أرجو نشر هذا المقال أو أفكاره، كما أرجو ممن ينزعج بمقالاتي أن يخبرني حتى أكف عن ذلك.
الإرهاب والكَبْسَة
وشرعية الذل والإذلال
سيبقى صراع البشر ما دامت هناك قلة متألهة، تحتكر الموارد، وتغتصب السلطة، وتنتشي بالتميز.
دكتور محمد نبيل جامع
أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية
24 مايو 2013
أصيبت مصر بالسعار اللاديني. وأين؟ في بقعتها المقدسة بصورة أساسية، أرض سيناء الطاهرة. هل هذا هو ما كنا ننتظره من "الإسلام السياسي" الذي بشرونا به... ؟ أجب أيها "الإسلامي السياسي" ... أجب يا من تظن نفسك راعيَ الإسلام في أرض الله ... أجب أيها "الإسلامي السياسي" وأنت تجلس في الصف الأول في صلاة الصبح منتظرا الإقامة في سكينة بيت من بيوت الله الرحمن الرحيم، وأنت تصلي على المبعوث رحمة للعالمين... الجاهلُ معذورٌ.. أما أنت يا من تدعي العلم وقد حصلت على الشهادات العلا فما ظنك بما آل إليه هذا الفكر المنحرف وتلك الإيديولوجية المتخلفة.
ذكرني حوار الدكتور البرادعي مع شريف عامر الأمس بما قلته بعد الثورة مباشرة مناديا "الإسلاميين السياسيين"، بعد أن أجرم المجلس العسكري في إنشاء أحزاب دينية في وقت حرج، بأن يؤجل الإسلاميون تقدمهم للرئاسة إلى أن تبنى الدولة الحديثة بناءً يتحمل المشاركة السياسية لجميع الأطياف، ولكن حدث ما حدث.
ماذا أثمرت شجرة "الإسلام السياسي"؟ هل أثمرت كلمة طيبة؟ أثمرت إرهابا وشيوخا أرباع متعلمين يجيدون التكفير والسباب والزواج المتعدد والتربع على موائد الكبسة واللحوم. أثمرت مجتمعا تسوده دولة فاشية أجهزت على العدل، وحطمت القانون، وأرهبت الشعب، وتلاعبت بالجيش، خلقت مشكلة المشاكل، صراع العقائد والمذاهب والطوائف، خلقت شرعية مبنية على الذل لأمريكا وإسرائيل ومحاولة الإذلال لشعب وجيش عظيمين، خلقت رئيسا ينفر منه مستشاروه لأنه فاقد الإرادة الشخصية تابع لمن وضعوه على كرسي العرش، خاضع لمن أنقذوه من زنازن الحبس والاعتقال لتهمة التخابر، سُرِقت إرادة المصريين بأخونة المراكز المفصلية في بناء "الدولة"، خلقت عظاما هشة لمجتمع كاد أن يصل إلى مرحلة الانهيار التام، خلقت مرة أخرى جيشا غاضبا مترددا ما بين تجنب العنف من ناحية وحماية الأمن القومي الذي ينحدر سريعا من ناحية أخرى، ثم أخيرا خلقت شرطة يقودها أمين "إخواني" تمكن من تحييد هذه المؤسسة الوطنية الخطيرة وهو لا يعلم أن رجال الشرطة مصريون شرفاء محترفون غير أيديولوجيين ولكنهم صابرون صبر الشعب على رئاسته.
هل يتوقع الرئيس مرسي أن الشعب سينسى كل ذلك ويحتفل بإطلاق سراح الجنود السبعة البارحة مقابل الإفراج أولا عن 18 شخصا محتجزين بتهم الإرهاب حيث أكدت المصادر الأمنية في سيناء أسماء بعض هؤلاء مشيرين إلى أن كرم زهدي القيادي الإخواني هو الذي كان حلقة الوصل بين القيادات والخاطفين المجرمين.
لقد سقط قناع "الإسلام السياسي"، وتبين أنه سعي للسلطة باسم شعار "الإسلام" الذي يروق للناس وخاصة البسطاء منهم، الذين يتشربون كلام الشيوخ أرباع العلماء الذين يتميزون بصورة خاصة بمخالفة القواعد النحوية عن جهل لها قبل مخالفتهم للفقه الإسلامي الرشيد. يتشرب البسطاء كلام الشيوخ كما لو كان قرآنا منزلا أو سنة محكمة، والنتيجة هي الإرهاب الأعمى الذي يعاني العالم منه الآن.
مر عام الآن تقريبا على حكم "الإسلام السياسي"، فماذا رأينا من تطبيق الشريعة؟ ثم ماذا يريدون أن يطبقوه من الشريعة ليس مطبقا الآن؟ الحدود؟ منع الخمور في مصر؟ القضاء الشرعي؟ العسس؟ زواج القاصرات؟ الإماء؟ تفقهوا أولا ثم طبقوا ما شئتم.
"الإسلاميون السياسيون" ببرود مدهش، وغرور كاذب، بدأ كثير منهم ينسى الشرع والشريعة ويتحدث في السياسة قائلا "هذه هي السياسة" مبررا عدم الاعتراف بالأخطاء الوطنية القاتلة والمخالفات الشرعية الجسيمة ومعترفين لارتكابهم عن عمد لقاذورات السياسة وخداعها لمن يريد أن يكون "سياسيا" لا "رجل دولة"، ناسين تماما أن "شرف الغاية من نبل الوسيلة"، ومعتنقين تماما لمبادئ "التقية" أو "الإيهام" أو "الغاية تبرر الوسيلة". هذا المنطق اللاأخلاقي قد أدى بهم إلى التآمر مع الشيطان داخليا وخارجيا، وعدم الوفاء بعهود الله، (فيرمونت) ، ونقض الأيمان المؤكدة (أمام الدستورية وجامعة القاهرة وميدان التحرير)، ومخالفة الدستور، والإجهاز على القضاء، وملاحقة الأحرار من الإعلاميين وشباب الثورة، والتفريط في أمانة الحكم العادل بإهمال المرضى والجوعى والمشردين، وإهدار الموارد والتخريب الاقتصادي، وحماية الإرهاب والتفريط في الأمن الوطني وأمن المواطن.
النتيجة الطبيعية: هي التمرد، وكيف لا؟ هل نسيتم أيه الحاكمون أن المصريين قد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟ هل نسيتم يا أهل "الإسلام السياسي" أن من أعظم (أفضل) الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر؟". الصبر له حدود، وتحمل الحماقة له حدود، والانتماء الأعمى له حدود. مصر كلها ستتمرد على حكم استبدادي لا ديني لا وطني، على حكام نامت ضمائرهم، وغابت تقواهم، فما عادوا يرون إلا ملكا دنيويا عسى الله أن يجعله سرابا، ومن يدري فالله غالب على أمره حيث يقول سبحانه " وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين، فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون، لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسألون، قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين، فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين.
Prof. Mohamed Nabil Gamie
Department of Rural Development, College of Agriculture,
Alexandria University, Al-Shatby, Alexandria, Egypt
mngamie@yahoo.com
01227435754
No comments:
Post a Comment