Monday, 12 August 2013

{الفكر القومي العربي} Articel

جنرالات الإعلام العربي بين الاستعلاء والاستخزاء


المتابع لخطاب جنرالات الإعلام العربي الخاص و الرسمي  والناطقين الإعلاميين والمسئولين المصريين بعد الإنقلاب العسكري على الرئيس محمد مرسي و اعتقاله هو وكبار مستشاريه مع قيادات حزب الحرية والعدالة و حزب الوسط و جماعة الإخوان المسلمين و انصارهم, يستطيع أن يصنف الخطاب إلى مستويين:

المستوى الأول, خطاب إعلامي استعلائي  بإمتياز وهو خطاب يستند لنظرية قديمة في العرف العربي قدم  الهزائم العربية, أسسها الإعلامي العربي الشهير "أحمد السعيد" عبر إذاعة صوت العرب, والذي كان يهنئ السمك في البحر بولائم من اللحم الإسرائيلي, في حين كانت الدبابات الإسرائيلية تحتل بورسعيد والاسماعيلية بمصر واليوم يهنئ جنرالات الإعلام المصري الشعب المخدوع بأن ايام الجوع والفقر والبطالة انتهت بفضل السيسي الأب الروحي لإنقلاب الثالث من يوليو و بفضل اموال الخليج و استثماراتهم التي ستحول مصر الى جنة الله على الأرض . تتسلل رواسب هذه السياسة الإعلامية لهذا النوع من الخطاب بين ثنايا الرسائل الإعلامية للعديد من الإعلاميين والمسئولين المصريين والعرب بعد الإطاحة بحكم الإخوان, وهو خطابٌ علوي, خيالي, يحمل الجمهور إلى عالم الميتافيزيقية, خطابٌ أخَّاذ للقلوب, لا يؤمن بوجود العقل, وظيفته ذر الرماد في العيون. خطابٌ يُشعر الجمهور المتلقي بأن مليارات الخليج ستحل الأزمة المصرية و أن الديمقراطية الحقيقية ستحل ضيفا على ربوع مصر, وأن الإخوان و انصارهم, يستجدون الصفح والغفران من السيسي .


والخطاب الإعلامي الثاني: هو الخطاب الانبطاحي الذي يتبناه المرتجفة من الإعلاميين والمسئولين المصريين, فلول النظام البائد و المتسلقين على اكتاف العسكر, وهي سياسة إعلامية مؤصلة في العقلية المصرية للأسف الشديد. خطابٌ استخزائي همَّه الفت من عَضُد المعتصمين في ميادين مصر, خطابٌ تثبيطي وظيفته رسم صورة ذهنية لـ(للسيسي و الإنقلابيين) التي لا تهزم ولا تتقهقر, خطابٌ يدعو إلى عدم المحاولة لأنها فاشلة من قبل التفكير بها, خطابٌ تتبناه المرتزقة من الإعلاميين والضباط المصريين المتقاعدين من (الحرس القديم) الذين يخططون لعودة نظام مبارك تحت قيادة السيسي.

ويعتبر ذلك الخطاب عَرًض لمرض نفسي متجذر, سببته الهزائم العربية التترى عبر قرن من الزمان, بدءً بتقسيم المنطقة العربية بعد الحرب العالمية الأولى عام 1914, إلى احتلال فلسطين عام 1948م, الى هزيمة العرب المدوية واحتلال ما تبقى من فلسطين والجولان وسيناء 1967, إلى احتلال بيروت عام 1982  إلى الحرب الإيرانية العراقية و إلى احتلال الكويت و سقوط نظام صدام. ظهر هذا النوع من الخطاب جلياً على لسان العديد من الإعلاميين والناطقين والمسئولين بعد انقلاب العسكر على الشرعية في مصر , خطابٌ يتحدث بلغة اللافائدة واللاجدى من المواجهة لأنصار الشرعية والديمقراطية, نصائح جنرالات الإعلام و الفلول بعدم المحاولة, لأن (السيسي) ومن ورائه أمريكا ودول الخليج و إسرائيل لا يمكن أن يهزم, أما عن ما يسمى بـ"الربيع العربي" فإنه لن ينفعكم, خطابٌ يقطر منه سيل اللعاب الاستسلامي لهثا وراء فض الإعتصامات الشعبية وبأي ثمن, تحت عناوين براقة منها: "حماية المدنيين العزّل" "الحفاظ على المكتسبات", "تحكيم العقل", "تفويت الفرص"..الخ


إن من مخاطر الخطاب الصّحافي الإستعلائي, تغييب العقول وخديعة الجماهير بأن الثورة التصحيحية يوم 30 يونيو قد انهت  إلى الأبد  حكم الإخوان, مما يتسبب في ارتخاء أعصاب المعتصمين وتعريضهم للخطر, وكذلك تسبب الصدمات النفسية للجماهير عندما تُصعق بحقائق مغايرة على الأرض, وفي المقابل يخدم (جبهة الإنقاذ الوطني و حركة تمرد) بإظهارهم الضحية المستجدية لرفع الظلم عنهم, كما ويهول من قدرات المعتصمين في ميدان رابعة العدوية و ميدان النهضة  بما يظهرها المدججة بالسلاح, ويعتم على المجازر التي ارتكبها الجيش امام نادي الحرس الجمهوري و ما ارتكبته الشرطة في شارع النصر, ويساعد قادة الإنقلاب و اعوانهم على الافلات من العقاب الدولي الإنساني.


أما عن مخاطر الخطاب الآخر, الخطاب الانبطاحي أوالاستخزائي, فإنه يضمن لنا جيلاً من الأقزام, الأرضيين, المبهورين, بل  المهزومين أمام ما يسمى عظمة الإمبراطورية العسكرية لعبدالفتاح السيسي التي لا تخطئ الهدف ولا التخطيط, جيلٌ لديه فوبيا (الإخوان المسلمين), لا يفكر أن يفكر, لأن السيسي الأذكى والأعلم والأخبر.., جيلٌ يكره دينه وعروبته و إخوانه المصريين, وهو خطابٌ إعلاميٌ من شأنه إضعاف الصمود التاريخي للمصريين في الميادين لأنه يفقد الإخوان ثقة وإلتفاف الجماهير حولهم, خطابٌ منبطح على عتبات الإعلام الفاسد و المضلل, ويدور في فلك الدعاية الأمريكية التي تريد ديمقراطية علمانية في الوطن العربي و ترفض ديمقراطية المتدينين و خاصة الإخوان المسلمين.

كلا الخطابين مرفوضان, نريد خطاباً ثالثاً, خطاباً مهنياً مسئولاً ووطنياً, يَعِدُ ولا يمنِّي, يطالبُ ولا يستجدي, يرفعُ ولا يخدع, يفضحُ جرائم القتلة ولا يُحبط, يتحدث عن الديمقراطية في إطارها  المنطقي, لا في إطارها  الخرافي, يؤمن بحتمية إنتصار الحق على الباطل, و يؤمن بثورة المظلومين و لا يتجاهلهم, لا يهوِّن ولا يهول, لا يضخمُ ولا يجلد, نريد خطاباً بين ذلكم قواما.

نعم نريد إعلاما صادقا و غير مرائي و نريد أن نقول للكاذب خسئت و للصادق بوركت و نريد أن نقبل على مشاهدة الخبر بروح المسؤلية و كفانا اعلاما دعائيا يقتل فينا الأمل بغد مشرق لهذه الأمة التي اختارها الله لتكون خير امة اخرجت للناس.

محمود الدبعي

No comments:

Post a Comment