سوريا الكبرى المصغَّرة بدأت مصطلحات جديدة تظهر بسرعة على الساحة السورية ، وكأنها تمهيد لما ستؤول إليه الأوضاع على الخارطتين السياسية والجغرافية في هذا القطر الشقيق، فهل معالم المخطط الغربي المسنود من قبل أنظمة الرجعية العربية قد توضحت ، أم أننا نخلق مبررات للهروب من الحديث عن مطالبة الشعب السوري بالحرية ؟؟؟ ما هي مفاهيم الحرية لدى الميليشيات المعارضة بشتى أصنافها والتي تتسم معظمها بالدينية؟؟؟ هل الحرية بالعبادة وإجبار المرأة على ارتداء الحجاب وسن دستور يتلاءم مع طائفة دينية معينة دون باقي الطوائف؟؟؟ ما هي الشعارات التحررية التي ترفعها هذه الجماعات وتطالب بها وتجعلها تخوض حروبا لا أول لها ولا آخر من أجلها ؟؟ ربما تكون حرية الرأي ؛ فالنظام يمنع الإخوان المسلمين من قول رأيهم وتأسيس حزب سياسي ديني طائفي، يخوض الانتخابات ويفوز فيها ويمسك بزمام الحكم ، هل هذه هي الحرية التي يتقصدونها ؟؟؟ أقول وفي جلّ الحديث غصة ومرارة علقم لا يستسيغها عقل سياسي بالمطلق ، لأن الحرية تنبع أولا من النفس ، فكيف لمن يتخذ من نهج معين أساسا لا بديل عنه وخطّاً يجب أن يطبق بالقوة وبأمر إلهي أن يتحدث عن الحرية ؟؟ ما دام هذا الشخص يعتقد بان الله أمره أن يفعل ذلك وما هو إلا مأمور لتنفيذ إرادة الله كما يزعم ، فلماذا يتذرع بالحرية ؟؟؟ ولماذا هذه الأحزاب والتيارات لا تتذرع بالحرية وتثور في بلدان أخرى كالسعودية والأردن مثلا ؟؟ والذي يثير الاستغراب هو خروج المجاهدين من بلدان عربية بعيدة وتلازم هذا الخروج مع استعداد انظمة عربية تمتلك الثروة النفطية لإغداق مليارات النفط العربي عليهم للحرب في سوريا ضد النظام وكأن اصحاب المليارات لا ينامون الليل من اجل حرية لشعب السوري متجاهلين حرية شعوبهم وبطش مخابراتهم وأنظمتهم القمعية المتخلفة عالميا . وكل هذا يحدث محض صدفة ؟؟!!! فلا تلك الأنظمة تسير وفق مخطط ولا تلك الجماعات الدينية تخطط لذلك، بل بمجرد أن اظهرت قناة الجزيرة مشهدا مبكيا تخرج هذه الجموع وتبدأ هذه الأنظمة المسكينة بالشفقة على السوريين فتدفع أموالها لتبعد شبح القمع -كما تدعي- عن هذا الشعب. وتستمر الازمة بتسارع؛ فالجيش الحر استطاع بعد سنتين من عمره مقارعة جيش عمره أكثر من 50 عاما ، وهذا له ما يبرره طبعا فالله هو الناصر ، وإن جاء النصر عن طريق الاسلحة الأمريكية والتركية وبالأموال النفطية المسيرة امريكيا ، والجيش الحر لم يهدف إلى تدمير حلب أو مخيم اليرموك بل إن حلب هي المنطلق لتحرير دمشق فالعم أردوغان الذي هو جزء من الحلف الأطلسي والذي يملك علاقات كاملة مع الكيان الصهيوني وينسق مع البيت الأبيض كل خطواته مستعد كل الاستعداد لدعم الجيش الحر كما يريد وطبعا حرصا على حرية الشعب السوري وليس ضمن مخطط أمريكي صهيوني غربي استعماري يهدف إلى تقسيم سوريا الكبرى التي اصلا لم تعد سوريا الكبرى ، فالمقصود اليوم بسوريا الكبرى ليس ما كنا نحفظه في كتب التاريخ أنها تعني سوريا اليوم وفلسطين والأردن ولبنان ، بل سوريا الكبرى اليوم مع أنظمة سايكس بيكو أصبحت سوريا بدون فلسطين والأردن ولبنان . وما دام هناك سوريا الكبرى ، المصطلح الجديد أعني، فلا بد من إيجاد سوريات صغرى بدلا عنها حسب المخطط الامريكي طبعا والذي لا يعرف به مشايخ النفط العربي؛ لانهم لا يعرفون القراءة ولا الكتابة ربما أو أنهم ليس لديهم حب الاستطلاع أو أنه لا وقت لديهم للالتفات إلى هذه الأمور لأن البورصة تشغلهم أكثر من ذلك. بدأت ملامح المخطط الامريكي تظهر في افق سوريا ، فالحديث عن عدة محافظات ذات الاغلبية ال كذا وكذا وعن مناطق ذات الاغلبية كذا وكذا وعن انتقال سكان من منطقة لأخرى وهو بمعنى تبادل سكاني بين المناطق وطبعا نزوح وقتل وتدمير وحرق وتهجير ولجوء . كل هذا باسم الحرية ولترخص الأرواح والدماء والأموال والأنفس لأجل تلك الحرية التي لا نعرف معناها أو بالأحرى لا يعرف معناها من هتف لها، فعن أي حرية يتحدث هؤلاء والكيان الصهيوني امامهم يفتح فاه ليبتلعهم ؟؟؟ وكأنهم لا يعرفون بأنه لا حرية لعربي طالما أن الكيان الصهيوني مغروس بخاصرتهم وأمريكا تحميه وتدعمه على حساب مقدراتهم وثرواتهم ؟؟؟ فهل الحرية هي ان أغني كما أشاء واذهب لصندوق الاقتراع ؟؟ إذا كانت كذلك فهذه سهلة التنظيم أمريكيا وصهيونيا ، فالعرب في ال48 من فلسطين يمارسون ذلك وينتخبون ممثليهم ، وينشدون الأغاني ويتحدثون كما يشاؤون دون حسيب ولا رقيب، إذن فهم احرار برأيكم، وها هم أهالي الضفة الفلسطينية يمارسون الانتخابات أيضا ويختارون ممثليهم ، إذن فهم احرار ايضا وعصا الاحتلال فوق رؤوسهم . عجبا لسخافة مفكرين وزعماء وجماعات لا تفكر بأبعد من كرسي تجلس عليه حتى لو كان على جبل قاحل لا زرع فيه !!!. سوريا تجر للمستنقع الامريكي للذبح بعد العراق والصومال والسودان وليبيا وباسم الربيع العربي ، فهل بقي عرب ليبقى ربيعهم؟؟ اظنني اسمع أصواتا تتهمني بأنني من رجالات النظام السوري وربما اتلقى راتبا على مقالتي هذه ، وأنني اقف ضد مطالب الحرية للشعب السوري وأنني من المعادين للثورة وللثوريين الذين يستمدون ثوريتهم وقوتهم من جيفارا العصر الجديد الذي تمثل بحمد بن جاسم ومن التف لفيفه. ولكي يتضح الأمر اكثر وإن كان واضحا في كتاباتي ومقالاتي السابقة، وهو أنني أول من وقف معارضا لسياسة النظام السوري في كثير من المواقف والمحافل والصدامات الفكرية والسياسية والأدبية ، ولأن المعركة اليوم ليست حول سياسة النظام بالنسبة لي أو أسماء الحكام أو الشعارات ، بل هي معركة بين مخطط امريكي لتقسيم سوريا إلى طوائف متناحرة وجغرافيا جديدة ، والذي يدلل على ذلك وقوف أنظمة تسير في الفلك الامريكي إلى جانب المعارضين الإسلاميين في سوريا ، هذا ناهيك عن نتائج الثورة الليبية ، وبين من يرفض هذا المخطط التآمري مهما كان اسمه او معتقده او دينه أو طائفته. هنا نستطيع أن نفهم معنى الثورة والحرية إذا كنا متفقين طبعا أن امريكا هي التي تستعبد الشعوب وتنهب خيراتهم وهي العدو اللدود للحرية وهي التي تحمي الكيان الصهيوني وتجعله الدولة الأقوى في المنطقة. إن مخطط تجزئة سوريا يعني تقليم اظافر المقاومة العربية للمشروع الصهيوني الامريكي ، وإن كانت مقاومة لا تقوى على اجتثاث الهيمنة الامريكية من المنطقة بسبب الخارطة السياسية للانظمة العربية، والبديل سيكون كانتونات سورية متناحرة ومنقسمة على نفسها ويقف بالقرب منها غول الاستعمار الممثل بالصهيونية ليكون سيد المنطقة بلا منازع أو مقاوم ، لأن الأنظمة التي تدعم قوى المعارضة في سوريا مسالمة مع الكيان الصهيوني ومتلاقية معه وتتلاقح معه بواسطة الأب الامريكي الذي يجمع بينهم جميعا ويسيرهم كما يشاء، فمن سيقف امام التوسع الصهيوني بعد رحيل سوريا وتقسيمها ؟؟؟ الإخوان المسلمون في مصر التزموا كامب ديفيد وهمُّهم الأكبر رضى امريكا عنهم أولا ، وأنظمة التأمرك لا حول لها ولا قوة إلا ما تمنحه لها أمريكا من إرادة وسيادة . ثم وبكل غرابة واندهاش ، كيف يبرر دعاة الحرية الملهمين من أنظمة النفط العربي دعم هذه الأنظمة اللامحدود للثورة السورية وصمتها عن الكيان الصهيوني وجرائمه في فلسطين؟؟؟ لماذا لم تفتح الحدود للمقاومة مع فلسطين ويتم تشكيل جيش حر بالأسلحة الامريكية لمقاومة المشروع الصهيوني التوسعي ووقف جرائمه اللامتناهية في فلسطين وبالذات في القدس الشريف ما دمتم تدعون أن امريكا حليف لكم وليس السيد الذي لا يرفض له طلب عندكم؟؟ وما دمتم تدعون الاسلام وبيت مقدسكم وأولى قبلتكم تئن من وطأة الاحتلال منذ ما يقارب 65 عاما؟؟؟ لماذا تقدم مبادرة السلام العربية كرد على جرائم الكيان الصهيوني وترفضون كل المبادرات السلمية لحل الأزمة السورية وتطردون حتى سوريا وسفرائها من الجامعة العربية وعواصمكم وتبقون السفير الصهيوني ؟؟؟ إن مهازلكم ومواقفكم هذه إذا ما قورنت مع مواقف النظام السوري في دعمه للمقاومة اللبنانية وانتصارها على الكيان الصهيوني بتحد واضح للسياسة الامريكية والغربية تؤكد أنكم تريدون بديلا سوريا مثلكم يطأطئ رأسه للهيمنة الأمريكية ، وهذا ما يجعلني أقول وبملء الفم أن سياسة الرئيس بشار الأسد هي الأقرب للحرية والتحرر العربي ما دام أساس الحرية والتحرر العربي هو التخلص من الهيمنة الأمريكية ، فلا حرية ولا تحرر عربي ولا وحدة عربية في ظل الهيمنة الامريكية ووجود الكيان الصهيوني. خالد حجار فلسطين |
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To post to this group, send email to alfikralarabi@googlegroups.com.
To unsubscribe from this group, send email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
For more options, visit this group at http://groups.google.com/group/alfikralarabi?hl=en.
No comments:
Post a Comment