Date: Sun, 25 Nov 2012 23:44:45 +0200
Subject: رسالة غاضبة إلي مشعل // مقال للنشر والتعميم
From: a.eldabash@gmail.com
To: sattarkassem@hotmail.com
رسالة غاضبة إلي مشعل
"قَتلتْنا الرِدَّة"
أحمد الدَبَشْ
الأخ/ خالد مشعل – أبو الوليد
تحيَّة عربيَّة فلسطينيَّة، وبعد...
مُحَدِّثكُم أحمد الدَبَشْ؛ لاجئ فلسطيني في مصر؛ يعودُ مَسقَطُ رأسِ عائلتِهِ لقريةِ القبيبة، قضاء الرملة؛ حيث هُجِّرَت عائلتي ضِمنَ آلاف العائلات الفلسطينيَّة، إبان النكبة الأولي، في العام 1948؛ لتحُطُ أقدامهُم في مُخيَّمِ الشاطئ، بقطاعِ غزة؛ على أمل العودة بعد عدة شهور، بأقصى تقدير، كما وَعَدَتنا جيوشَنا العربيَّة الباسِلَة، وانتظرنا مع شعبنا تسعةَ عشرَ عاماً، إلى أن اندَلَعَت حرب الأيام السِتَّة، في العام 1967، حيث نَزَحَت عائلتي مَرَّة أخرى إلي مصر، علي أملِ العودةِ بعد بضعة شهور؛ ولكن الرياحُ أتت بما لا تشتهي السُفُن.
ومَرَّت السنون؛ وأصبحَ حُلمُ العودةَ أبعد من ذي قبل؛ ولكي لا ننسى فلسطين التاريخيَّة؛ عَلَّقنا على جُدرانِ منازلنا خارطةٍ تُوضِّح جغرافية فلسطين؛ ومساحتها 270027 كليو متر؛ كما عَلَّقنا على جُدرانِ قلوبِنا، إصرارنا على استِرجاعِ كاملِ بلادِنا.
ثم هاجَمَتنا النكبة تلو النكبة؛ وكُنَّا دومًا مُتماسِكُينَ، ومُتَمسِّكُينَ بكاملِ ترابنا الوطني الفلسطيني؛ إلى أن بدأت بارِقَة العودة، خلال الانتفاضة الأولي، في العام 1987، لتُقَصِّر المسافة في اتِّجاهِ العودة، فقرَّرنا أن نُحزِم أمتِعَتِنا؛ إلا أن عرفات أبى أن يتحَقَّق الحُلم، وفاجأنا بنكبةٍ جديدةٍ؛ وكانت أوسلو، وتباعاتها، في العام 1993؛ حيث اعتَرَفَ بالكيانِ الغاصِب، على مساحة 78% من فلسطين التاريخية! ولَحقَهُ عباس بالتخلِّي عن ما تَبقَّى من بلادنا؛ إلى أن ظهرت في الأفق بوادر انهيار الجيش الصهيوني، في حرب تموز 2006، التي خاضتها المقاومة اللبنانيَّة؛ واستمر النصر تلو النصر، بصمودٍ بطوليْ لقوي المقاومة، في قطاع غزة في العام 2008 و2009؛ تتوَّج في المعركة الباسِلة، في العام 2012، حينَ مَرَّغَ وجهَ العدو في رمالِ غزة؛ حيث وَحَّدَت صواريخ المقاومة القدس بِشِقَّيْها؛ الغربي، والشرقي؛ ووَصَلَت إلي كلِّ مُدنِنا التي هُجِّرنا منها؛ وتَمنَّيتُ أن أحتَضِن كل صاروخ يَنطلِق علي مغتصباتِ العدو؛ لنؤكِّد علي حقِّ العودة؛ وعلي أن مساحة فلسطين التاريخية 270027 كيلو متر، وانتَهَت الجولة بالانتصارِ الاستثنائي لقُوى المقاومةِ؛ وأصبحَ الطريق إلي تحرير فلسطين بمسافة الثورة؛ وقَرُبَت ساعة التحرير، والعودة، بفضلِ صواريخ المقاومة.
إلا أني فُجِعْتُ؛ نعم فُجِعْتُ؛ عندما خَرجتُ يا أبا الوليد، لتتحدَّث إلي وسائل الإعلام، ولم تَجِف دماءَ شهداءنا؛ لتُبدِّد النصر؛ وتَسير على خُطى عرفات؛ وتبدأ في مرحلةِ التبرُّع بالحلولِ، التي انتَهَجَها سَلَفك عرفات، منذ العام 1974؛ والتي أضاعت البوصلة نحو تحريرِ فلسطين، واللهثِ وراء حلول استِسلامِيَّة؛ ففي حديثك مع الإعلاميَّة "كريستيان أمانبور" عبر CNN، بتاريخ 21/11/2012؛ ولدى سؤالك عن قرارِ الحركة السابق، بعدمِ الاعترافِ بـ"إسرائيل"، ومدى إمكانيَّة الرجوع عنه لاحقاً؛ قُلتُ يا مشعل، إن الاعتراف يجب أن يأتي "من الطرفِ الذي يَشِن الهجمات، ويمتلِك ترسانة عسكريَّة؛ وليس من الضَحِيَّة"؛ مُضيفاً أن العرب قَدَّموا مبادرةً للسلامِ، قبل أعوام؛ ولكن القتل قد استمر.
وشَرَحت وِجهَة نظرك؛ بالقولِ: "ليسَ أمامَنا إلا طريق من اثنين؛ إما وجود إرادة دوليَّة؛ من أمريكا، وأوروبا، والمجتمع الدولي؛ تَدفَع (إسرائيل) إلى مسارِ السلام، وإقامة دولة فلسطينيَّة، على حدودِ عام 1967، مع حق العودة؛ وهذا أمر مَحَل تَوافُق فلسطيني؛ أو أن تُواصِل (إسرائيل) رفض ذلك؛ فنَستمِر في خيارِ مقاومتها؛ أنا أقبل بدولةٍ على حدودِ عام 1967، ولكن كيف يُمكِنَني أن أَقبَل بـ (إسرائيل) هي تَحتَل أرضي؟ أنا الذي أحتاجُ إلى اعترافٍ، وليس (إسرائيل)."؛ وشدَّدت على أن حركتك لن تَتراجَع عن قضية "حق العودة" للفلسطينيّين؛ بالقولِ: "لماذا يَصمُت المجتمع الدولي، حول القوانين التي تُتيح عودة الإسرائيليّين، ويَصمُت حول ذلك؟ بعضَ يهودٍ لم يَرَ فلسطين في حياتِهِ، يَحِق لهُ القدومَ إليها؛ بينما الفلسطيني، الذي وُلِدَ في فلسطين، أو وُلِدَ والِدَهُ، أو جِدَّهُ فيها، ليس له حق العودة؟"؛ وأضَفت: "أريد قيام دولة للفلسطينيّين؛ وبعد قيامها ستُقرِّر (هذه الدولة) موقِفها من (إسرائيل)؛ لا يُمكن توجيه هذا السؤال لي (الاعتراف بإسرائيل)، وأنا في السجونِ، وتحت الضغط (الإسرائيلي).".
أما عن مدى تَوافُق قبول حماس لدولةٍ فلسطينيَّةٍ، على حدودِ العام 1967، مع طَرحِها الأساسي، حول "دولة فلسطينيَّة واحِدة، من البحرِ إلى النهرِ"؛ قُلت يا مشعل: "فلسطين؛ من البحرِ إلى النهرِ، ومن الشمالِ إلى الجنوبِ؛ هي أرضي، وأرض آبائي، وأجدادي؛ ولكن بسببِ ظروفِ المنطقة، والحِرص على وَقف نزفِ الدماء؛ فإن الفلسطينيّين اليوم؛ وكذلك في الماضي؛ وافقوا - ومعهم حركة حماس - على برنامج يَنُص على قبولِ دولة، ضِمن حدود العام 1967؛ ولكن الجانب (الإسرائيلي) يرفض ذلك؛ والأمر كلّه مُتعلِّق بـ"إسرائيل"، والمجتمع الدولي عاجِز عن توفيرِ العدالةِ لنا.
الأخ أبو الوليد؛ ما فهمتهُ من تصريحاتِك؛ تَنازُلكَ المجّاني عن 78% من مساحة فلسطين التاريخيَّة؛ في وقتٍ ثَبُتَ فَشَلْ ما يُسمي بالعمليَّة السِلميَّة؛ والذي أَصِفَهُ بالغباءِ السياسي؛ ليس هذا فحسب؛ ولكنك أكَّدت مُوافَقَتِكَ علي "دولة ضِمن حدود 1967"؛ وليس على حدود 1967؛ ورغم أنني أرفض الاثنتين؛ إلا أن الفرق شاسع الهُوَّة بينهم؛ فالفارق اللُّغوي بين "على"، و"ضِمن" شاسع للغاية؛ وهذا يُذكِّرُني بقضيةِ تبادُل الأراضي، التي يُرَوِّج لها عباس.
الأخ أبو الوليد؛ استحلِفُكَ باللهِ أن تَصمُت؛ كي لا تُبدِّد حِلمنا، الذي خَطَّتهُ صواريخ المقاومة، في تحريرِ كامِل الترابِ الوطني الفلسطيني؛ حتي لا تكونَ حرب غزة الأخيرة (2012)، حرب تحريك، للحلِّ الاستسلامي المُنتَهِي الصلاحِيَّة.
الأخ أبو الوليد؛ إن أردَّتَ التَنازُل عن حقوقِنا الثابِتة، في كامِل الترابِ الوطني الفلسطيني، فعليك أن تَشُدَّ الرِحال إلي كل ساحاتِ لجوءِ العالَم؛ وأن تَدُقَّ بيوت اللاجئين بيتاً بيتًا؛ وتسألهُم عن موقِفَهُم من الحلِّ الاستسلامي؛ وأن تَذهب إلي أهالي الشهداء، ليمنحوكَ تفويضاً بالحديثِ باسمهم.
وأخيراً؛ أُكَرِّر ما قالهُ الشهيد الحي "ناجي العلي": "لا أفهم هذه المُناوَرَات... لا أفهم السياسة؛ لفلسطينِ طريق واحِد وحيد؛ هو البندقيَّة.". وأقولُ لكُم: "إن كنتم قد تَعبتُم ففارِقونا". وأَزيدكُم من شعرِ "إبراهيم طوقان"؛ فأقول: "في يَدينا بَقِيَّة من بلادٍ؛ فاستريحوا كي لا تَطير البقيَّة".
انتَهَت رسالتي؛ وأتمنَّى أن تَصلكُم؛ وأنتَظَر الرَد بـ "لقد فَهِمتَكُم"؛ وشكراً.
No comments:
Post a Comment