Sunday, 20 February 2022

{الفكر القومي العربي} حيُّ الشيخِ جراح عاقبةُ المعروفِ في غيرِ أهلِهِ

حيُّ الشيخِ جراح عاقبةُ المعروفِ في غيرِ أهلِهِ

بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

كعادتهم هم العرب، أهل الجود والسخاء والكرم، سادوا برمادهم، وسموا بعلو كعبهم، وعرفوا بهشيم خبزهم، واشتهروا بطيب ثريدهم، وتشاركوا بكثير مرقهم، وكذا الفلسطينيون الصِيْدُ الأباةُ أهلُ المروءة والشهامة والشرف، الأصلاءُ النبلاءُ النجباء أصحاب النخوة ورجال العسرةِ، يشعلون نارهم ليستدل عليهم العابرون في الليل والسراة في الفجرِ، ويفتحون أبوابهم لكل ضيفٍ وعابر سبيل، ويبشون في وجوه الغرباء والوافدين، ويكرمون ضيوفهم ويحسنون استقبالهم، ويخصونهم من بيوتهم غرفاً، ويعطونهم من أرضهم سكناً، ويمدون يد العون لكل محتاجٍ، ولا يفرقون في العطاء بين الغريب والنسيب، أو القريب والبعيد، ويجيرون في حماهم كل من استجار بهم وطلب النصرة وتطلع إلى الحماية، وتمنى السلامة وبحث عن الأمان، ليعيش بينهم ومعهم مطمئناً في أهله، وآمناً في سربه، ومالكاً لقوت يومه وغده.

 

بهذا الأخلاق العالية والقيم الرفيعة والمعاني النبيلة، استقبل العربُ الفلسطينيون في العام 1880 بعض اليهود الفارين من الظلم في أوروبا، والهاربين من الاضطهاد الذي يلاحقهم والتمييز الذي يؤلمهم، فأكرموهم وأحسنوا إليهم، وأمَّنوهم وساعدوهم، ومنحوهم الأمان الذي كانوا يبحثون عنه، والاستقرار الذي حرموا منه، رغم أن الأخبار التي كانت ترد إلى العرب من أوروبا، أن اليهود أساؤوا فيها وأفسدوا، وفتنوا سكانها بمالهم وتجارتهم، وأغرقوهم بالديون وشددوا عليهم بالفوائد، وعزلوا أنفسهم عن محيطهم الذي كان يشكو منهم ويتألم، نتيجة سلوكهم اليومي وقذارتهم الشخصية وعيوبهم الاجتماعية، وأساطيرهم الدينية وطقوسهم الغريبة.

 

إلا أن العرب الفلسطينيين لم يصغوا للشكوى الأوروبية، ولم يصدقوا روايتهم الشعبية، وأصروا التزاماً بأخلاقهم وانسجاماً مع قيمهم، على استقبال الوافدين اليهود، الذين استجاروا بهم ولجأوا إليهم، ورأوا عدم طردهم أو التخلي عنهم، رغم سوء السمعة التي تسبقهم، وكثرة الروايات التي تفضحهم، إذ ما اعتاد العرب في حياتهم أن يغلقوا الأبواب في وجه طارقٍ، أو أن يصدوا مستجيراً ويسلموا معاهداً، أو يصموا آذانهم عن صوت ملهوفٍ ضعيفٍ، يطلب النصرة ويستجدي المساعدة، ولو لم يكن من بلادهم أو من بني ملتهم، فهم على هذه الأخلاق نشأوا، ومن آبائهم تعلموا، وعن أجدادهم ورثوا.

 

كان ممن وصل إلى فلسطين من اليهود الفارين من أوروبا، جماعةٌ من اليهود وصلت إلى مدينة القدس، على رأسها يوسف بن رحاميم، وقد كانت مدينةً عامرةً رحبةً، حاضرة البلاد وزهرة مدائن المسلمين، تعيش الرخاء والسخاء، ولا تعاني من ضيقٍ أو جوعٍ، بل يأتيها رزقها رغداً من كل مكان، يحمله إليها التجارُ والزوار، والحجاج والمصلون، الذين يرون في مدينة القدس أرضاً مباركاً ودياراً مقدسةً، لا يضام ساكنها، ولا يجوع أهلها، ولا يطرد اللاجئون إليها، ولا يظلم الضعفاء فيها.

 

استجار اليهودي يوسف بن رحاميم، الذي جاء من أوروبا ومعه جمعٌ من اليهود، يحملون أموالهم وحليهم، وذهبهم ومجوهراتهم، بالعربي المسلم  عبد ربه خليل بن إبراهيم، الذي كان يسكن حي الشيخ جراح، وهو الحي الراقي الذي بناه المسلمون قبل قرابة ألف عام، وأطلقوا عليه اسم "حي الشيخ جراح"، تيمناً بحسام الدين بن شرف الدين عيسى الجراحي، طبيب السلطان صلاح الدين الأيوبي، وقد كان حياً راقياً يزدان بالمباني الجميلة والأشجار الوارفة العالية، والمثمرة الجميلة الزاهية، ويتصف بالحداثة والعمران، شأنه شأن حي القطمون والأحياء الأخرى المجاورة، التي تميزت عن أحياء القدس الأخرى بجمالها ونظافة شوارعها، وبحدائقها وبساتينها، وبالخدمات المميزة التي تتوفر فيها ويستمتع بها سكانها.

 

رحب الفلسطيني عبد ربه خليل باللاجئ اليهودي يوسف بن رحاميم ومن معه، ووافق أن يؤجره قطعةً من أرض حي الشيخ جراح المقدسية مدة 99 عاماً، وفق نظام "التحكير" العثماني، الذي كان يسمح بالتأجير طويل المدى في مدينة القدس، ولكنه يمنع بيع الأراضي فيها للأجانب، وكان الوافدون اليهود إلى المدينة المقدسة يعدون أجانب ويخضعون للقانون العثماني، الذي حد من استيلائهم على الأراضي المقدسية، في الوقت الذي كانوا يملكون فيه المال والقدرة على الشراء والإغراء.

 

بقي اللاجئون اليهود يعيشون إلى جانب الفلسطينيين في حي الشيخ جراح، ضمن عقد الإيجار القانوني، يؤدون الأجرة السنوية بانتظامٍ، وكانوا يلقون من سكان الحي معاملةً طيبة، ولا يشعرونهم خلال إقامتهم بالغربة المُرة، إلى أن وقعت حرب عام 1948، واحتل الإسرائيليون الشطر الغربي من مدينة القدس، وبعد أن فشلوا في احتلال حي الشيخ جراح المطل على الجامعة العبرية، هرب السكان اليهود منه، خوفاً من تعرض الفلسطينيين والأردنيين لهم بالثأر والانتقام، حيث خضعت المدينة لنظام فرزٍ ديني وقومي حاد، فلم يبق في الشطر الغربي سكانٌ فلسطينيون، كما رحل السكان اليهود من الشطر الشرقي للمدينة، واستمرت المناوشات العسكرية بين الأحياء العربية واليهودية.

 

قامت الحكومة الأردنية التي كانت تدير الضفة الغربية والقدس بعد حرب عام 1948، في العام 1956 بإسكان قرابة مائتي عائلة فلسطينية من المهجرين جراء الحرب في منطقة كرم الجاعوني، وكانت تنوي تمليكهم البيوت التي سكنوها، إلا أن حرب النكسة عام 1967 حالت دون ذلك، حيث خضعت القدس كلها للاحتلال والإدارة العسكرية الإسرائيلية، وبدأت حملات مصادرة الأراضي والتوسع والاستيطان، إلا أن سكان كرم الجاعوني في حي الشيخ جراح بقوا متمسكين بحقوقهم، مقيمين في بيوتهم، وثابتين على أرضهم، يرفضون كل محاولات إخراجهم منها عنوةً أو اتفاقاً.

 

أخذ أحفاد اليهود اللاجئين الذين جاء بهم يوسف بن رحاميم إلى حي الشيخ جراح، يطالبون بالاستيلاء على البيوت التي كان آباؤهم يشغلونها إيجاراً، ويسكنون فيها مؤقتاً بموجب عقدِ إيجارٍ، وأجبروا عن طريق المحاكم الصهيونية سكانها بدفع الإيجار السنوي لهم، رغم أن عقدهم الأصلي "التحكير" كان قد انتهى، وآلت الأرض حكماً وقانوناً إلى ملاكها الشرعيين الأصليين، إلا أن الإسرائيليين اليهود تكاثروا على الفلسطينيين بقوتهم العسكرية، ومحاكمهم الجائرة وقضائهم المسيس المنحاز، وعمدوا إلى إخراج السكان الفلسطينيين عنوةً وقهراً، وإجبارهم على الخروج منها بقوة الجيش والشرطة وقرارات الحكومة.

 

تلك هي قصة حي الشيخ جراح الذى آثرَ أهله الكرامُ إغاثة الملهوفين وإكرام اللاجئين، والإحسان إلى الهاربين الخائقين، لكن لسوء حظهم أنهم أكرموا أناساً لا يستحقون الكرم، ولا يستأهلون المساعدة، وعملوا خيراً مع جبلةٍ عفنةٍ وفطرةٍ مريضةٍ وطبيعةٍ خبيثةٍ لا تعرف غير الحقد والمكر، والنصب والغصب والكسب الحرام، ولكن هذا الباطل لن يدوم، وهذا الظلم لن يسود، ويوماً ما سيبوء الشر بأهله، وسيعود الحق إلى أهله، تلك هي سنة الله في خلقه، وحينها سيعلم الذين ظلموا أي منقلبٍ سينقلبون.

 

بيروت في 20/2/2022

moustafa.leddawi@gmail.com

--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To unsubscribe from this group and stop receiving emails from it, send an email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
To view this discussion on the web visit https://groups.google.com/d/msgid/alfikralarabi/CA%2Bk3OjhSUKBLJDoM7kHr%2BwH-Wd2ASBke0dnHmFUmSwn7WVwY6A%40mail.gmail.com.

Friday, 18 February 2022

{الفكر القومي العربي} الوليدةُ الفلسطينيةُ اللقيطةُ تحجرُ على الأمِ الأصيلةِ المريضةِ

الوليدةُ الفلسطينيةُ اللقيطةُ تحجرُ على الأمِ الأصيلةِ المريضةِ

بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

في العاشر من كانون أول/ديسمبر عام 1993 قرر المجلس المركزي الفلسطيني تشكيل السلطة الفلسطينية المؤقتة، وفقاً لاتفاقيات أوسلو الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة الكيان الصهيوني في الثالث عشر من شهر أيلول/سبتمبر عام 1993، وما كان يعلم وأعضاء المجلس الوطني الفلسطيني أنها عما قريب ستشطبهم وستصادر صلاحياتهم وستحل مكانهم.

 

وكان قد سمى في الجلسة نفسها ياسر عرفات رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير رئيساً للسلطة الفلسطينية المؤقتة، إلى حين انتهاء المرحلة الانتقالية التي نصت عليها اتفاقية أوسلو وحددتها بخمس سنواتٍ، وصولاً إلى المرحلة النهائية من المفاوضات، التي ظن الطرف الفلسطيني المفاوض أنها ستفضي إلى دولةٍ فلسطينيةٍ مستقلةٍ، وستحل معضلات الحدود والقدس والسيادة واللاجئين، وغيرها من قضايا الحل النهائي التي تم إرجاؤها بخبثٍ إلى المرحلة النهائية.

 

لكن شيئاً لم يتحقق مما توقعه المفاوضون الفلسطينيون، ومما التزم به الإسرائيليون ووقعوا عليه، فقد مضى على الاتفاق المشؤوم قرابة ثلاثين سنة، وساءت الأوضاع أكثر مما كانت عليه قبل توقيع الاتفاقية، وتعقدت المسائل العالقة أكثر، وتنكر الإسرائيليون لالتزاماتهم، بل قاموا باستغلال المرحلة في تنفيذ مخططاتهم القديمة والجديدة، فتوسعوا في الاستيطان، وأمعنوا في قضم المزيد من الأراضي ومصادرة الحقوق، وضاعفوا جهودهم في التوسع والبناء، وكثفوا مساعيهم لتهويد مدينة القدس والسيطرة على المسجد الأقصى المبارك والمقدسات الدينية المسيحية والإسلامية في المدينة، وسعروا أوار الحرب الدينية والقومية مع الفلسطينيين.

 

كان ينبغي على القيادة الفلسطينية وقد رأت نتيجة رهانها ومآل نهجها أن تستعيد زمام المبادرة، وأن تقلب للعدو ظهر المجن، وأن تتنكر مثله لما التزمت به تجاهه، وأن تعود عما اعترفت به، فقد غدر بها وخدعها، وتآمر عليها وأضعفها، وأحبط مشاريعها وأفشل مخططاتها، وأساء استخدامها وأضر كثيراً بالمشروع الوطني الفلسطيني، وقد كان لديها وما زال كل المبررات والمسوغات لأن تنكث الاتفاق، وتعود عن الاعتراف، وتتمسك بالحقوق والثوابت، وتصر على المقاومة والنضال حتى تتحقق أهداف الشعب الفلسطيني وطموحاته، وهي أهدافٌ مشروعةٌ وغاياتٌ نبيلة، يقر بها المجتمع الدولي ولا يعترض عليها، وتؤيدها أغلبيته وتدعو إلى تحقيقها والتوقف عن إنكارها والجحود بها.

 

إلا أن القيادة الفلسطينية أعمت عيونها عن كل العيوب التي تحيط بها، ومضت سادرة في مشروعها الذي لا نهاية له ولا هدف وطني يحققه، وأصرت على مواصلة مسيرة المفاوضات العبثية، والتنازلات المجانية، والالتزامات المهينة الذليلة، وأعلنت للقاصي والداني أنها ستواصل نهجها "السلمي"، وكررت استنكارها لكل عملٍ مقاومٍ، وعارضت كل أشكال المقاومة الشعبية الفلسطينية، واعتبرت القائمين عليها والمؤمنين بها خارجين على القانون، وسجنتهم وعاقبتهم، وعذبتهم وضيقت عليهم، وحرمتهم من حقوقهم وامتيازاتهم، إلا أن يخضعوا لسياستها، ويؤمنوا بمشروعها، ويسلموا بقيادتها.

 

كل خطوات القيادة الفلسطينية وإجراءاتها، وكافة سياساتها ومشاريعها، تتنكب للمشاريع الوطنية، ولا تتوخى المصالح الشعبية، ولا تسعى للتقريب بين وجهات نظر شعبها وفصائله، وهي تتعمد تكريس الشرخ وتعميق الخلاف وإدامة الانقسام، وكأنه يعينها أن يدوم التشرذم الفلسطيني والتيه الوطني، ولا تتحقق المصالح ولا تجتمع الكلمة، ولا يلتئم الصف أو تتوحد الإرادة، فقامت بإصرارٍ وعنادٍ، بكل ما من شأنه تعقيد الوفاق الفلسطيني وتصحيح المسار الوطني، وكأنه مطلوبٌ منها هذا الدور وملزمة به، وإن كنت أظن وغيري كثير، أنها مقتنعة بما تقوم به، وواعية جداً لما ترتكبه من أخطاء، وهي راضية عن أدائها ومؤمنةٌ به، ولو أنه يخدم عدوها ولا ينفع شعبها، ويضر بالوطن ويهدد مستقبل القضية.

 

بالأمس القريب قام المجلس المركزي الفلسطيني بملء الفراغات الوظيفية، وتسمية ممثلي القوى والفصائل لشغل المناصب الرئيسة في منظمة التحرير الفلسطينية، سواء في مجلسها الوطني أو لجنتها التنفيذية، وقد كانت الأهواء الشخصية والولاءات السياسية هي ضابط القيادة الفلسطينية المتنفذة، ولم يكن لديها أي معيارٍ وطني في انتقاء الأشخاص وتسمية المسؤولين، بل إنها تعمدت غياب البعض، وعبدت الطرق أمام اعتذارهم واستنكافهم، واستعجلت الخطى لتقطع الطريق عليهم، واعترضت كل المساعي الوطنية والعربية لجمع الأطراف وتوحيد كلمتهم، ووأدت بقراراتها الأخيرة كل مسعى وأجهضت كل مبادرةٍ.

 

لكن القرار الأخير الذي أصدره رئيس السلطة الفلسطينية كان غريباً للأطوار ومخالفاً لكل الأعراف، وكأنه أراد به قبل رحيله أن يقزم القضية الفلسطينية ويضع نهايةً مأساويةً لها، إذ جعل رئاسة الدولة الفلسطينية، التي هي رئاسة السلطة الفلسطينية، مرجعاً لكل الهيئات الفلسطينية، فكانت منظمة التحرير الفلسطينية والمجلسين الوطني والمركزي وغيرهما، تابعين للرئاسة الفلسطينية، وملتزمين بسياستها وخاضعين لإرادتها، والكل يعلم أن السلطة الفلسطينية ورئيسها، والذي هو رئيس الدولة الفلسطينية الافتراضية، خرجا من رحم منظمة التحرير الفلسطينية، وتشكلا بموجب قرارٍ صادرٍ عن هيئاتها الشرعية.

 

اليوم وبهذا القرار الباطل حكماً والفاسد عقلاً، قد ارتكب الرئيس الفلسطيني جرماً جديداً بحق الشعب الفلسطيني وأجياله، إذ أتبع الأصل الشامل للفرع المحدود، وألحق منظمة التحرير الفلسطينية التي هي الإطار الوطني الجامع للسلطة الفلسطينية المحدودة، المشكوك في هويتها، والمطعون في وظيفتها، والمتهمة في انتمائها وولائها، والخاضعة في كثيرٍ من سياساتها للعدو الإسرائيلي والولايات المتحدة الأمريكية المؤيدة له، والكل يعلم أن السلطة الفلسطينية بموجب الاتفاقيات المؤقتة والنهائية، محدودة الأفق، ومحصورة الصلاحيات، ولا مكان فيها لشتات الشعب الفلسطيني وحق عودته، فضلاً عن سيادة دولته وحقها في الوجود والاستقلال.

 

أمام هذا السقوط المتواصل، والانحدار الشديد، في ظل هذا المنعطف الحرج، الذي قد يفضي إلى تسليم القيادة المريضة إلى قيادةٍ أشد مرضاً، ويعهد بالقضية الفلسطينية من نهجٍ أعوجٍ إلى نهجٍ أكثر اعوجاجاً، ويسلم القيادة ويمنح الراية لرموزٍ لا يخفون ارتهانهم، ولا يسترون عوراتهم، ويعلنون صباح مساء أنهم مع الوفاء بما التزمت به قيادتهم، والتقيد بما نصت عليه معاهداتهم، ينبغي أمام هذه الانزلاق الخطير والتردي المخيف، من خطوةٍ وطنيةٍ مسؤولية، يشترك فيها الشعب وكل قواه الوطنية، بوضوحٍ وشفافية، وصلابةٍ وإرادةٍ، لاستعادة القيادة، ونزع الشرعية ممن اغتصبها عمداً وانحرف بها قصداً، وإلا فإن الخسارة القادمة أكبر، وعمر المرشحين الجدد للخيانة والتفريط مديدٌ وأطولُ، محجم التنازلات المرجوة أكثر وأخطر.

 

بيروت في 18/2/2022

moustafa.leddawi@gmail.com

--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To unsubscribe from this group and stop receiving emails from it, send an email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
To view this discussion on the web visit https://groups.google.com/d/msgid/alfikralarabi/CA%2Bk3OjiVDg1jY3-kmBuYHE3z8e3b8buOHzEyZSfUr4Ea3siSig%40mail.gmail.com.

Saturday, 12 February 2022

{الفكر القومي العربي} المجلس المركزي الفلسطيني مخاضُ الانعقادِ وبطلانُ القراراتِ (1) شرعيةُ التمثيلِ وأصالةُ التشريعِ

المجلس المركزي الفلسطيني مخاضُ الانعقادِ وبطلانُ القراراتِ (1)

شرعيةُ التمثيلِ وأصالةُ التشريعِ

بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

شغل المجلس المركزي الفلسطيني الذي عقد يومي السادس والسابع من شهر فبراير/شباط الجاري، مختلف الأوساط الفلسطينية الشعبية والرسمية، والحزبية والنقابية، وكذلك الأوساط العربية والدولية والإسرائيلية، وسلط الضوء عليه ماهيته وهويته، وتكوينه وتشكيلته، وشرعيته وأصالته، وعضويته وهيكليته، وعدد أعضائه وطريقة اختيارهم، واجتماعاته وقراراته، والمهام الموكلة به والصلاحيات الممنوحة له، وغير ذلك مما يعني المراقبين والمتابعين، سواء كانوا معنيين بصورةٍ مباشرةٍ كالفلسطينيين، أو مهتمين بالقضية الفلسطينية كالإسرائيليين والدول العربية وأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.

 

سأحاول في سلسلة المقالات التالية أن أجيب على التساؤلات السابقة، وأن أسلط الضوء على اجتماعات المجلس المركزي وخاصةً الأخير منها، وأن أبين في عناوين منفصلة، عدالة التمثيل وشرعية الانعقاد، وأعرض مواقف القوى والفصائل الفلسطينية من انعقاد المجلس المركزي، ومشاركة بعضها ومقاطعة آخرين، فضلاً عن المواقف الشعبية الفلسطينية في الوطن والشتات، والمزاج الشعبي العام من كل ما جرى، وسأستكمل الصورة ببيان المواقف الإسرائيلية من قرارات المجلس المركزي، ودورها في تسهيل انعقاده وتيسير دخول أعضائه وتوجيه جلساته، وسأستعرض الآفاق المستقبلية والحلول المرحلية، ودور المجلس المركزي في تقرير الحلول الممكنة، علَّ القارئ الكريم يستطيع أن يفهم ما جرى، وأن يدرك خطورة ما تم الاتفاق عليه أو إعلانه.

 

تشكل المجلس المركزي الفلسطيني بموجب قرارٍ صادرٍ عن المجلس الوطني الفلسطيني في دورته الثالثة عشر، التي عقدت في مارس/آذار عام 1977، ليكون حلقة وصلٍ بين المجلس الوطني الفلسطيني واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ما بين كل دورتين عاديتين من دورات المجلس الوطني، فأصبح بذلك ثالث أعلى هيئة فلسطينية بعد المجلس الوطني واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

 

 تقرر أن يكون عدد أعضاء المجلس في حينها 32 عضواً، ولكن هذا العدد لم يكن ثابتاً، إذ جرى على مر السنين إضافة أعضاء جدد من المستقلين عموماً، ومن المنتمين إلى الفصائل الفلسطينية المختلفة المشكلة لمنظمة التحرير الفلسطينية، علماً أن أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية هم حكماً أعضاء في المجلس المركزي، بالإضافة إلى عدد من ممثلي الفصائل الفسطينية والنقابات المهنية والمستقلين، وهو ما جعل عدد أعضائه يصل إلى أكثر من مائة عضو، حيث بلغ عددهم في دورته الأخيرة التي عقدت قبل أيامٍ في مدينة رام الله، مائة وواحدٌ وأربعون عضواً، في حين ذكرت بعض التقارير أن ثلاثة أعضاء تغيبوا، بما يعني أن أعضاء المجلس المركزي الفلسطيني للعام 2022 بلغ 145 عضواً.

 

كان المرجو عند تشكيل المجلس المركزي الفلسطيني أن يكون تمثيله عادلاً، فتتمثل فيه كل القوى الفلسطينية، فضلاً عن النقابات والاتحادات والمستقلين، ويكون مهيأ للقيام بمهام المجلس الوطني الفلسطيني في حال تعذر انعقاده، أو بين دوراته العادية، حيث نصت قوانين اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أن ينعقد المجلس المركزي الفلسطيني دورياً كل ثلاث أشهر، يقوم خلالها بمحاسبة ومراقبة أداء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ويستطيع القيام ببعض المهام التي أوكله بها المجلس الوطني، على ألا يصادر دوره، وألا يحل مكانه، وألا يحول دون انعقاد الأصل وتجديد شرعية الفرع.

 

إلا أن المجلس المركزي الفلسطيني أصبح مع مرور الزمن صورةً مصغرةً عن المجلس الوطني الفلسطيني، الذي تسيطر عليه حركة فتح وتوجهه، وتقوده وتحركه، بينما أصبح تمثيل الآخرين فيه رمزياً وشكلياً وقليل العدد، أي أنه لم يعد هيئة وطنية جامعة، تمثل كل قطاعات الشعب وفئاته، حيث أصبح جل أعضائه من المستقلين المعينين خارج الأطر الرسمية للمجلس الوطني، والمخالفين في تعيينهم لقوانين ولوائح المنظمة، ممن يدعون الاستقلالية وعدم الانتماء الفصائلي، في حين أنهم كانوا جميعاً إما من حركة فتح، أو من المناصرين لها والعاملين في الخفاء معها، وبذا لم يتمكن أحدٌ من المستقلين أن يصل بنفسه إلى عضوية المجلس المركزي، دون رافعة فتحاويةٍ، أو قرارٍ مباشرٍ من رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، الأول ياسر عرفات والثاني محمود عباس.

 

رغم أن المجلس المركزي الفلسطيني قد اتخذ على مدى السنوات الماضية مجموعةً من القرارات الهامة، نيابةً عن المجلس الوطني الفلسطيني، بما ينسجم معه ولا يتعارض مع قوانينه، إلا أن قراراته اتسمت بالحزبية، وصدرت خدمةً لتيارٍ معينٍ في منظمة التحرير الفلسطينية، وجاءت أغلبها لتيسير عملية السلام والمفاوضات الجارية مع العدو الإسرائيلي، وتسهيل عمل اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وتوسيع صلاحياتها، وزيادة ميزانياتها، والمصادقة على أغلب قراراتها، وتغيير القوانين بما ينسجم مع المخالف لها أو المتعارض معها.

 

ومن صلاحياته المنصوص عليها، وهي صلاحيات كثيرة وتزداد مع الأيام في ظل تعثر انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني، مناقشة مشاريع القرارات التي ترفعها إليه اللجنة التنفيذية، ومناقشة وإقرار الخطط المقترحة من دوائر منظمة التحرير، ومحاسبة المسؤولين ومحاكمتهم، وتجميد عضويتهم وسحب صلاحياتهم وفصلهم، على أن تعرض قراراتها على المجلس الوطني في أول انعقادٍ له.

 

إلا أن أهم قرارات المجلس المركزي الفلسطيني التي نفذت، وكان لها أبلغ الأثر على القضية الفلسطينية، فقد تمثلت في تسمية ياسر عرفات رئيساً للدولة الفلسطينية، في اجتماعه بتونس يوم 30/3/1983، وقراره في 10/12/1993 بتشكيل السلطة الفلسطينية، وتسمية ياسر عرفات رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير رئيساً للسلطة الفلسطينية خلال المرحلة الانتقالية من اتفاقية أوسلو للسلام الموقعة مع الكيان الصهيوني.

 

أما أشهر قراراته التي لم تنفذ، والتي بقيت حبراً على ورق حتى اليوم، فهي تعليق الاعتراف بالكيان الصهيوني، ووقف كافة أشكال التنسيق الأمني معه، والمباشرة بتقديم طلبات انضمام فلسطين إلى المنظمات الدولية، وتقديم شكاوى ضد الكيان الصهيوني لدى محكمة العدل والجنايات الدولية وغيرها.

 

يبدو من سياسة المجلس المركزي ومسيرته، أن القرارات الوطنية لا تنفذ، وتلك التي يتطلع إليها الشعب الفلسطيني تهمل ولا تقدر، الأمر الذي يعني أنه هيئة شكلية ومؤسسة صورية، تحكمها السلطة التنفيذية المسيطرة على القرار الفلسطيني، والمغتصبة للإرادة الوطنية للشعب الفلسطيني، والمحتكرة زوراً وبهتاناً للتمثيل الشعبي الفلسطيني في الداخل والخارج.

 يتبع.....

بيروت في 12/2/2022

moustafa.leddawi@gmail.com

--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To unsubscribe from this group and stop receiving emails from it, send an email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
To view this discussion on the web visit https://groups.google.com/d/msgid/alfikralarabi/CA%2Bk3Ojgb0bn577FDT58ncyJ4Du%3D0Sa84jtmQw6DMFYObCDxW9Q%40mail.gmail.com.

Sunday, 6 February 2022

{الفكر القومي العربي} هل يستقيلُ الرئيسُ الفلسطيني محمود عباس ويتقاعدُ

هل يستقيلُ الرئيسُ الفلسطيني محمود عباس ويتقاعدُ

بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

يبدو أن شيئاً ما يحاك في الخفاء ويدبر بليلٍ، لكن بسرعةٍ وعلى عجلٍ، وبحذرٍ شديدٍ واهتمامٍ بالغٍ، فيما يتعلق بهوية الرئيس الفلسطيني الجديد، فهي شخصية محورية وأساسية بحكم الصراع مع الكيان الصهيوني، ولها دورها وتأثيرها الكبير على المسار الفلسطيني العام ومستقبل القضية الفلسطينية، وفقاً للصلاحيات الممنوحة له، والدور المنوط به.

 

ولهذا ينبغي أن تتمتع شخصيته بمواصفاتٍ خاصةٍ ومفاهيم متفق عليها ومقبولة، لا شك فيها ولا قلق عليها، وقد آن الوقت لحسم شخصيته وتحديد هويته، واختياره بدقةٍ متناهيةٍ من بين عددٍ من المرشحين لخلافة الرئيس محمود عباس، الذي أدرك بدوره أنه قد آن الأوان لحسم قراره، وجمع أوراقه وحزم متاعه تمهيداً للرحيل أياً كان نوعه، وفاةً أو تقاعداً، ويبدو أنه اختار، مرغماً أو مختاراً، الاستعجال بالثانية، إذ لم يعد هنالك متسعٌ من الوقت للمغامرة بالفراغ الرئاسي، أو المقامرة بانتخاباتٍ اضطرارية، لا تسمح بترتيب الأوراق وضبط دفتر الشروط.

 

قرار تحديد هوية الرئيس الجديد وتسميته ليست مهمة فلسطينية خالصة، وإن بدت أنها كذلك، أو ظهرت وكأنها نتيجة حساباتٍ حزبيةٍ ونتائج صناديق انتخاباتٍ شكليةٍ، فالفلسطينيون وفقاً للنظام الدولي المسيطر على المنطقة، والمتحكم في القرار الفلسطيني، هم آخر من يقرر في هذا الشأن، وأبعد الأطراف وإن كانوا هم أكثرها أصالةً، عن اختيار رئيسهم وتسمية الممثل لهم والناطق باسمهم.

 

الأطراف المتحكمة في القرار عربيةٌ ودوليةٌ، كما أنها إسرائيلية أيضاً، إذ لا يخفى على أحد أن الكيان الصهيوني هو الناخب الأكبر، وهو صاحب القرار الأول في تسمية رئيس السلطة الفلسطينية، وإن تم إخراج ذلك بأدواتٍ عربيةٍ، مصرية وأردنية وسعودية، وبإرادةٍ دوليةٍ أمريكيةٍ وأوروبية، إلا أنها جميعها تبقى ملتزمة بالضوابط الإسرائيلية، التي لا يقوى أي طرف على الحياد عنها أو معارضتها.

 

ولهذا يلتئم اليوم في مدينة رام الله المجلس المركزي الفسطيني، وعلى جدول أعماله تسمية رئيس المجلس الوطني الفلسطيني ونائبه وبقية هيئاته، ولكن المهمة الأساس تتمثل في تسمية أعضاء جدد لعضوية اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، والتي سيشغل أحدها منصب أمين سر اللجنة التنفيذية للمنظمة، الذي سيكون صاحب الحظ الأوفر في الترشح لرئاسة الرئاسات كلها، حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية ورئاسة السلطة والدولة الفلسطينية، ويبدو أنه قد تم ضبط كافة التفاصيل، ورسم مختلف المسارات، تمهيداً لإعادة تشكيل المؤسسات الوطنية الفلسطينية لمواصلة المسيرة السياسية الفلسطينية ضمن نفس الشروط والضوابط.

 

أما العواصم المعنية بالقضية الفلسطينية، والمنشغلة بها واجباً أو تكليفاً، فهي لا تنفك تعقد الاجتماعات وتنظم اللقاءات المعلنة والسرية لمناقشة مستقبل الرئاسة الفلسطينية، التي باتت ملحة وضرورية، وعينها على التوافقات الدولية والشروط الإسرائيلية، ولا يعنيها أبداً الرغبات الفلسطينية، أو المواقف الشعبية للفلسطينيين عموماً في الوطن والشتات، فهم آخر من يسألوا أو يستشاروا، وليس أمامهم سوى القبول والتسليم، والتعامل مع الواقع المفروض، وهو نفس الواقع الذي ألزمهم به المجتمع الدولي لأكثر من ست عشرة سنة، منذ انتخابات العام 2006، التي لم تتجدد شرعيتها ولم تمدد قانوناً، بل فرضت قهراً وجبراً.

 

يبدو أن هناك خطوة تالية لقرارات المجلس المركزي، وهي مرتبطة به وغير منفكة عنه، وربما تم الاتفاق عليها قراراً وتوقيتاً، فقد يعلن الرئيس الفلسطيني في غضون الأيام القليلة القادمة، التي لن تزيد عن الشهرين إلى ثلاثة أشهرٍ على أبعد مدى، عن قرار استقالته من مناصبه الأربعة التي يستفرد بها، وإنسحابه من العمل السياسي، وقراره بالتقاعد والانتقال للعيش في إحدى الدول الخليجية، التي سترحب به وسفتح له أبوابها، وستكرمه وتهيئ له أسباب العيش الكريم في خاتمة أيامه، كرماً منها أو التزاماً بواجباتها المكلفة بها.

 

لم يعد هنالك أسماء كثيرة مرشحة لوراثة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، فقد تراجعت بورصة المرشحين والمتنافسين، والمدعومين والمدفوعين، لصالح مرشحٍ وحيدٍ تدعمه المؤسسة الأمنية الفلسطينية، وتوافق عليه مختلف الأطراف العربية والدولية، فضلاً عن الكيان الصهيوني الذي يفضله ويريده، ويدعمه ويرشحه، ويرى أنه البديل الأنسب والوريث الأفضل، الذي يفهم جميع التفاهمات ويلتزم كل الاتفاقيات، ويدرك التوازنات القائمة، ويعلن التزامه به وعدم محاولة خرقها.

 

لكن يبدو أن هنالك معارضة إسرائيلية لهذا السيناريو المعد بدقة والمهيئ للإعلان قريباً، فبعض الباحثين والخبراء الإسرائيليين يحذرون من خطورة هذا السيناريو، ويرون أن محاولات فرضه بالقوة أو بالأمر الواقع، ستؤدي إلى فوضى عارمة، وإلى شيوع حالة من العنف والاضطراب في المناطق كلها، ولن يكون بإمكان الجيش والأجهزة الأمنية بطرفيها الفلسطيني والإسرائيلي، القدرة على ضبط الشارع الفلسطيني وتهدئته، آخذين بعين الاعتبار التطورات الأخيرة التي فرضت فلسطينيي الداخل كلاعبين رئيسين في أي حراكٍ فلسطينيٍ قادمٍ، وهذا الخلاف الفلسطيني الذي قد يستشري ويمتد، ويطول وينتشر، في ظل غياب زعامة فلسطينية رمزية، سيضر بالمصالح الإسرائيلية ولن يخدم أهدافها.

 

يؤمن هذا الفريق بحتمية التغيير الفلسطيني، ويعتقدون أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس سيقدم فعلاً على الاستقالة، وسيسلم القيادة إلى الجيل الوسط المتفق عليه، ولكن هذا القرار الأحادي من الجانب الفلسطيني، يحمل معه بذور الانفجار الكبير والتوتر الواسع والفوضى الشاملة، في حين أن الاتفاق مع التنظيمات الفلسطينية ومعها حركة حماس، سيفضي بالتوافق العربي والضغط الدولي إلى خلق قيادة بديلة، تتمتع ببعض القبول الشعبي، لكنها تخضع للشروط الدولية وتلتزم بها، وهذا الأمر من شأنه تطويع الأطراف المستعصية، وتليين مواقفها، وإدخالها تدريجياً إلى مربع التسوية الإقليمية، وقد ثبت أن التفاهمات المحكومة دولية والمضمونة إقليمياً تنتج هدوءً نسبياً.

 

هل سيطلق الرئيس الفلسطيني صافرة البدء ويعلن استقالته، ويرحل عن السياسة مورثاً غيره أعباءها، ويتقاعد بعيداً عن الوطن مستريحاً من الهم، أم أنه سيكذب كل التوقعات، وسيبطل كل القراءات، وسيبقى وهو المعروف بعناده، رئيساً حتى النزع الأخير من حياته.

 

بيروت في 6/2/2022

Moustafa.leddawi@gmail.com

--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To unsubscribe from this group and stop receiving emails from it, send an email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
To view this discussion on the web visit https://groups.google.com/d/msgid/alfikralarabi/CA%2Bk3Ojj-MeyjUAysv6hYVa1oBXV5S_nXPNQvV3T4A0gcL-cG%3DA%40mail.gmail.com.

Friday, 4 February 2022

{الفكر القومي العربي} أولوياتٌ وطنيةٌ فلسطينيةٌ في مواجهة تحدياتٍ وجودية وأخطارٍ مصيريةٍ

أولوياتٌ وطنيةٌ فلسطينيةٌ في مواجهة تحدياتٍ وجودية وأخطارٍ مصيريةٍ

بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

ليت أولي الأمر، القادة والمسؤولين، والفصائل والأحزاب، والمقاومة والسلطة، وعامة الشعب والنخبة، يدركون أن الظروف الدولية والإقليمية لم تعد تخدمنا، وأن الأوضاع العامة القريبة والبعيدة لا تتوافق معنا، وأن قضيتنا الفلسطينية أخذت تنحو بعيداً، وتهمش كثيراً، وأن أحداثاً كثيرة باتت أهم منها وأكثر حضوراً، وتداعياتها أكثر خطورةً وأشد تأثيراً، فبعضها ينذر بحروبٍ دولية، وأخرى تهدد بتفجير أزماتٍ عالمية، تفوق من وجهة نظرهم القضية الفلسطينية وتداعياتها، رغم أنها كانت ولا تزال أم القضايا وسيدة الأزمات، حتى تجد طريقها إلى الحل العادل والشامل، الذي يحق الحق ويقيم العدل ويحرر الأرض ويعيد الحقوق.

 

لا شك أن الظروف العامة على اختلافها قد تغيرت، والسياسات الإقليمية والدولية قد تبدلت، ولم تعد المناخات القديمة سائدة، ولا الهموم القومية العربية طاغية، ولا الزعامات التاريخية موجودة، ولا القواسم العربية والإسلامية مقدرة، فما اعتدنا عليه قديماً لم يعد موجوداً، وما كان متوفراً سابقاً صار نادراً أو ممنوعاً، رغم أننا لم نستغل الظروف التي كانت أفضل، ولم نستفد من المناخات التي كانت لصالحنا أكثر، ولم نحقق شيئاً مما كان سهلاً وميسراً، وممكناً ومتاحاً، وإنما ضيعنا الفرص، وأهدرنا ما كان ميسوراً وموفوراً، حيث كانت دول العالم أمامنا مفتوحة، وسلاحها متوفر، وأموالها كثيرة، ودعمها السياسي معلناً وقوياً.

 

لا يدعونا هذا الواقع المتبدل والظروف التي غدت صعبة وقاسية، لأن نشعر باليأس والقنوط، أو أن نستسلم ونخضع، ونسلم بالواقع الصعب والمتغيرات الجديدة، ونلقي سلاحنا ونوقف مقاومتنا، ونقبل بالمتاح ونرضى بما كان ممنوعاً، ونوافق على ما كان محرماً ومستحيلاً، بذريعة أن العدو بات أشد ثباتاً وأكثر تمكيناً، وأقوى سلاحاً وأمتن تحالفاً، وأنه فرض على الأرض وقائع يصعب تغييرها أو إلغاؤها، إذ غَّيَرَ الحدود وأزاح الأرض، وبدل السكان وعدل في الديمغرافيا، ودمر بلداتٍ وبنى مستوطناتٍ، ورَحَّلَ سكاناً وَوَطَّنَ مهاجرين، وحقق اعترافاً وسَنَّ قوانين تشرع مستوطناته وتبيح سياساته.

 

ينبغي أن يدفعنا هذا الواقع الجديد نحو العديد من المهام، التي لا تقل واحدةٌ منها عن الأخرى، أو تتقدم عليها وتؤخرها، فلا أولياتٍ فيها، ولا تفاضل بينها، فهي مهام متزامنة ومترابطة، وتعاضد وتساند كل واحدةٍ منها الأخرى، ضمن منهجية واضحة ومباشرة، يفرضها الواقع الجديد وتتراجع أمامها التحديات الراهنة، ويخضع لها العقل ويقبل بها المنطق، كونها سُنة بشرية وناموسٌ طبيعي مرت بها الشعوب وعاشتها كل الثورات.

 

أولى هذه المهام الوطنية هي التصدي لهذا الواقع الجديد ومواجهته، والوقوف في وجهه وتحدي إرادته، والثبات على المواقف القومية والتمسك بالثوابت العقدية، والإصرار على الحق والامتناع عن تقديم أي تنازلٍ، على قاعدة راسخةٍ من الثقة واليقين أننا قادرون على التصدي والثبات، وتجاوز المحن والتحديات، وصناعة النصر ومراكمة الانجازات، فما من شعبٍ ثبت على مواقفه إلا وكوفئ بالنصر، وحقق ما يريد ونال ما تمنى، والشعوب التي صبرت واحتملت، وناضلت وقاومت، وتحدت وتصدت، سجلت اسمها في سجل الخالدين، وباتت تجاربها دروساً للمقاومين، وسفراً خالداً للثائرين.

 

أما المهمة الثانية فهي الأَوْلَى والأهم، والأجدر بالاهتمام والمتابعة، فعليها تعتمد النتائج ويتقرر الواقع، إلا أنها الأصعب والأخطر، وهي التحدي الحقيقي والمواجهة الأقسى، إذ أنها تتعلق بالداخل لا بالخارج، وبالنفوس لا بالأعداء، وبالنوايا لا بالأعمال، ولعلنا في مواجهة العدو أقوى وأصلب، نتحداه ولا نُغْلب، ونقاومه ولا نتعب، ولكننا في مواجهة نفوسنا وتحدي رغباتنا أضعف وأوهن، وأقل حيلةً وأوهى سلاحاً، تماماً كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعد عودته من إحدى الغزوات "رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر"، لعلمه صلى الله عليه وسلم، أن مقارعة العدو أسهل من مقارعة النفس، وهزيمته أيسر من هزيمة النفس وإرغامها.

 

المهمة الوطنية الفلسطينية الثانية تتمثل في التصدي لمحنة الانقسام، ومواجهة خطر التشظي والضياع، والوقوف في وجه التشرذم والتمزق الذي بات يهدد وحدة الشعب الفلسطيني وقدسية قضيته، فقد طال أمد الانقسام، وساءت صورة الشعب الفلسطيني، وتشوهت قضيته، وتطاول عليه وعليها من يسوى ومن لا يسوى، وحق لهم ذلك طالما أنهم يرون أن سدنة القضية يسيؤون إليها، وقادة الشعب يهملون شعبهم ويتنكبون لهمومه، وينشغلون بالمنافع والمكاسب عن حاجاته، الأمر الذي يجعل من هذه المهمة مهمةً مقدسة، لها الأولية على سواها، وعليها يجب أن تنصب الجهود وتتركز المبادرات، وإلا تعمق الاختلاف واشتد النزاع، وتحقق الفشل، وذهب ريح الشعب والأمة.

 

أما المهة الثالثة والأولوية الطبيعية لشعبٍ ضحى وأمةٍ أعطت، وقضيةٍ صمدت ومسألة استعصت، فهو الاتفاق على برنامجٍ سياسيٍ وطني واضحٍ وجامع، يقبل به الشعب، ويعبر عن الأمة، ينسجم مع ماضيها ويتوافق مع تاريخها، ويحافظ على قيمها ويتمسك بثوابتها، ويعود بالقضية إلى الأصول الأولى والمبادئ السامية، التي على أساسها قامت الثورة وانطلقت المسيرة، ومضت على هدى من ميثاقها القويم سنواتٍ طويلة، تحدت العدو وأعيته، وأتعبته وأوهنته، فما نال منها ولا انتصر عليها، إلا عندما تخلى بعض قادة الثورة عن ميثاقها، وشطبوه بعض بنوده واعتبروها لاغية.

 

ما لم ينتبه الفلسطينيون ويستيقظ قادتها، ويستدركوا ما فاتهم ويتصدوا لما ينتظرهم، ويتحدوا الواقع المستجد حولهم، فإن القضية الفلسطينية ستكون في خطرٍ شديدٍ، وسيتهددها خطر الشطب والتصفية، وفرض الحلول الشوهاء والتسويات المستنكرة، ولن يغفر لهم الشعب جريمتهم، ولن ينس التاريخ خيانتهم، وكما يسجل بخيوطٍ ذهبيةٍ وعلى صفحاتٍ نوارنية، أسماء المقاومين الخالدين، الشرفاء المخلصين، فإنه سيسجل على صفحات الذل والعار، بحروفٍ سوداء وكلماتٍ مقيتة، أسماء المفرطين المضيعين، المهادنين المستسلمين، والمعترفين المطبعين، الأذلاء المهانين، الخاضعين الخانعين، الذين فرطوا بالحقوق وتنازلوا عن الوطن، واعترفوا بالعدو وسلموا له بما سرق ونهب.

 

بيروت في 4/2/2022

moustafa.leddawi@gmail.com

--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To unsubscribe from this group and stop receiving emails from it, send an email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
To view this discussion on the web visit https://groups.google.com/d/msgid/alfikralarabi/CA%2Bk3OjjCaz1bauTOezLqQ0TAnD5hDYQMWkTHTsBLt_A-PfLQyg%40mail.gmail.com.

Wednesday, 2 February 2022

{الفكر القومي العربي} فلسطينُ ليست قضيتي فيروسٌ خطرٌ ووباءٌ ينتشرُ

فلسطينُ ليست قضيتي فيروسٌ خطرٌ ووباءٌ ينتشرُ

بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

نخطيء كثيراً إذا أغفلنا المتغيرات الحادثة، وأهملنا المستجدات الطارئة، وتجاوزنا الحقائق والوقائع الدامغة، وأغمضنا عيوننا عما يجري في منطقتنا العربية والإسلامية، وظننا أن الأمور بخير، وأن أوضاعنا تسر الصديق وتكيد العدو، وأنه لا خطر يتهددنا، ولا متغيراتٍ ضدنا، ولا تحدياتٍ تواجهنا، وأن قضيتنا المركزية العربية والإسلامية فلسطين مطمئنةً وأنها بخيرٍ، وأن تحريرها بات قريباً، ودحر العدو عنها أصبح ممكناً، وأن الأمة العربية والإسلامية تقوم بواجبها ولا تتأخر، وتقدم ما عليها ولا تتلكأ، وتساهم بجهودها ولا تقصر، وتدعم بأموالها ولا تبخل، ولا تتوانى في تقديم الدعم المالي والسياسي والإعلامي.

 

لكننا جميعاً نعلم أن الحقيقة هي غير ذلك تماماً، وأن الواقع الملموس يشي بما يخزي، ويفضح بما يندى له الجبين، فواقعنا أليم، وحالنا بئيس، وظروفنا صعبة، وكثيرٌ من الآمال تبخرت، والشعارات القديمة اندثرت، والعواطف التي كانت جياشة انطفأت، والروح القومية التي كانت سائدة تراجعت، وربما تغير العدو وتبدل شكله واسمه، ولم تعد إسرائيل هي العدو والخصم، والخطر الداهم والكيان المتربص، واستبدلته بعض الأنظمة العربية، وهو الكيان الصهيوني الاستيطاني اللقيط، الذي نال منهم جميعاً، قتلاً واختراقاً واستباحة، بأعداء جدد من أبنائها المخلصين وجيرانها القريبين.

 

يجب علينا أن تعترف بأن المناخات التي كانت قد تغيرت، وأن السياسات التي سادت قديماً قد تبدلت، وغدت القضية الفلسطينية لدى أغلب الأنظمة العربية والإسلامية آخر همومها، وأقل اهتماماتها، وبات ما يشغلها عنها أكبر، وتقدم عليها كثيرٌ غيرها أخطر، وصورت بعض الأنظمة العربية الفلسطينيين بأنهم الخطر، وأن قضيتهم هي التي أضرت بهم وأوردتهم المهالك، وأنها استنزفت خيراتهم وعطلت قدراتهم، ووصفتهم بأنهم مارقين فاسدين، كاذبين منافقين، بواقين غير مخلصين، ينقلبون على من وقف معهم، ويعضون اليد التي أحسنت إليهم، ويتنكرون لمن أيدهم وساندهم، وبذا فإنهم لا يستحقون وداً ويستأهلون تعاطفاً.

 

تعلن هذه الأنظمة مواقف وتبطن أخرى، فهي تهاجم الفلسطينيين وقضيتهم وعيونها على الكيان الصهيوني، تريد مهادنته ومصالحته، وتسعى للاعتراف به والاتفاق معه، وتتهم الفلسطينيين وتشيد بقدرات العدو وإمكانياته، وتبرؤه من أفعاله وتشرع له إجراءاته، وحقيقة الأمر أنها تبحث عن حليفٍ يحميها، وقوةٍ تدافع عنها، وجدارٍ تتكئ عليه وتركن إليه لضمان مستقبلها، وحفظ أنظمتها، واستمرار حكمها، وتأييدها في الوقوف في وجه رغبات شعوبها وحقوقهم.

 

انساقت وراء هذه الأنظمة وصدقتها، نخبٌ سياسية وإعلامية وثقافية واقتصادية، من المثقفين الجدد، المستغربين المهجنة عقولهم، الذين تدعمهم السلطات وتؤيدهم الحكومات، وتسهل عملهم وتهيؤ لهم الفرص، وتوفر لهم الإمكانيات، فأخذوا يمهدون للتغيير، ويجملون السقوط، ويعددون فضائل الاعتراف ومحاسن التطبيع، ويسلطون الضوء على عيوب المقاومة وأخطاء الفلسطينيين، ولعل بعضهم مقتنعٌ بما يقول، ولكنهم وغيرهم يتقاضون الكثير على ما يشيعون، ويتلقون الهدايا والمغريات على ما يروجون ويبثون، الأمر الذي جعلهم أخبث الأدوار وأقذر الأدوات المستخدمة في إشاعة روح الذل والاستسلام في الأمة.

 

وقد بتنا نسمع ونقرأ عبر مختلف وسائل الإعلام العربية، الرسمية والخاصة، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي العديدة والمتنوعة، أصواتاً غريبةً وأفكاراً شاذةً، لكنها قطعاً لا تعبر عن الأمة ولا تنطق بضمبرها، ولا تعكس إرثها الحضاري وقيمها الوطنية والقومية، وثوابتها العقدية والدينية، فالذين يروجونها ويبثونها في الأمة، بدعمٍ من بعض أنظمتها، وتشجيعٍ من أصحاب السلطة فيها، مارقين منها، ومندسين فيها، وخائنين لها، قد ارتضوا على أنفسهم أن يكونوا أداةً بيد العدو يستخدمها، ودميةً يعبث بها ويحركها، وبوقاً يطلقه وقت شاء أو يسكته، ويعلي صوته ويرفعه متى أراد، خدمةً لأهدافه، ودفعاً لسياسته.

 

لكننا رغم علمنا أن هذه الحفنة المتفيقهة والشرذمة المجعجعة لا تعبر عن الأمة، ولا تعكس حقيقتها، إلا أننا لا نستطيع أن نغفل الشعار "الهاش تاغ" الذي نشروه في أوساط الأمة، وعمموه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، "فلسطين ليست قضيتي"، أي أنها ليست شأنهم ولا تعنيهم، ودعوا شعوبهم لاعتماد هذا الشعار المضلل وتبنيه، والإيمان به وعدم الخجل منه، ظناً منهم أنهم يستطيعون تغيير هوية الأمة وطمس تاريخها، وتغيير ثقافتها وتزوير وعيها، والانسلاخ عن جلودها والتخلي عن آبائها وأجدادها، ولعن ماضيها وشطب صفحاتها منه، قربى لأصحاب السلطة والجاه، الخائفين على مناصبهم، والوجلين على مستقبلهم، والمرعوبين من مصيرهم إن سقط حكمهم وانتهى ملكهم، الظانين أن بقاء ملكهم يتحقق في رضا "إسرائيل"، ويثبت بدعها، ويبقى بإسنادها، ويدوم بمباركتها.

 

رغم أن هذه المجموعة لا تمثل أمتنا العربية والإسلامية، ولا تنطق باسمها، ولا تعكس حقيقتها، ولا تعبر عما يجول في خاطرها ويجيش في قلبها، وأنها شرذمةٌ قليلةٌ، ضالةٌ مضلةٌ، منبتةٌ منقطعةٌ، مأجورة ومرهونة، ومنتفعة ومستفيدة، إلا أنه لا يجوز الصمت إزاءها أو السكوت عنها، فهي تعمل بنفسٍ بطيءٍ وخططٍ مدروسة، وتغير بالتدريج وتؤمن بسياسة الطرق، وتعتقد أن مراكمة الخطوات انجازٌ، والمزيد من نشر الأفكار سيحدث التغيير في الأمة، خاصةً لدى الأجيال الشابة والطالعة، التي سمعت بالحروب ولم تعشها، ورأت صورة العدو ولم تعرف حقيقته أو تطلع على تاريخه.

 

فلا نضعف أمامهم ولا نيأس، ولا تخور قوانا وتفتر عزائمنا، أو يتسلل الشك إلى قلوبنا ويتزعزع اليقين في نفوسنا، ذلك أن سواد الأمة الأعم، وجمهورها الواسع الكبير، المؤمن الصادق، الواثق المطمئن، يرفضهم ولا يعترف بهم، ولا يقبل بشعاراتهم ولا يؤمن بها ولا بهم، ولكنه يدرك أن الظروف تخدمهم والسلطات تحميهم، والمنابر مسخرة لهم، وأبواب الفضائيات ووسائل الإعلام مشرعة لهم وموصدة في وجوه خصومهم، ولكن هذا الحال لن يدوم، وهذا الاستخذاء لن يستمر، فالعدو سيبقى عدواً وإن غير جلده، والذئب سيبقى يتربص بالحمل ليفترسه، وإن صادقه حيناً أو واعده مرحلةً.

 

بيروت في 2/2/2022

moustafa.leddawi@gmail.com

--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To unsubscribe from this group and stop receiving emails from it, send an email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
To view this discussion on the web visit https://groups.google.com/d/msgid/alfikralarabi/CA%2Bk3Ojgw%2B96Qg5fKDNoH-2828iYrDs6rBTK2F6vE5cxNCkWv2Q%40mail.gmail.com.