Tuesday, 4 September 2012

{الفكر القومي العربي} ضعف المعارضة الأردنية

ضعف المعارضة الأردنية

عبد الستار قاسم

4/أيلول/2012

من الملاحظ أن المعارضة الأردنية لا تجد أمامها إلا رئيس الوزراء لتصب جام غضبها عليه، وتطالبه بالاستقالة. تستعمل المعارضة عناوين فرعية مثل محاربة الفساد وتغيير قانون الانتخابات، لكن رئيس الوزراء المسكين موجود دائما على فوهة المدفع. وقد سبق أن أقال الملك رؤساء وزراء تلبية لطلب المعارضة وأتى برؤساء جدد، لكن شيئا لم يتغير، ولا أرى أنه سيتغير حتى لو تغير رئيس الوزراء كل يوم.

 

رئيس الوزراء الأردني ليس صاحب قرار ولا راسم سياسة عامة في البلاد، وهو مجرد موظف كغيره من الموظفين بوصف وظيفي تنفيذي. إنه موظف كبير وصاحب نفوذ اجتماعي، لكنه ليس صاحب نفوذ سياسي أو اقتصادي إلا إذا كان من الأثرياء الذين يُحسب لهم، وهو لا يملك صلاحيات تغيير إلا في أمور إدارية تنفيذية ذات بعد يومي وليس استراتيجي، وواضح أن المعارضة الأردنية تستضعفه، وتتجرأ عليه، فتبرر وجودها في الهجوم عليها.

 

المملكة الأردنية الهاشمية مثلها مثل أغلب الدول العربية ليست ذات سيادة إلا على المستوى الشكلي البروتوكولي، ولا يوجد بيدها صلاحية اتخاذ قرارات مستقلة بالشؤون الجوهرية أو الاستراتيجية. فمثلا، لا تسطتيع تغيير قانون الانتخابات إلا إذا أُذن لها بذلك لأن القانون الحريص على الديمقراطية سيغير المعادلة السياسية في الأردن بالأخص ضد إسرائيل؛ ولا تستطيع اتخاذ قرار بجعل وظيفة الملك وظيفة شكلية؛ ولا حتى اتخاذ قرار بربط شبكة الكهرباء الأردنية بشبكة إقليمية إلا بإذن. وأذهب أبعد من ذلك، لا تستطيع حفر آبار ارتوازية في الأغواروالسفوح الغربية لجبال السلط إلا بإذن من إسرائيل.

 

شأن الأردن هو شأن السلطة الفلسطينية التي لا يشذ قرارها عن إرادة الممول، ولا عن الهدف الذي أقيمت من أجله. أُنشئ الكيان الأردني كما هو الحال بالنسبة للكيان الفلسطيني من أجل الدفاع عن أمن إسرائيل وتسيير الحياة اليومية والمدنية للمواطنين في الأردن والأرض المحتلة/67. تتلقى الأردن أموالا من الدول الغربية لسد العجز الكبير في النفقات الحكومية، وكذلك السلطة الفلسطينية، وتبقى رواتب الموظفين معلقة إلى حد ما بإرادة الخارج الذي لا تنتهي طلباته السياسية والأمنية.

الولايات المتحدة وإسرائيل يملكان القدرة على تحديد السياسة الأردنية العامة، وهما يمليان على الدولة ما يرونه مناسبا لبقاء الأردن أداة هامة في تنفيذ مآربهما في المنطقة العربية الإسلامية. الإملاء الأمريكي مستمر وقائم منذ تسلمت أمريكا عهدة استعمار البلدان العربية من بريطانيا، وهو يفرض نفسه بالقوة إن حاولت الأدوات الأردنية التملص أو تلبية متطلبات شعبية. ببساطة، تستطيع أمريكا إزاحة الملك إذا تمرد على ما تراه مناسبا لها ولإسرائيل. لكن من الملاحظ أن المتطلبات الأمريكية والإسرائيلية من الأردن تتناسب مع الوضع الهش للنظام الملكي، ولا تتعرض الأردن للإثقال في القضايا العلنية حتى لا يتسارع سقوط النظام. فمثلا قيل إن الأردن بقيت على الحياد بشأن الحرب على العراق عام 2003، لكن الواقع العملي ناقض الواقع الإعلامي، واستعملت أمريكا الأجواء الأردنية لضرب العراق، والقوات الأمريكية ما زالت موجودة حتى الآن في الأردن.

 

هنا المشكلة بالضبط في الأردن. هل على المعارضة الأردنية أن تناضل ضد رئيس وزراء لا يملك صلاحية اتخاذ القرار، أم ضد من يتخذ القرار والمخول الحقيقي بتنفيذه؟ الصحيح أن تقف المعارضة ضد صاحب القرار، وبما أن صاحب القرار خارجي او محصن في السفارة الأمريكية في عمان، فالوقوف يجب أن يكون ضد أدوات الأمريكيين والإسرائيليين. تنقسم هذه الأدوات إلى:

 

أ‌-                   المستوى الرسمي والذي يشمل الملك، وجهاز المخابرات الأردني، وبعض قيادات الجيش؛

ب‌-              الحركة الماسونية الأردنية والتي هي جزء من الحركة الماسونية العالمية. معروف أن الأردن تعج بالماسونيين، وأن الحصول على منصب رفيع في الدولة يشترط في الغالب العضوية في الماسونية. أغلب الاقتصاديين الكبار، وأصحاب رؤوس الأموال وكبار الإعلاميين، وعدد كبير من المهنيين من محامين ومهندسين وأطباء وأكاديميين ينتمون للحركة الماسونية. والحركة الماسونية هي الذراع الأقوى في العالم لدعم إسرائيل؛

ت‌-              الخلافات الغبية الأردنية الفلسطينية التي صنعها صاحب القرار بتنفيذ من قبل أدواته في القيادتين الأردنية والفلسطينية.

 

أدوات المستوى الرسمي هي صاحبة القرار العلني والذي يملي إرادته على رئيس الوزراء، أما الحركة الماسونية والتي يشكل الفلسطينيون أغلب أعضائها متنفذة ثقافيا وإعلاميا واقتصاديا، وتستطيع صناعة الرأي العام ووضع غشاوات على عيون الناس وعقولهم. أعضاء هذه الحركة متنفذون وأصحاب سطوة، وهم قادة التطبيع مع إسرائيل.

 

عمل النظام الأردني على تجريد الأردنيين من أراضيهم ونقلها إلى الفلسطينيين وذلك لإبقاء الأردنيين عبيدا للراتب فلا يتحولون عن دعم الملك، ولإلهاء الفلسطينيين بالمال وتحويلهم عن قضية فلسطين. وبذلك يكون الحكم للأمريكيين بواجهة ملكية مخابراتية، والاقتصاد بيد الفلسطينيين الذين اختاروا الخط الأمريكي، أما الأردنيون وباقي الفلسطينيين العبيد: الأردنيون عبيد الوظائف الحكومية وعلى رأسها أجهزة الأمن والجيش، وفقراء الفلسطينيين عبيد الأشغال الشاقة والوظائف البسيطة.

 

ويأتي بعد ذلك دور الأغبياء من العبيد الذين يظنون الظنون بعضهم ضد الآخر، بعضهم يتفاخر بتراث طبخة الملوخية والآخر بصناعة الجميد، ويبقون على الصراع فيما بينهم وهم الضحايا.

No comments:

Post a Comment