قصف رفح والتنسيق مع إسرائيل
بروفيسور عبد الستار قاسم
11/آب/2013
قامت طائرات بقصف موقع عسكري في رفح المصرية فقتلت، وفق مصادر إعلامية، أربعة مقاتلين ودمرت منصة صواريخ بدائية الصنع.
تضاربت الأقوال حول الجهة التي قامت بهذا القصف. هناك من يقول إن طائرة إسرائيلية بدون طيار قصفت الموقع، وهناك من يقول إن طائرة سمتية مصرية من طراز أباتشي قامت بالمهمة. مصر تنفي أن تكون طائرة إسرائيلية قد انتهكت السيادة المصرية في سيناء.
أكتب هذا لكي يكون الأمر واضحا أمام الشعب العربي وأمام الفلسطينيين خاصة، حتى لا يقع أحد فريسة التضليل بخاصة أنه من السهل على شعوبنا شراء ما تبثه وسائل الإعلام. هناك حقائق حول سيناء وهي كالتالي:
1- لا يوجد سيادة مصرية على سيناء وفق الاتفاقيات مع إسرائيل، وإنما هناك حكم ذاتي لا يخرج عن الإرادة الإسرائيلية. مصر مقيدة تماما في الاتفاقيات والتي تنص على بقاء وحدات عسكرية مصرية رمزية في سيناء إلى الغرب من ممرات جدي ومتلا. الحكم الذاتي المصري في سيناء شبيه إلى حد ما بالحكم الذاتي الفلسطيني في الضفة الغربية، ولا يحق لمصر إلا أن تنشر قوات حفظ نظام مدني بتسليح خفيف.
2- هناك قوات متعددة الجنسيات في سيناء بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وتقوم على عاتقها مهمات مراقبة الالتزام بالاتفاقيات.
3- لا تستطيع مصر إدخال قوات مصرية برية أو جوية إلى سيناء إلا بإذن مسبق من إسرائيل ووفق مهام معينة مفصلة.
4- دخول إسرائيل إلى سيناء لا يشكل انتهاكا لسيادة لأن السيادة غير موجودة، وإنما قد يشكل انتهاكا للاتفاقيات وذلك تبعا لأسباب هذا الدخول.
ربما قامت إسرائيل بقصف الموقع، وطائراتها الإلكترونية ليست بالضرورة بحاجة لدخول سيناء لكي تقوم بالمهمة، إذ تستطيع قصف المواقع عبر الحدود الاستعمارية بين فلسطين ومصر. لكن اتفاقية كامب ديفيد لا تمنعها من دخول سيناء في حال استشعرت أخطارا أمنية. أما إذا كانت الطائرات المصرية هي التي قامت بالعمل فذلك لا يمكن أن يكون قد تم بدون إذن إسرائيل. لا يمكن لمصر أن تحلق بطائراتها فوق رفح المصرية بدون إذن من إسرائيل، أي بدون تنسيق أمني مع إسرائيل.
وحيث أن مصر بقيادة مرسي كانت تنسق أمنيا مع إسرائيل، وهي لا مفر أمامها الآن بقيادة السيسي إلا أن تنسق، فإن على شعوبنا ألا تقع ضحية التضليل الإعلامي. كلهم ينسقون مع إسرائيل. ربما لا تسمح ظروف مصر الآن للتمرد على اتفاقيات كامب ديفيد مع إسرائيل، لكن من المهم أن تبقى قضية فلسطين والصراع العربي الصهيوني خارج الصراع الداخلي المصري. ومثلما تحاول بعض الأطراف المصرية الآن الزج بالفلسطينيين في الصراع الداخلي المصري، فإن من مصلحة الفلسطينيين ألا يوقعهم أحد في مزايدات الخمسينات والستينات من القرن الماضي.
No comments:
Post a Comment