ولاءٌ بلا كفاءة .. ونفاقٌ بلا ذكاء .. ودولةٌ بلا هيبة
بقلم المهندس/ يحيى حسين عبد الهادى
كان اختيار د.الهلالى الشربينى وزيراً للتربية والتعليم فى سبتمبر ٢٠١٥ مؤشراً كاشفاً ومبكراً لمنهج اختيار الوزراء فى هذا العهد .. أذكر أنه بمجرد الإعلان عن اختيار الرجل وتداول أخطائه الإملائية الفضائحية على الفيسبوك، استضاف أحد البرامج التليفزيونية د.يحيى الرخاوي أستاذ الطب النفسي المشهور لِيُعَّقِب .. فقال الرجل بمنتهى الجديَّة (أطلب من د.الهلالى أن يقدم استقالته فوراً بشرفٍ وشجاعةٍ ويرفع الحرج عن مَن عَيَّنَه، فليس عيباً أن يخطئ الرجل فى الإملاء ولكن العيب أن يصبح وزيراً للتعليم بالذات وليس أى وزارةٍ أخرى) .. ولمَّا سألته المذيعة:(وماذا لو لم يتقدم باستقالته؟) .. قال د.الرخاوى بتلقائية (إذن على الرئيس السيسى أن يُقيله فوراً .. الليلة وليس غداً) .. وأضاف بنبرة حزنٍ واضحة (لا يمكن أن يُشرق صباح غدٍ على مصر وهذا الرجل وزيرٌ للتربية والتعليم) .. ما حدث هو أن الهلالى الشربينى استمر متمتعاً بثقة الرئيس والجهات السيادية عاماً ونصف .. وتم التجديد له فى أول تعديلٍ وزارى .. أما الذى احتجب (أو حُجِب) عن الإعلام فهو د.الرخاوى.
كان ذلك عندما كان للأجهزة الأمنية الكلمة العليا فى اختيار الوزراء والمسؤولين .. وهو ما يعنى استبعاد أى مرشحٍ له شبهة موقفٍ مختلفٍ أو محترمٍ فى تاريخه مهما بلغت كفاءته .. الآن صارت للأجهزة الأمنية الكلمة الوحيدة (لا العليا) فى الاختيار .. وهو ما جعل دائرة الاختيار تنحصر فى أصحاب الولاء بلا كفاءة .. ولأن أولئك ليس لديهم ما يقدمونه للمناصب التى كوفئوا بها .. لا رؤية ولا عطاء ولا شئ بالمرة .. ليس عندهم إلا رقصة عجين الفلاحة ونوم العازب لمن أتوا بهم .. ولأن مفهوم الوطنية عندهم مُشَّوَش ومُصطَنَع .. فإنهم يُقدمون على تصرفاتٍ لا يُرضون بها الوطن بقدر ما يغازلون السلطان .. فيثيرون السخرية لا الاحترام .. وزيرٌ يفتتح العام الجامعى بتحية العَلَم فى ساحة جامعة عين شمس .. وآخر يفرض صيحات طوابير الصاعقة على طوابير المدارس .. وأخرى تفرض السلام الجمهورى على المستشفيات .. ومع كل تصرفٍ من هذه التصرفات التى تمزج بين السذاجة والنفاق والكذب، تنزف الدولة من هيبتها .. ويتحول الجد إلى هزل والرمز إلى نكتة .. فالمصريون يعرفون أنهم أمام لوحةٍ من الكذب المبتذل لا الوطنية .. فأىُّ وطنيةٍ تلك التى يرفع لواءها وزراء لم يعترض واحدٌ منهم (ولو بتعليقٍ على الفيسبوك) على التفريط فى الأرض المصرية فى تيران وصنافير؟.
(المشهد- الخميس 12 يوليو 2018).
No comments:
Post a Comment