السيسي وصباحي بين حكمة مانديلا وإخلاص سوار الذهب وسحر عبد الناصر
بقلم
دكتور محمد نبيل جامع
أستاذ علم اجتماع التنمية الريفية بجامعة الإسكندرية
01227435754
4 مايو 2013
ما بين الدموع، ونظرات الاستغاثة، وإشارات الثقة، ومعالم الطمأنينة، وابتسامات الفخر، وحرارة التصفيق، وجلجلة مسرح الجلاء، شهد الفريق أول السيسي حفل جامعة المستقبل بمناسبة عيد تحرير سيناء. كانت كلمات السيسي وابتساماته وإشاراته وبساطته في خضم المأساة التي نعيشها الآن في ظل تدهور مصر وفشل حكم الجماعات الفاشية المتأسلمة مصدرا لتفجير كل تلك المشاعر والأحاسيس.
هل هي ضرورات الموقف السياسي والاقتصادي والاجتماعي الحالي، أم هل هي رومانسية الشعب المصري، أم هل هي عجز المقاومة الشعبية، أم هل هي بالفعل كاريزما الفريق السيسي؟ ماذا يضير لو شطبنا كلمة "أم" لنقول هي كل ذلك، لأنها بالفعل كذلك.
إذا كان قطاع كبير من الشعب المصري الآن ينتظر ويتمنى بل ويدعو إلى ظهور قائد كارزمي يلتف حوله ويضحي معه من أجل تحقيق أحلامه، ومواجهة هذا الحكم الإخواني الفاشي غير الإسلامي فلا يوجد أمامه إلا مرشحين اثنين من وجهة نظري الشخصية (والتي أقبل خطأها إن كانت كذلك) وهما حمدين صباحي المدني، وعبد الفتاح السيسي العسكري. صباحي يدعمه تفضيل الحكم المدني على الحكم العسكري لدي السواد الأعظم من الشعب، والسيسي يدعمه ثقة السواد الأعظم من الشعب في المؤسسة العسكرية واطمئنانه لحمايتها. وليس هناك من بديل يجمع بين الحسنيين إلا أن يتعاون الطرفان في تحقيق المهمة الوطنية، أقصد الطرفان المدني والعسكري، وذلك من أجل إنقاذ مصر من ورطتها الحالية. هل يمكن تحقيق ذلك؟
المشكلة الأساسية، أن الشعب ليس له حسابات سوى تحريره وعزة مصر وكرامتها. أما السياسيون والعسكريون فلهم حسابات معقدة، وسيناريوهات متعددة، وعليهم ضغوط هائلة، ناهيك عن أطماعهم الشخصية والفئوية. صباحي كان أكثر وضوحا في التعبير عن تلك الحسابات لدرجة أنه عندما سئل من أحد مذيعي التوك شو قريبا هل تخاف على حياتك؟ فأجاب دون تردد بنعم. هذا علاوة على أنه أعلن برنامجه التنموي الرائع لبناء مصر ومن بين عناصره الاستقلال الوطني الذي يعني محاولة الخروج بمصر عن التبعية للقوى الخارجية الأمريكية والإسرائيلية والأوروبية وما يقف وراءها جميعا من بارونات المال البترودولاري وقهر الشركات العابرة للقارات. وهذا بالتأكيد ما لا تريده هذه القوى العالمية لمصر. ولكن هذا الموقف بالضبط هو ما واجهه عبد الناصر، ودعمه الشعب المصري في مواجهة التحديات العظمى آنذاك.
أما الفريق أول عبيد الفتاح السيسي (ودعني أتدلل بإسمه حبا وتقديرا) فهو لا يستطيع أن يفصح عن حساباته لأنها ليست حسابات شخصية كما هو الحال مع صباحي، ولكنها حسابات مؤسسية وطنية وعالمية ترتبط إلى حد ما بالسرية وعالم المخابراتية. آخر الحسابات التي ينظر إليها الفريق السيسي هي تهديدات الجبناء مغيبي العقول من التيارات المتطرفة، فهؤلاء يكفيهم رشة بيروسول كلامية عسكرية حتى يعودوا لكمونهم في الكهوف المظلمة شأنهم شأن الفيروسات القاطنة للجسد البشري والتي لا تظهر إلا عند انخفاض مناعته. ثم هناك قوة الشرطة حاليا، وهي المسئولة داخليا بجانب المنافقين والمنتفعين من الطفيليين المهيمنين على البيروقراطية الحكومية، وذلك عن دعم النظام الفاشي الحالي. ولكن عند ساعة الصفر ستتطاير هذه القوى وتظهر الشرطة جوهرها الحقيقي وهو كونها شرطة الشعب ومملوكته، شأنها شأن المؤسسة العسكرية الوطنية تماما.
الخروج من المأزق الحالي يتطلب الصبر وكلا مما يلي:
1. دعم قنوات التواصل والتعاون بين القوى السياسية المؤثرة من ناحية والمؤسسة العسكرية والشرطية من ناحية أخرى دون كشف أجهزة تنصت الشاطر لتلك القنوات.
2. محاولة التعاون والتوافق بين الأحزاب السياسية الوطنية الثورية والتوافق حول مجموعة من فطاحل السياسيين على أن يكون صباحي هو رمزهم المركزي بحكم ما أرى فيه من قدرات سياسية هائلة وبحكم شعبيته التي تأكدت في الانتخابات الرئاسية السابقة ومن قبل كل ذلك برنامجه التنموي الحقيقي لبناء مصر، وهذا ما أستطيع أن أؤكد عليه بحكم تخصصي المتواضع.
3. استمرار صلابة القضاء المصري في مواجهة ذبحه وتطويعه وترويضه وتسمينه من أجل الحفاظ على ما تبقى من دولة القانون واستعادة عافية الأمن الوطني وكرامة أشرف فئات الشعب المصري. ولنتذكر دائما أن خطيئة القاضي عار لا تمحوه التوبة.
4. استمرار زخم الإعلام الوطني الشريف بكل صوره التقليدية والإلكترونية الدينية الأزهرية والصحفية والتليفزيونية والإذاعية والفنية والترفيهية من أجل تجميع القوى الشعبية واستنهاضها واجتثاث الفكر المتخلف والتطرف العقلي.
5. استمرار النضال السلمي الاحتجاجي للشباب ثم الشباب ثم الشباب والذين من بينهم أكثر من 4 مليون عاطل وملايين الفقراء من شباب العشوائيات والمناطق الشعبية فهم أصحاب المصلحة الحقيقية من تحقيق أهداف الثورة وهم أقل الفئات الشعبية تقديرا لحسابات السياسة والمصالح الخاصة، وهم، كما كانوا، رأس الحربة لكل الحركات التحررية والثورية الوطنية على مر التاريخ.
Prof. Mohamed Nabil Gamie
Department of Rural Development, College of Agriculture,
Alexandria University, Al-Shatby, Alexandria, Egypt
mngamie@yahoo.com
01227435754
No comments:
Post a Comment