Saturday, 22 December 2012

{الفكر القومي العربي} اسقطوا أوسلو ميدانيا ولا تلتفتوا إلى الوراء

اسقطوا اوسلو ميدانيا ولا تلتفتوا إلى الوراء

 

    كانت المبادرة الفلسطينية التي اطلقها المجلس الوطني الفلسطيني عام 88 من الجزائر مدخلا لإبلاغ العالم أن منظمة التحرير مستعدة لتسوية سلمية حسب القرارات الدولية 242 و338 ، بهدف إقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 67 ، واستطاعت هذه المبادرة أن تشق طريقها بعد أن عبدتها لها انتفاضة الحجارة المباركة الاولى.

   الطرفان الفلسطيني والصهيوني دخلا حلبة مدريد ، الاول متخفيا ضمن وفد اردني فلسطيني والثاني يقف على النقيض من الوفود العربية مجتمعة ( السورية واللبنانية والاردنية الفلسطينية)، وكأن الأمة العربية بأكملها فقدت كل الخيارات سوى المفاوضات بينما الجانب الصهيوني يمارس كل الأساليب غير المشروعة لتحقيق أهدافه التوسعية علنا ودونما خوف من أي خطر يهدد وجوده.

   الناظر لهذا المشهد يتيقن بحتمية فشل الدبلوماسية العربية مجتمعة ، فالمفاوضات دون خيار آخر يعززها على الأرض تكون بمثابة رغاء على بحر من دماء ضحايا هذا الكيان اللقيط في المنطقة.

   العالم ذو القطب الواحد الذي تقوده القوى الرأسمالية الامبريالية حريصة كل الحرص على أمن الكيان الصهيوني بينما الدول العربية مجتمعة حريصة على إرضاء هذه القوى  وحماية مصالحها ونفوذها، مما حدا بالدول العربية أن تكون حامية للمشروع الصهيوني بطريقة او بأخرى حرصا على عدم إغضاب امريكا وقوى الاستعمار الغربي.

     في خضم هذه المعادلة غير المتكافئة ولد اتفاق اوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية والكيان الصهيوني برعاية امريكية ليضع الفلسطينيين في قيود جديدة لا مناص من الفرار منها إلا بقرارات شجاعة يكون أصحابها مستعدون لدفع ثمن مواقفهم الذي قد يكون حياتهم .

   أوسلو لم يمنح أي شكل من السيادة الفلسطينية المحضة على أي شيء بل شبه سيادة منقوصة على الجزء المسمى بمنطقة (أ) وبالمزاج الصهيوني ، بينما المناطق (ب و ج) فالسيادة بقيت بيد الاحتلال وإن منح هذا الاحتلال أشكالا من الإدارة للسلطة الفلسطينية بما لا يتعارض ومخططاته التوسعية على مناطق (ب) بينما مناطق (ج) فلا توجد أي من مظاهر السيادة الفلسطينية .

     لم يكن الشأن الاقتصادي بأفضل مما رسم على الأرض، بل كان على العكس تماما فاتفاقية باريس ربطت الاقتصاد الفلسطيني المحطم والبسيط بالاقتصاد الصهيوني العملاق ، وكبلت الاقتصاد الفلسطيني بشروط ومواثيق تمنع من استقلاله ونموه بالشكل الصحيح.

     على الصعيد السياسي لم تكن السلطة الفلسطينية قادرة على اختيار نهج اقتصادي أو سياسي يوصلها إلى الاستقلال ، فهي مجبرة على انتظار مساعدات المانحين التي هي مشروطة أولا بالاتفاقيات الموقعة وبالاقتصاد المفتوح والسوق الحر .

    إذن نحن أمام كيان فلسطيني مكبل وعاجز عن إدارة شؤون نفسه بمنأى عن الطرف الآخر الصهيوني او الدول الغربية الرأسمالية التي تتحكم بالمنطقة كلها وتمنع حتى الدول العربية من اخذ زمام المبادرة لتغيير الواقع الفلسطيني على الأرض على كافة الجوانب ، سواء الاقتصادية أو العسكرية أو السياسية في كثير من الاحيان.

فكيف للشعب الفلسطيني وقيادته أن تستطيع ان يخرج من هذا السجن المظلم ؟؟؟

    لقد دفع الشعب الفلسطيني ثمن توجه القيادة الفلسطينية إلى الامم المتحدة ، فها هم الموظفون بلا رواتب وها هي السلطة الفلسطينية تقف عرجى أمام المسؤوليات والاحتياجات المطلوبة، بل وها هو السيد ليبرمان وحده في الساحة يقول بملء فيه: " فش ولا أغورة قبل أربع أشهر من الآن) وهو لا يتحدث باسم الكيان الصهيوني فقط بل باسم الدول العربية التي تنفذ هذا القول بحذافيره ، فلم يخرج علينا زعيم عربي بقول يرفض هذه التصريحات ويعلن أنه سيبطل مفعولها بالرغم من أن العجز في موازنة السلطة لا يساوي ثمن 4 ساعات تصدير نفط وغاز بالعام الواحد للدول العربية النفطية.

    إذن، الأسباب والنتائج تحتاج هنا لقرار فلسطيني على الصعيد الوطني والعربي والعالمي تكون ذات تأثيرات مباشرة وأن تخرج من نطاق المجاملة والصمت ؛ لأن هذا الصمت اصبح عبئا ثقيلا على المواطن الفلسطيني اليوم ويهدد بتدمير البنية الاجتماعية والثقافية للمجتمع الفلسطيني هذا ناهيك عن الواقع الاقتصادي المنهار أصلا.

أرى بأن على الشعب الفلسطيني وقياديه وهنا المقصود بالفصائل والحركات الوطنية ومؤسسات الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج أن تتجه إلى العمل بالتوازي على الاتجاهات التالية:

1-  إجراء انتخابات لكل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية وبأسرع وقت، وبالذات للمجلس الوطني الفلسطيني ، لإفراز قيادة جديدة منتخبة وموحدة للشعب الفلسطيني بكل أطيافه السياسية. وهنا يجب التنويه للأمور التالية:

أ‌-     يجب إشراك المؤسسات الوطنية اللاحزبية ويكون لها ثمثيل لا يقل عن 30 إلى 40 %  في هذه الانتخابات مثل قطاعات الفلاحين والعمال والجامعات والنقابات؛ فهؤلاء يمثلون الأغلب في المجتمع الفلسطيني.

ب‌- القيادة القادمة يجب ان تكون أقل حزبية وبعيدة عن المحاصصة بين الاحزاب ، وهذا يتطلب تشكيل مجلس حكماء يضم شخصيات اعتبارية مميزة فلسطينية يكون قرارها ملزما للقيادة الفلسطينية، والمقصود هنا بالشخصيات الاعتبارية، ليس الاغنياء وأصحاب المصانع والأرصدة البنكية ، بل الادباء والمفكرون والعلماء والشخصيات التي تركت طابعا مميزا في مفاصل القضية الفلسطينية على المستوى العالمي والعربي والمحلي.

ت‌-الخروج من بوتقة التكتل حول المواقف التي لا داعي لها وتشكل مصدر خلاف بين الاتجاهات السياسية مثل : موضوع الاعتراف بالكيان الصهيوني والمفاوضات والمزاودات والمواقف المتناقضة والعمل ضمن خطة موحدة تجمع كل الأطياف على الهدف الواحد وهو التخلص من الاحتلال وإحقاق الحق الفلسطيني اولا قبل الحديث عن ثمن هذا الحق على المستوى الدولي، فلا يجوز ان تقف القيادة الفلسطينية منقسمة على المشروع السياسي والمفاوضات وهو أصلا أثبت فشله والعدو الصهيوني لا يعيره أي اهتمام سوى المماطلة وعدم الالتزام.

ث‌- التقليل من أرستقراطية السلطة وشكلية الدولة على المواطن الفلسطيني ، فلا يجوز أن تأخذ السلطة الضرائب والرسوم من المواطنين الذين يعانون أشد المعاناة وقيادة هذا المواطن تركب السيارات الفارهة وتمتلك الارصدة البنكية العالية والرواتب والامتيازات التي تثقل كاهل المواطنين وعلى قيادة الشعب أن تكون جزءا منه وليست عبئا ثقيلا عليه، وهنا يجب مراجعة مصاريف السلطة في هذا المجال والنظر إلى أوضاع قياداتها الاقتصادية بعيون ثورية، فقائد الثورة يجب أن يكون ثوريا وليس رأسماليا .

ج‌-   يجب تطبيق العدالة الثورية في الاقتصاد والفرص والاعتماد على الذات ، وهنا يجب التنويه إلى وقف استجلاب الخبراء الأجانب والاعتماد على الاكاديميين الفلسطينيين وإشراك المؤسسات الجامعية والمختصة في العمل على سد هذه الثغرة ، ومراجعة الجسم الوظيفي للسلطة بما يؤكد على عدالة المناصب حسب المؤهلات وليس حسب أسماء العائلات أو العلاقات أو المصالح ، فلا يجوز أن تبقى المؤسسات الفلسطينية جمعيات عائلية وحزبية وفئوية مصالحية.

ح‌-   اصدار قرار المكافأة حسب المصداقية ، وهي مكافأة تقدم لكل شخص غير حزبي  يحصل على ثقة الجماهير سواء في انتخابات أو في تصويتات تنظم عبر مؤسسات فلسطينية صرفة بين الفينة والأخرى بهدف التحفيز على العمل الوطني ضمن الجماهير وليس ضمن الاحزاب أو المؤسسات الارستقراطية، فمثلا مكافأة المعلم الذي يحصل طلابه في مادته على أفضل علامة في امتحان يعد من قبل وزارة التربية وتحت رقابتها، أو شخص في مؤسسة زراعية شهد له الفلاحون بأنه يستحق التقدير لجهوده .

2-  الاقتصاد المقاوم ، مبدأ يجب التمترس خلفه، وهو الاقتصاد الذي لا يُكبلُ بالاتفاقيات ويكون جماهيريا اكثر منه رسميا وأن يكون موجها بالاتجاه الرسمي، فالصناعات الفلسطينية تعفى من كل أشكال الضرائب وتفرض بدلا عنها على السلع المستوردة والتي لها بديل وطني بحيث يكون ثمن السلعة المستوردة ضعف  السلعة المنتجة محليا على الاقل.

3-  الزراعة من اجل التخلص من الاستعمار الاقتصادي، وهنا يجب تسخير كل الجهود والإمكانيات الاقتصادية والقانونية من اجل النهوض بالزراعة والاعتماد عليها كمصدر رئيس في الاقتصاد الفلسطيني، ويجب هنا الوقوف بحزم كي نحصل على سيادة كاملة على مياهنا الجوفية بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة.

4-   قرع جدران الخزان بخصوص قضية اللاجئين والمطالبة الدولية بضرورة عودتهم لأراضيهم وممتلكاتهم ودفع الاحتلال ثمن سيطرته عليها واستغلالها منذ عام النكبة وحتى اليوم وهذا عبر مقاضاة الاحتلال في المؤسسات الدولية.

5-  العمل على فلسطنة مؤسسات السلطة الوطنية بحيث تقدم خدماتها لكل ما هو فلسطيني وليس لسكان الضفة وغزة، ويجب منح الجواز الفلسطيني لكل فلسطيني أينما وجد وإن كان جوازا رمزيا ، وإصدار بطاقة هوية فلسطينية بعيدا عن الشروط والاتفاقيات مع الجانب الصهيوني.

6-   إن أساس تطبيق النقاط المذكورة يجب ان يكون له منطلقات جماهيرية شعبية وليس قرارات قيادية مفاجئة ، فعندما يتم إعداد المؤسسات الفلسطينية على أسس من العدالة والتنظيم والرقابة والمحاسبة ، تصبح هذه المؤسسات محط ثقة المواطنين مما يمهد لترابط أشد عضوية وتلاحم بين القيادة والشعب حينها سنرى أن القرار قد صدر جماهيريا قبل أن يصدر عن المؤسسات القيادية.

   المهم أنه قبل السعي للتقدم بخطوة واحدة يجب تجاوز الانقسام بكل الأساليب والطرق ، حتى وإن لم تنجح الجهود لإنهائه في هذه المرحلة ، إذ يكفي أن تكون الخطوات المتخذة متفق عليها بين كافة القوى سواء في فلسطين أو خارجها ، ومن الممكن أن نتوحد في مجلس الحكماء الذي لن يكون ممثلا لأي حزب أو حركة سياسية.

   إن خروج الجماهير الفلسطينية في كل اماكن تواجدها وهي تهتف موحدة بإسقاط  أوسلو بعد عدم التزام العدو الصهيوني به يفرض على القيادة موقفا متزنا وهو أن اتفاق اوسلو قد انتهت مدته الزمنية وأن الاحتلال لم يلتزم به وهو من أسقطه ولا يجوز الالتزام بهذا الاتفاق من طرف واحد ، فالاحتلال لم ينسحب من مناطق (ب) وهو مستمر ببناء الاستيطان وهذا مناقض لاتفاق أوسلو.

     وطالما أن اتفاق أوسلو أصبح غير ملزم فإن كل الاتفاقيات التي بنيت عليه مثل اتفاقية باريس الاقتصادية تصبح غير ملزمة أيضا ، وبعد أن أقر العالم أجمع بالدولة الفلسطينية على حدود 67 فالأولى بالعالم أن يدفع وبقوة لإجبار دولة الاحتلال على الانسحاب الكامل وغير المشروط من اراضي عام 67 ، وإن توقيع أي اتفاق مع الاحتلال يجب أن يكون بعد انسحابه وعودة اللاجئين إلى أراضيهم وقراهم التي هجروا منها وتعويضهم عن لجوئهم واستغلال أراضيهم وممتلكاتهم من قبل الاحتلال طيلة سنوات اللجوء.

   إذن المطلوب قبل أي مفاوضات هو قيام الدولة الفلسطينية كاملة السيادة على أراضي 67 ، وللشعب الفلسطيني الحق بالنضال وبكل السبل بما فيها الكفاح المسلح كوسيلة لإجبار الاحتلال على تطبيق القرارات الأممية متى ارتأى هذا الشعب ذلك وحسب إمكانياته وقدراته.

عربيا :

   لا يجوز الصمت على سياسة الأنظمة  العربية المتخاذلة وبقاء ملايين اللاجئين المقيدين على أرضها دون السماح لهم بالعودة ، كذلك بقاء المقدرات العربية مهدورة للشركات والقوى الرأسمالية الاستعمارية التي هي الداعم الاول للكيان الصهيوني، وهنا يجب أن يتخذ الشعب كلمته ويسبق القيادة في طرحه الموقف العربي المتخاذل ، ويجب رفع شعارات هذه المرحلة لتكون مواكبة لمتطلباتها فمثلا : ليرتفع الهتاف الفلسطيني عاليا بوقف التجارة العربية مع امريكا ووقف تصدير النفط لها وطرد الشركات الأمريكية وتسخير جزء من عائدات النفط للمقاومة الفلسطينية من كل الجبهات، فمثلما شكلوا الجيش الحر في سوريا يجب ان يشكلوا جبهات المقاومة على كل الحدود وبدعم عربي مباشر بالسلاح والأموال .

       كذلك يجب مطالبة الدول العربية بإسقاط الاتفاقيات مع العدو لان هذا العدو أصلا لم يلتزم باتفاقياته مع فلسطين ، وهنا يجب طرد السفراء الصهاينة وإسقاط اتفاقيتي كامب ديفيد ووادي عربية والعودة للمقاطعة وعدم التطبيع حتى يجبر الكيان الصهيوني على الالتزام بالقرارات الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية ويسمح بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم وقراهم.

    قد يتوقع الكثيرون أن الحديث بهذا الاتجاه هو درب من الوهم والخيال ، فأقول هنا أن لا بديل عن ذلك سوى المفاوضات العبثية والصمت الشعبي والعربي والدولي أمام مخططات الاحتلال التوسعية العنصرية والعدوانية ، وهذا يعني أننا سنظل ندور بحلقة مفرغة والاحتلال يسير نحو أهدافه بكل ثقة وحرية ودون معيقات .

                                                         خالد حجار

                                                          فلسطين

  

 

 

 

--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To post to this group, send email to alfikralarabi@googlegroups.com.
To unsubscribe from this group, send email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
For more options, visit this group at http://groups.google.com/group/alfikralarabi?hl=en.

No comments:

Post a Comment