين الأمة طول المسافات ولا وَهْم السيادات، ولا محاولات المنع أو مساعي الفصل، فصوتهم ضمير الأمة اليقظ وروحها الأبية، ينطق باسم القضية، ويعبر عن رأي الشعب، وهم خير من ينصح ويسدي، وأفضل من يشير ويستشار، وأصدق من يوجه ويرشد، وأسمى من نرفع إليهم قضايانا، وآخر من يستفيد من آلامنا ويتاجر بأحزاننا، ويوظف همومنا أو يخون دماءنا، أو يفرط في أحلامنا ويتخلى عن أهدافنا.

 

إنهم نخبةٌ مختارةٌ، وثلةٌ منتقاة، وعصبةٌ منيرة، كالنجوم في كبد سمائنا الملبدة بالغيوم تلمع، وكالقمر في ظلمائنا ينير، تصدح بالحق الأبلج ألسنتهم ولا تخاف، وترفع الصوت المجلجل ولا تتردد، وتعبر بحريتها عن رأيها ولا تتأخر، وتفرض بالمعاناة والألم إرادتها، ولا يصدها عما تريد قهرُ السجان ولا ظلم الجلاد، ولا صمت العبيد ولا عجز القعيد.

 

إنهم يختلفون عن غيرهم ولا يشبهون سواهم، ويتميزون عن أقرانهم ويتفوقون على لداتهم وأندادهم، رغم أنهم ضعافٌ في البنية وليسوا أقوياء في الجسد، ونحافٌ في الشكل وليسوا أصحاء في البدن، ولكنهم كالجحافل يجتاحون، وكالجيوش يزحفون، وبإرادةٍ كما الفلاذ يصمدون، وبثباتٍ كما الجبال الراسيات يقفون، يرفضون بشمم، ويأبون بكبرياء، ويفرضون مواقفهم بعزة، ويحققون مطالبهم بأنفةٍ، ويتطلعون إلى الحرية والعلياء بأملٍ، ولا يقبلون بفتاتٍ يلقى إليهم، أو بحسناتٍ تدفع لهم، مهما بلغت حاجتهم وعظمت مأساتهم.

 

الفلسطينيون يعرفون هذه الحقائق عن أسراهم ومعتقليهم، ويميزون بينهم وبين غيرهم من القادة والمسؤولين، من الذين يتقدمون الصفوف، ويظهرون في المناسبات، ويشاهدونهم في الصور، وإن علا صوتهم وصخب كلامهم، وادعوا العفة والصدق، والطهر والشرف، والأمانة والإخلاص، فإن الشعب لا يأبه بهم ولا يهتم، ولا يصغي إليهم ولا يجري معهم، ولا يصدق كلامهم ولا يبني مواقفه على وعودهم، ولا يتوقع خيراً من جعجعتهم ولا طحيناً من هديرهم، لهذا فهم يفضلون عليهم الأسرى والمعتقلين، يصدقونهم ويؤيدونهم، ويقفون معهم ويناضلون من أجلهم، ويتضامنون مع قضاياهم ويتبنون مطالبهم، ويخرجون إلى الشوارع متظاهرين نصرةً لهم، أو معتصمين ضغطاً من أجلهم، فهم يرون أنهم على الحق المبين، ويتمسكون بحبل المقاومة المتين.

 

الإسرائيليون يحقدون على الأسرى والمعتقلين ويكرهونهم، ويتمنون موتهم أو قتلهم، ويحلمون بالخلاص منهم والقضاء عليهم، ولا يرغبون في أن يخرجوا من سجونهم أحراراً، أو أن يعيشوا بين أهلهم وشعبهم طلقاء، بل يتمنون أن يقضوا كل عمرهم في السجون وفيها يموتون، ويسعون من خلال ممارساتهم معهم وسياساتهم المتبعة ضدهم إلى إذلالهم وقهرهم، وإخضاعهم وقتل روحهم المعنوية، فهم أكثر من يدرك تأثيرهم ويعرف قيمة دورهم، وهم يشعرون بأن تصريحاتهم كالسحر أثرها على شعبهم، الذي ينتفض من أجلهم، ويثور انتقاماً لهم، وانتصاراً لقضيتهم، ولا يبالي بأي تضحياتٍ في سبيلهم.

 

يدرك العدو الإسرائيلي قيمة الأسير الفلسطيني بحق، ويعرف أنه رغم قيوده والأغلال، والسجون والقضبان، والعزل والحرمان، والحجب والإبعاد، قادرٌ على أن يحرك الشارع الفلسطيني كله، وأن يقود الجماهير الشعبية، وأن يوجهها حيث يريد، فهو إن أعلن إضراباً عن الطعام أو اعتصم واعترض، انتفض الشعب معه، وتضامن مع قضيته، وسخر كل إمكانياته لنصرته.

 

تقوم سلطات السجون من حينٍ إلى آخر بمداهمة غرف الأسرى وأقسامهم، بحثاً عن أجهزة خلوي ووسائل اتصالٍ أخرى، كما تصادر ما تجده من أوراق ورسائل وكتاباتٍ ومنشوراتٍ، أياً كان نوعها أو مضمونها، فهي تخشى أن تكون أوراق الأسرى رسائل تحريضية، أو دعوات للانتفاضة، أو توجيهات لمجموعاتٍ عسكرية، يشرفون عليها ويتابعون عملها، بعد أن قاموا بتنظيمها وربط حلقاتها ووصل أطرافها، أو أنها مخططاتهم للأيام القادمة، إن كانوا ينوون الإضراب عن الطعام، أو القيام ببعض الأنشطة والفعاليات الاحتجاجية ضد إدارة السجون وممارساتها القمعية بحقهم.

 

الأسير الفلسطيني لا يملك أبواقاً إعلامية، ولا مؤسساتٍ صحفية، ولا ناطقين باسمه أو معبرين عنه، ولا تلتقيه الصحف أو تسرب أخباره وكالات الأنباء، ذلك أن العدو لا يسمح له بالظهور على شاشات الفضائيات، أو إجراء المقابلات واللقاءات، ولا تقبل أن يعبر عن قضيته، أو أن يبين معاناته، وصورته المنشورة هي صورةٌ قديمة قد تغير شكله بعدها وتبدل، فلا يعرفه كثيرٌ من الناس، ولكنهم يسمعون باسمه، ويفخرون بفعله.

 

يدرك الأسرى عظم الأمانة التي يحملون، وأهمية الدور الذي يقومون، والرمزية التي يمثلون، فيبدون استعدادهم أكثر لتحمل المزيد من المعاناة إكراماً لشعبهم الذي أولاهم الثقة، وتقديراً لأمتهم التي تتبنى قضاياهم، وتدافع عن حقوقهم، فيخوضون إضراباتٍ عن الطعام قد تطول لأكثر من شهرين، ويغامرون بحياة بعضهم ومستقبل أجسامهم، التي يصيبها التلف والعطب إن لم يستشهد بعضهم خلال فترة الإضراب، لكن هذا المصير المخيف أمام قضيتهم الكبرى يهون، فهم يعتقدون أن الشهادة قد فاتتهم، وأن رفاقاً لهم وإخوة على الدرب قد سبقوهم، فنالوا شرف الشهادة قبلهم، فلماذا منها يهربون، وعنهم يتأخرون، وعن دربهم يحيدون.

 

أسماء الأسرى العمالقة الأعلام، الذين كان لهم الفضل في تحريك الشعب وإيقاظ الأمة كثيرةٌ، ممن قضوا في السجون عشرات الأعوام، وخاضوا أعظم الإضرابات، وسجلوا أكبر الانتصارات، وصنعوا أكبر الأمجاد، وحققوا أكثر الإنجازات، وكان لهم أعظم الدور في تحريك وسائل الإعلام، وتسليط الضوء على قضاياهم الخاصة وقضية شعبهم العامة، ولهذا سأكتفي بالحديث العام عنهم لأنهم جميعاً أعلامٌ، يستحقون الذكر ويستأهلون المجد، حتى لا نغمط حق أحدهم ولا ننسى آخر، وسنكتفي بالعموم فهم جميعاً أهل الفضل والمنة، وأصحاب السابقة والبدرية، ندين لهم بالحب والوفاء، والتقدير والعرفان، ونسأل الله عز وجل لهم عاجل الحرية والسلامة التامة من كل ضيرٍ وضيمٍ وأذيةٍ.

 

بيروت في 22/11/2021

moustafa.leddawi@gmail.com

--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To unsubscribe from this group and stop receiving emails from it, send an email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
To view this discussion on the web visit https://groups.google.com/d/msgid/alfikralarabi/CA%2Bk3OjiQFM%3Dps%3DwS3oy9nF2dPJSDCykrifj6YtacVnftVHAm%3Dw%40mail.gmail.com.

Saturday, 20 November 2021

{الفكر القومي العربي} الفلسطينيون مسؤولون عن صورتهم ومحاسبون على قضيتهم

الفلسطينيون مسؤولون عن صورتهم ومحاسبون على قضيتهم

بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

لا يوجد في تاريخ أمتنا العربية والإسلامية قضيةً ناصعةً طاهرةً، نقيةً صافيةً، عقدية قومية، تجتمع عليها الأمة وتتوارث الإيمانَ بها ودعمها الأجيالُ المتعاقبة، وتضحي من أجلها بالغالي والنفيس، وتقدم في سبيلها أقصى ما تستطيع وغاية ما تملك، مثل القضية الفلسطينية والقدس والمسجد الأقصى المبارك، التي تسبق القضايا الوطنية، وتنافس الأولويات المحلية، وتنتصر في كل تحدي وسباقٍ داخلي، وتتصدر الملفات القومية، وتفرض نفسها على كل المحافل الشعبية، والقمم العربية الرسمية، وتكون سبباً في الوحدة والاتفاق، وعاملاً في الفرقة والانقسام، فهي على مر التاريخ توحد الأمة، وتلتقي عليها جهودها، ويتوافق عليها أبناؤها، ومن شذ عنها وتآمر عليها فإنه يقصى ويحارب، ويعاقب ويجازى، وقد يسقط ويهوي، وينهار ويندثر.

 

لكن سلوك القيادة الفلسطينية، والقوى والفصائل والتنظيمات، والنخب والفعاليات، والاتحادات والنقابات، والتجمعات والسفارات، والهيئات ومراكز السلطة والقرار، فيما يتعلق بعلاقاتهم الداخلية وقضاياهم المشتركة، وتنسيقاتهم البينية، وتعاونهم على كل المستويات الوطنية، وصورتهم العامة وخطابهم الإعلامي، يفقد القضية الفلسطينية رونقها، ويحرمها من نقائها، ويتسبب في تشويهها والإساءة إليها، ويعرض الفلسطينيين عامةً للنقد والإدانة، والغضب والعتاب، ويدفع الموالين للقضية الفلسطينية والمحبين للشعب الفلسطيني إلى التساؤل والحيرة، عن الأسباب التي تجعل الفلسطينيين مختلفين، وتتسبب في صراعهم وانقسامهم، وهم جميعاً يخضعون للاحتلال ويعانون من ممارساته، ويقاسون من سياساته.

 

لا تنعكس الخلافات الفلسطينية وتناقضاتهم الداخلية، على نفسية الموالين لهم والمؤيدين لقضيتهم، والمؤمنين بها والمضحين في سبيلها، والمتمسكين بها كأهلها وحسب، وإنما تمتد آثارها السلبية إلى قطاعٍ من الأمتين العربية والإسلامية، على المستويين الرسمي والشعبي، الذين رأوا أن الفلسطينيين لا يحترمون قضيتهم، ولا يسعون لخدمة شعبهم، ولا تعنيهم صورتهم، ولا يقلقون على مستقبلهم، ولا يتفقون فيما بينهم إكراماً لشعبهم ووفاءً له، وسعياً لراحته وتقديراً لتضحياته، وَهَمُ قيادتهم الأول بكل مستوياتها واتجاهاتها، المكاسب والمصالح، والمنافع والامتيازات، في الوقت الذي يتضور فيه شعبها جوعاً، ويقاسي ألماً، ويشكو حصاراً، ويكتوي أبناؤه أسراً واعتقالاً، وإصابةً وإعاقةً، وشهادةً وغياباً.

 

وجد بعض المتخاذلين من العرب، أنظمة حكمٍ ورجال سياسة، ونخباً اجتماعية وثقافية، ورموزاً فكرية وإعلامية، وقاماتٍ رأسمالية واقتصادية، ضالتهم المنشودة في التقارب مع العدو الإسرائيلي، والاعتراف به والتطبيع معه، في الحالة الفلسطينية المزرية، وواقعهم المهين، وصراعهم المخزي، وصورتهم المشوهة، التي يتحمل الفلسطينيون كامل المسؤولية عنها، فهم من صنعها ورسمها، وهم من فرضها وعرضها، وإن كان هذا لا يبرر للآخرين سقوطهم وترديهم، ولا يجيز لهم أفعالهم الأخيرة التي تتناقض مع قيمنا، وتتعارض مع موروثاتنا، ولا تتفق مع ديننا وتقاليدنا، فضلاً عن أنها تعود بالضرر الشديد على أمننا وسلامتنا واستقرار أوطاننا، وتهدد اقتصادنا وتنهب خيرات بلادنا.

 

يتحمل الفلسطينيون وحدهم ما آلت إليه أوضاع بعض أنظمتنا العربية، وانهياراتها القومية، وتصدع جدرانها التاريخية، وتغير مزاج شعوبها الأصيلة، وانفضاض بعضها من حولنا، وقد كانوا جميعاً أنظمةً وشعوباً معنا، يساندوننا ويؤيدوننا، ويحملون مواقفنا ويدافعون عنا، ويتطوعون معنا ويقاتلون إلى جنبنا.

 

لكن سوء أداء القيادة الفلسطينية، سلطةً وقوىً وأحزاباً، والصورة المشوهة التي أظهروها، والتضارب الوطني المشين، والتناقض الحزبي البغيض، والتراشق الإعلامي المهين، والسقوط الأمني المخزي، الذي يترجم على الأرض تنسيقاً أمنياً لا معنى له غير العمالة والخيانة، والتبعية والانقياد، يزيد في تشوه الصورة الفلسطينية واتهام قيادتها، ويظهرها عابثةً غير مسؤولة، ومهملة غير جادة، وشخصانية أكثر مما هي وطنية، وهو الأمر الذي جرأ البعض على الحرام، ودفعهم نحو الخبيث، وزين لهم الفحشاء والمنكر، وبرر لمن فرط وتخاذل، واعترف وطبع، رغباتهم الوضيعة وأمانيهم المريضة في التخلي عن القضية الفلسطينية، والنأي بأنفسهم عنها، ومصادقة العدو والاعتراف به، والتعاون معه.

 

يسوغ هؤلاء لأنفسهم، بجهالةٍ وقلة وعي، وضحالة فكرٍ ونقصٍ في التجربة، بحجة الواقع الفلسطيني السيئ، التوغل أكثر في التطبيع مع العدو في كل المجالات وعلى كل المستويات، دون أدنى إحساس بالحرج أو الخجل، أو بالعيب والخيانة، وحجتهم في ذلك أن أصحاب القضية فرطوا، وهم اعترفوا، ومع العدو نسقوا، وبه اجتمعوا، ومعه عملوا، وله قدموا، وفي مشروعه ساهموا، وفي أجهزته ومؤسساته تطوعوا.

 

فإلامَ يُعابون ويُعاتبون، ولماذا يُخَونون ويُتَهمون، وهم الذين تأخروا في الاعتراف والتطبيع، ولم يعجلوا به أو يسرعوا إليه، بينما سبق الفلسطينيون واعترفوا، وهم أصحاب القضية والشأن، وأهل المعاناة والكرب، وهم الذين ضربوا للجميع مثلاً، وكانوا لغيرهم أسوةً، إذ قبلوا بالتوقيع والاعتراف، والسلام والاتفاق، قبل أكثر من ثلاثين سنة، وما زالوا على عهدهم، يحافظون على اتفاقياتهم، ويصرون على تطبيعهم، ويمعنون في التعامل مع عدوهم بما يريد وكيف يريد، بل يعاقبون من يخرج على الاتفاق، ويعتقلون من يمس أمن العدو ويهدد مصالحه، وسجونهم على ذلك شاهدة، وسجلات شعبهم ضدهم تفضحهم وتكشف أسرارهم.

 

قد يكون من حقنا أن نلوم غيرنا، وأن نعتب على سوانا، وأن ننتقد أفعالهم ونغضب من سلوكهم، ونغتاظ من سياساتهم، ونتهمهم بالتخلي عنا والانقلاب علينا، ولكن علينا قبل ذلك كله أن نحاسب أنفسنا، وأن نراجع سياستنا، وأن نصلح ما أفسدنا، ونصحح ما أخطأنا، وأن نعيد رسم قضيتنا وعرض مشكلتنا، وأن ننهج بيننا سياسةً حكيمةً، تنهي الخلافات، وتقضي على الصراعات، وتؤسس للوحدة والاتفاق، والتعاون والتكامل، ونمنح شعبنا العظيم، المضحي المعطاء، الصابر الصادق، فرصةً للعيش الكريم والحياة الآمنة المستقرة، فلعله يشكو أيضاً من سوء الإدارة، وانحراف القيادة، وغياب الثقة، وفقدان الصدق والنزاهة.

بيروت في 20/11/2021

moustafa.leddawi@gmail.com

--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To unsubscribe from this group and stop receiving emails from it, send an email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
To view this discussion on the web visit https://groups.google.com/d/msgid/alfikralarabi/CA%2Bk3OjgoeowctQUethYcAROcD5-QrW9qHRmq9Yihw_3qLZ%3DgxQ%40mail.gmail.com.

Monday, 15 November 2021

{الفكر القومي العربي} سماءُ غزةَ ملبدةٌ بالطيرانِ الحربي الإسرائيلي

سماءُ غزةَ ملبدةٌ بالطيرانِ الحربي الإسرائيلي

بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

يتساءل أهل قطاع غزة، ومعهم المراقبون لأوضاعهم والمتابعون لشؤونهم، عن سر أسراب الطائرات الإسرائيلية، التي تجوب الآفاق وتحلق في سماء القطاع، وتكاد لا تغيب ساعةً في الليل والنهار، وكأنها أجواء حربٍ وشيكةٍ، أو عشية معركة قريبةٍ، تذكر الفلسطينيين بسماء القطاع خلال حرب أكتوبر عام 1973، التي حجبتها الطائرات الحربية الإسرائيلية والأمريكية، ونشطت فيها على مدى الساعة، رغم أن تحليقها كان حينها خوفاً وقلقاً، وصداً ومنعاً لأي انهياراتٍ جديدةٍ على الجبهات، التي تقدمت فيها الجيوش العربية محققةً انتصاراتٍ حقيقيةٍ، وانكفأ خلالها الجيش الإسرائيلي مصاباً بنكسةٍ ومهدداً بهزيمةٍ شاملةٍ، وقد كاد أن ينسحب ويتراجع إلى العمق شمالاً، لولا التدخل الأمريكي المباشر، والتراجع العربي المفاجئ.

 

قد لا يشبه اليوم البارحة أبداً إلا في سماء القطاع، فلا حرب معلنة، ولا معركة متوقعة، ولا جبهات مشتعلة، إلا أن الطائرات الإسرائيلية التي ملأت السماء، وأزعج أزيزها السكان، وأقلق صوتها المواطنين، أخذت تحلق على ارتفاعاتٍ مختلفةٍ، منخفضةٍ وعاليةٍ، تقترب من أهداف متوقعة، وترتفع إلى أجواء عاليةٍ، في ظل تصريحاتٍ عامةٍ، لعددٍ من قادة أركان جيش العدو وكبار ضباطه، أن الجبهة الجنوبية تشهد هدوءً غير معهودٍ، وتتمتع بسكونٍ واستقرارٍ لم تشهد مثله منذ سنواتٍ طويلةٍ، فلا إشارات تدل على قرب انفجار الأوضاع وتدهورها، بل إن الاستعدادات الجارية لجملة التسهيلات الاقتصادية المتوقعة، تؤكد أن الهدوء على الجبهات حقيقي، وأن الاستقرار على جانبي الحدود مطمئن.

 

يسأل الفلسطينيون عامةً ومسؤولين، الذين يراقبون السماء، ويرفعون رؤوسهم قبلتها فيرونها ملبدة بغموضٍ غير معروفٍ، ومسكونةً بحركةٍ غير مفهومةٍ، ما سر أسراب الطائرات، وما الذي تريده بطلعاتها، وماذا تحقق خلال تجوالها، وماذا تهدف من نشاطها الملحوظ، وحركتها المكشوفة، وأصواتها التي يعرفها السكان ويميزونها، فحركة الطيران غير عادية، ونوعية المسيرات متطورة وحديثة، وقد فاقت مستوى نشاطها المعتاد، وطالت ساعات تحليقها واتسعت مساحة انتشارها، وهي ليست ضمن مناورة معلنة، أو جزءً من تدريباتٍ يوميةٍ للجيش الإسرائيلي وقطاعاته المختلفة، ولا تصاحبها تصريحاتٌ سياسية أو تجهيزاتٌ على مستوى الجبهة الداخلية.

 

لا يستبعد الفلسطينيون أبداً أن تكون هذه الطلعات المكثفة تمهيداً لعمليةٍ عسكريةٍ واسعةٍ ضد إحدى الجبهات في الجنوب أو الشمال، في فلسطين أو لبنان، أو تستهدف مراكز قريبةً في سوريا، أو أهداف بعيدة في إيران، فأرادت هيئة أركان جيش العدو أن تكون قواتها جاهزة، وطيرانها مستعداً، وقرارها صادراً، ليكون قادراً على توجيه ضرباتٍ استباقية أو عقابية ضد أهدافٍ "معادية" أينما كانت، وبما لا يسمح للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة بالمبادرة أو الهجوم، وهذا الأمر ليس بمستبعدٍ أو غريبٍ عن عدوٍ غادرٍ، خبيثٍ ماكرٍ، اعتاد على المعارك والحروب، ونشأ على الغارات والمفاجئات، واستمرأ البغي والعدوان.

 

لكن بعض المراقبين الفلسطينيين، الذين يدركون عقلية العدو الصهيوني ويعرفون تفكيره، ويدرسون سلوكه ويفهمون سيكولوجيته، يرون أن هذه الأجواء تذكرهم بنشاط الطيران الإسرائيلي الاستطلاعي المسير، الذي نشط عشية الاتفاق على صفقة وفاء الأحرار "1"، عندما استعظم العدو الثمن الذي أجبر على دفعه، وشعر بأنه ملزم بالإفراج عن مئات الأسرى والمعتقلين، الذين دأب على صفهم بأن "أيديهم ملوثة بالدماء"، وأنه من المستحيل الإفراج عنهم وإطلاق سراحهم، فنشطت أجهزته الأمنية، مستخدمةً أحدث الطائرات الاستطلاعية، تصور وتسجل، وتراقب وتتابع، علها تصل حينها إلى الأسير الإسرائيلي جلعاد شاليط قبل إتمام الصفقة، فيفرجون عنه بلا ثمن، ويستعيدونه بلا ندمٍ أو ألمٍ.

 

يعتقد المراقبون للسلوك الإسرائيلي بنوعٍ من المقارنة والتشبيه، أن الأجواء العامة في قطاع غزة، تشبه تلك التي كانت سائدة قبيل تنفيذ صفقة وفاء الأحرار "1"، الأمر الذي يعني أن صفقة وفاء الأحرار "2" قد باتت وشيكة أو قريبة، أو أنها قد تمت بصمتٍ وأبرمت بهدوءٍ، أو أنها أصبحت جاهزة للتوقيع والتنفيذ، ولم يبق منها سوى الإعلان والتنفيذ، فأراد العدو أن يستخدم آخر أوراقه، ويستغل آخر فرصه، عله ينجح في استعادة جنوده الأسرى الأحياء، ورفات الأموات، في الدقائق الأخيرة المتبقية، وفي الوقت المستقطع ما قبل إعلان نهاية التفاوض، وعلى ما يبدو ومن خلال التجربة، أنه سيبقى يحاول حتى اللحظات الأخيرة، وهو ما تدركه المقاومة وتعلمه، وما تعمل على إفشاله وإحباطه.

 

أم أن العدو بطيرانه الكثيف وطلعاته النشطة، يقوم فقط بتجديد بنك أهدافه، وتحديث معلوماته، وإعادة ضبط إحداثياته، ويريد إرباك المقاومة وإشغالها، وحرفها عن نشاطها وتعطيل مخططاتها، وتبديل أولوياتها، وإفشال مشاريعها، وقد علم يقيناً أنها لم تعد سهلة أو ضعيفة، ولا مترددة أو مهزوزة، ولا مقيدة أو محدودة، بل باتت قوية وقادرة، وحازمة وماضية، ولديها القدرة على أن تؤذيه وتؤلمه، وأن تصيبه وتوجعه، فعزم على تحديد عوامل قوتها ورصد مكامن تفوقها، تمهيداً لضربها، واستعداداً لمهاجمتها.

 

لا ينبغي علينا أن نستبعد أياً من الخيارات أو الاحتمالات، فهذا عدوٌ غادرٌ شرسٌ، خبيث ماكرٌ، تاريخه حافلٌ وسجله الأسود زاخرٌ، فقد يفاجئنا بما لا نتوقع، وقد يصدمنا بما لا نحسب، فالحرب معه محتملة، والعدوان منه متوقع، ومحاولات التجسس والتصوير، وجمع المعلومات والتسجيل، قائمة ولا تتوقف، فلا نغمض عيوننا ولا تغفل قواتنا، ولا نركن قليلاً ونهدأ، ولا نفقد حذرنا ونتخلى عن سلاحنا، بل ينبغي علينا أن نبقى يقظين حذرين، واعين ومنتبهين، فلا يباغتنا العدو، ولا ينكث غزلنا الذي قضينا العمر ننسجه، ونبني عليه آمالنا ونترقبه، فأسرانا ينتظرون، وأهلهم يتطلعون، وأطفالهم إلى عيون آبائهم يرنون، فلا نلتفت إلى ما يشغلنا عن هدفنا، ولا نسمح لعدونا أن يأتينا من حيث لا نحتسب.  

بيروت في 16/11/2021

moustafa.leddawi@gmail.com

--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To unsubscribe from this group and stop receiving emails from it, send an email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
To view this discussion on the web visit https://groups.google.com/d/msgid/alfikralarabi/CA%2Bk3Ojj94dj40oQQqbfJrrzV%3DVEOaQw1rAHBajeKAxCEvkxg1Q%40mail.gmail.com.

Sunday, 14 November 2021

{الفكر القومي العربي} حربٌ يهوديةٌ مسعورةٌ على المقابرِ والمقاماتِ الإسلاميةِ

حربٌ يهوديةٌ مسعورةٌ على المقابرِ والمقاماتِ الإسلاميةِ

بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

فيما يبدو أنه أوسع هجمةٍ وأكبر اعتداءٍ مقصودٍ ومنظمٍ، يقوم به المستوطنون الإسرائيليون وحكومتهم على المعالم العربية والإسلامية في فلسطين المحتلة، فقد تكرر قيام مجموعاتٍ كبيرةٍ من المستوطنين اليهود، ومعهم جنودٌ من جيش الاحتلال مدججين بالأسلحة، ورجال الشرطة وعناصر بلدية القدس، المزودين بتعليماتٍ صارمةٍ وقاسيةٍ، بالانتشار في محيط المسجد الأقصى وأرجائه، ومداهمة المقابر والمقامات الدينية في أنحاء المدينة، وذلك بعلم وموافقة الحكومة، ومباركة الجيش وقيادة الشرطة، الذين يقومون على حراسة المستوطنين وحمايتهم، وتسهيل مهمتهم ورعاية جريمتهم، والاعتداء على الفلسطينيين ومنع مقاومتهم، والتصدي لهم وإطلاق النار عليهم في حال دفاعهم عن مسجدهم ومقدساتهم، وقبورهم ومقاماتهم.

 

يتعمد الإسرائيليون حكومةً ومستوطنين الاعتداء على حرمة المقابر، ويقصدون شطبها وإزالتها، وتجريفها وإنهاء وجودها، فهي شاهدٌ على وجود الفلسطينيين، ودليلٌ على عمق تاريخهم وأصالة انتمائهم، وهي وشيجة قربى ومشاعر وصلٍ، وهي رموز عقيدة راسخةٍ وشواهد وطنٍ عتيدٍ، تثير الشجون وتحرك المشاعر، وتعمق الانتماء وترسخ الوجود، فتراهم لغايةٍ يعلمونها ولهدفٍ يريدونه، يجوسون خلالها تخريباً وهدماً وتدميراً، فيكسرون الشواهد، ويهدمون القبور ويجرفونها، ويخلعون الأشجار الصغيرة ويقتلعون الأعمدة واللوحات المنصوبة، ولا يبقون فوق الأرض أو تحتها على أي شيءٍ يدل عليها، أو يشير إلى بقايا الوجود وأصل الأثر.

 

لا يستعدي الإسرائيليون الفلسطينيين الأحياء فقط، وإن كانوا يقولون أنه لا يوجد فلسطيني جيدٌ إلا الفلسطيني الميت، ومع ذلك فإنهم يكرهون الفلسطينيين الأموات كما يكرهون الأحياء، ويحاربون الأموات كما يحاربون الأحياء، ويهدمون القبور كما يهدمون البيوت، ويجرفون المقابر كما يجرفون كروم العنب وأشجار الزيتون، ويدمرون الشواهد كما يشطبون أسماء المدن والبلدات العربية، وينكرون وجود الأجداد والأصول العريية، كما يزورون التاريخ ويشوهون الحقائق، ولعل من الأموات العرب والمسلمين المدفونين في أرض فلسطين، من يستفزهم اسمه، ويزعجهم قبره، ويغضبهم ذكره، ويخرجهم عن طورهم إطلاق اسمه على الشوارع والمدارس، والمشاريع والمساجد.

 

يتطلع الإسرائيليون لإخراج الفلسطينيين من أرضهم، وطردهم من ديارهم، ومنع عودتهم إليها أو مشاركتهم فيها، لكنهم يعملون أيضاً لاستخراج الفلسطينيين الموتى من القبور، وإخراج ما بقي فيها من عظام، وهدم المقامات التي تحمل اسمهم وتحفظ ذكرهم، فحلمهم الدائم أن يجعلوا فلسطين خالصةً لهم وحدهم، فلا يشاركهم فيها أحدٌ من الفلسطينيين سواء كانوا أحياءً فوق الأرض أو أمواتاً تحتها، فهم يحسبون حساب الشهداء ويخافون منهم أكثر، وكأنهم ما زالوا أحياءً يتصدون لهم، وأبطالاً يقاتلونهم، وأشباحاً يطاردونهم، فهم كانوا ولا زالوا يبعثون فيهم القلق، ويزرعون في نفوسهم الخوف، ويهددون وجودهم، ويستهدفون هويتهم المزورة وتاريخهم الكاذب.

 

صبت سلطات الاحتلال الإسرائيلي جام غضبها وعنيف سياستها على المقابر المقدسية عموماً، فاستهدفت العديد منها واستولت على أرضها، وما زالت تخطط لتجريف ما بقي منها، ولكنها اختصت بمخططاتها العدوانية ومشاريعها التوسعية، المقبرة اليوسفية الإسلامية، ومقبرتي باب الرحمة ومأمن الله، وبدأت اعتداءاتها بهدم أسوارها، وزحفت نحو قبورها، وصادرت أرضها، ومنعت تمددها وأوقفت الدفن فيها، وأعلنت عن مخططاتها باستخدام أراضيها في المشاريع التهويدية، رغم أنها تعلم أن هذه المقابر تتبع وزارة الأوقاف الأردينة، التي تشرف عليها وتنظم العمل فيها، علماً أنه يوجد في المقبرة اليوسفية الإسلامية، التي يزيد عمرها عن ستمائة عامٍ، مقابر لمئات الشهداء الأردنيين.

 

ليست قيمة المقبرة اليوسفية الإسلامية، المشادة على أرضٍ مساحتها 4000 متراً مربعاً، في مقام الأموات المدفونين فيها، ولا بالشهداء المنتشرين في رحابها، ولا بصرح الشهيد المشاد في وسطها، وإنما قيمتها في قدمها العميق وتاريخها الممتد لمئاتِ السنين، حيث يعود تاريخ إنشائها إلى الدولة الأيوبية، التي أولت القدس والمسجد الأقصى اهتماماً خاصاً ورعايةً كبيرةً، وحرصت الدول الإسلامية التي سادت بعدها على الاهتمام بها والحفاظ عليها، فقد شكلت لهم هويةً وانتماءً، يزورون فيها أجدادهم، ويجددون العهد معهم، ويؤكدون على البيعة المقدسة التي كانت معقودةً في أعناقهم، ليحفظوا الأمانة، ويصونوا البلاد ويكرموا العباد، ويقيموا العدل بينهم، وينشروا السلام في ربوعهم.

 

يريد الإسرائيليون بالعدوان على مقابرنا والاعتداء على مقاماتنا، خلع جذور العرب والمسلمين من المدينة المقدسة، ليبنوا مكانها ما يسمونه بــــ"الحدائق الوطنية"، ضمن مشروعاتٍ كبيرة لتوسيع حدود مدينة القدس على حساب حقوق سكانها الفلسطينيين، ولا يرى الاحتلال في انتهاكه لكرامة الأموات ومساسه المهين بمكانة الشهداء ورمزيتهم، أي عيبٍ أو غضاضةٍ، أو عدوانٍ أو مهانةٍ، بينما يقدس أمواته، ويحفظ رفاتهم، ويصون قبورهم، ويتبرك بمقاماتهم، ويحرص على تسوير مقابره وحرستها، والاعتناء بها ونظافتها.

 

قبورنا في هذه المقابر وغيرها قبورٌ حقيقيةٌ، فيها رفات الآباء والأجداد، والقادة والحكام، والصحابة والصالحين، والشهداء القدامى والمعاصرين، وهم جميعاً معروفون بالأسماء والصفات، ومبينٌ على شواهدها وفي سجلاتها الرسمية، تاريخ وفاتهم وسير حياتهم، بينما يقوم اليهود في المدينة المقدسة وحولها، بحفر قبورٍ وهمية، وبناء مقاماتٍ كاذبةٍ، لا أصل لها ولا رفات فيها، ولعل بعضهم مدفونٌ في أماكن أخرى معروفة ومعلومة، ولكنهم يكذبون ليزوروا التاريخ، ويخدعون أنفسهم وغيرهم بأصالة انتمائهم وقديم وجودهم، رغم يقينهم أن وجودهم طارئ، وملكهم عابرٌ، وتاريخهم في المدينة متقطع، وهو في أغلبه في ظل الدولة الإسلامية ورعايتها.

 

لا نستخف أبداً بالهجمة الإسرائيلية على مقابرنا العريية والإسلامية، ولا بعدوانهم المقصود على مقاماتنا، فهم يريدون طمس وجودنا، وشطب هويتنا، وإلغاء حاضرنا، ونزعنا من ماضينا، وفصلنا عن تاريخنا، ضمن مخططٍ كبيرٍ وشاملٍ، ومشاريع خطيرة واستراتيجية، لتهويد المدينة المقدسة، وصبغها بالروح التوراتية القديمة، والهوية اليهودية التاريخية، وعليه فلنعلم أننا بدفاعنا عن أمواتنا، وبحفاظنا على رفات ومقابر شهدائنا، إنما ندافع عن حاضرنا ومستقبلنا، ونحمي أنفسنا وأجيالنا، ونصون هويتنا ونحفظ كرامتنا.

 

بيروت في 14/11/2021

moustafa.leddawi@gmail.com

--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To unsubscribe from this group and stop receiving emails from it, send an email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
To view this discussion on the web visit https://groups.google.com/d/msgid/alfikralarabi/CA%2Bk3OjgyVOnCOZA2UJYNpMSg%3Dqqmar_bFtBt5Y3dNBGm9YeA%3DA%40mail.gmail.com.