Thursday, 28 August 2014

{الفكر القومي العربي} article

 
ما يفعله جميع رؤساء الحكومات!
صباح علي الشاهر
 
نقول، دونما إدعاء المعرفة، أن من المفترض أن يقدم المكلف بالحكومة برنامجه، أو برنامج الكتلة التي رشحته على بقية الفرقاء، مؤكداً، ونضع عدة خطوط تحت مؤكداً: أن هذا هو برنامجه الحكومي للسنوات الأربع القادمة، وهو البرنامج الذي أنتخب من أجل تحقيقه، فمن يرغب بالإسهام بتطبيقه فإن الباب مفتوح أمامه لمزاولة دوره ، ومن لا يرغب في هذا البرنامج، عليه أن يأخذ موقعه في المعارضة ..
ليس الأمر صعباً ومُعقداً، هكذا يفعل جميع رؤساء الوزارات في العالم، اللهم إلا إذا كان رئيس الوزراء لا يحضي بالعدد الكافي من النواب لتمرير برنامجه، فيلجأ إلى المساومات التي ستجعل البرنامج ليس برنامجه، ولا برنامج كتلته، وإنما برنامجا لمن سيشاركه الحكومة، ولمن سيجعل كفته راجحة عند التصويت على منح الثقة داخل البرلمان، وعندها لن يكون مُلزماً إزاء ناخبيه الذين لم يعطوه من الأصوات ما يكفي لجعله قادراً على الإيفاء بوعده في تنفيذ كامل برنامجه الإنتخابي، وبعين الوقت فسوف لن يكون الذين تآلفوا معه ملزمين بكامل البرنامج الذي قدموه لمنتخبيهم، بعد أن خذلوهم ولم يمنحوهم التخويل الكافي .. هنا، وفي مثل هذه الحالة ينشأ برنامج من برنامجين أو أكثر، تراعى فيه مصالح المصوتين للكتل التي تنوي تشكيل الحكومة، ومن البدهي أن كل طرف عليه أن يعرف أنه سيتنازل عن مفردات تتسع وتقل بحسب عدد الأصوات التي حاز عليها، وأن عليه أن يركن برنامجه الخاص جانباً، ويعمل على تنفيذ البرنامج المشترك، وهذا يوجب عليه أن يبذل جهوداً إستثنائية لإقناع مصوتيه بما فعل أو سيفعل، فالمصوتين شهداء عليه ، لا ينقضي دورهم بإنقضاء مرحلة وضع الورقة في صندو ق الإنتخاب.
رئيس الوزراء المكلف مُرشح من تكتل لديه أكثر من مائة وثمانين صوتاً، أي أكثر من الأغلبية المطلقة بما يناهز العشرين صوتاً ، ولذا فهو مُلزم أخلاقياً بتفيذ برنامج كتلته، الذي عليه أن يعرضه ليس أمام الحلفاء المُحتملين والخصوم، وإنما أمام أبناء الشعب، لتتم مراقبة تصرفات من إنتخبوهم، وموقفهم من بنود البرنامج، وعلى اي شيء يعترضون مثلاً، ليتبين الموقف الوطني للجميع، سواء لمن وضعوا البرنامج أو لمن إعترضوا عليه .
في هذه الحالة لا يكون إشراك وزراء من خارج الكتلة الفائزة مشروطاً من قبل الوزير المشارك أو كتلته، وإنما الأمر سيكون على العكس، أي أن الوزير المشارك وكتلته سيكونون ملزمين بتنفيذ برنامج الحكومة الفائزة، لا برنامجهم الذي لم يحض باصوات كافية في الإقتراع العام..
ولكن كيف سيكون الأمر في حالة إمتناع كل الكتل عن المساهمة في الحكومة وفق البرنامج المعلن لهذه الحكومة ، وكيف يمكن أن نطبق دعوة المرجعية إلى حكومة يتمثل بها الجميع؟
رغم عدم واقعية سؤال كهذا، حيث من المتعذر تماماً أن تمتنع كل الكتل عن المشاركة، إلا أننا نفهم أن دعوة المرجعية لإشراك الجميع لا تعني أن يتقاسم السياسيون وكتلهم الكعكعة، وإنما المطلوب أن تشارك كل مكونات الشعب في السلطة، وهنا يمكن لرئيس الوزراء إختيار الكفاءات من داخل البرلمان أو خارجه، ومن الأفضل من خارجه، مع مراعاة النسب، بحيث يجد الشيعي مكانه وبنسبته السكانية، ويجد الكردي مكانه وبنسبته السكانية، ويجد السني مكانه وبنسبته السكانية، وهكذا الأمر بالنسبة لبقية القوميات والأثنيات والطوائف والأديان.
وهذا الأمر أفضل من ناحية التمثيل، وأفضل لرئيس الوزراء،  وأفضل فيما يتعلق بإختيار الكفاءات، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وأفضل فيما يتعلق بالإنسجام داخل الكابينه الوزارية، وأفضل من حيث عدم  تأثر الوزير بالخلافات السياسية بين السياسين والتي لا تنتهي، وأفضل من حيث الفصل بين السلطات، وهو سيتيح لرئيس الوزراء إختيار وزراء السنه لا من سياسي السنه في كتلهم، التي يشكك البعض حتى في تمثيلهم للسنة، وإنما في الطيف الواسع من الطائفه، وهو طيف يحتوي العديد من الكفاءات النزيهة ذات التأهيل العالي في شتى المجالات، ونفس الشيء يمكن قوله فيما يتعلق بالوزراء الكرد أو الشيعة وغيرهم .
أنه لأمر يدعو للدهشة أن ينتظر رئيس الوزراء المكلف شروط الكتل للإشتراك في الوزارة، في حين أن عليه هو أن يقدم رؤيته وشروطه لمن يرغب في المشاركة..
لا أفهم هذا الأمر .. ولا أدري ماذا ينتظر السيد رئيس الوزراء المكلف، والزمن ينساب إنسياب الماء من بين أصابعة، وما هي سوى أيام، ويجد أن الشهر قد إنصرم..
أقترح أن يشكل رئيس الوزراء المكلف منذ الآن قائمة بإسماء وزرائه، قائمة من الوزراء التكنوقراط والكفاءات النزيهة، من كل الكيانات، عرباً وكرداً، مسلمين ومسيحين، سنة وشيعة، بما يضمن تحقيق المشاركة الحقيقية، وتكون هذه القائمة في أدراج مكتبه، يقدمها إلى البرلمان لمنح الثقة قبل إنتهاء الوقت المقرر للتكليف، فقد تكون مماطلة بعض الكتل، وسقوف مطاليبهم العالية، والتعجيزية ، ليس للحصول على المزيد من المكاسب، وإنما لأمر آخر لا يختلف عما حدث في الأربع وعشرين ساعة الأخيرة  قبل تكليف السيد العبادي بالرئاسة.. ليس إنتظار الحسم في الساعات الأخيرة مضموناً، خصوصاً وأن تغيرات الساعات الأخيرة من تكليف السيد الرئيس مازالت طرية ..فهل يلدغ المؤمن من جحر مرتين ؟ 
 

No comments:

Post a Comment