أبعاد الموقف السعودي من ثورة يونيو المصرية
عدنان برجي
مدير المركز الوطني للدراسات
تساءل المراقبون عن خلفيات واسباب مبادرة المملكة العربية السعودية، وعلى لسان الملك عبدالله شخصياً، إلى دعم ثورة يونيو المصرية سياسياً ومادياً، حتى وصل الامر بوزير خارجية المملكة الامير سعود الفيصل إلى القول من أمام قصر الاليزيه الفرنسي، ان المملكة مستعدة لتعويض مصر المساعدات الغربية، الامر الذي اعتبره البعض بداية افتراق أميركي – سعودي حول المسار السياسي في المنطقة.
ان خلفيات المبادرة السعودية تعود في تقديرنا إلى العوامل الآتية:
1- التناقض العميق بين المملكة العربية السعودية بخاصة، وأنظمة الحكم الخليجية بعامة من جهة، وجماعة الاخوان المسلمين من جهة ثانية. هذا التناقض يعود تاريخه الى اكثر من 30 سنة. اذ انه بعد احتضانهم سعودّيا وخليجيا زمن خلافهم مع جمال عبد الناصر في ستينيات القرن الماضي، عبثوا بالامن الداخلي للملكة ولدول الخليج، عبر تأليف خلايا اكتشفها الامن السعودي لاحقا، مما دفع بالكثير من الامراء السعوديين الى إطلاق صفة الغدّارين على قيادة واعضاء الجماعة. وكان ابرز من تحدث ولا يزال عن التناقض الخليجي – الاخواني مؤخرا، قائد عام شرطة دبي الفريق ضاحي الخلفان.
2- شعور قيادة المملكة العربية السعودية ان الادارة الاميركية اقامت تحالفا تركيا- قطريا - اميركيا يتجاهل دور الملكة بل يحاول شطبها، من خلال الدور القيادي التركي لهذا الحلف في المنطقة، بما يعيد الامور الى زمن الخلافة العثمانية، ومن خلال تنصيب قطر لقيادة منطقة الخليج.
3- لمست المملكة ان دورها العربي والاقليمي قد تراجع في ظل غياب مصر، وان جامعة الدول العربية اصبحت منقادة من القيادة القطرية، بما يتجاوز الدور السعودي.
4- قارنت المملكة بين القيادة المصريه والقيادة التركيه. فعلى الرغم من خلافها مع جمال عبد الناصر الا انه اصر على ان يكون مقر منظمة المؤتمر الاسلامي في جده، كذلك فقد وقف وقف الى جانب المملكه ضد شاه ايران، في حين ان القيادة التركيه لا تألوا جهدا لإضعاف الدور السعودي في العالم الاسلامي.
5 – ادركت المملكة ان مخطط الاوسط الكبير لتقسيم 7 دول عربية لن يستثنيها، وان وجود الاخوان المسلمين في قيادة مصر، انما جاء بتسهيل من المحور الاميركي – التركي القطري اي المحور الداعي الى الشرق الاوسط الجديد.
6 – تنبهت المملكة الى ان اسقاط مصرنتيجة قصور حكم الاخوان لايهدد فقط مصر انما يسقط الامن القومي العربي ويؤدي الى انكشاف كامل لأمن المملكة.
7- قرأت المملكة في المتغيرات الدولية ان اميركا الى غروب، فهي تنسحب من المنطقة باتجاه المحيط الهادي، وان دول البريكس الى تقدم فلماذا تستمر في وضع كامل بيضها في السلة الاميركية.
8- لمست المملكة ان تكبير دور القوى الاقليمية: تركيا، اسرائيل وايران، في ظل غياب مصر يلغي الدور العربي بالكامل ويجعل المنطقة منطقة نفوذ لهذه القوى الاقليمية.
لكل هذه الاسباب كان الموقف السعودي الشجاع بتأييد ثورة مصر، مع الاشارة الى ان كل نظام عربي ومهما صادق دولا خارجيه يحافظ على مساحه استقلالية له، اقلّه بما يحفظ كيانه ونظامه. وفي جميع الاحوال فان العلاقة الايجابية بين مصر والسعوديه قد تؤسس لعودة مثلث القوة العربي: مصر – السعوديه – سوريا، الذي احبط مشروع الشرق الاوسط الاقتصادي في تسعينيات القرن الماضي. كما ان الموقف السعودي الايجابي من ثورة يونيو المصريه اسهم ولا شك في لجم الموقف الغربي المنحاز ضد مصر، فضلا عن ان الدعم المالي السعودي اسهم في تخفيف التحديات الاقتصادية التي تواجه الحكومة المصرية.
كل ذلك مادفع بالفريق عبد الفتاح السيسي الى توجيه الشكر الى قيادة المملكة والتذكير بالموقف السعودي – المصري – السوري المشترك الذي ادى الى انتصار حرب تشرين عام 1973 واعتبار العرب انذاك القوة السادسة في العالم. كما دفع بالمستشار الاعلامي لرئيس مصر المؤقت عدلي منصور الاعلامي احمد المسلماني لان يؤكد "ان مصر والمملكة العربية السعودية يشكلان حجر الزاوية للامن القومي العربي".
بيروت في 27- 8-2013
adnanbourji@gmail.com
No comments:
Post a Comment