السنة والشيعة في ميزان الموقف من إسرائيل
بروفيسور عبد الستار قاسم
28/كانون ثاني/2014
استباقا أوضح أنني مسلم فقط، لا سني ولا شيعي ولا علوي ولا زيدي ولا قدري ولا جبري ولا درزي ولا أي تصنيف غير أنني مسلم، يؤمن بالقرآن الكريم وبما يتوافق معه من السنة، ويؤمن بوحدة العرب والمسلمين، ويرفض كل ما من شأنه إثارة الصراعات والإساءة للمسلمين والعرب عموما. والمؤسف أن بعض الفئات الدينية المتدينة والفاسقة استمرت في بث الفتن بين المسلمين إلى أن دفعت الكثيرين للتحدث بمصطلحات مذهبية. لم يكن يخطر على بالي استعمال كلمات مثل سني وشيعي، لكن الفئات الضالة التي تدعي الإسلام صنعت أجواء فتنوية أدخلت المصطلحات الفتنوية إلى حياة الناس رغما عنهم.
لم تخدم الفرق الإسلامية الإسلام، وكان لها دور غير إيجابي في الساحة الإسلامية، وانبثاقها أصلا كان طريقا إلى تمزيق الأمة الإسلامية. وألاحظ أيضا أن أغلب فتاوى التكفير وأغلب السباب والشتائم التي تظهر في و سائل الإعلام والشبكات الإليكترونية تأتي من أهل السنة، كما أن الغالبية الساحقة من التفجيرات وأعمال الإجرام التي تحصل في الساحة العربية والإسلامية من صنع أهل السنة. هناك من أهل الشيعة من هو ضال ومضل، لكن النسبة قليلة إجمالا، وقيادات الشيعة حذرة جدا وتركز باستمرار على وحدة المسلمين. وطبعا يرى أهل السباب والشتائم والتفجيرات أنهم هم الذين سيذهبون إلى الجنة فقط، وأن الحور العين يرتجفن متلهفات انتظارا لهؤلاء الطاهرين المطهرين الذين طمس الضلال على قلوبهم، أما غيرهم فقد خلقت الجحيم من أجلهم. علما أنه لا يدخل الجنة من حرم الناس من رحمة الله.
في هذا المقال، أركز على نقطة واحدة قد تكون إحدى المعايير الهامة في تحديد أهل النار وأهل الجنة، وهي الموقف من إسرائيل والمقاومة العربية الإسلامية.
الاعتراف بإسرائيل والتطبيع معها
في هذا الميزان، مصر والأردن دولتان سنيتان وهما تعترفان بإسرائيل وتقيمان معها علاقات ديبلوماسية وتجارية واقتصادية، الخ. دول الخليج دول سنية، وهي تقيم علاقات جيدة مع إسرائيل، وتتعاون معها في مجالات أمنية وتجارية.
المغرب دولة سنية وتحافظ على علاقات مميزة مع إسرائيل. أما تونس السنية فأرضت إسرائيل بطرد الشيخ حسن عز الدين، وبرفض منح تأشيرة دخول للشيخ أبو عماد الرفاعي ممثل الجهاد الإسلامي. تركيا دولة سنية وهي تقيم علاقات مع إسرائيل ولها سفارة، وهي عضو أيضا في حلف الأطلسي الذي يعتبر الظهير القوي لإسرائيل.
قوى 14/آذار اللبنانية في أغلبها سنية وهي على علاقة طيبة مع إسرائيل، وكذلك قوى سنية أخرى تدعي الإسلام مثل جماعة أحمد الأسير التي تنشغل باستمرار بضرب حزب الله.أما قوى 13/أيلول الفلسطينية (أهل أوسلو) سنية، وهي تعمل على المحافظة على الأمن الإسرائيلي بكل قوة، ويقف رئيس السلطة الفلسطينية على التلفزيون الصهيوني متبجحا بأن الشغل الشاغل لأجهزته الأمنية هو حماية الأمن الإسرائيلي.
فقط المقاومة الفلسطينية في غزة وهي مقاومة سنية تقف في مواجهة إسرائيل. إنها حماس وحركة الجهاد الإسلامي ولجان المقاومة الشعبية.
على الطرف الآخر، هناك إيران الشيعية التي لا تعترف بإسرائيل، وترفض الاعتراف بها، وتعمل ما هو ممكن لإضعاف إسرائيل وتقوية خصومها. وهناك أيضا قوى شيعية حزبية على رأسها حزب الله الذي يرفع لواء المقاومة ضد إسرائيل. وهناك قوى شيعية في العراق والبحرين واليمن تقف ضد إسرائيل.
الموقف من المقاومة
الدول والأنظمة المشار إليها أعلاه والتي تقيم علاقات مع إسرائيل بشكل أو بآخر لا تكتفي بذلك فقط بل هي تعمل على ضرب الجهات التي تقاوم إسرائيل. حزب الله لا يسلم من مؤامرات هذه الدول والقوى، ومحاولات النيل منه وإضعافه. في حرب عام 2006، وقفت دول عربية سنية مثل السعودية والإمارات والأردن ومصر مع إسرائيل عساها تقضي على حزب الله وكذلك فعلت قوى 14/آذار اللبنانية، وقوى 13/أيلول الفلسطينية. ولم يختلف الأمر بالنسبة لحرب إسرائيل على قطاع غزة عام 2008/2009. والآن أتت مصر لتقف أيضا ضد المقاومة في غزة بخاصة ضد حماس، وهي تعمل على تحو يل الخلاف السياسي إلى صراع ضد المقاومة الفلسطينية. وهناك فئات تكفيرية سنية عدة تكفر حزب الله وتتوعده وتعمل على إضعافه وتستهدفه بالتفجيرات والمفخخات.
في المقابل، لم يكن بإمكان حزب الله أن يصمد لولا دعم إيران الشيعية له في مواجهة إسرائيل، وما كان للمقاومة الفلسطينية السنية في غزة أن تصمد وتكسب القوة لولا دعم إيران الشيعية ودعم حزب الله الشيعي. سقط لحزب الله أكثر من مائة شهيد في البحر الأحمر والسودان وهم يهربون السلاح للمقاومة السنية، في حين أن مصر السنية كانت تلاحق أفراد حزب الله وتزج بهم في السجون.
(لو) قررت إيران الشيعية غدا الاعتراف بإسرائيل والتوقف عن دعم المقاومة في لبنان وفلسطين فإن كل هذه القوى السنية الفاسقة ستتوقف عن معاداتها وستتحول إلى صداقتها ناسية كل العناصر المذهبية التي تستعملها لإثارة الفتن في الساحة العربية الإسلامية. وكذلك الأمر بالنسبة لحركتي حماس والجهاد الإسلامي ولجان المقاومة الشعبية. إذا قررت هذه الحركات واللجان والأحزاب وقف مقاومتها فإن أصحاب اليهود من الذين ذكرتهم سيتنفسون الصعداء وسيوقفون عداءهم، وسيلتم الشمل دفاعا عن إسرائيل وعدوانها وستتدفق الأموال إلى غزة.
الجنة والجحيم لمن؟
في ضوء الحقائق الموضوعية الماثلة أمامنا على الأرض، من يدعم إسرائيل ويقيم علاقات معها يكسب آثاما عظيمة لأنه يدعم المعتدي، ويدعم عدو الله وعدو الإسلام والمسلمين الذي يحتل أرضا إسلامية مقدسة ويحتل المقدسات الإسلامية وعلى رأسها أولى القبلتين. ولا يدخل الجنة من اعترف بإسرائيل أو والاها أو أقام معها علاقات، واختبأ يكفر الناس مدعيا الطهارة من الرجس والدنس.
السؤال: كم هو حجم الإثم المترتب على الاعتراف بإسرائيل والتطبيع معها؟ وكم يحتاج المرء من الأعمال حتى يكفر عن هذا الإثم العظيم؟ وهل يقبل الله سبحانه وتعالى كفارة عن مثل هذا العمل الشنيع؟ أم يجب أن يقام عليه الحد ككفارة؟ وما هو حد الاعتراف بإسرائيل والتعاون معها؟ الحد هو الإعدام لأن من يعترف بإسرائل ويقيم معها العلاقات ويدافع عن أمنها شريك فاعل ورئيسي في قتل المسلمين وعن سابق عمد وترصد. وحد القتل في الإسلام القتل. فإذا مات كلب عربي معترف بإسرائيل ميتة خارج الحد مات وهو يحمل آثاما عظيمة وهي قتل المسلمين من لبنانيين وفلسطينيين، ولا راد لسقوطه في جهنم إلا رحمة الله سبحانه؟ وهل يغفر الله سبحانه هذه الفاحشة الكبيرة؟
المعنى، نرجو ألا يحدثنا كلب عربي يعترف بإسرائيل عن الجنة والنار، وأصول دخول الجنة والزواج من الحور العين. عليه أن يصلح نفسه أولا، ويقدم رقبته للقصاص، ومن ثم يمكن أن يخاطبنا. وفي النهاية أقول إنه إذا كانت الجنة ستحتوي هؤلاء الفاسقين فإننا لا نريد دخولها، والحور العين بالتأكيد سيهربن منها. الله منزه جل في علاه، والجنة أعدت للمتقين الذين يخافون الله، والذين يؤ منون ويعملون الصالحات. الجنة ليست للجواسيس والساقطين والمتآمرين وسماسرة الأوطان والأعراض.
إذا كان لأحد أن يثبت أن وجهة نظره هي الصحيحة، عليه أن يعمل صالحا، ويقدم ما هو جميل لديه، لا أن يتحالف مع الأعداء سعيا منه للحفاظ على سلطانه وامتيازاته.:إنني أعي تماما أن التحالف مع إسرائيل يأتي بالكثير من الخيرات والأموال، لكنها مجرد متاع زائل من شأنه فقط تمزيق الأمة وإضعافها وجعلها مطية للغزاة والطامعين
ولهذا لا يستعملن أحد المذهبية ليكسب. من شاء أن يكسب عليه أن يثبت نظافته وطهارته الوطنية والدينية. وعليه أن لا يبقى طوافا في سيارات التفخيخ يقتل هذا وذاك عشوائيا ولا يميز بين طفل وامرأة وشيخ. لقد أتى مسلمون مفخخون للإسلام بسوء السمعة، وهم يصدون عن سبيل الله، وشتان بين من يصد عن سبيل الله، وبين الذي يجاهد في سبيل الله ضد إسرائيل وأعوانها من العرب والفرنجة. الجنة أعدت للمجاهدين، والجحيم للخونة والجواسيس.
No comments:
Post a Comment