الجيش والسيسي ومرسي، وأنا وانت وبس
بقلم
دكتور محمد نبيل جامع
أستاذ علم اجتماع التنمية الريفية بجامعة الإسكندرية
01227435754
12 فبراير 2013
نظرا لإيماني بمقولة الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام "ألا كلكم راع ... وكلكم مسئول عن رعيته"، فقد قلت سابقا أن المجلس العسكري، سامحه الله، والذي كان راعيا لأخطر مرحلة مرت بها مصر عقب الثورة الينايرية المجيدة، هذا المجلس هو المسئول بنسبة 70% عن المسار الذي أودى بنا إلى هذه الكارثة التي تعيشها مصر الآن تحت حكم الإخوان. هذا وينال الإخوان أنفسهم 20% فقط من تلك المسئولية، مع أنهم هم الذين آل إليهم الصيد الثمين، ثم في النهاية كانت مسئولية الشعب والثوار هي 10% فقط، وذلك لطيبة هذا الشعب وثقته في الجيش الذي كان يمثله المجلس العسكري آنذاك. وحيث أن الجيش ممثلا في هذا المجلس يمثل ذوي القربي من الدرجة الأولى لهذا الشعب الصابر فكان ألم المسئولية مضاعفا على حد قول الشاعر الجاهلي طرفة بن العبد:
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند
فَضْلُ الجيش عليً أنا شخصيا لن أنساه، فأنا رائد احتياطي متقاعد منذ عام 1979، وبَدَأت مشواري فيه عام 1962، وكفى حديثا عني سوى أن أقول بعد العناء فيه أني عشقته وشرفني بالخدمة الوطنية وعلمني الصبر والانضباط. ليس هذا حالي فقط وإنما هو حال الشعب المصري كله مع الجيش بمن فيه قَدْرٌ من النساء المصريات كذلك. القوات المسلحة ملك للشعب، تحمي البلاد وتحافظ على أمنها، ولا يختص بهذه المهمة إلا الجيش دون أي تشكيلات أو مليشيات أو جماعات عسكرية أو شبه عسكرية.
وهنا أنادي الفريق السيسي القائد العام للقوات المسلحة بالاضطلاع بما يوكله له الدستور من مهمة حماية البلاد وأمنها دون غيره، وأنا على يقين من قيامه بذلك بالفعل، خاصة في الظروف الحالية التي تنهار فيها مصر اقتصاديا وتتمزق اجتماعيا وطائفيا، وتعبث فيها وتصول وتجول قوى خارجية معها 12 مليون قطعة سلاح مهربة كما يتردد في الإعلام، بالإضافة إلى مليشيات إخوانية اعترف بها أعضاء من جماعة الإخوان المنشقين أنفسهم يستمعون لنداء مرشد الجماعة للاستعداد للاستشهاد في حرب أهلية تهدد البلاد وأمنها. هذا مع العلم بأن القوى الخارجية ممثلة في أمريكا وأوروبا نفسها قد استشعرت هذا الخطر، وربما تكون بالفعل قد ناقشت هذه الأمور مع القوات المسلحة وخاصة في الاجتماع الذي عقد بالأمس بين الفريق السيسي وقائد القيادة المركزية الأمريكية الفريق أول جيمس ماتيس.
الخلاصة: الجيش هو القوة المصرية الصلبة المنظمة، هو الكبير الذي يتوجه له الشعب، بعد الله سبحانه وتعالى، ليحكم في صراع شاء أن يحدث بين الحاكم السياسي والشعب الصابر.
الموقف الآن معروض على القوات المصرية المسلحة. التزامات ثلاثة أحدها يختص بالجيش نفسه، الثاني يختص بالحاكم مرسي، والثالث يختص بالشعب.
التزام الجيش يتمثل باختصار في "صَرْفِ العِفْريت" الذي "حَضًرَه" المجلس العسكري، ألا وهو الحكم الإخواني. كما يتمثل هذا الالتزام في تطهير الجيش من أثار ما قام به المجلس العسكري، وهذا أمر أخلاقي، ثم يتمثل هذا الالتزام أخيرا في حماية البلاد من الانهيار المجتمعي وانهيار الدولة والدخول في حرب أهلية.
أما التزام الرئيس مرسي فدعنا نرُد ما تنازعنا فيه إلى الله والرسول عسى أن نكون من المؤمنين بالله واليوم الآخر. الإيمان والعمل الصالح يا دكتور مرسي هما القيام لله، والشهادة بالقسط، والعدل، والتقوى. إنكم تقومون لله، ولكن أين البقية أيها الرئيس. تذكر قول الله سبحانه وتعالى "يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون (المائدة 8)" يا دكتور مرسي لقد حرم الله الظلم على نفسه، وقال سبحانه وتعالى " وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْماً آخَرِين (الأنبياء 11)"، نعوذ بالله أن نصبح حصيدا خامدين بفعل ظلمك. وتذكر يا دكتور مرسي قوله سبحانه وتعالى: " إِنَّ الله يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ والإحسان وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90). وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون (النحل،91)". لم تأمر يا دكتور مرسي بالعدل والإحسان، ولكنكم آتيتم ذوي القربى وعشيرتكم وجماعتكم، ولم توفوا بعهدكم، ونقضتم الأيمان بعد توكيدها "ثلاث مرات" مع أنكم جعلتم الله عليكم كفيلا وادعيتم الحكم بما أنزل الله. لقد نسيت يا دكتور مرسي أن الإمام العادل هو أول من يظلهم الله في ظله يوم القيامة يوم لا ظل إلا ظله. هل تعصي ربك أم تطيع جماعتك؟ ارحل يا دكتور مرسي وادع إلى انتخابات رئاسية مبكرة وتخلص من قيودك.
أما الالتزام الثالث والأخير فهو التزام الشعب. الفلاسفة دعاة العقل والمنطق والثقافة، نرجوكم لا فصال في المبادئ. الحلال بين والحرام بين. لا تساووا بين الجلاد والضحية. توقفوا عن البلبلة والولولة وادعاء الرصانة والعقل، واكفونا شركم، واتركوا هذا الشعب يطالب بحقه، يتظاهر ويحتج وينتقد بسلم وأدب والتزام بالقانون حتى يحقق حريته وكرامته وعدالته الاجتماعية وينعم بثورته الينايرية الحبيبة التي وهبها الله له بعد قهر وبؤس وظلم طال وطال وآن له أن يستمتع بفضل الله ونعمته.
Prof. Mohamed Nabil Gamie
Department of Rural Development, College of Agriculture,
Alexandria University, Al-Shatby, Alexandria, Egypt
mngamie@yahoo.com
01227435754
No comments:
Post a Comment