Thursday 5 November 2015

{الفكر القومي العربي} يحيى حسين: أجيبونا من فضلكم

 
أَجِيبُـونَا من فضلكم
بقلم المهندس/ يحيى حسين عبد الهادى
(جريدة المقال 5 نوفمبر 2015)


المشهد الأول: ما كاد المستشار الجليل/ عاصم الجوهرى مساعد وزير العدل ورئيس جهاز الكسب غير المشروع ورئيس اللجنة القضائية المُشَكَّلة لاسترداد أموال مصر المنهوبة بالخارج (آنذاك) يُصرح فى أكتوبر 2011 بأن اللجنة تَمَكَّنَت من اكتشاف 340 مليون دولار (حوالى ثلاثة مليارات جنيه) مودعة فى حسابٍ فى سويسرا باسم علاء وجمال مبارك، حتى انبرى مُحاميهما السيد/ فريد الديب نافياً أن تكون لجنة عاصم الجوهرى هى التى اكتشفت هذه الأموال وإنما مُوكلاه هما اللذان بادرا من تلقاء نفسيهما بالإبلاغ عنها فى 30 مايو 2011 فى تحقيقات إدارة الكسب غير المشروع، وحددا البنوك السويسرية المودعة فيها، ومصادر وتواريخ حصولهما عليها، وكلها مصادر مشروعة لا علاقة لها بمصر ! (ما سبق هو كلام الديب أما علامةُ التعجب فهى من عندى).
المشهد الثانى: فى حواره المنشور فى المصرى اليوم فى 21 أبريل 2013، كرر السيد فريد الديب نفس الكلام وأضاف إليه أنهما يملكان أيضاً 150 مليون جنيه في البنوك المصرية، وأن مصر قدمت بلاغاً ضد جمال وعلاء في سويسرا، فقام السويسريون بالتحفظ على الأموال، وبدأ البحث والتحقيق، وانتهوا إلى أنه لا توجد شبهة غسل أموال، وبدأوا في البحث عن الجريمة المنظمة، وقالوا إن هناك جريمة منظمة وجاءوا فيها بأسماء كبيرة جدا، فقدمت مصر طلباً للاطلاع على هذه التحريات، فعُرِض الأمرُ على المحكمة العليا الاتحادية، التي رفضت الطلب.
المشهدُ الثالث: هو ليس مشهداً بالمعنى السينيمائى وإنما إظلامٌ تامٌ لمدة سنتين لم نسمع فيهما أى خبرٍ عن هذه القضية.
المشهد الرابع: فى ليلة استقالة وزير العدل السابق محفوظ صابر على خلفية تصريحٍ مستفز، تداول الإعلام أسماء مستشارين أَجِلاّء لوزارة العدل، فيما عدا السيد فريد الديب الذى تَداخل هاتفياً مع أحد البرامج الفضائية وكان شديد التحمس لترشيح المستشار أحمد الزند للوزارة، وهو ما لم يأخذه الكثيرون مأخذ الجد واعتبروه مجرد مجاملةٍ من صديقٍ لصديقه، لأسبابٍ أَقَلُّها أن التصريح الذى أطاح بالوزير السابق مجرد قطرة فى بحر تصريحات الوزير المُرَشّح.
المشهد الخامس: فى صباح اليوم التالى أصبح الزندُ وزيراً للعدل(!) وكان أول قراراته تغيير جهاز الكسب غير المشروع بالكامل واستبداله بجهازٍ آخر صُنِع على عينِه.
أما مشهد الختام فلم يأتِ بعد وإن كان التسلسل المنطقى للأحداث يوحى بالنهاية السعيدة لأبطال الفيلم، إلا إذا كان للمُخرج رأىٌ آخر .. لكن يبقى للشعب المصرى الجالس على مقاعد المتفرجين أسئلةٌ بلا إجابات عن مصير الحسابات السويسرية التي لا علاقة لها بمصر، والحسابات المصرية التي لا علاقة لها بسويسرا، والأسماء الكبيرة جداً المتورطة في الجريمة المنظمة، وهل لا زالت هذه القضيةُ قيد التحقيق أم أنها حُفِظَت باعتبار هذه المليارات كَسبَاً مشروعاً ومالاً حلالاً بَلالاً، وعشرات الأسئلة الأخرى التى لا ندرى إلى من نوجهها.
ليس من اللياقة طبعاً أن نُثقل على السيد الزند بمثل هذه الأسئلة ونشغله عن شُغله الشاغل الآن وهو تفعيل قانون التصالح مع لصوص المال العام .. كيف يَطلبُ عاقلٌ ملاحقةَ اللصوص من رجلٍ مشغولٍ بالتصالح معهم .. هذا زمان المصالحة لا المُحاسبة .. إذَنْ لم يَبقَ لنا إلا مبارك .. نسأله، ليس كمتهمٍ لا سَمَحَ الله، فالرجل أُنهى عقوبة التهمة الوحيدة التى تسربت للقضاء وقد عاد لهُ إعلامُه ووزراؤه ورجال أعماله ورؤساء أجهزته وبرلمانه ولم يبق إلا أن يُرشح نوابه ابنه جمال رئيساً لوزراء مصر .. لذلك نسأله فقط بحكم العِشرة الطويلة التى امتدت لثلاثين سنة لا تهون إلا على خائن العِشرة، وبمبدأ (خيرُكُم مَن تَعَلّم العِلمَ وعَلّمه). أن يُعلمنا كيف استطاع ابناه تكوين ثروةٍ مشروعةٍ مقدارها ثلاثة مليارات جنيه لا علاقة لها بمصر؟ بالنسبة لأمثالنا فات أوانُ التَعَلُّم .. ولكننا نأمل أن يُفيد بإجابته ملايين الشباب الذين لم تُصِبْهم (إنجازاته) .. تخيل لو أن مليون شابٍ فقط من الذين ثاروا عليك اقتدوا بما فعله ابناك ونجح كلٌ منهم فى تكوين ثلاثة مليارات جنيه مشروعة لا علاقة لها بمصر، لأصبح لديهم ثلاثة آلاف تريليون جنيه (التريليون مليون مليون) كفيلة بسداد كل الديون الخارجية والداخلية وكل أنواع العجز المالى، ونُقرضُ من الفائض دول الخليج والاتحاد الأوروبى ونشترى البنك الدولى .. يومها سيندم الشباب العاق على فِعلته معكم فى يناير ويتجمهرون تحت جناحك المُمَيّز فى المعادى هاتفين آسفين يا ريّس .. عَلِّمنا يا ريّس!!!.


No comments:

Post a Comment