Friday, 9 March 2012

{الفكر القومي العربي} التاريخ كما هو


التاريخ كما هو
أنس زاهد
الثلاثاء 06/03/2012
الضجة التي أثيرت في لبنان الأسبوع الماضي وكان بطلها النائب الكتائبي سامي الجميل الذي ينتمي لبيت الجميل العريق، هي ضجة لا تحدث إلا في بلد كلبنان.
النائب سامي الجميل احتج على رغبة وزارة التربية والتعليم اللبنانية إصدار كتاب تاريخ مدرسي موحد يتناول أحداث الحرب الأهلية في لبنان. كما تضامن مع النائب الجميل عدد آخر من النواب والزعماء السياسيين الذين يرون ضرورة استمرار تدريس مادة التاريخ وخصوصا تلك الخاصة بحقبة الحرب الأهلية، تحت إشراف كل مدرسة وليس تحت إشراف الوزارة. مما يعني أن اللبنانيين يقرؤون تاريخهم بشكل مختلف وربما بشكل متناقض.. وهو ما يكرس استمرار حالة الانقسام والاصطفاف في المجتمع اللبناني.
شخصيا لا أشك أن كل طرف من أطراف الحرب الأهلية في لبنان قد أوغل في دماء الأبرياء، وهو ما اعترف به سياسيون كبار من أمثال الزعيم الدرزي وليد جنبلاط. لكن لماذا يأبى طرف دون الأطراف الأخرى إصدار كتاب تحت إشراف الوزارة حرصاً على تلقي الأجيال الجديدة الحقيقة كما هي؟
إذا كان هناك من يخجل مثلاً من تعاونه مع العدو الإسرائيلي ومن تنصيب زعيمه رئيسا للجمهورية تحت أسنة الحراب الإسرائيلية، فإن الكل يعرف ذلك داخل لبنان وخارجه. وإذا كان هناك من يخجل من ارتكاب بعض أبشع المجازر التي وقعت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى الآن، وأعني بها طبعا مجزرة صبرا وشاتيلا التي ارتكبت بحق اللاجئين الفلسطينيين العزل لمدة ثلاثة أيام متواصلة بعد رحيل قوات منظمة التحرير الفلسطينية، فإن الكل يعرف أيضا الطرف الذي قام بذلك بعد أن تلقى التسهيلات اللازمة من العدو الذي كان يحتل العاصمة آنذاك.
وإذا كان هناك من يخجل من الحدث الذي أشعل الحرب والذي تمثل في واقعة الحافلة ( البوسطة ) التي قُتل خلالها عشرات العمال الفلسطينيين العزل ، فإن الكل يعرف من هو الطرف الذي قام بهذه الجريمة. وهو بالمناسبة نفس الطرف الذي قام بكل ما سبق وذكرناه، بالإضافة إلى تورطه في مذبحة الأحد الأسود التي كانت المذبحة الأولى التي مورس فيها القتل على الهوية.
تاريخ لبنان معروف للقاصي والداني، فلماذا يحرم التلميذ اللبناني من معرفة تاريخه عن طريق منهج دراسي موحد يسرد الحقائق كما وقعت وكما سجلها التاريخ؟
في زمن ثورة الاتصالات لا يمكن لأحد أن يخفي الحقائق.



No comments:

Post a Comment