الخطوات القادمة في غزة
عبد الستار قاسم
25/تشرين ثاني/2012
أعز الله غزة بنصر مبين، والحمد لله. استطاعت غزة أن تبطل مفعول سلاح الجو الإسرائيلي فيما يتعلق بالمواقع العسكرية التي باتت محصنة إلى حد كبير، ومموهة بدرجة احترافية، ولم تستطع إسرائيل تطوير القتال إلى حرب برية فتدفع أثمانا باهظة. طبعا هناك قصص كثيرة أقرأها على الشبكة الإليكترونية، وأسمعها من بعض الناس حول ما يسمى مؤامرة بين إسرائيل وحماس، ويكفينا القول إن المهزوم يكره رائحة النصر. طالما حول العرب هزائمهم إلى انتصارات، لكن منذ عام 2006 والمهزومون يحولون النصر إلى هزائم، والأفضل تركهم يعمهون فيما يظنون أنه يحجب الحقيقة.
الآن وبعد هذا الإنجاز الكبير على أرض فلسطين، ماذا ستكون الخطوات القادمة في غزة؟ تقديري التالي:
1- دراسة مجريات الحرب دراسة علمية وافية لاستخلاص العبر والاستفادة من الدروس.
2- دراسة ظاهرة العملاء والجواسيس، والبحث في أفضل السبل للقضاء على الظاهرة. كان واضحا خلال الحرب أن المواقع العسكرية في أغلبها محصنة عن عيون ومسامع الجواسيس، لكن الجواسيس ما زالوا أقوياء على السطح. هناك عملاء وجواسيس يراقبون تحركات المقاومين فوق الأرض، ويحملون أجهزة اتصال متطورة لتزويد الإسرائيليين بالمعلومات. من المتوقع أن تكثف حركات المقاومة من جهودها في البحث عن هؤلاء وكشفهم واتخاذ الإجراءات المناسبة بحقهم. الاعتماد على الملاحقة البشرية لا تكفي، بل ستعمل المقاومة على الاستعانة بالتقنية الحديثة مثل أدوات كشف الكذب، واستشعار مادة الأدرينالين ودقات القلب، ووسائل اعتراض الرسائل والمكالمات الهاتفية. هذا أمر مكلف ومضني، لكن التهاون في هذه المسألة يكلف المقاومة ثمنا أكبر.
3- من الناحية العسكرية، من المتوقع التركيز على التالي:
أ- العمل بجد واجتهاد على تطوير منظومة للدفاع الجوي. لا يكفي تحييد الطيران الإسرائيلي من خلال الخندقة، وإنما من المتوقع العمل على التطوير في هذا المجال لحماية شعبنا وممتلكاتنا من القتل والدمار. الإسرائيليون لم يتوانوا عن قصف الناس وبيوتهم بعد فشل وصولهم إلى المواقع العسكرية، والمطلوب حماية الناس.
ب- تطوير القدرات الصاروخية بخاصة فيما يتعلق بالحمولة والدقة.
ت- مد الأنفاق لتصبح أكثر قربا من الآليات العسكرية الصهيونية التي تحتشد حول غزة.
ث- تطوير العمل الاستخباري الفلسطيني ليكون أكثر معرفة بالمواقع العسكرية الصهيونية.
4- من الناحية السياسية، المتوقع التالي:
أ- العمل من أجل تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية لتشمل كل الشعب الفلسطيني وليس الضفة الغربية وقطاع غزة فقط.
ب- تعزيز فكر المقاومة في كافة أماكن تواجد الشعب الفلسطيني.
ت- ستحاول حماس البحث عن ثمار سياسية لهذا الانتصار، ومن المحتمل أن تلجأ إلى استمالة الأوروبيين بهدف فتح قنوات ديبلوماسية علنية معهم. ستخطئ حماس إن فعلت ذلك لأن الانتصار الذي تحقق غير كاف لإقناع الأوروبيين والأمريكيين بعدالة قضية الشعب الفلسطيني. تجب هزيمة إسرائيل هزيمة نكراء تكون مقنعة للآخرين بأن المبادرة العسكرية لم تعد بيد إسرائيل. أفضل ما يمكن أن تقوم به حماس في هذا الصدد هو التركيز على عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى بيوتهم وممتلكاتهم في الأرض المغتصبة عام 1948. تعلمنا من التجارب أن اللهاث وراء الغرب بدون قوة يؤدي إلى الذل والهوان.
ث- تقوية التحالف مع إيران وحزب الله. لا يوجد في المنطقة الآن من بمقدوره دعم المقاومة الفلسطينية في غزة بشكل فعال إلا إيران وحزب الله. ربما يرى بعضهم ان القاهرة تشكل بديلا، لكن القاهرة لا تستطيع أن تقوم بالدور إلا بعد سنوات، أي بعد تمكين نفسها داخليا اقتصاديا وعسكريا وأمنيا. البحث عن دعم مالي وتمويني من دول عربية ضروري، لكن الصاروخ موجود فقط لدى إيران وحزب الله. هناك أنظمة عربية لديها معدات عسكرية حديثة، لكنها ليست للعرب.
No comments:
Post a Comment