مؤامرة خصخصة المتشتفيات الجامعية فى مصر
لعل النقطة المحورية التى يجب أن ينصب عليها الاهتمام عند إنشاء أو تطوير المستشفيات الجامعية فى مصر هى أقل نقطة يجرى الاهتمام بها، أو بالأحرى يجرى التعمية عنها عمدا، وهى: ما هو الكيان القانونى لتلك المؤسسة؟ الكيان القانونى الحالى للمستشفيات الجامعية الحكومية هى أنها هيئات خدمية لا تهدف للربح بل تهدف إلى (تقديم الخدمات العلاجية للجمهور، والتعليم والتدريب لطلاب الطب والأطباء، والقيام بالأبحاث العلمية). وبناء على تلك المقدمة التى تضع الرؤية والرسالة يتم تقييم سلوكها فى تحقيق تلك الأهداف. ما علاقة هذا بالخصخصة؟
تبدأ الخصخصة بتغيير الكيان القانونى للمستشفى وتحويله إلى كيان يهدف للربح فى المقام الأول. كيف هذا؟ يأتى القانون رقم67 لسنة 2010 لكى يقنن مشاركة القطاع الخاص فى مصر فى الخدمات العامة (أى الطرق والمرافق من مياه وكهرباء وصرف صحى، وكذلك فى التعليم والصحة) لكى تبرر به الحكومة عجزها عن تمويل وإصلاح وتطوير تلك الخدمات. ولكن مشاركة القطاع الخاص تغيير طبيعة تلك القطاعات من قطاعات خدمية لا تهدف للربح إلى شركات تجارية ربحية، فالقطاع الخاص لا يدخل بأمواله من باب الزكاة أو المعونة وإنما لأنه يريد لها أرباحا. وبهذا القانون تعمل الحكومة حاليا على طرح مستشفيات جامعية فى جامعات قناة السويس والزقازيق لمشاركة القطاع الخاص.
فى عام 2010 طرح وزيرا التعليم العالى والصحة (هانى هلال وحاتم الجبلى) مشروعا لتطوير المستشفيات الجامعية. وبالطبع فالمشروع ليس من بنات أفكارهما، بل إنه نتيجة دراسة أجرتها مؤسسة ماكنزى الدولية لدراسات الجدوى صاحبة مشروعات خصخصة الصحة والمرافق فى البلدان النامية، ولكن كالمعتاد فتلك الدراسات سرية على شعبنا رغم أن لوازمها من كل أسرار بلادنا متاحة للأجانب! وتواصل تنفيذ تلك الأفكار بدون تغيير بعد الثورة كما يتضح من "محضر الاجتماع السادة مديرى المستشفيات الجامعية الجلسة رقم 1 بتاريخ 13/6/2012" حيث يلخص التقرير مشاكل المستشفيات الجامعية أساسا فى مشاكل إدارية تحتاج لتطوير أساليب الإدارة وتعيين مديرين محترفين قليلى العدد، مع إشارة محدودة لمشاكل مالية وعدم تفرغ الأساستذة الجامعيين لانشغالهم بالعملية التعليمية!
إذن ما هو الحل المطروح؟ إنه "تغيير الوضع القانونى للمستشفيات الجامعية إلى:-
شركات قطاع أعمال عام أو
مزودى خدمات خاصة"
مؤامرة كاملة الأركان لتحويل أصول الشعب المصرى إلى هيئات تتاجر بالمرض فتكلف أضعاف التكلفة باسم الإصلاح، حيث يرون أن الإصلاح والجودة لا تتحقق إلا بالمنافسة، أى بالخصخصة.
ولكن القصر العينى كان واحدا من أكبر وأفضل ثمانى مستشفيات جامعية على مستوى العالم عام 1940، كما كان معترفا بشهاداته عمليا دون خصخصة بل بفضل تفانى مؤسسيه وتوافر ميزانية كافية له. كما يمكن تطوير أساليب الإدارة وإدخال أساليبها الحديثة والاستعانة بالأدوات الحديثة فى إطار نفس الهيئة الخدمية، مع فرض تفرغ الأساتذة بمرتبات مجزية تتفاوت مع درجة التفرغ! هل تدرون ياسادة أن آخر كلية طب خاصة ربحية فى الولايات المتحدة الأمريكية أغلقت أبوابها عام 1950، وأن كليات الطب بها إما تتبع حكومات الولايات أو تعد مشروعات خاصة بغير غرض الربح؟ كفى بيعا لمصر، وإذا كان هذا هو حلكم فاستقيلوا يرحمكم الله.
دكتور محمد حسن خليل منسق لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة
(تم نشر المقال بجريدة الدستور بتاريخ الثلاثاء 19 نوفمبر 2013)
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To unsubscribe from this group and stop receiving emails from it, send an email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
To post to this group, send email to alfikralarabi@googlegroups.com.
Visit this group at http://groups.google.com/group/alfikralarabi.
For more options, visit https://groups.google.com/groups/opt_out.
No comments:
Post a Comment