Thursday, 24 May 2012

{الفكر القومي العربي} Fw: رأي |مراجعة الفكر الديمقراطي /د. علي محمد فخرو



في اللحظة الرَّاهنة تجري مراجعة عميقة، عبر العالم كلًّه، للكثير من المسلًّمات والشعارات السَّابقة. من بينها مراجعة لموضوعي الديمقراطية والرأسمالية.
بالنسبة للديمقراطية أصبح واضحاً أن الكلمة تحتاج عند ذكرها أن ترافقها صفات تحدِّد مجالاتها والشروط التي تحكمها...
لقراءة بقية المقال قم بزيارة موقعنا الإخباري:
http://www.achiraa.info

رأي |مراجعة الفكر الديمقراطي /د. علي محمد فخرو

الخميس, 24 أيار 2012 
(0 أصوات)

في اللحظة الرَّاهنة تجري مراجعة عميقة، عبر العالم كلًّه، للكثير من المسلًّمات والشعارات السَّابقة. من بينها مراجعة لموضوعي الديمقراطية والرأسمالية.
بالنسبة للديمقراطية أصبح واضحاً أن الكلمة تحتاج عند ذكرها أن ترافقها صفات تحدِّد مجالاتها والشروط التي تحكمها. فمجال الديمقراطية ليس السياسة فقط وإنما الاقتصاد أيضاَ. الديمقراطية السياسية تعالج شرعية وأدوات بناء سلطة الحكم، من حكم منبثق من إرادة ورضى المواطنين إلى انتخابات حَّرة نزيهة ممثٍّلة لكلٍّ مكوٍّنات المجتمع الى استقلالية وفصل للسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية الى تشريعات تنظيم الحريات والعلاقات والمؤسسات.
لكن الديمقراطية السياسية تحتاج أن تسير جنباً إلى جنب مع الديمقراطية الاقتصادية من توزيع عادل للثروة إلى مساواة في الفرص المعيشية إلى توفُّر الحدود المعيشية الدنيا لكل فرد لكي يعيش بكرامة ودون أيٍّ نوع من التهميش أو الإقصاء.
إضافة فان الديمقراطية السياسية والديمقراطية الاقتصادية تحتاجان الى شرط أساسي يحكم مسيرتهما وهو شرط العدالة كمفهوم ديني عند البعض أو فلسفي أخلاقي عند البعض الآخر. السَّيرورة الديمقراطية التي لا تحكمها مفاهيم العدالة والإنصاف والقسط والميزان لايمكن إلاُ أن تنحرف في النهاية وتتشوَّه.
دعنا نأخذ مشهدين في عالمنا الحالي. ففي بلدان أمريكا الجنوبية التي ناضلت سنين طويلة ضدُّ الدكتاتوريات وانتقلت إلى حدٍّ ما إلى الديمقراطية أدركت منذ البداية أن ديمقراطيتها السياسية يجب أن تصاحبها الديمقراطية الاقتصادية فحقَّقت في بضع سنين، بنسب متفاوتة بالطبع، إنجازات مشهودة من مثل تقليل نسبة الفقر بما يزيد عن الثلاثين في المائة والخروج من دوَّامة التضخُّم المجنون الذي اشتهرت به كل دول أمريكا الجنوبية عبر عقود طويلة من الزًّمن وإنزال نسبة ديون دولها والمحافظة على نسبة نمو اقتصادي سنوي يقارب الستة في المائة. في هذه الأجواء تحسَّنت الإنتاجية من خلال تعميم وتحسين للتعليم والتدريب.
لنقارن ذلك بدول الغرب الرأسمالية الرئيسية من مثل الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي إن هذه الدول الديمقراطية العريقة ظلت عبر سنين طويلة تعطي اهتماماً كبيراً ومستمراً بالجانب السياسي من الديمقراطية، بينما ظلًّ الاهتمام بالجانب الاقتصادي متذبذباً خاضعاً لمعطيات الظروف. بعد الحرب العالمية الثانية، وخوفاً من انتقال عدوى الفكر الشيوعي إليها، أعطت الكثير من دول الغرب ذات الحكم الديمقراطي السياسي اهتماماً ببناء نوع معقول من دولة الرعاية الاجتماعية التي عوَّضت إلى حدٍّ ما عن عدم الالتزام بمتطلبات الديمقراطية الاقتصادية. لكن طبع الرأسمالية المتوحٍّشة الظالمة عاد في ثمانينات القرن الماضي تحت راية الليبرالية الجديدة التي في قلب ممارستها فصل تعسُّفي بين الديمقراطية السياسية والديمقراطية الاقتصادية. إضافة لذلك جاءت الموجة العاتية من العولمة غير المنضبطة فدخل الغرب الديمقراطي في أزمته الاقتصادية المالية الكبرى التي يعيشها الآن. والنتيجة هي ما نراه أمامنا : مظاهرات تملأ ساحات عواصم ومدن الغرب تطالب بالإنصاف، زيادة في عدد الفقراء والمهمشين، دول مهدَّدة بالإفلاس بسبب الديون، بطالة متفاقمة، تقشُّف على حساب الضعاف والمهَّشين، وغير ذلك كثير.
مهما حاول الإنسان أن يفلسف ذلك المشهد فانه يصل إلى نفس النتيجة: عندما تفصل الديمقراطية السياسية عن الديمقراطية الاقتصادية تصبح الأولى نظاماً عاجزاً عن حلٍّ المشاكل الوجودية للمجتمعات وساكنيها.
هذا التًّباين في المشهدين وفي النتيجتين يجب أن يعيه جيداً من سيحملون أمانة الحكم في مجتمعات ما بعد ثورات الربيع العربي. وإذا كان لا بدً لشباب الثورات من أخذ دروس في الديمقراطية فليأخذوه من بعض دول أمريكا الجنوبية. أما الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي فليس لديها ما تعطيه حالياً بعد أن ظلًّت لسنين طويلة تحلم بإمكانية وجود ديمقراطية سياسية لا تضبط ولا تلجم ولا تتحكَّم في النظام الاقتصادي الرأسمالي لتجعله نظاماً اقتصادياً ديمقراطياً يلتزم بقواعد العدالة والتساوي المعقول الإنساني في الفرص والثروات والتذكُّر الدائم بأن الأرض ما خلقت من أجل البعض، وإنما من أجل الكل.
منذ يومين كنت أحضر مؤتمراً دولياً ولفت نظري أن المتحدٍّث المنتمي لإحدى دول الغرب الرأسمالية ذكُّر الجميع بأن شعار الاشتراكية يجب أن يبحث من جديد وأن الساحة لم تعد محصورة لشعار الرأسمالية فقط. أيُ تغيًر هائل نراه أمامنا وأيً درس يجب أن نعيه.
إقرأ 12 مر

No comments:

Post a Comment