Tuesday, 1 October 2013

{الفكر القومي العربي} التنمية المجزأة لم تحقق تنمية وطنية ولا قومية - عدنان برجي

التنمية المجزأة لم تحقق تنمية وطنية ولا قومية
عدنان برجي
مدير المركز الوطني للدراسات
عضو هيئة التنسيق النقابية
مؤتمر "حوكمة الاسواق العربية في ظل مجتمع متغير" الذي انعقد في شرم الشيخ خلال فترة 24-26 ايلول 2013، بترتيب من منظمة العمل الدولية ووزارة القوى العاملة والهجرة المصرية ومنظمة العمل العربية، وبمشاركة وزراء العمل في جمهورية مصر العربية وفي المملكة العربية السعودية واليمن، وبحضور ممثلين لوزارات العمل العربية واصحاب العمل والهيئات النقابية، اكتسب اهمية خاصة، فقد جاء انعقاده بعد تحرك شعبي عربي يكاد يبلغ السنوات الثلاث، مع ماحمله هذا التحرك من مطالب اجتماعية عبّرت عن الازمة الحقيقية التي تعاني منها الاسواق العربية، والتي انعكست سلبياتها على الفئات الشعبية التي شعرت انها لاتملك الخبز ولا الحرية، فكان لابد لها ان تحطم كل القيود.
لقد اظهرت الكلمات والمداخلات حجم التحديات التي تواجه اسواق العمل العربي، حيث تزيد نسبة النمو السكاني حاليا على نسبة نمو فرص العمل مما يزيد في نسبة البطالة 2% سنويا . ففي مصر وحدها التي يسكنها 83 مليون انسان تبلغ قوة العمل وفق وزير التخطيط المصري الحالي اشرف العربي 27 مليون انسان فيما تبلغ البطالة بينهم 3.6 مليون عاطل عن العمل، وتتركز البطالة عند جيل الشباب المتعلم مادون 30 سنه، لا سيما بين حملة الماجستير والدكتوراه. ويزيد من نسبة البطالة ايضا ضعف العماله الفنية والمتخصصة مما يؤشر على عدم مواءمة مخرجات التعليم في الوطن العربي مع سوق العمل. كذلك تعاني الاسواق العربية من صعوبة انتقال اليد العاملة العربية من بلد الى آخر نتيجة الحسابات الامنية ونتيجة المواقف السياسية التي تقترب حينا وتتباعد احيانا.
وقد خلص المؤتمر الى اقرار توصيات جاء فيها:
1- ضرورة تبني نمط للتنمية يقود الى تحقيق العدالة الاجتماعية وخلق فرص عمل لمواجهة آفة البطالة والفقر وتوزيع اكثر عدلا للدخل والخدمات.
2- اعطاء وزارات العمل الاهمية التي تستحقها مقارنة بالوزارات الاخرى وان تكون شريكا اساسيا في رسم سياسات التنمية، كما يجب ضمان مشاركة فاعلة لممثلي اصحاب العمل ونقابات العمال الى جانب الهيئات الحكومية المختصة في رسم وتنفيذ هذه السياسات.
3-ان حوكمة اسواق العمل العربي مسؤولية مشتركة بين الشركاء الاجتماعيين تقتضي التعاون والتشاور في جو من الحرية والشفافية من اجل التوصل الى سياسات تراعي التوازن بين البعدين الاقتصادي والاجتماعي في التعاطي مع قضايا التشغيل وعلاقات العمل وتؤسس للعدالة الاجتماعية كشرط لتحقيق الامن الاجتماعي.
4- توفير الحكومات للموارد المالية اللازمة لإدماج العاطلين عن العمل في الحياة الاقتصادية عن طريق التدريب واعادة التاهيل، ومراجعة النظم التعليمية لضمان مواءمتها لاحتياجات سوق العمل.
5- توفير الحوافز لتشجيع الشباب على الالتحاق بالتعليم والتدريب المهني والمزاوجة ما بين التدريب المهني والممارسة الميدانية.
6- دعوة الحكومات ان تأخذ الخطوات المبنية على الحوار الوطني لتوسيع شمولية الضمان الاجتماعي لتشمل كافة افراد المجتمع مع حد ادنى من الحماية وتحديدا فيما يخص نظام التقاعد وتأمين الامومة والبطالة.
ان هذه التوصيات على اهميتها فإنها لم تغطي كامل الحوارات التي تمت، والتي لامست التحدي الاكبر وهو ان الحكومات ما قبل تحرك الشعب العربي كانت قد ركنت الى نصائح البنك الدولي وصندوق النقد الدولي فتحولت الدولة من دولة رعاية اجتماعية، كما ينبغي ان تكون ابدا، الى دولة تخضع لأصحاب الريوع السريعة ولو على حساب الامن الاجتماعي والاستقرار والعدالة الاجتماعية. لقد اكد اكثر من متحدث تلازم الديمقراطية الاجتماعية مع الديمقراطية السياسية، وان لا حرية لوطن بدون حرية المواطن، وان حرية المواطن ترتبط بالاضافة الى حرية التعبير بقدرته على تحصيل قوته بكرامة.
لقد قالها صريحة وزير القوى العاملة والهجرة في الحكومة المصرية الحالية النقابي كمال ابو عيطه ان التنمية المجزأة لم تحقق تنمية ولا استقرارا، لذلك لابد من تكامل اقتصادي عربي يفيد الجميع.
كذلك فقد ناقش المؤتمر طويلا الحوار بين قوى الانتاج وكان محط ترحيب الجميع مع تسجيل ملاحظة ان الحوار بين العمال واصحاب العمل يحتاج ليس فقط الى تشريعات قانونية حكومية والى قضاء عادل وحاسم، بل يحتاج ايضا الى تكافؤ بين العمال واصحاب العمل، وذلك يتطلب تشريعات تحمي النقابيين من جور بعض اصحاب العمل كما يتطلب ان لاتكون وزارات العمل مجرد وسيط بين الطرفين. ان الامر كي يتحقق فعلا يحتاج الى قرار سياسي على مستوى كل حكومة يغلّب مصلحة المجتمع على مصلحة الفرد ويدفع بالعامل وصاحب العمل الى تحمل العبء الضريبي كل حسب مدخوله، والابتعاد عن نمط الضرائب غير المباشرة التي تُرهق العمال وتريح غالبية اصحاب العمل.
 

No comments:

Post a Comment