البعد الغائب فى الثورة المصرية - بقلم: طارق الكركيت رابط المقال على موقع الشعب: http://elshaab.org/thread.php?ID=13725 لا يمكن القول بأن ثورة 25 يناير حينما اندلعت كانت تمتلك برنامجا أو أهدافا واضحة ومحددة, اللهم إلا الهدف الأول الذى كانت من أجله شرارة الثورة يوم 25 يناير, وهو "إقالة وزير الداخلية" المسئول الأول عن التعذيب, ومع تصاعد الأحداث يوما بيوم كانت تتصاعد أهداف الثورة حتى وصلت إلى مطلب "إسقاط النظام", وكان هذا شيئا طبيعيا, لأنها ثورة ولدت بلا قائد أو تنظيم يحركها ويوجهها, وربما كان هذا أحد الأخطاء التى وقعت فيها القوى المشاركة فى الثورة, فربما وجود من يمثل الثورة عاملا من العوامل التى يمكن أن تسرع من وتيرة تحقيق مطالب الثورة, لكنه وفى كل الأحوال كانت مطالب الثورة تتصاعد وتتطور طبقا لأرض الواقع, وما يحدث من شد وجذب بين جماهير الثورة والسلطة الحاكمة, سواء خلال الـ 18 يوما من عمر الثورة التى كان يحكم فيها مبارك, أو بعد ذلك خلال المرحلة الانتقالية التى حكم فيها المجلس الأعلى للقوات المسلحة. لكننا يمكن أن نقول أن الهدف الذى اتفقت عليه قوى الثورة بعد إسقاط مبارك تمثل فى ثلاثة مطالب أساسية: (عيش - حرية - عدالة اجتماعية), وأصبحت هذه المطالب الثلاث أساس الصراع, والتى يتحدد على مدى تحقيقها نجاح الثورة من عدمه. وفى غمرة هذه المطالب, والتى بالتأكيد لا يختلف عليها أحد, نسى الجميع مطلب أساسى آخر, أو قل بعدا آخر, لا يقل أهمية, بل ربما وجوده أساسى لتحقيق المطالب الثلاثة التى ذكرتها, وهذا البعد هو (الاستقلال الوطنى والقومى), والاستقلال فى عقيدة حزب العمل هو أساس التنمية, وهو الآلة الرافعة للسياسة الداخلية والخارجية لأى بلد تسعى لموضع قدم بين الأمم المتقدمة. ومن العجيب أن نجد أن هذا البعد هو ذاته أحد أسباب الحرب على حزب العمل ما قبل وما بعد الثورة, فقضية الاستقلال هى القاطرة لأى تحرك سياسى, وحزب العمل كان دائما غير خاضع لأى ضغوط تمارس عليه, وكم كانت هناك الكثير من الحيل والضغوط من أجل إثناءه عن مواقفه التحررية, تارة بالترغيب, وتارة بالترهيب, ولكنه أبى إلا أن يكون مستقلا فى قراره. وعلى المستوى الخارجى يمثل الاستقلال عن القوى الدولية أساسا لنجاح السياسة الخارجية المصرية من وجهة نظر حزب العمل, وبالتحديد الاستقلال عن الحلف الصهيونى الأمريكى, بل ومحاربته, وكان هذا واضحا فى أدبيات حزب العمل منذ سنوات طويلة, ولم تكن الحملة التى قادها الحزب وجريدته "الشعب" على مدار عدة سنوات فى نهاية التسعينيات من القرن الماضى ضد سياسات وزارة الزراعة إلا حلقة من حلقات مواجهة الحلف الصهيونى الأمريكى, والمتمثل وقتها فى التعاون الزراعى بين "يوسف والى" نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة وبين الكيان الصهيونى فى المجال الزراعى, والتى ثبت بعد مرور كل هذه السنوات صحة كل كلمة قالها حزب العمل وجريدته فى هذه الحملة الصحفية. وقضية الاستقلال كانت حاضرة باستمرار فى صراع حزب العمل ضد طغيان النظام البائد بقيادة "مبارك", بل إن مواقف الحزب تجاه النظام الحاكم كانت تزداد قربا كلما بعد النظام عن سيطرة الحلف الصهيونى الأمريكى, والتى كانت بطبيعة الحال لا تستمر طويلا. وعندما قامت ثورة 25 يناير اختلفت القوى السياسية واتفقت حول مبادىء عديدة, لكن لم يطرح أى منهم مبدأ الاستقلال كأحد المبادىء الحاكمة التى لابد أن تكون فى صدارة اهتمامه, وكان الاستثناء من ذلك "حزب العمل", وربما يكون ذلك راجعا إلى نفس الأسباب التى كانت قائمة قبل الثورة, ففى فترة حكم "مبارك" كان مباحا لقوى المعارضة أن تتحدث فى أى موضوع بعيدا عن "الخطوط الحمراء" التى وضعها النظام, وكانت هذه الخطوط تتمثل فى شيئان جوهريان "التمديد والتوريث", ثم "العلاقة الخاصة مع الحلف الصهيونى الأمريكى", وعندما كسرت قوى المعارضة - وفى مقدمتها حزب العمل - حاجز الخوف من مناقشة موضوع "التمديد والتوريث" لم تستطع فعل ذلك فى قضية الاستقلال عن الحلف الصهيونى الأمريكى, وظلت راضية بهذه العلاقة الآثمة كما هى, ولم تتطرق إليها, وكذلك فعلت بعد نجاح الثورة, إما عن جهل بحقائق الصراع, وإما لرغبتها فى عدم طرح قضايا جوهرية يمكن أن تكون مثار خلاف بين رفاق الثورة, خاصة الذين يرتبطون بعلاقات حميمية مع العم سام من خلال تمويل الجمعيات الأهلية. وفى حين تناست معظم القوى السياسية قضية "الاستقلال" فى مرحلة ما بعد الثورة, كان هذا البعد حاضرا - كما كان دائما - فى سياسة حزب العمل, وحينما تم اقتحام سفارة الكيان الصهيونى فى القاهرة من الجماهير احتجاجا على مقتل 6 من الجنود المصريين على الحدود مع فلسطين بأيدى الصهاينة, حينها ظهر جليا عدم وجود مبدأ "الاستقلال" فى رؤية الكثير من القوى السياسية, التى انبرى معظمها يندد بالاقتحام تحت مسميات غريبة, من أمثال "أن هناك اتفاقات ولابد أن تحترم", أو "القانون الدولى لا يسمح بذلك", وتناسى هؤلاء أن الصهاينة الذين يدافعون عن اقتحام وكرهم هم أول من ينتهك الاتفاقات والقوانين الدولية. وعلى عكس هؤلاء جميعا وقف حزب العمل - بمفرده تقريبا - يدافع عن عملية الاقتحام, ويعتبرها بطولة من كل من شارك فيها, لأننا بالأساس لا نعترف بهذا الكيان الغاصب, ولا يجب أن نسمح له بأن يقيم على الأرض المصرية سفارة تمثل هذا الكيان, وكان للحزب شرف وجود أحد أعضاءه فى هذا الاقتحام, وهو الزميل "ضياء الصاوى" أمين شباب الحزب. هذه هى القضية.. إما أن نكون وطن ذا سيادة ونتمتع بالاستقلال, أو نظل خاضعين. ولن تحقق الثورة أهدافها بشكل كامل إلا عندما يتحقق مبدأ الاستقلال على المستوى الوطنى والقومى. مقالات أخرى للكاتب على مدونة: نوبة صحيان http://alkarket.maktoobblog.com |
مع تحياتي
ضياء الصاوي
أمين اتحاد شباب حزب العمل الإسلامي المصري
--
مع تحياتي
ضياء الصاوي
أمين اتحاد شباب حزب العمل الإسلامي المصري
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To post to this group, send email to alfikralarabi@googlegroups.com.
To unsubscribe from this group, send email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
For more options, visit this group at http://groups.google.com/group/alfikralarabi?hl=en.
No comments:
Post a Comment