Sunday, 24 June 2012

{الفكر القومي العربي} حماية الصحفيين ... إلى اين ؟

                                حماية الصحفيين ... إلى اين ؟
                                                           
                                   بقلم : حسين الربيعي

في مثل هذا اليوم ، الرابع والعشرين من شهر حزيران عام 2003 ، سجل التأريخ أول حادثة للأعتداء على صحفي عراقي خلال الفترة الحالية بعيد الأحتلال الأمريكي للعراق ، حيث أغتيل طعنا بالسكاكين الصحفي عقيل الجبوري رئيس تحرير جريدة الفيحاء في مدينة الحلة بمحافظة بابل ، ومن ذلك التأريخ وحتى الأن وعبر سنوات تسع عجاف ، أستمر مسلسل الأعتداء على الصحفيين والأعلاميين واصحاب الرأي ... بل إن وتيرته تتعاظم يوما بعد يوم ، أما الأسباب والجهات التي تقف خلف هذه ـ الظاهرة ـ فهي في حكم المجهول ، أما السبب الظاهر فهو أن الحكومة والجهات المسؤولة تخلت عن واجباتها في حماية مواطنيها وفي مقدمتهم هذه الطبقة المثقفة والواعية ، فتركت ـ على الأقل ـ القارب على رسله للقتلة دون عقاب وفقا لما قالته صحيفة الأندبندت البريطانية من أن " العراق بعد الغزو أخطر على الصحفيين في العالم ، ويحمل سجلا عالميا في مجال إفلات قاتلي الصحفيين من العقاب ، حيث لم يحاكم أي شخص على هذه الجرائم " .
وفي هذا الخصوص ، ووفقا لنقابة الصحفيين عن عدد الصحفين الذين تم أغتيالهم في العراق منذ الأحتلال ولحد الأن يبلغ ( 350 ) صحفيا من المنتمين للنقابة وحدها ، فإن هناك ما لايقل عن هذا العدد من ملفات التحقيق التي لم يتم إنجازها لحد الأن ، في الوقت الذي تتبنى الحكومة العراق اليوم ، بعض الشعارات والخطاب السياسي الوطني لهؤلاء الشهداء من الصحفيين ، وهي الشعارات المناهضة للأحتلال ، والمناهضة للطائفية ، والمناهضة للتقسيم ، والمناهضة للفساد ... ناهيك من أن الأعلام المعارض المرآة التي تكشف للحاكم سلبيات إدارة الحكم ونقاط ضعفه ، فإن ذلك يفرض عليها ـ الحكومة ـ  بأقل تقدير ، بعد تبني بعض هذه الشعارات ، إلى تسوية وإنجاز هذه الملفات ، واعلان نتائجها على الرأي العام ، ومعاقبة القتلة ، والحد من ظواهر الأعتداء والقضاء عليها .
تحدث المسؤليين كثيرا عن الإنجازات الأمنية ، فيما الحقيقة ـ رغم تحسنها النسبي والضئيل ـ فإن المواطن العراقي بات مدمنا ومتعايشا مع الوضع السائد ، بدليل أرتفاع مستوى أغتيال الصحفيين ـ إذا كان آمن الصحفين داخل إطار الشأن الأمني للحكومة ـ وهنا نستشهد بمنظمات دولية ، تقول لجنة حماية الصحفيين غير الحكومية ومقرها نيويورك ، أن العراق ثاني دولة في أغتيال الصحفيين في العالم بعد الباكستان ، وإنه جرى أغتيال (46)  صحفيا واعلاميا خلال عام 2011 ، فيما كان عدد الذين تم أغتيالهم من الصحفيين والأعلاميين في عام 2010 (44) صحفيا ، وتضيف اللجنة أن " عدد الصحفيين الذين قتلوا ـ أستشهدوا ـ في العراق بعد الأحتلال ولحد الأن ، يزيد على عدد الصحفيين الذين قتلوا في الحرب العالمية الثانية" .
أن انواع الأعتداء على الصحفيين وأصحاب الرأي ، ذات أوجه وانواع متعددة ، لاتنحصر في القتل ، فهي تبدأ من التهديد ، وتنتهي بالتصفية الجسدية ، ولعل اخر حلقات هذا المسلسل المريع ، قضية الأعتداء الغاشم على شيخ المذيعيين العراقيين الأستاذ نهاد نجيب ، من قبل عناصر في الشرطة العراقية ، فإن هذا الحادث يثير الذاكرة العراقية المرهوبة لتستعيد صورا مرعبة وذكريات قاسية قريبة ، مثل أغتيال الصحفية أطوار بهجت ، واغتيال عبد الرحيم نصر الله صاحب قناة فضائية ، وعشرة من كوادر الفضائية التي كانت في فترة البث التجريبي ، واعتقال الصحفي سعد الأوسي ، والأعتداء على مراسلي القنوات والصحف امام عدسات الكامرات ، ومنها الأعتداء على اربعة صحفيين في منطقة الكرادة بعد مشاركتهم في تظاهرات ساحة التحرير عام 2011 ، وكان من بينهم الصحفي الشهيد هادي المهدي الذي أغتيل بعد الحادث بفترة قصيرة ، وأعتقال صحفيين لإجبارهم على توقيع تعهد بعدم المشاركة في تغطية تظاهرات ، كما حدث مع الصحفي منتظر الزيدي بعد اعتقاله في الأعظمية من أمام مسجد أبي حنيفة النعمان أثناء زيارته المسجد والصلاة فيه ، ثم تكرير الموقف نفسه مع صحفيين اخرين في 25 شباط 2012 ، بذكرى الأحتفال بمرور عام على تظاهرات ساحة التحرير ، وامتداد الأعتداءات إلى اقليم كردستان ، فقد كان واحدا من مشاهدها المؤلمة ، أغتيال الصحفي الكردي زرادشت عثمان ، ومن مشاهدها أيضا ... الأعتداء على الصحفيين في ساحة آزادي بمدينة السليمانية بسبب حضورهم لتغطية  تظاهرات السليمانية ... هذه نماذج ، أما التفاصيل تحتاج لمؤلفات .
مقابل هذا فإن للحكومة جواب جاهز وحمالة تعلق عليها كل هذه الظواهر المأساوية ، وهي لجان التحقيق ، التي لانتائج لها ولاتقارير ، بدلالة ... لامشتبهين في كل هذه القضايا ، ولاتحقيقات ولا محاكمات ولاجناة ...!!!! ، ولكنك في ختام اعتراضك على كل هذا ، وهو اوسط الأيمان ، تجد من يبادرك بالقول " استحمد ربك " ويتابع " هل كنت تستطيع أن تقول كلمة واحدة ايام النظام السابق ؟ " .... ومع أن لديك ولدينا ألف جواب وجواب ، ولكننا قد نكتفي بالقول ، ان مساحة الحرية المتاحة اليوم ، ليست مكرمة من أحدهم ، فهي ناتج نضالات العراقيين وكفاحهم المرير ، وثمار الاعتقالات والملاحقات التي تعرض لها اصحاب الرأي والعقيدة ، وصبرهم وصمودهم في وجه الأستبداد والدكتاتورية والقهر ... والفقر احيانا كثيرة ... وهي ايضا مساحة من مساحات المقاومة العراقية للأحتلال وأثاره ، وسرية من سراياه ، يحمل أفرادها القلم على اكتافهم ، كما حمل رجال المقاومة المسلحة بنادقهم . وكل عام وصحافتنا بصمود .

No comments:

Post a Comment