ما أظن أن تبيد هذه أبدا، إمضاء الشاطر.
بقلم
دكتور محمد نبيل جامع
أستاذ علم اجتماع التنمية الريفية بجامعة الإسكندرية
01227435754
29 يناير 2013
أيها المستبد، أيها المتكبر المكابر، أيها العنيد المعاند، ما غرك بربك الكريم الذي خلقك، خلقك من طين، من ماء مهين، من نطفة إذا تمنى؟ هل رأيت سيل دموع الرجل المنهار في مدينة السويس الصامدة، ذلك الرجل الذي فقد ولده وهو يمسك الرصاصة التي نفذت في جسد ابنه وهو يتوسل إلى سامح عاشور ومرتضى منصور ليأتيا له بحق ابنه الشهيد من مرسي مقابل رقبته وجميع ممتلكاته؟
هذه هي اللوحة التي ترسمها أيها المتكبر المعاند المستبد. هل تريد أميا مثلي في العلوم الدينية يذكرك بقوة الله وجبروته وعذابه لمن كان في قلبه مثقال ذرة من كبر؟
هل غرتك أموال الإخوان التي لا تنضب؟ كان لقارون أكثر. هل غرتك قوة مليشياتك وأسلحتها؟ كان هرقل أقهر. هل غرك دعم أمريكا وإسرائيل؟ كان صدام أشطر. هل غرك حكم مصر والأنهار تجري من تحتك؟ كان فرعون أكبر. هل تظن أنها لن تبيد أبدا؟
قلتم أنكم "أسيادنا"، وقلتم "اللهم أمتني على الإخوان"، وقلتم أننا شرذمة قليلون. أي كبر هذا، وأي عنصرية هذه، وأي استكبار هذا؟
أيها الإخوان: أنتم إخواننا من آدم وحواء، أقولها لكم: توبوا واستغفروا وانفذوا بجلدكم، وعودوا إلى ربكم واتقوا الله في وطنكم وقومكم، وعودوا إلى الحق أو دَعُوا الأمر لمن هو أهل له.
لماذا تستغيثون بجبهة الإنقاذ؟ ألأنها تذكركم بالقرصنة الانتخابية والصناديق المزيفة؟ ما هي السلطة التي تمتلكها جبهة الإنقاذ؟ وما هو المدد الذي تطلبونه منها؟ إن ما تمتلكه جبهة الإنقاذ ليس إلا مجرد قيم وأفكار ورؤى وعقيدة ووطنية تختلف تماما عن ممتلكاتكم. أتريدون لجبهة الإنقاذ مجرد أن تستجيب لأمركم، وتخضع لإرادتكم، وتركع أمام جبروتكم؟ بضاعة جبهة الإنقاذ مرفوضة لديكم. فماذا تريدون من هذه الجبهة؟ تطلقون عليها جبهة "الخراب"، فلماذا تسعون إليهم وتطلبون مددهم وهو كله "خراب". أتريدون أن تخربونها؟
إننا لا نشعلها نارا، ولا نفرق المصريين، بعد أن أشعلتموها أنتم، وفرقتم أهلنا شيعا وأحزابا. لقد نجحتم في امتلاك السلطة التنفيذية والتشريعية وأشللتم السلطة القضائية، ومن ثم فقد تجمعت قوة الفعل الوطني كلها في يدكم، وتحكمتم بمفردكم في عجلة القيادة الوطنية. ومن ثم فماذا تطلبون من جبهة الإنقاذ العاجزة؟
إننا نريد أن نطفئها، ونريد أن نوحد المصريين، ومن ثم فاسمحوا لنا أن نهديكم سبل الرشاد، عسى أن يهديكم الله القادر على كل شيء:
1. دستور 71، دستور استُفتِي الشعب عليه تماما كالدستور الحالي المختلَفِ عليه. دستور 71 لازال قائما، حسب تقدير بعض الفقهاء الدستوريين، ويمكن تفعيله بعد استفتاء مارس على بعض مواده. هذا حل مؤقت لمشكلة الدستور الخطيرة.
2. إلغاء مجلس الشورى أو وقف نشاطه نظرا للشبهة المؤكدة لعدم دستوريته في ظل دستور 71 المفعل في النقطة الأولى.
3. تشكيل حكومة وطنية بالتواصل المباشر الشخصي مع رموز المعارضة وليس مجرد جبهة الإنقاذ، مع تكليف الحكومة باتخاذ إجراءات جذرية لتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية والمواجهة الجذرية لمشكلة الفقر والصحة والتعليم.
4. التحقيق في مقتل الشهداء بصورة جدية مع تكليف الداخلية بتنفيذ عقيدة الشرطة في خدمة الشعب أولا وأخيرا، مع تحرير القضاء من كل القيود المكبلة له حاليا، وأولها عزل النائب العام وتعيين نائب جديد تبعا للقواعد التقليدية المعروفة.
الخلاصة: لو توقفت السلطة الحاكمة عن نغمة الحوار الناشز، ولو تخلصت من مرض الثورة المضادة، ولو تخلت عن لعبة المؤامرة الساذجة، ولو قامت السلطة الحاكمة بتنفيذ هذه الإجراءات القليلة السابقة، والتي هي من مسئوليتها وليست من مسئولية جبهة الإنقاذ، فإني أجزم بأنها ستكون بداية للم الشمل وتصحيح المسار المتدهور الحالي. ليس هذا فقط، بل ستكون ميلادا جديدا لجماعة الإخوان، يقربها للشرعية بدرجة ستكون هي بالتأكيد الفائز السياسي الأول. أظنك لن تلومني على ذلك أستاذنا الدكتور أبو الفتوح، وكذلك أنت أستاذنا دكتور سيف الدين عبد الفتاح، وكذلك أنت أيها الإعلامي الدبلوماسي خالد صلاح، وكذلك أنت أخانا الدكتور حلمي الجزار، ثم كذلك أنت أيضا أستاذنا الكبير الدكتور كمال الهلباوي. مصر يا سادة في انتظار البناء والتنمية والعزة والحداثة وكفانا "ولولوة وشردحة وجاهلية وعصبية"، والله غالب على أمره وهو أحكم الحاكمين.
Prof. Mohamed Nabil Gamie
Department of Rural Development, College of Agriculture,
Alexandria University, Al-Shatby, Alexandria, Egypt
mngamie@yahoo.com
01227435754
No comments:
Post a Comment