Wednesday, 14 September 2016

{الفكر القومي العربي} كمال شاتيلا في رسالة الأضحى المبارك: الحاجة ملحة لمواجهة التطرف ومصادره

 


 


 

المؤتمر الشعبي اللبناني

   مكتب الإعلام المركزي

 

 

رفض المواقف التكفيرية الصادرة من أعلى المراجع السياسية والدينية

كمال شاتيلا في رسالة الأضحى المبارك: الحاجة ملحة لمواجهة التطرف ومصادره والتصدي لمؤامرات تقسيم وحداتنا الوطنية العربية

 

دعا رئيس المؤتمر الشعبي اللبناني كمال شاتيلا إلى مواجهة التطرف ومصادره، والتصدي لمؤامرات تقسيم وحداتنا الوطنية العربية، منتقداً بشدة استدعاء القوى الاستعمارية علناً وبلا خجل وتسليمها حل مشاكلنا، ورافضاً المواقف التكفيرية التي تصدر من أعلى المراجع السياسية والدينية.

وقال شاتيلا في رسالة الى المسلمين: لمناسبة عيد الاضحى المبارك، نتوجه الى حجاج بيت الله الحرام بأخلص التهاني راجين الله عزّ وجلّ أن يتقبل حجهم وسعيهم، كما نتوجه الى المسلمين في لبنان والأمة العربية وكل مكان بأسمى آيات التهنئة المباركة، سائلين الله جلّ جلاله أن يعيده على أمتنا بالوحدة والسلام والانتصار على الصهيونية والتطرف والأزمات والتحديات.

لقد تعرضت أمتنا منذ فجر الاسلام الذي حمل رسالة انسانية حضارية لبني البشر، الى مؤامرات وانقسامات واحتلالات أجنبية، وحارب الأعداء الإسلام منذ وقت طويل لأنهم يعلمون أنه مخزون حضاري يزوّد المسلمين بطاقات هائلة للتحرر والبناء والتقدم، بما يجعلهم سداً منيعاً أمام الطامعين والمستعمرين.

لقد جربت القوى العنصرية في الغرب شتى أنواع التقسيمات لبلادنا، وزرعت متفجرات بين حدود أوطاننا، وأنشأت الكيان الصهيوني في قلب الأمة لتحول دون الوحدة وتجعلنا دائماً في حالة استنزاف ودفاع في مواجهة حركة التوسع الصهيونية المدعومة من الغرب.

وعلى الرغم من ضعف امكانات المقاومات العربية ضد الاحتلالات الاجنبية، فان حركات التحرر العربية إستطاعت هزيمة المستعمرين، وخاضت حروباً متواصلة ضد الصهاينة، حيث شعرت الدوائر الاستعمارية في الغرب بأنه يستحيل احتلال بلادنا مباشرة، ويستحيل على "اسرائيل" أن تحقق مشروعها من النيل الى الفرات في ظل أي تضامن عربي وإستمرار المقاومة العربية، فكان القرار الاستراتيجي بتفجير وحداتنا الوطنية وتدمير جيوشنا العربية وبخاصة في مصر وسورية والعراق، العصب العسكري المركزي للامة، وكان القرار العنصري الغربي ولا يزال استخدام النزعات العرقية والطائفية والمذهبية سبيلاً لتقسيم الكيانات الوطنية العربية وبخاصة في دول المواجهة مع العدو الصهيوني، للتخلص من كل مصادر القوة العربية العسكرية والنفطية والبشرية.

واذا كان مشروع الإرهابي الصهيوني شيمون بيريز للأوسطية الجديدة قد تعرض في التسعينيات من القرن الماضي للفشل نتيجة المعارضة الشعبية العربية ومواقف مصر والسعودية وسورية التي شكلت العامل الاساس في إنتصار حرب تشرين عام 1973، فان معهد بروكينغز الاميركي طرح إبعاد بلدان الخليج تماماً عن الصراع العربي الاسرائيلي وإحداث الانشقاقات العميقة بين مصر وسورية والسعودية، وتولت الادارات الاميركية المتعاقبة تنفيذ هذا المشروع بدقة.

إن مشروع الاوسط الكبير بما يحمله من تقسيمات عرقية طائفية مذهبية لا يشمل البلاد العربية فقط ولكنه يشمل ايران وتركيا أيضاً، لأن التعددية الدينية والقومية والطائفية موجودة في هذين البلدين. وحينما يشتعل الصراع العربي – العربي والاسلامي – الاسلامي برعاية "الاوسط الكبير"، فان كل العالم الاسلامي تسوده الفوضى وعمليات التقسيم التي تعملق الكيان الصهيوني، وتقزّم بلاد العرب والمسلمين، وتجعل الاستعمار الغربي يسيطر على مقدراتنا، ويصبح الاسلام الحضاري مشوهاً على أيدي الغلاة وأصحاب العصبيات الفئوية.

إن الانظمة تتحمل مسؤوليات كبرى في ما آلت إليه أوضاع العرب، واذا كان من حق كل شعب أن يختار نظامه وقيادته ديمقراطياً، فان المعارضات المسلّحة هي مشروع دائم لحروب أهلية متنوعة، عرقياً وطائفياً ومذهبياً في الوطن الواحد.

لقد استطاعت حركات التحرر الوطني أن تزيل الاستعمار من كل الدول العربية على قاعدة الوحدات الوطنية والعروبة الحضارية الجامعة، وكان المسلمون يحترمون الاجتهادات الفقهية لبعضهم البعض، بحيث لم تتحول الخلافات الى صراعات، ولم يستطع المستعمر حينها أن يشقّ صفوف العرب والمسلمين. اليوم وبعد حرب امريكا على العراق والتي فجّرت صراعات مذهبية ذات طابع سياسي واستغلال خارجي اقليمي ودولي، وبعد حرب الاطلسي على ليبيا وتشجيع قوى التطرف والتقسيم لاقتسام ثروتها النفطية، وبعد تحويل سورية الى ساحة صراع اقليمي ودولي وانتشار التطرف المسلّح من كل الأنواع بصورة تهدد وحدتها وعروبتها واستقلالها وتشطبها من الصراع العربي الاسرائيلي، فإن مطالب فئوية تخرج من قلب هذه الصراعات، كما حصل في السودان، تطالب بعودة الاستعمار من جديد، ويتم استدعاء القوى الاستعمارية علناً  بلا خجل وتسليمها حل مشاكل بلادنا وهي التي كانت السبب الاول في تدمير أوطاننا.

إن التاريخ القريب يشهد أن التضامن العربي أزال الاستعمار الاوروبي المباشر من بلادنا، واستطعنا تحجيم الكيان الاسرائيلي بالمقاومة وبمعارضة التطبيع على المستوى الشعبي، واستطعنا خوض حرب تشرين بنجاح، وردعنا العدو بمقاومة لبنان وجيشه، فاذا كانت هذه العوامل هي اساس مواجهتنا وقاعدة انتصاراتنا، فان تخريب وحداتنا الوطنية واطلاق الصراعات المذهبية وغيرها داخل الوطن الواحد والابتعاد عن التضامن العربي، يشكل السبب الرئيس في تردي اوضاعنا على النحو المعروف.

وفي الوقت الذي يتحرك فيه مسلمون أحرار للدفاع عن جوهر الاسلام وحضارته ضد التطرف والخوارج وأحفاد المغول، تعلو أصوات العصبيات المذهبية بقوة في الساحة، وتخرج مواقف تكفيرية من أعلى المراجع السياسية والدينية، فيما المفترض أن تدعو للأخوّة الاسلامية والتسامح والتكامل لمواجهة الاخطار على الامة كلها.

أمام هذه الاخطار الكيانية على البلاد العربية والاسلامية، فإن الحل لا يكون بمؤتمرات استعراضية وإن كانت وحدوية تخرج بتوصيات لا متابعة لها ولا تطبيق. ان الحاجة ملحّة الى حوار على مستوى عال داخل المذاهب الاسلامية السنية لمعالجة فكر التطرف ومصادره، وإلى إعادة النظر باختراقات الحالة الاسلامية بإجتهادات الفئوية، والى أن يكون الازهر الشريف قاعدة توحيد وتجديد الخطاب الاسلامي وإنشاء مجلس علماء من مختلف الاقطار العربية والاسلامية، والى مبادرة من الازهر الشريف مع النجف الاشرف وقم لحوار سني – شيعي خاصة وأن الازهر يدرّس المذهب الجعفري في جامعاته.

ان حجر الزاوية في الفكر المتحجر المتطرف الذي يستغله أعداؤنا لضرب المسلمين قبل غيرهم، هو التكفير العشوائي. فليضع العلماء الاكارم جدولاً بالتحديات الفكرية التي يطرحها المتطرفون التابعون لجهات متعددة، وصياغة ردود فكرية متكاملة تكون الاساس في مناهج التربية والتعليم على المستويين العربي والاسلامي ومنهاجاً لوسائل الاعلام كلها.

إننا من موقع إسلامي وحدوي عربي، ومن منطلق دورنا المتقدم في تحصين الساحة الاسلامية اللبنانية من التطرف والتبعية الاجنبية، ومن عملنا المتواصل لتجفيف أي بيئة حاضنة للتطرف وسعينا المتواصل لتعزيز الوحدة الوطنية اللبنانية، نناشد كل المسلمين الأحرار أن يضاعفوا جهودهم لعزل الطروحات العصبية والتكفيرية والغلاة من صفوف المسلمين، وطرح ما يجمع ولا يفرّق، ما يوحّد ولا يقسم، ولنضع نصب أعيننا القواعد الدينية الحضارية الجامعة: "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا"، و"الفتنة أشد من القتل"، و"ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم"، و"إنما المؤمنون أخوة".

إن لبنان يتعرض لوضع حساس جداً، فلا يتحمل ترّهات الطبقة السياسية، ولا تسابق أجهزة اعلامية متعددة الجنسية تضخم حوادث فردية لتفرقة الناس، فشعبنا لم ولن يتأثر بصراعات سياسية، وان كانت بطابع مذهبي على المستوى الاقليمي. تكفي لبنان ما يمر به من أزمات على الصعد كافة. فلنضع معياراً لحركتنا الدفاع الدائم عن وحدة لبنان وعروبته واستقلاله وحق شعبه في إختيار قياداته في إنتخابات حرة ونزيهة تعكس صحة التمثيل.

إن امتنا واجهت كل صنوف الاستعمار القديم والحديث، لكنها في النهاية انتصرت، فلا ندع اليأس يتسرّب الى نفوسنا، فلا ايمان مع اليأس. المؤمن لا ييأس ولا يستسلم مهما كانت الظروف مرعبة وقاسية. فلنعزز ايماننا بالله عزّ وجلّ، ولنواجه ونعمل ونصحح ونتضامن مع بعضنا ونحرص على السلم الاهلي. ولسوف تنتصر الامة بعون الله تعالى بالايمان والارادة الحرة، وما النصر الاّ من عند الله ولا غالب الاّ الله، وكل عام وأنتم بخير.

-------------------- بيروت في 14/9/2016

 

Email: info@al-mawkef.cominfo@kamalchatila.org بيروت – برج أبو حيدر – بناية شاهين – ط8/ص.ب: 7927/11 – هاتف: 305627 – 307287/01 فاكس: 312247/01

 


No comments:

Post a Comment