Wednesday, 31 October 2012

{الفكر القومي العربي} المسألة السورية والتحديات الجديدة

     المسألة السورية والتحديات الجديدة
             بقلم :  حسين الربيعي
 
قد تكون الفترة المقبلة بالنسبة لمفردات الأزمة السورية ، الأكثر خطرا .. بل هي الأكثر خطراً بشكل حقيقي ، إذ ان بعض ما يمكن تسميته "تراجعات" في جانب الأعداء ، تلك التراجعات التي فرضتها عوامل عدة سنأتي على ذكرها لاحقا ، إنما تعني تغييرا في سياسة ومخطط المؤامرة وليس نهايتها .. فالمؤامرة مستمرة بأستمرار الثبات على الأهداف الوطنية والقومية ، فما نسميه تراجعات من جانب الأعداء فرضته قوة المواجهة السورية ، فإن ذلك لايعني أستسلام العدو ، بل وصوله لحالة جديدة أضطرته للبحث عن تعديل او تعديلات لتنفيذ مخططاته وأجندته ، ولهذه التعديلات أسبابها .. ومن تلك الأسباب كما نعتقد :
1 ـ انشغال الإدارة الأمريكية  بالأنتخابات الرئاسية ، التي لاتسمح بالمغامرات السياسية والعسكرية أثنائها .
2 ـ الأنهيارات المتعددة في صفوف المسلحين ، وهبوط معنويات مرتزقيها ، وتفشي الخلافات والصراعات بين فصائلها التي زادت من حجم خسائرها ، والمقدرة الفائقة  لقوات الجيش العربي السوري ، وألتفافها خلف قيادتها السياسية  .
 3 ـ ضعف الأندفاع من قبل بعض الداعمين .. فإن مايبدو ، إحباطات .. وصلت لدرجة الأقتناع بالهزيمة ، ما أدى إلى الأمتناع .. او التريث والتقليل على اقل تقدير في تمويل المؤامرة ، كما إن حسابات أخرى ، بينت مخاطر التغاضي عن تحركات الأخوان والحركات المتطرفة لعلاقاتها بـ "المعارضة السورية المسلحة" ، فبعض النشاطات السياسية للأخوان في دولة الإمارات .. والنشاطات السياسية للأخوان والمسلحة للحركات السلفية والوهابية في الأردن ، خلقت مخاوف من تعاظم دور هذه التيارات إذا ما نجحت مفردات المؤامرة في سورية وسيطرتها على الحكم "لاسامح الله" على غرار ما حدث في ليبيا وتونس .. ومصر أيضا ، إذ تصدر إيحاءات للنأي "بالنفس" خوفا من التأثيرات الممكنة لأي نجاح تحققه هذه الحركات في الساحة السورية المجاورة  .
4 ـ تصاعد المواجهة الشعبية العربية ، ضد القوى السلفية والوهابية والأخوان المسلمين التي صعدتها وساندتها قوى الأستكبار العالمي والرجعية العربية الخليجية ، كما هو في ساحات مصر وتونس واليمن .
5 ـ تصاعد الحراك الشعبي العربي ضد حكومات الخليج وأسر الأنظمة ، كما هو في البحرين والسعودية والكويت ايضا والخوف من انتشار الحراك الشعبي المطالب بالتغيير والديمقراطية .
6 ـ الخوف من أنتشار ظاهرة المد "الأخواني" في إمارات الخليج ، كما هو في الإمارات والكويت .
7 ـ العزلة السياسية الشعبية للأنظمة السالكة في مضمار التآمر على سورية ، كما هو في تركيا ، ووقوف الشعب التركي إلى جانب شقيقه الشعب والحكومة السورية .
8 ـ تصاعد الدور الأيراني في المجال المقاوم ، كما تبين في طائرة "ايوب" ، والخوف من توسع دوائر تحالفاته الأقليمية ، مما يبرر الهجوم الصهيوني على السودان واستهداف احد مصانعه الحربية ، والذي يمكن ان يحسب في إطار إعادة الثقة للصهاينة بعد طائرة ايوب .
9 ـ تزايد وتوسع التحالف الدولي المناهض للسياسة الأمريكية ، بزعامة روسيا والصين .
10 ـ قوة ورصانة الموقف السوري في مجالات متعددة .. عسكرية واقتصادية ، وتوسع القاعدة الشعبية المؤيدة للموقف الحكومي مقابل تضاؤل شديد في "التأييد" الشعبي للعصابات الإجرامية ، بعد إنكشاف حقيقة إنحرافاتها.  
هذا بعض ما كان من اسباب طلب الهدنة من قبل المبعوث الأممي ، ووقف إطلاق النار ولو تحت سقف عيد الأضحى ، ومن الضروري لفت النظر هنا إلى أن التغيير في لهجة الأطراف المعادية ، والتي كانت ترفض بشكل قاطع كل انواع الهدنة ، فيما يعبر في دواخل كل حريص على سلامة سورية ، عن خوف من مكر ، يراد من خلاله إعادة الثقة للعصابات بأستخدام الهدنة في العودة لبعض المناطق التي تم تحريرها من قبل الجيش العربي السوري ، لأستخدامها كمناطق "آمنة" للأرهابيين والمسلحين ، على نفس الطريقة التي أقيمت فيها ، المنطقة الأمنة في شمال العراق "كردستان" ، وقد بينت تجربة الهدنة صحة هذا الخوف ، فالمقال كان قد كتب قبل عيد الأضحى وجاء إعلان الهدنة واختراقها من قبل "المعارضة المسلحة" إن هذه المعارضة لايمكن الأقتناع بصدق عهودها ووعودها لأنها ليست سوى أدوات تنفيذ لقرارات تصدر اليها من الحلف الصهيو امريكي المعادي لسورية والأمة العربية .
مع هذه الملاحظات ، هناك أستعدادات في الساحات المجاورة لسورية .. العراق : إعدادات واسعة لتشكيل ما يسمى بالجيش الحر ، تصادف معها تصاعد في العمليات الإرهابية ، ويمكن ايضا إضافة عمليات تفتيش الطائرات العابرة للأجواء العراقية بأتجاه الأجواء السورية ضمن حلقات تلك الإعدادات إذ ان عمليات التفتيش هذه تجري بعيدا عن اي تغطية شرعية او دولية .
الأردن : وكما نوهنا إلى تصعيد في نشاطات القوى الدينية الإسلامية المتطرفة .
لبنان : تواصل التصعيد السياسي والطائفي وتزايد وتائره مع كل فشل لمحاولات جر المقاومة اللبنانية والقوى الوطنية للصراع الداخلي , بغية نشر الفوضى التي تسمح بدعم العصابات المسلحة في سورية والسعي لإنقاذها من الهزيمة التي تلاحقها وأستدامة مشروعها بغية استهداف الطاقات السورية الداعمة الأولى للمقاومة .
تركيا : السماحات المفرطة وغض النظر عن أستخدام الأراضي التركية لتمويل وتجهيز العصابات المسلحة بالسلاح والمسلحيين المرتزقة من مختلف المصادر والجنسيات ، والسماح ـ رغم التكذيب الرسمي ـ لتواجد قوات أمريكية ، ومسؤلين من دول اخرى .. عسكريين ومدنيين في إطار دعم العصابات المسلحة .
وعلى صعيد القوى السياسية العربية : زيادة التصدع في الحركات الوطنية العربية ، عن طريق شخصيات تلاحقهم علامات استفهام عديدة ، تمكنوا من تصدر الزعامة في بعض هذه الحركات.
ومن الملفت للأنتباه في الجانب الدولي ، السعي الدؤوب للحكومة الفرنسية بزعامة هولاند ، على إقامة ما تسميه "المناطق الأمنة" على غرار ما فعلته فرنسا وسعى اليه آنذاك الرئيس الفرنسي ميتران ، من إقامة المنطقة الأمنة في شمال العراق ـ خط العرض 32 ـ التي أدت لقيام سلطة منفصلة عن الحكومة الأتحادية ، والغرض فيما يبدو من خلال تورط بعض الأطراف الكردية الشوفينية من حلفاء تركيا في سياق العمليات المسلحة داخل سورية وإقامة ما يسمى "بيشمركة غرب كردستان" .
وعليه فإن المرحلة القادمة تتطلب وسائل جديدة ، ويمكن دراسة الحالة التي سبق ان مر بها العراق قبيل الأحتلال ، مع الفارق بين الطريقة التي كان يدير بها النظام السابق في العراق الأمور مع القرارات الدولية ومع الأستعدادات والإعدادات الأمريكية ومع الدول الأقليمية المشاركة فيها .. وهي على كل حال ما يمكن ان نطلق عليه حالة الأستفراد الدكتاتوري لرأس النظام على شؤون البلاد كافة وعدم السماح .. حتى للمقربين منه إلى المشاركة ، فإن السلطة السورية أثبتت بالتجربة إنها الأكثر حرصا على المشاركة الجماعية في القرارات ، وهي الأكثر صدقا وسعيا للحوار الوطني ، فإن هناك امور اخرى تتعلق بالمواطن يمكن متابعتها وملاحقتها فيما يمكن أن يكون ضمن التعبئة ضد المؤامرة وضد الظروف التي خلقتها المؤامرة فيما يخص حياته ومعاشه وحاجاته ، ويعني ذلك بأختصار متابعة التنمية وخلق وسائل جديدة للعمل ، والتمسك بالمنهج الأشتراكي ، وتقليص الفوارق الطبقية ، ومحاربة الفساد والمفسدين ومنع قيام فئة عازلة بين الشعب والقيادة من جهة وبين القيادة والفعاليات الوطنية من جهة أخرى ، وأحتواء المتورطين النادمين وعدم غلق الأبواب أمام عودتهم بشكل شخصي او جماعي للحضن الوطني .
ومما يمكن قوله ضرورة التمييز بين الحلفاء الحقيقيين وبين من يريد ان يسترزق على حساب الأزمة ، فلقد اثبتت التجربة ان هناك من تنكر لمواقف سورية ، وتنكر لنعمائها عليه حين احتضنته وشاركته في خيرها ودافعت عنه ، فما كان منه إلا ان رد لها فضلها وكرمها ، خيانة  رغم ان الكثير من اسباب هذه المؤامرة موقف سورية من قضاياهم وقضايا اوطانهم .    
 

No comments:

Post a Comment