Wednesday, 1 January 2014

{الفكر القومي العربي} article

الخاسرون
صباح علي الشاهر
 
 
ثمة من السياسين العراقيين من سيخسر في كل الأحوال، مهما كانت نتائج ما حدث وما سيحدث، والخاسرون هم أولئك الزئبقيون، الذين يمتهنون الكلام والتأجيج، ويعتمدون على خلق الأزمات، هؤلاء الذين لا قاعدة جماهيرية حقيقية لهم، والذين كانوا وما زالوا يركبون الموجه، ويتصدرون المشهد، رغم أنهم لا يصنعون الحدث، بل يستفيدون منه، هؤلاء موجودون في كل الكتل، يمتازون بالصوت العالي، والتلاعب بمشاعر الناس، يصعدون على أكتاف المتنفذين، ويتسلقون الكتل والقوائم، ثم يغادرونها إلى كتل وتنظيمات  أخرى، ويعتمدون على دعم متنفذين في الداخل أو الخارج، وبالأخص أصحاب النفوذ والجبروت المالي، هؤلاء مستعدون في أية لحظة للتحالف مع من يمنحهم الإمتياز، لقد إمتهنوا العيش على الأزمات، وإذا كان أبناء الشعب يقدمون دمهم وعرقهم، ويعيشون معاناة لا أول لها ولا آخر، فهؤلاء يتنعمون برفاه السلطة وجاهها، سواء كانوا وزراء أم برلمانين، أو قيادات مختلفة في مفاصل السلطة، أو على هامشها، وقلة قليلة منهم من كان له ماض  سياسي أو فكري يعتد به، أو يمتلك من المؤهلات والخبرة ما يؤهله لشغل المنصب الذي أصبح فيه.  
لسنا في مجال هجاء أحد، لكننا في معرض وصف حال ليس إلا، سياسيو الأزمة والإحتراب، يجب أن يتركوا الساحة، وهم لن يتركوها بمحض إرادتهم، لذا يجب أن يجبروا على تركها بقوة الصوت الإنتخابي، هذا الصوت الذي هو العامل الحاسم في النظم الديمقراطية، التي تجري الإنتخابات فيها في بيئة طبيعية وصحية، تلك البيئة التي لم يعشها العراق مطلقاً، والتي عُمل على أن لا توجد، فمن أزمة إلى أخرى، يتم فيها إضافة الحطب إلى نار التأجيج الطائفي والعنصري، من دون إفساح المجال للشعب المنكوب أن يلتقط أنفسه.
شد بإثر شد، وتحريض يجر تحريضاً، دونما هدنة، فالمطلوب إشغال الناس وتعطيل قدرة التفكير لديهم، ودفعهم للتخندق الطائفي، راغبين أو مجبرين، هذا التخندق الذي هو بطبيعته مُعطل للتفكير المنطقي السليم، وقاتل للتأمل، هذه هي البيئة الملائمة لهم، والتي ستُعيد بالضرورة نفس الأسماء، ونفس الأشخاص، ونفس السياسات، ونفس التوجهات  العقيمة، أما البيئة الصحية السليمة، التي تسود فيها المفاهيم الوطنية الجامعة، فهي البيئة الطاردة لهم بداهة، لذا فهم يعملون، حتى من دونما تحريض خارجي، على ديمومة الوضع الحالي، والحيلولة دون تغييره، بقاء الحال على ما هو عليه هو ما يناسبهم، ويحقق مصالحهم الضيقة، وإن أدعوا زوراً أنهم يعملون على الإصلاح، إذ الرؤية الوطنية، لا الطائفية، هي الإصلاح بعينه، وخطابهم خطاب فرقة وتناحر، ولا يؤدي إلا إلى مزيد من الفرقة والتناحر، وصولاً إلى التقسيم، الذي حتى لو حدث فإنهم سوف لن يجنون منه شيئاً، لأن من سيتحكم في المُقسم هو الأشد ظلامية وتخلفاً، وهؤلاء سوف لن يسمحون لهم حتى بمجرد البقاء، حتى لو أطلقوا اللحى، وقصروا الدشاديش، وأحرقوا الجباه.    
حتى صبيان الحارات يضعون قواعد للعبهم، وصراعاتهم، أما بعض السياسين الذين إبتلي العراق بهم، فهم لا يفقهون من السياسة شيئاً، هم خليط من الطائفيين والعشائريين، والمناطقيين، والمافيويين، والمحرضين، ومثيري الفتن، وسياسو الصدفة، الذين وجدوا أنفسهم صدفة في صدارة الواقع السياسي، يتحدثدون بكل شيء، ويقررون كل شيء، وهم لا يفقهون شيئاً، ولم تكن السياسه في يوم من الأيام شغلتهم، لولا اللعنه التي حلّت بالعراق وجعلتهم هم الممثلين له والناطقين باسمه.
البيئة الصحية التي ستقلب الطاولة على تجار الموت والدمار، والإرتزاق من الكوارث، هي الوطنية العراقية والإعتدال، وقد آن الأون لترفرف عالياً راية الوطنية في سماء العراق كله، تلك الراية التي سيرفعها الوطنيون المعتدلون، الذين يؤمنون بالعيش المشترك، والعمل لخدمة العراق والعراقيين دونما تمييز.
ما يحدث الآن في الأنبار، والذي سيحدث في صلاح الدين، ونينوى، وربما ديالى، سيحسم على قاعدة منتصر ومنهزم، أو رابح وخاسر ، ولا خيار آخر، إذ لا بد أن يكون ثمة منهزم، او خاسر، أو مكسور في الإقل.
إذا كانت داعش أو القاعدة هي الرابح والمنتصر، فليس ثمة برلمان ولا برلمانيين، لا معارضة ولا معارضين، لا متحدون ولا عراقية ، خضراء أم حمراء أم صفراء، ولا حوار، ولا محاورين، لا رئيس عشيرة ولا عشائرين، ولا إخوان مسلمين، لا إقليم الرمادي ولا صلاح الدين، ولا ديمقراطية ولا حريات، ولا تظاهر ولا إعتصامات، ولا من يجرؤ على قول قول بعد قول الأمير،  ولا رئيس ولا وزير، ولا حقوق إنسان ولا حقوق حيوان، ولا حصانة ولا محصنين، للزلم أو النساوين، ولا زعيم كتلة ولا كتلويين، لا محافظ ولا رئيس مجلس محافظة،  سيصمت الجميع ويتكلم السيف وحدة ، الذي في حده الحد بين الجد واللعب، فلا هراء ولا لغو، هما صراطان لا ثالث لهما، إما الإيمان وفق فهم القاعدة ودعش، وإما الكفر الذي حدّه جز الرأس .
 

No comments:

Post a Comment