العامل المشترك بين الإرهاب في العراق والمؤامرة ضد سورية
بقلم : حسين الربيعي
الحمد لله أن نأت الحكومة العراقية بنفسها وبالعراق عن أقذر قرار أتخذته الجامعة العربية ، التي تدس انفها الغليظ في شؤون ليست من اختصاصها ، تنفث منه زفيرها المسموم والعفن ، أقول الحمد لله ، لأن العراقيون فهموا الأسباب والأهداف التي تقف وراء ما يسمونه مطالبة الرئيس الأسد بالتنحي ، ولكن هذا لايعني خلو العراق من اصحاب "الدمار التكفيري الشامل" المرتبط بالجامعة والواقفين عليها ، فلقد أثر ما يسمى "بالتوافق" داخل الحكومة العراقية على قراراتها ، التي تظهر احيانا كثيرة ، متناقضة وغير مترابطة ، خصوصا في الأزمة السورية .
وإذ نحمد الله على ذلك ، فلأنه لايختلف عاقلان ، على ان للأزمة السورية ، تأثرات مباشرة على الأوضاع العراقية الداخلية ... سياسيا وأقتصاديا وأمنيا ، بل أن الأزمة ، تحولت ، رغم صعوبة الوضع العراقي وانشغالاته ، الشاغل الأول للمواطن العراقي ، حتى ارتد الأهتمام بالأزمة الداخلية وصراع الكتل إلى درجة ثانية بعد "الهم"السوري . فالذي اشغل المواطن العراقي واقلقه وافزعه ، نوعية المؤامرة وسيناريوهاتها وادواتها والجهات المخططة والممولة لها ، ودرجة الأحقاد الأحقاد المعبئة لأستمرارها ، ولعل احدا لايعي اهمية سورية بالنسبة للمجتمع العراقي ، فهي دون ادنى شك الرئة التي يتنفس منها ، وهي بابه إلى اشقائه العرب والعالم .
أن المواطن العراقي مؤمن بوحدة الساحتين السورية والعراقية بالأبعاد الستراتيجية والتأريخية بإطارها الجغرافي والسكاني ، وهذا يقود لتحليل يفترض بدون أدنى شك ، إلى وحدة الأستهداف المعادي للقطرين معا ، وقد يعبر أرتفاع وتيرة العمليات الإرهابية الأخيرة في العراق بالتزامن مع تصاعد وتيرة المؤامرة على سورية ، عن هذا الإدراك ، ولعل من يدرك ان هذه الجهات الإرهابية متعددة التسميات ، تنتظم كلها في إطار فعالية مشتركة ، وتحت إدارة زعامية ومرجعية واحدة ... ليس على نطاق القطرين فقط ، بل على مستوى الوطن العربي والعالم . ان تنظيم القاعدة في العراق ، الذي دعى على لسان أبو بكر البغدادي ، لتصعيد "جهاد" عناصره من كل الأقطار والدول العربية والأسلامية في العراق ، بعد فرارهم من سورية نتيجة ، الحسم العسكري والأمني السوري ، ودخولهم الأراضي العراقية ، كما يبدوا ، دليلا إضافيا على ما قلناه .
إذا فإن التصدي المنفرد في كل قطر على حدة ، يبدوا وكأنه محاولة يائسة ، فالمقاتلين المتشددين ، يتنقلون بين المغرب والجزائر وليبيا ومصر واليمن وسورية ولبنان والعراق ، وكان يجب التصدي لهم في الجماهيرية الليبية ، لولا الفتاوي السياسية والدينية ، التي صدرت بأثر رجعي واحيانا شخصي ، والتي منحت هؤلاء الأرهابيين "منزلة" الثوار ، وسمت مشاركاتهم في عمليات التدخل الأجنبي ، ثورة ، فقد كان يجب فضح المخطط المرسوم لليبيا ، من قبل الناتو والصهيونية العالمية ، ورفع الغطاء عن العصابات العميلة التي تتستر بالدين ، قبل ان تتمكن من نقل فعالياتها ومشاركاتها لاقطار عربية اخرى مثل سورية والعراق . ان لعنة التأريخ على من تقصد الخطأ مرة ، والف مرة على من أخطأ واصر على خطائه ، هذه الأزدواجية ، ليست من صنع العقل العربي المستقر الواعي ، إنها من ابتكارات الغرب الصهيوني ، وبدع الجاهلية البدوية ، فهنا رجال القاعدة الليبين ارهابيين ، وفي طرابلس او بنغازي ثوار..!! أنه ليس المضحك المبكي ، انه المفزع المبكي على امة ابتلت بمن تزعم شؤونها .
إذا لامجال للتهرب ، فإن الأختيار بين اثنين لاثالث لهما ... القبول بالمؤامرة ضد سورية ، بما سوف يلحقه ذلك من اضرار وأثار سلبية على العراق والمنطقة فيما يعنيه توسع "القاعدة" وسياسة التكفير ، التي تنطلق تحت غطائها العمليات الأجرامية التي تستهدف شعبنا العراقي والعربي ، ولمصلحة اعداء الأمة الصهاينة والأمبرياليين ، وأما الوقوف ضد المؤامرة بما يفرضه هذا الموقف ، فلا طائل في مثل هذه الأوقات المحرجة للوقوف وسط الموقفين ، فأن الوسطيين أكثر تضررا من غيرهم ، لأننا نوقن جيدا " أن المترددين لايصنعون الحياة " .
No comments:
Post a Comment