Monday, 21 October 2013

{الفكر القومي العربي} article

قراءة مختلفة لقضية ليست غريبة
صباح علي الشاهر
 
 
أهدر حبر كثير على ما أُعتبر زلة لسان رئاسية، أو بداية حملة مُمنهجة لتعبيد الطريق أمام إبن الرئيس لخلافة والده، رغم أن سن الإبن لا تؤهله لمنصب كهذا، وأبوه لم يُعلن بعد عن عدم مواصلته المشوار الذي إبتدأه، ويرى أنه لم يكمله بعد.
بعيداً عما حملته صفحات الإنترنيت، والفيس بوك، والمواقع الألكترونية، فإننا سنتطرق لبعض مما قيل من قبل مسؤولين عراقيين، فقد بينت لجنة الأمن والدفاع البرلمانية بأن ما ذكره الرئيس بمثابة ( إستهانة بقدرات قوات الأمن) ، دعونا لا نسأل أين هي قدرات القوات الأمنية لأننا واثقين أن السيد النائب لم يكن بوارد تفكيره الدفاع عن قوات الأمن، وإنما شيء آخر.
أما جبهة الحوار الوطني فقد بينت أن ما ذكره رئيس الوزراء يُعد( إعلان وفاة المشروع المُتعثر لبناء دولة المؤسسات لمصلحة دولة العائلة ) .. هل حقاً ثمة شيء يُشير إلى إنشاء دولة العائلة الواحدة في العراق لمجرد أن نجل الرئيس كُلف بمهمة ما، أليس هذا تهويل لا معنى له، يعرف قائله قبل غيره إستحالة تطبيقه على أرض الواقع، فالعراق لن يُحكم من عائلة واحدة ، لكنه يُحكم عملياً الآن من عوائل مُتعدده، إنطلاقاً من كردستان والموصل وصولاً إلى البصرة، وهي عوائل لا تتزعم فقط بل تتوارث الزعامات، أليس من المُخجل والمُعيب، أن يجبن شجعان الشاشات التلفزيونية عن الإشارة لهذا الداء، ثم يتحدثون عن وهم، أو توقع لا يملك صدقيته حالياً على الأقل؟ .
ووصل الأمر بالسيد حيدر الملّة إلى القول بأن المالكي ( أعلن بذلك وفاة تأريخ الجيش العراقي الذي تأسس عام 1921لأن مليون و 500 ألف عنصر منه لم يستطيعوا القيام بما قام به نجله.) ، هل ثمة حاجة لإخبار السيد الملّه بأن الجيش الذي يتحدث عنه، والذي تأسس عام 1921قد تم حله من قبل سلطات الإحتلال التي تعامل معها وعمل بظلها وبإشرافها وتوجيهاتها السيد الملّه، لقد نحرتم الجيش أيها السيد النائب، وأنت مثلما هم غيرك تتحمل مسؤولية هذا الأمر، ثم لماذا يريد الملّه أن يذهب الجيش إلى إعتقال فاسد أو مُستغل، أليست هذه من مهام الأجهزة الأمنية؟، أوليس الملّه هو ذاته من يملأ الدنيا زعيقاً لأن الجيش يعتقل المواطنين، بحجة أن هذه ليست مهمته بل مهمة رجال الأمن، رغم معرفته أن الجيش، شأنه شأن كل جيوش العالم ينخرط الآن في مكافحة الإرهاب، الذي لا يشكل خطراً على الوطن فحسب، بل يشكل خطراً كونيا، يتنادى الجميع للوقوف بوجهه، والجيش ليس كما يصوره المّله، يقوم بإعتقال المواطنين، فهو مُكلف بإعتقال المشبوهين بالإرهاب، وقد يكون بينهم أبرياء بلا شك.
ما الذي قاله المالكي بالتحديد ؟
قال : إن نجله أحمد " نفذ أمر إعتقال عجزت عنه قوات الأمن ( لم يقل الجيش يا حيدر الملّه!)، وأعتقل أبرز المقاولين المطلوبين الذي يمتلك 6عقارات في المنطقة الخضراء، وهو مدين للدولة بـ6 مليارات دينار، ولديه شركة حماية غير مُجازة، إضافة إلى 100 سيارة مُهربة، وأكثر من 100 قطعة سلاح كاتم للصوت"
وأشار المالكي أن هذا الشخص (مشبج) مع الكثيرين، وإن القوات الأمنية تخافه، وتمتنع عن الذهاب لإعتقاله، وكلمة (مشبج) باللهجة العراقية تعني الكثير، وإذا عرف أن هذا الشخص يملك فنادق وكافتيريات، وشقق، ويمتلك قدرة على تقديم خدمات متنوعة، فإن من الممكن التعرف بعد هذا على نوعية ( التشبيج) ودرجته.
وقال المالكي أيضاً أن سبب الحملة ضد أحمد إنه إبن المالكي، وهو لم يجانب الصواب في هذا ، فحتى لو كان أحمد صاحب دكان صغير في أي زاوية من زوايا الوطن المُمتد طولاً وعرضاً ، فإن ثمة من سيقول: رفوف دكان أحمد ملأى بالبضائع لأنه إبن المسؤول الأول! ، ولكن ثمة سؤال يطرح نفسه، تُرى لو لم يكن أحمد إبن المالكي، هل كان سيستلم منصبه الذي هو فيه الآن، وبنفس السياق، يقتضي الإنصاف القول أيضاً، هل سيكون (مسرور) مسؤول الأمن في كردستان لولا إنه إبن مسعود، وهل سيكون (قباذ) في المكان الذي هو فيه لو لم يكن إبن جلال؟ وإستطراداً يمكن القول هل سيكون (عمار) زعيماً للمجلس الإسلامي لو لم يكن ابن المرحوم عبد العزيز، وحفيد الحكيم، وهل سيكون (مقتدى) زعيماً للتيار الصدري لو لم يكن إبن الشهيد محمد صادق الصدر؟
إذا كنتم فعلاً تعملون ضد تشكل حكم العائلة في بغداد، وهو أمر ينبغي أن يشترك فيه كل العراقيين، إذ ينبغي أن يكون حكم العائلة في حكم المنتهي الصلاحية، ولا عودة له تحت أي ظرف من الظروف، فما بالكم تخدمون وتتخادمون مع حكم العائلة الكامل الناجز في كردستان، التي تُحكم من عائلة، منها رئيس الدولة، ورئيس الوزراء، ومسؤول الأمن، وأغلب مراكز صناعة القرار؟
على من تضحكون، يا بائعي الشعارات في المزادات العلنيّة؟
إذ كنتم حريصين على دولة المؤسسات فتمثلوا ما هو موجود في الديمقراطيات، حيث يُمنع بحكم القانون، توضيف أي من أفراد عائلة المسؤول الأول، والمسؤولين الكبار، في أي منصب سياسي، ليس هذا فقط، بل ينبغي أن يمتنع أي من أفراد المسؤول عن مزاولة النشاطات التجارية التي هي على تماس مع أي جهة حكومية، أو رسمية، أو شبه رسمية.
فلنقل جميعاً للمالكي، والبرزاني، والطالباني، والنجيفي، والوزراء، والبرلمانيين، والمحافظين، والمدراء، أبعدوا أبناءكم وإخوانكم، وإزواجكم بالنسبة للنسوة، عن المناصب التي كلفتموهم بها، سواء كانت مدراء مكاتب أم حمايات خاصة، أم مستشارين،  واتركوا أمر إختيار من يشغل هذه المناصب للدولة، وفق المعايير الوضيفية المُعتمدة، أو لمجلس الخدمة تحديداً.
ما الذي لم يقله المالكي، ولم  يتطرق إليه الردّاسون على كثرتهم؟
ما لم يتم التطرق إليه، هو المهم في هذه القضية أيها السادة .
من المعلوم أن ما يُسمى بالمنطقة الخضراء، وهي تسمية أطلقها الإحتلال على مُجمع القصر الجمهوري، كانت مملوكة بالكامل للدولة، وأن بعض الفلل التي أصبحت ضمن هذه المنطقة قد تم الإستحواذ عليها بالشراء أو الغصب في عهد النظام السابق وعلى مراحل مختلفة، فكيف تسنى لهذا المقاول إستملاك 6 عقارات، ومتى تم هذا، وبعهد من تحديداً، بعهد بريمر، أم علاوي، ام الجعفري، أم المالكي؟ ووفق أي إجراء؟ ومقابل كم وماذا؟
ثم كيف يمتنع هذا الشخص عن سداد ما بذمته للدولة، خصوصاً وأن ما بذمته 6 مليارات دينار، لاحظوا ترادف الأرقام، ست عقارات، ثم ست مليارات!
ثم كيف تسنى له تهريب مائة سيارة، وحيازة مائة قطعة سلاح كاتم للصوت، لا حظوا أيضاً ترادف الرقم ( مائة)! أين يضع هذا الإسطول من السيارات؟ وما معنى تهريب هنا؟ ولماذا يهرّب وهو قادر على الشراء، ومتمكن من رشوة من يريد؟  
ثم ( لديه شركة حماية غير مُجازة !!)، هل هي شركة حماية، مُجازة أم غير مُجازة، أم مليشيا أو عصابة؟ ثم ما علاقتها بـ ( بلاك ووتر ) وبالأسياد؟، ولماذا ظل يمتلك هذه الشركة بعد وضع قوانين تبدو ظاهرياً صارمة في تأسيس شركات الحماية، هل هي قوانين صارمة، أم صارمة على الورق ؟
وكيف يتسنى له مزاولة عملة في المنطقة الخضراء، الحصن الحصين للدولة ؟
وإذا كان هذا الشخص، الذي هو من دونما مسؤولية حكومية، يخصي المسؤولين الكبار، والقوات الأمنية في المنطقة الخضراء، وهي المقر الرسمي لقمة الهرم، فكيف يكون الأمر بالنسبة للمناطق الأخرى، في العاصمة أو المدن، أو حتى في الأرياف ؟
ممن كانت تخشى القوات الأمنية ؟
لا يمكن القول مثلاً أنها كانت تخشى حماية السيد رئيس البرلمان، ولا سطوته، ولا يمكن أن تخشى الحرس الجمهوري، ولا القوات التابعة للرئيس الراقد في المستشفى، والذي ينوب عنه حالياً شخص مُتحالف مع رئيس الوزراء، ولا يمكن أن تخشى أي من الكتل والوزراء، وهم جميعاً في حماية رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة، وهي على ما يبدو لم تكن تنفذ أوامر رئيس الوزراء ذاته .
إذن ممن تخاف القوات الأمنية، بحيث تمتنع عن المقامرة بإلقاء القبض على هذا المقاول، لاحظوا مقاول، حتى لو إمتلك 6 عقارات في المنطقة الخضراء، ومائة سيارة مهربة، ومائة كاتم صوت، وشركة حماية غير مُجازة، فهو يظل مجرد مقاول، ومقاول بسيط نسبة لحيتان المرحلة، وقططها السمان، من أين يستمد هذا المقاول هذه السلطة بالغة القوّة والمهابة ؟
لم يبق أمامنا من تعليل سوى أن هذا الشخص مسنود، ومدعوم، من قوة هي أقوى من كل من ذكرنا، وهي كانت تتحكم بكل شيء، ويبدوا أنها ما تزال حتى الآن تبث الرعب في قلوب الجميع، ساسة ورجال أمن، وليس من الصعوبة الإهتداء إلى هذه القوّة، وهي بإختصار ليس سوى السفارة الأمريكية، أكبر سفارة في العالم، مغروسة في قلب المنطقة الخضراء، وتتحكم بكل صغيرة وكبيرة فيها، فإن كان ما حدث يندرج ضمن هذا المنحى، فنحن نشد على يد أحمد ، ابن من كان طالما إنبرى لمهمة كهذه، فتنظيف بغداد والعراق، يبدأ من تنظيف المنطقة الخضراء.
يا شجعان شاشات التلفزيون، الشجاعة الحقيقية، أن تُسموا الأسماء بمسمياتها، ما عاد ردحكم ينطلي على أحد، فإما أن تجهروا بالحقيقة، أو تكرمونا بسكوتكم .
 

No comments:

Post a Comment