كيف تدير مجلس الوزراء يا دكتور ببلاوي؟
بقلم
دكتور محمد نبيل جامع
أستاذ علم اجتماع التنمية بجامعة الإسكندرية
19 سبتمبر 2013
كلمتان مؤقتتان في لغة الوداد مع عائلة الهلباوي المنوفية. من خلال معايشةٍ ودراسةِ حالةٍ مكثفة مع أحد شباب العائلة النابغين، وهو زميل لي بالجامعة في نفس القسم، ومن خلال دراسة حالة غير مكثفة للعميد الحالي لهذه العائلة أستاذنا الدكتور كمال الهلباوي الذي عاتبني معاتبة رقيقة في مقال بتاريخ 4/9/2013، بجريدة الوطن، التي لا يصل أمثالي إليها، وبعنوان "شيء من الإنصاف يا أولي الألباب" والتي لم أعلم عنها إلا بالأمس فقط، فإني سوف أخص له رد خاص يليق بمقامه. أقول الآن أن عائلة الهلباوي عائلة محبوبة يعشقها كل من يتعامل معها، ولكن في نفس الوقت هي التي أبدعت الشطارة والإنجاز المعروفين عن المنوفيين. أقول ذلك مؤقتا لأني لا أستطيع أن أؤجل مقالي الحالي حول حكومة الدكتور الببلاوي بعد أن صدر القرار الثوري، ولكن بقيصرية عويصة، والمتعلق بالحد الأدنى للأجور. فما بالكم بالحد الأقصى للأجور؟ إن كان الأمر كذلك فيبدو أن الحد الأقصى هذا لن تقوى على إصداره تلك الحكومة التي تبدو ميولها الرأسمالية اليمينية، وهذا ما لا يليق بشعب يتلوى من كافة أنواع المعاناة بجانب أغنياء يعانون من التخمة، وقد ملوا حياة الترف والدعة. كما لا يليق هذا أيضا بثورة أذهلت العالم ولا زالت تذهله بتوابعها. ولا زال لا يليق ذلك أيضا بدولة هي من أبدعت مفهوم الدولة في تاريخ الحضارة الإنسانية.
أستاذنا الأستاذ الدكتور رئيس الوزراء المحترم دكتور حازم:
1. أنت الآن مسئول عن مصر، ومكلف بسلطة شعب وإرادته وشرعيته بتحقيق أهداف "العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية" والتي من أجلها قام الشعب بتلك الثورة وتحمل مصائب وتكاليف هائلة من الدم والإصابة والجوع والخوف. إذا لم يكن بقيم سيادتك شيء من الاشتراكية اللازمة لتحقيق تلك الأهداف فمن الأمانة الاستقالة وترك الأمر لمن هو مؤمن به. تلك الأهداف سيادة الرئيس الوزاري يجب أن تكون تكليف سيادتك وتعليماتك لكل وزير في هذه الحكومة حتى وإن كان من رجال جمال مبارك السابقين والمروجين آنذاك للرأسمالية المتوحشة، وأنت تعلمه أو تعلمهم.
2. إذا تُرك كل وزير يعمل بمفرده فلن يكون هناك تنسيق، وقد يحدث تعارض وصراع، ولذلك فيجب أن يعمل الوزراء في صورة مجموعات، كل مجموعة أو مجموعتين تعرض خططهما وإنجازاتهما في لقاء وزاري خاص، ويمكن أن تكون المجموعات كما يلي:
أ. مجموعة الزراعة والتنمية الريفية (وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، الموارد المائية والري، التنمية المحلية).
ب. مجموعة التنمية البشرية (التعليم، التعليم العالي، التضامن الاجتماعي، القوى العاملة والهجرة، الصحة والسكان، الأوقاف، الدولة لشئون الشباب، الدولة لشئون الرياضة).
ج. مجموعة الأمن والسياحة (الداخلية، السياحة، الآثار، الإعلام، الثقافة، البيئة).
د. المجموعة الاقتصادية (المالية، الاقتصاد، التعاون الدولي، الاستثمار، التخطيط، التموين، الدولة للتنمية الإدارية).
ه. مجموعة الإنشاءات العامة (الكهرباء والطاقة، النقل، الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية).
و. مجموعة الصناعة والموارد الطبيعية (التجارة والصناعة، البترول والثروة المعدنية، الدولة للإنتاج الحربي، الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات).
3. تقوم هذه المجموعات بِحَثً فروعها على مستوى المحافظات والمراكز للعمل معا وبتنسيق متكامل أيضا حتى تتعلم الحكومة العمل الجمعي والتنظيم الهيكلي المتناسق المتكامل وليحدث التآزر والتفاعل والإبداع والابتكار على المستوى المحلي، ولتتحقق اللامركزية تدريجيا.
4. يجب العمل نحو تخصيص حوالي 20% على الأقل من ميزانية الدولة للمحليات بدلا من الرقم الحالي الذي يصل إلى حوالي 6% فقط وهو شاذ بكل المقاييس حيث تتراوح الدول النامية والمتقدمة فيما بين 30-70%. هذا في الوقت الذي يجب العمل فورا نحو انتخاب المحافظين من الكوادر المحلية وترك المحافظات للتنافس في التنمية والتقدم بالموارد الذاتية والدعم الفني الحكومي والإداري.
5. محاولة تطبيق القرارات الاقتصادية والاجتماعية مثل تلك التي نشرت وأرسلت للحكومة من جانب خبراء أمثال الدكتور أحمد سيد النجار، والدكتور صلاح جودة ، والدكتور شيرين القاضي. هذه القرارات تمثل جوهر التنمية المؤسسية وهي الفعالة في تحقيق التقدم والرخاء، وعدم الاكتفاء بالمنهج التقليدي وهو التنمية بالمشروعات التي تعتمد على إقامة مشاريع غالبا ما تكون فاشلة أو غير فعالة نتيجة للمعوقات المؤسسية القائمة.
6. دكتور حازم بك، كم فرحنا بوزارتكم وبإدارتها للمرحلة التأسيسية للدولة المصرية الحديثة. تمثلت فرحتي بصورة خاصة في التبرع لصندوق دعم مصر 306306 بمبلغ عشرة آلاف جنيه يوم أن أعلن الإعلامي الفاضل خيري رمضان عن هذه المبادرة، وعلمنا أن سيادتك ستشكل مجلسا لهذا الصندوق. نرجو الإعلان عن تطوراته حتى يتشجع باقي الشعب لإنقاذ وطنه الحبيب بدلا من انتظار العطايا والهبات على قدر تقديرنا وامتناننا لمواقف أصحابها الوطنية العربية الرائعة.
7. وأخيرا سيدي الفاضل، أمام معوقات الشيخوخة، أرجو أن ترسل سيادتكم أحد العاملين في سكرتاريتكم لقسم التنمية الريفية بجامعة الإسكندرية بالشاطبي لإهداء الكتب التالية لسيادتكم والتي تمثل حصيلة فريق عمل أكاديمي رائع على مدى سنين طويلة للوزراء المعنيين:
أ. كتاب "علم الاجتماع الاقتصادي" لسيادتكم ولوزير المالية ولوزير التعاون الدولي ليوضح التغيرات الاقتصادية والمؤسسية المطلوبة وإظهار أهمية التنمية الذاتية وخطورة الاقتصاد النيولبرالي الوحشي).
ب. كتاب "علم الاجتماع الريفي والتنمية الريفية" لوزراء التنمية المحلية والزراعة والموارد المائية والري.
ج. كتاب "تطوير التعليم العالي في مصر والبلاد العربية" لوزراء التعليم العالي والتربية والتعليم.
د. "علم الاجتماع الأسري" لوزراء التربية والتعليم والصحة والسكان والأوقاف. وغير ذلك من مؤلفات ودراسات كثيرة.
8. سيادة الأستاذ الفاضل الدكتور حازم: سئمنا من الكتابة حول الإخوان والإرهاب المقيت لشعب مصر العظيم، وحاولت هذه المرة بصورة خاصة أن أكتب في البناء والمستقبل استجابة لبعض المخلصين من أصدقائي. ولكني لا زلت على يقين كامل أنه لن يتم بناء حقيقي وتنمية حقة طالما لا يتوفر الأمن والاستقرار السياسي، وأدعو الله سبحانه وتعالي أن يرحمنا الإسلاميون السياسيون والإرهابيون من أتباعهم ويتركوا هذا الوطن الذي حضنهم وربى أكتافهم وآمنهم من جوع ومن خوف حتى تراكمت ثرواتهم كالجبال، يتركوا هذا الوطن لينطلق نحو ما يستحقه من حياة كريمة أرادها الله سبحانه وتعالى لبني آدم أجمعين.
Prof. Mohamed Nabil Gamie
Department of Rural Development, College of Agriculture,
Alexandria University, Al-Shatby, Alexandria, Egypt
mngamie@yahoo.com
01227435754
No comments:
Post a Comment