Thursday, 6 September 2012

{الفكر القومي العربي} رسالة للأخوة الناصريين الحقيقيين في تونس الثورة

    يمينيون سلفيون يرتدون عباءة عبد الناصر
 
                          رسالة للأخوة الناصريين الحقيقيين في تونس الثورة
 
                                 من اخوكم الناصري حسين الربيعي
 
 
 
تحية ناصرية عروبية خالصة
 
اولا اعلن عن تقديري واعجابي بنضالاتكم الدائمة ومواقفكم القومية الصادقة ، واحيي من خلالكم كل احرار الشعب التونسي المجاهد ، كما اعلن ثقتي ويقيني التامين على مقدرتكم في تصحيح مسيرة المؤتمر الناصري العام خلال إنعقاده في تونس وتواجدكم في اروقته ومشاركتكم في فعالياته كما حدث في المؤتمر القومي العربي ، وترجيح موازين القوى لمصلحة اليسار الناصري ولمصلحة الجهد الوحدوي ايضا ، لغرض وضعه في مكانه الحقيقي ، والعودة لتحقيق اهدافه الأسياسية وتحوله إلى مؤتمر عام للقوى والتيارات والحركات والأحزاب  والشخصيات القومية .
وكان يسعدني أن أكون حاضرا معكم لولا المحاصصة الحزبية والفئوية لبعض من انظوى تحت عنوان المؤتمر ، الذي نهج نهجا أجتثاثيا مقصودا للتيار اليساري والوطني العربي الناصري ، لمجموعات وشخصيات عديدة ، في منهج يثير الشكوك في أن يكون المنحى لهذا المؤتمر بإضافة عنوان للعناوين الهائلة للحركة الناصرية ، ولا احاول هنا توجيه التهمة لقيادة المؤتمر دون غيره  بل لعلنا نساهم جميعا في هذا الخطأ الخطير ، ومع كل هذا فإن أختيار تونس لعقد المؤتمر ، اختيارا موفقا لما صدر عن الجمع الناصري والقومي فيها من حراكات ومواقف عبرت عن روح الهداية والوعي بأهداف الثورة الناصرية ، بعيدا عن التوغل عميقا في مواقف غريبة عن هذه الثورة .. جراء تعرض البعض لتأثير ثقافات اخرى .
وتحديدا ، جئت أعرض عليكم بعض ما يجب توضيحه ، والشكوى ايضا من استفزازات اخرى ، لعلنا نقطع الطريق على الإتهامات الباطلة ، ونقطع الطريق على تحويل مؤسساتنا القومية الشعبية لأدوات تعمل لمصلحة الثورة المضادة . فتحت الطريق على تشتيت وتقسيم الحركة الناصرية ، بل والحث على توريطها في الصراعات الفتنوية القائمة الأن .
 1 ـ الموقف من الأزمة السورية : فإن الأزمة قد تجاوزت مسألة المطالبات الشعبية ، وشعارات التصحيح ... حيث بات الخطر الخارجي والتدخل ، والتهديد بالعدوان والأحتلال ، وتقسيم سورية واضحا في مسلسل ما سمي بالثورة السورية ، التي يقول عنها النائب البريطاني جورج غالاوي " لاتطلب مني ان اصدق ان ثورة يدعمها ماكين وليبرمان ، وبريطانيا وفرنسا وأمريكا وأسرائيل ، والسعودية وقطر ، هي ثورة من اجل الخير والحق .. أهذا ما تطلب مني اصدقه ؟ أرجوكم أحترموا عقولنا فلسنا مغفلين لهذه الدرجة ."
على الأقل ووفقا لمقولة الأخ العربي السوري عدنان حلاق " لتتوقف المطالبات حتى تمضي العاصفة الصفراء " ورؤية الأخ سليم حجار في رده المنشور على المنتدى القومي حول اهداف "الثورة" والذي قال فيه "هل هي ثورة ديمقراطية أم هي "ثورة" لتدمير سورية أرضا وشعبا وتدمير الجيش العربي السوري ؟"
لقد تجاوز البعض علينا في خضم تفسيرنا للوضع السوري بالخيانة والعمالة لسورية وتظامها المقاوم ، دون ان يعلموا إنهم قد منحونا أوسمة ، وأن نتحمل عبء هذه الحملة فهو خير لنا من أن نقع في المتاهة ونتحول طواعية للخط المناهض للثورة الناصرية واهدافها الواضحة في محاربة الأستعمار . مبينا دور النظام السوري البارز والأهم بدعم المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق .
2 ـ الموقف من أيران : يسعى البعض ممن يرتدي عباءة عبد الناصر كذبا وبهتانا ، إلى المساهمة في صناعة العدو البديل عن العدو الصهيوني ، من خلال الدعوى بأن أيران هي العدوة الرئيسية ، وبأنها أخطر من "إسرائيل" ... إنطلاقا من ترسبات طائفية بحتة أو مسايرة للأنظمة الرجعية العربية ... المانحة ، وقد يكون الأمر أكثر عمقا بوجود اجندة وعلاقات مع دول ومنظمات أجنبية ، مؤكدا أن الحقد على ايران قاد إلى الأرتماء في الخندق الأمريكي الصهيوني ، دون الخوض في مخاطر هذا الأرتماء على وحدة الأمة العربية وأستقلالها ، فقد رقصت أسارير بعضهم بأحتمالات ضرب أيران من قبل الولايات المتحدة والكيان الصهيوني .
مذكرا أن ايران ، بأعتراف قوى المقاومة العربية ، الداعم الرئيسي لحركات المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق ، مستدركا ، وجود خلافات كبيرة مع أيران ، لايرتقي للعداء ، كذلك هناك خلافات حادة مع الجارة تركيا أكثر بكثير من الخلافات مع أيران ، ذات عمق أستعماري عثماني دام لأكثر من خمس قرون ، كان وفق مقولات عبد الناصر " اقسى " انواع الأستعمار . ناهيك أن التحالف الدولي المناهض للصهيونية والهيمنة ، بمشاركة الأصدقاء الروس والصينيين وفنزويلا وكوبا ودول اخرى ، تبرز فيه ايران على مستوى الزعامة التي لاتنافس فيها .
3 ـ الموقف من المقاومة وحزب الله : لايشك اثنان على أن حرب تموز 2006 ، أذاقت الكيان الصهيوني هزيمة لم يذق مثلها في حياة كيانه الغاصب على الإطلاق ، وأن حزب الله الذي قاد المواجهة ضد هذا الكيان بمشاركة المقاومة القومية والناصرية في لبنان ، قد أستحوذ آنذاك حب الجماهير العربية على مستوى الوطن العربي ، وعبرت عن ذلك برفعها صور السيد حسن نصر الله وأعلام حزب الله ، ونشرت الحركات الناصرية بوسترات ، ضمت صورة السيد حسن بخلفية الزعيم الخالد جمال عبد الناصر ، وكتب في بعضها ان المسؤولية التأريجية في المقاومة قد انتقلت من عبد الناصر إلى نصر الله .
كما لايشك عاقلان على التأثر والتعبئة القومية المناهضة للأحتلال ، في صمود قطاع غزة ومفاومتها الباسلة بقيادة حماس والجهاد السلامي وحركات المقاومة اليسارية والقومية والناصرية ، وللمقاومة العراقية نصيب مهم مما أنجز على طريق أستنهاض المشروع التحرري الوحدوي العربي ، فقد حققت أنتصارا باهرا ضد أعتى انواع الأستعمار الجديد ، في ظل وضع محلي وعربي واقليمي ودولي ايضا ، يعاني من الفتنة الداخلية ، وغياب القيادات التأريخية على المستوى القومي ، واشتداد الصراعات الأقليمية ، وارتداد الأقطاب الدولية لمصلحة قيام نظام قطب امريكي  أوحد ... لقد كان انتصار فاق في تقديري الأنتصار الفيتنامي ضد امريكا للأسباب التي ذكرتها آنفا .
إن المقاومة هنا وهناك لاتقع تحت التصنيفات الطائفية ، فلقد حاولت القوى الرجعية العربية بعد أنتصار تموز 2006 ، أستباحة التصافف العربي الجماهيري مع المقاومة عن طريق الأيحاءات الطائفية ، واتهام حزب الله باتهامات باطلة . يجب ان يكون الناصريون في مقدمة الذين يؤيدون ويناصرون ويناضلون مع كل بندقية تتجه نحو العدو الصهيوني ، بعيدا عن الخصوصيات المذهبية والدينية والحزبية .
4 ـ الأستفزازات والمقولات المناوئة للشيعة : بداية ، يجب ان نفهم من هم الشيعة ، علما بأني انتمي لهذه الطائفة ، وأتشرف بأنتمائي لها ولتاريخها ، ولكن بعيدا عن الجهل والتطرف والتفرقة ، ولكني بحق عانيت ماعانيت بسبب هذا الأنتماء ... ليس من الطائفيين السنة فقط ، بل من الطائفيين الشيعية   فأتهمت بـ " الناصبي" وهددت "بالقصاص العادل" مع مجموعة من المناهضين للأحتلال كما هو مبين في ما سمي قرارات التصفية الخاصة عن منظمة تطلق على نفسها "القصاص العادل" بحق عدد من "كتاب من اجل الحرية " .
ولمن لايفهم تأريخ الشيعة / يجب اولا العودة لقرأة " اليمين واليسار في الأسلام " للكاتب احمد عباس صالح ، رئيس تحرير مجلة الكاتب المصرية آبان النظام الناصري ، فإن هذا التيار الإسلامي الواسع ، يمكن ووفقا لدراسة "صالح" ان يمثل التيار اليساري الأشتراكي في الأسلام ، والشيعة العرب بشكل عام متمسكون بعروبتهم ، وكان لهم ادوار في النضال القومي والوطني ، خصوصا شيعة العراق ، فقد كان لمرجعياتهم الدينية مواقع الزعامة في ثورة العشرين ، كما أن الثورة كانت قد انطلقت من "الرارنجية" وهي مدينة من مدن العراق الشيعية ، وبدأتها العشائر العربية الشيعية ضد الأحتلال البريطاني ، يقول د. ابراهيم العاني في مقال له بعنوان "حتى لا يظلم الشيعة العرب" :    
   "ولو تصفحنا التاريخ القريب لوجدنا العديد من الشواهد، التي تؤكد أن الشيعة طالما غلّبوا الانتماء الوطني على الانتماء المذهبي. فحينما دخلت الجيوش الانكليزية إلى العراق لاحتلاله عام 1914، وكان العراق يرزح تحت السيطرة العثمانية التي مارست سياسة طائفية وعنصرية متعسفة ضد شيعة العراق، أعلن مراجع الشيعة في العراق الجهاد ضد القوات الغازية، وحرضوا القبائل وجمعوا الأموال والسلاح للقتال جنباً إلى جنب مع الدولة العثمانية التركية السنية التي اضطهدتهم طيلة قرون، مغلبين الحس الوطني العراقي والحماسة الدينية الإسلامية على الانتماء للمذهب والطائفة، بينما توارى شيوخ السلطنة ـ الذين طالما أغدقت عليهم السلطات التركية الأموال والامتيازات ـ عن الأنظار!
والأمر نفسه حصل في الثورة العراقية الكبرى عام 1920، التي أشعلت شرارتها أيضاً فتاوى مراجع الشيعة للجهاد ضد المحتل، التي أفشلت المخططات البريطانية بحكم العراق عسكرياً، كما هو الحال في الهند والاستجابة لمطالب الثوار بقيام الحكم الوطني وتعيين حاكم عربي مسلم من دون سؤال عن مذهبه. وقد دفع الشيعةى العراقيون ثمن مواقفهم الوطنية غالياً، إذ قرر الإنكليز، وهم أصحاب القرار الفعلي في السياسة العراقية في تلك الحقبة، حرمان الشيعة من الحكم وإقصاءهم عن مواقع المسؤولية في الدولة العراقية الحديثة، رغم أنهم يشكلون الأغلبية السكانية في العراق" .
ويضيف العاني :    
"ويشهد التاريخ أن الشيخ محمد مهدي كبة، وهو من عائلة شيعية بغدادية عريقة، مؤسس حزب الاستقلال، يعد رائد التيار القومي العربي في العراق منذ الثلاثينات، وفي هذا الحزب تربت صفوة الكوادر القومية العراقية، التي كانت نواة للحركات القومية التي نشأت في العراق خلال الأربعينات والخمسينات".
ولما ظهرت الحركة الناصرية إبان الخمسينات كانت لها قاعدة شعبية عريضة في المناطق الشيعية العراقية، وحينما حدث العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 كانت النجف أول مدينة تنتفض ضد العدوان وسقط فيها جرحى وشهداء، وساندت المرجعيات الدينية الشيعية موقف مصر ودعت إلى دحر العدوان، على الرغم من موقف الحكومة العراقية الحاضنة لحلف بغداد المعادي للسياسة المصرية، في ذلك الحين، وموقف حكومة إيران الشاه التي كانت تشاركها السياسة نفسها مع مصر لأنهاعضو في ذلك الحلف. وبذا غلّب الشيعة الانتماء العروبي على الانتماء المذهبي والقطري .
وإذا اردت الإضافة فإن عدد كبير ومهم من قادة الحركة القومية الناصرية في العراق من ابناء الطائفة الشيعية ، يقول ياسين الدليمي في مقال له بعنوان الأحزاب القومية الناصرية في العراق مالها وما عليها   :
وأكثر قادة التنظيمات القومية العربية والناصرية هم أبناء (الشيعة) ولم يزل الفكر القومي العربي يباهي ويفاخر ويعتز بهم رموزاً وقادة ومناضلين فالفكر القومي العربي ."  
ولا أضن ان هذه المعلومات مغيبة ، وغلا فإن باستطاعتي تهيئة قوائم بأسماء القادة الناصريين والقوميين من ابناء الطائفة الشيعية ومن مناطق الفرات الأوسط والجنوب بشكل خاص ، ويتبادر إلى ذهني الأن الشهيد فؤاد الركابي ، وطالب ناجي ، واحمد الحبوبي .. وغيرهم الكثير . لقد لاحظت ولاحظ معي الأخوة خلال مناقشات وحوارات وإجتماعات متعددة ، محاولات أستفزاز لي وللطائفة الشيعة بشكل عام عن طريق استخدام مصطلحات طائفية ، او الأحتجاج المعنف ضد أرائي .. لقد كانوا متزمتين بشكلٍ قاسي ، ما ان طرحت رأيا حتى اطلقوا اتهامات بالهرطقة والكفر ، ومن شواهد ذلك الحوارات التي جرت على المنتدى القومي بإدارة د. جمال الصباغ ، فما أن طرحت رأيا لايعجبهم ، حتى صاروا يتحدثون عن العمالة لأيران ، ويكيلوا المديح لمعاوية ابن أبي سفيان ، فقد قال احدهم انه لايعترف بزعامة للعرب إلا لعبد الناصر ومعاوية ، ليس لغرض الدراسة والتحليل .. بل لغرض الأستفزاز ، فيما رضيت السكوت وعدم الإجابة فيما اتهم من بعض أبناء طائفتي بالتقاعس ، وكان يمكن لي الحوار في هذه الشؤون لو انها كانت في مجال الحوار المؤدب ، والحقيقة فإني لا أعرف من اين جائتنا هذه الفتوى بزعامية معاوية المتوائمة مع زعامية الخالد جمال عبد الناصر ، على الأقل في انتمائتهما الطبقية ، فمعاوية من اليمين من طبقة التجار واصحاب الأموال من امية قريش  " وفق تصنيف عباس احمد صالح " وعبد الناصر يساري اشتراكي من طبقة الفلاحين المعدمين ، يقول احمد عباس صالح في دراسته الموسومة اليمين واليسار في الإسلام :
"حتى أستولى معاوية على السلطة من علي بن ابي طالب ، ووصل اليمين المتطرف إلى الحكم واختفت نظرية الشورى هذه حتى العصور الحيثة عن العمل تعطيلا تاما " ويضيف صالح " وسنقرأ أيضا عن تلهوزن نفسه ، كما عند سائر المؤرخين القدامى مع أختلاف في الروايات ، كيف دس معاوية السم لأنصار علي الذين عينهم عمالا على مصر ، فقتل مالك بن الأشتر والي علي على مصر ، وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد واليه الثاني على مصر ، وقتل أنصاره محمد بن حذيفة ومحمد بن أبي بكر الصديق " .
 وحتى لانذهب بعيدا ، فإنني يجب أن انبه أن هذه الأستفزازات ، يمكن ان تقطع علينا الطريق في مواجهة الردة عن العروبة ، وتفعيل الصحوة القومية التي تبدو واضحة وفي أشدها الأن في مناطقنا الجنوبية والوسطى ، فجماهير هذه المناطق وسكانها الذين يمثلون الغالبية في العراق ، لايمكن تغريب هويتهم العربية إلا لمصلحة أعداء الأمة العربية ، وهم الأكثر عداءا ومقاومة للأحتلال وحلفائه .
حينما سميت رسالتي بهذا العنوان ، لأني وجدت طعما جديدا في بعض الأراء ، منها ماطرح على المنتدى القومي حول الحوار والصلح والتحالف مع الأخوان المسلمين ، فقد ذكرني هذا ، بأن بعض الناصريين لم يتمكنوا من إحكام عواطفهم أو مخاوفهم او أشياء اخرى ، ودليلي الردود التي ظهرت على موقف السيدة الحكيمة هدى جمال عبد الناصر حينما أعلنت عن دعمها لترشيح أحمد شفيق ضد مرشح الأخوان مرسي ، فيما تتحقق الأن تحذيراتها بعد أن وقع الفأس في الرأس نتيجة العاطفة على حسابات التجارب الماضية والأحتمالات ، فإذا كانت السيدة الجليلة بنت الزعيم الخالد قد أنف رأيها وأتهمت بأنها لاتمثل راي والدها ، فيما كانت هي المصيبة وأخطأ الأخرين ، فإن ذلك هون عليَ وعلى الطائفة التي أنتمي اليها ، على بديهية تحول البعض من الناصرية إلى اليمين المتطرف السلفي دون أن ينزعوا عنهم عباءة عبد الناصر ، لأمرٍ في نفس يعقوب .
 
بغداد العروبة 4 آيلول 2012
 

No comments:

Post a Comment