Friday, 4 May 2012

{الفكر القومي العربي} التحليل الأسبوعي

كتب حسين الربيعي | التحليل الأسبوعي
خاص توب نيوز
 
ليس غريباً الموقف المتأزم للعملية السياسية في العراق ، بل ومن خلال عودة لقرأة الدستور وأطر العملية السياسية ومراحلها والثوابت التي قامت عليها ، وكذلك الرعوية التي نشأت من خلالها ، أن تشهد الأوضاع فترات توافق او تفاهم بين القوى السياسية القابضة على العملية السياسية ، فالأزمة ولدت مع بداية العملية ، والخروقات التي يسمونها دستورية هي في حقيقة أمرها ، خروقات سياسية للضوابط الوطنية أقترفها الدستور بحد ذاته ، وهي الثغرات التي من خلالها تخلق وتدار الأزمات .
من هنا فإن التطرف الكردي والدعوة للإنفصال ليست خاصية مسعود بارزاني وحزبه لوحدهما ، بل هي ثقافة أفرزتها التقاسيم "المكنوناتية" إن صح التعبير ، فحزب الاتحاد الكردستاني برئاسة طالباني ، لم يعارض فكرة الإنفصال ، بل ناغمها تحت عنوان "حق تقرير المصير" ، بل إن المعارضة الكردية توجه النقد للحكومة الكردية وقيادة الحزبين لتأخير إعلان الدولة الكردية .
الفقرة الجديدة في تطور فكرة الإنفصال الكردي، توسع العلاقات الكردية مع أطراف عراقية وعربية وإقليمية على إحداثيات هذه الفكرة ، في مقايضة بين دعم الموقف الكردي مقابل دعم المشروع الطائفي في العراق ، والذي يمكن أن نسميه المرحلة الثانية من عملية تقسيم العراق وفق التقاسيم "المكنوناتية" لذلك تكاد أن تكون العلاقات الجديدة ،الخطوة الأولى في تحالف عنصري ـ طائفي يتكون بالأضافة للقيادات الكردية اطرافاً عراقية وعربية وإقليمية ، مباركاً من أمريكا والكيان الصهيوني .
لهذا ، فإن الأزمة ما بين دولة القانون و العراقية ، بكل اشكالها وخصوصاً قضية الهاشمي ، بالدرجة الأولى هي افراز طبيعي لما أسميناه التقاسيم "المكنوناتية" ، وثانياً فإنها تتصاعد مع تصاعد "حملة" الإنفصال الكردية ،على أساس إنها مرحلة من مراحل المشروع المعد للعراق ونعني به تقسيمه ، والذي كان الدستور أحد وسائله.
يبقى أمراً له أهمية قصوى أدت الى عزل الشعب عن تقرير مصيره ، ذلك هو الفساد المستشري الذي جعل العراق ، الوطن الذي يضم بحيرات الثروة الهائلة أكثر البلدان تخلفاً ، وجعل شعبه أكثر الشعوب فقراً وجهلاً ومرضاً حتى تحول هذا الفساد الى جدار سميك بين العملية السياسية والحكومة من جهة وبين المواطنيين من جهة أخرى.
من هنا نعتقد ، إن الحلول المعلق عليها للأزمات العراقية ، ليست سوى مسكنات آنية تنتجها الصفقات السياسية ، وبتدخلات إقليمية ودولية ، والنتيجة المزيد من الهزال في الكيان العراقي والمزيد من الفوضى والأزمات بمنأى عن العلاج المطلوب ، الذي يحتاج لعملية جراحية شاملة لإستئصال الأورام التي ولدها الإحتلال والعملية السياسية والتي رعاها الدستور ومفخخاته ، وتقاسيمه "المكنوناتية" وإستنهاض المواطنة العراقية لوضع خارطة طريق لنظام سياسي جديد يتناغم مع هوية العراق وتأريخه ودوره.
 
4/ آيار/2012

No comments:

Post a Comment