مستشفياتنا بين الإصلاح والخصخصة
هل نصلح مستشفياتنا أم نخصخصها؟ أصحاب حل الخصخصة هى مؤسسات التمويل الدولية وعلى رأسها هيئة المعونة الأمريكية والبنك الدولى. منذ الانفتاح عام 1974 وهيئة المعونة الأمريكية لها بعثة فى وزارة الصحة لم تغادرها حتى الآن، وأصدرت قريبا تقريرا بعنوان "ميراث 30 سنة من التعاون بين وزارة الصحة وهيئة المعونة الأمريكية"!!
وتنطلق تلك التوصيات من عقيدة البنك الدولى وأصحابه المتمثلة فى دور القطاع الخاص المحورى فى التنمية، ويسعى البنك الدولى إلى تحويل كل السلع والخدمات إلى مجالات مفتوحة للاستثمار أمام القطاع الخاص فى ظل المساواة الكاملة بين القطاع الخاص المصرى والعربى والأجنبى، حتى عندما يؤدى هذا إلى تحويل الطب وغيره من الخدمات من خدمات إلى سلع.
تبنت الحكومة أيضا هذا الحل، فهى تدعى أننا دولة فقيرة، ولا نملك موارد لإنشاء المستشفيات، ولا لإصلاحها أو تجهيزها. لهذا وقعت الحكومة اتفاق الإصلاح الصحى مع رئيس البنك الدولى عام 1998، وتولى تمويل المشروع مع البنك كل من هيئة المعونة الأمريكية والاتحاد الأوروبى، وكان من توصياته "جدولة بيع المستشفيات والعيادات الحكومية للقطاع الخاص أو نقل ملكيتها لهيئة حكومية تجارية، أى علاج بأجر". وبهذا أصبحت الحكومة ملتزمة بتنفيذ هذا الحل بعد أن أخذت وصرفت 270 مليون دولار قيمة المساعدات من الجهات الثلاث.
تنفيذا لذلك، أصدر رئيس الوزراء قرارا رقم 637 لسنة 2007 بإنشاء الشركة المصرية القابضة للرعاية الصحية، والتى تنتقل إليها ملكية مستشفيات وعيادات وصيدليات التأمين الصحى لكى تدار على أسس تجارية هدفها الأساسى هو تحقيق الربح، كما يجوز قانونا بيعها والمشاركة عليها مع القطاع الخاص! وصرح وزير الصحة وقتها حاتم الجبلى بأن الوزارة تدرس تحويل هيئة المستشفيات والمعاهد التعليمية إلى شركة قابضة أيضا! وبهذا يتغير اسم معهد القلب مثلا إلى شركة القلب التابعة للشركة القابضة للمستشفيات والمعاهد التعليمية!!
لنضرب مثالا على أثر تحقق هذا التصور على المواطن المصرى: يمول التأمين الصحى والعلاج على نفقة الدولة معا أكثر من 95% من جراحات القلب المفتوح فى مصر. وهم يشترون الخدمة من الجامعات ومعهد القلب ومختلف الأماكن بمبلغ 7000 جنية للفرد. هذا المبلغ يغطى فقط معظم التكلفة فى جراحات الصمامات نظرا لارتفاع سعر مستلزماتها، ويغطى التكلفة بفائض فى جراحات الشرايين والعيوب الخلقية للقلب. لهذا تقبل به تلك الجهات باعتبارها جهات لا تهدف للربح. أما فى حالة تحولها إلى شركات ربحية فلن يقل سعر تلك الخدمة عن عشرين ألف جنية! لهذا فإن كل جهات الخصخصة التى لا توافق الآن على زيادة التمويل الحكومى، تسعى لمضاعفة ذلك التمويل فى حالة الخصخصة!
أما الخبراء الوطنيون فيطالبون ببقاء تلك الهيئات كهيئات خدمية، وكسبوا قضية ضد الشركة القابضة. مادامت بلادنا محتاجة للخدمة فهل الأوفر لها إنشاء وصيانة المنشآت التى تحمل المواطن التكلفة وحدها، أم نبيعها (عادة بالبخس) لكى نعود ونشترى منها الخدمة بأضعاف تكلفتها؟
دكتور محمد حسن خليل منسق لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة
(تم نشر هذا المقال بجريدة الدستور فى يوم الثلاثاء 12 نوفمبر 2013)
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To unsubscribe from this group and stop receiving emails from it, send an email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
To post to this group, send email to alfikralarabi@googlegroups.com.
Visit this group at http://groups.google.com/group/alfikralarabi.
For more options, visit https://groups.google.com/groups/opt_out.
No comments:
Post a Comment