من دفتر الوطن :
***********
( ... في شهر ديسمبر من عام ١٩٦٩من القرن الماضي ، عُقدّ مؤتمر القمة العربي في مدينة الدار البيضاء المغربية، وبعد يوم واحد من بدء أعمال المؤتمر هّمسّ الملك الحسن الثاني ملك المغرب في اذن الرئيس جمال عبدالناصر ليطلب منه اصطحابه بعد نهاية أعمال الجلسة الى موضع غير بعيد من مقر المؤتمر ..
وافق الرئيس على ذلك ، وذهبا حيث أراد الملك ، فوجدا نحو خمسة الآف مواطن مغربي يريدون أن يتحدثوا الى الرئيس في وجود الملك ....
وبلفته ذكية من " ناصر " توجه اليهم طالباً منهم أن يستأذنوا في ذلك العاهل المغربي ...الذي أذنّ لهم " ...
*********
تّحدّث كبيرهُم ، موجهاً الخطاب الى الرئيس ، قائلاً له :
" سيادة الرئيس : نرجو منك أن تطلب من الملك أن يُدخٍل الى بلدتنا ، والتي يسكنها أكثر من ثلاثين ألف شخص ، خدمات الماء والكهرباء ، فقد ذهبنا الى كل الجهات بما فيها المُحافظ والوزير المُختص ، حتى وصلنا الى الديوان الملكي ، ولكن لم يستمع الينا أحد ، وهذا المطلب مّرّ عليه عدة سنوات ، ولم نّسمّع وعداً أو جواباً " ؟؟؟
ابتسم الرئيس ، مُخاطباً كبيرهم :
" لماذا تخاطبونني وأمامكم ، جلالة الملك " ؟؟؟
عندها سمع ما لم يكن يتوقعه أحد .... قال كبيرهم :
" لأنك أنت كبير العرب ... وعندما تضيق بنا الشّكوىّ لا نُقدمها بعد الله إلاّ لكبيرنا , وليس لنا كبير في هذه الدنيا سواك ...!!!
إبتسم الرئيس وقال :
" بوصفي مواطناً عربياً ، واعتبروني مواطناً مغربياً سوف أتكلم بالنيابة عنكم لو أذِنتُم لي مع جلالة الملك "...
********
وعندها نّظّر الرئيس الى العاهل المغربي قائلاً له :
" جلالة الملك اسمح لي بهذه الصفة أن أضُمّ صوتي الى صوت أهلي في هذه البلدة ، وأقدم طلباً باسمهم ، بدخول الماء والكهرباء " !!!
ساعتها ، أعلن الحسن الثاني موافقته ، واعداً الرئيس ومواطنيه على تنفيذ طلبهم على الفور ....
حينها ارتفع هتاف الآلاف بحياة الرئيس ، والملك " كمان "....
*******
انتهت الحكاية ولم تّنتهي دروسها ، وقائلها لست أنا أو واحد من المسئولين الذين رافقوا الرئيس من القاهرة ، بل الذي كتبها هو الدبلوماسي المخضرم والشاعر السوداني الكبير " صلاح ابراهيم " الذي كان يشغل مّنصٍب سفير بلاده في الجزائر الشقيقة آنذاك وكان مُشاركاً في أعمال مؤتمر قمة الدار البيضاء بوصفه عضواً في وفد بلاده ، ونشرها في مجلة اليوم السابع الباريسية في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي والتي كان يرأسها المناضل الفلسطيني " بلال الحسن " ....
********
هذا عن المصدر أما عن الدرس الباقي فهو :
" عندما يشعر المواطن العربي أنه ابن أمة واحدة تمتد من الماء الى الماء ، تصبح كلمتهم قوية ومسموعة ، والأهم من ذلك تصبح كلمتهم على قلب رجل واحد .....
ما أنبله من رجل ...." ...)
******
صلاح زكي أحمد
القاهرة :
الساعات الأولى من يوم الجمعة المبارك الموافق ١٥ نوفمبر ٢٠١٩
Saturday, 16 November 2019
{الفكر القومي العربي} الزعيم و الحسن الثاتي
صلاح زكي احمد
No comments:
Post a Comment