التعددية التي يريدون... التعددية التي نريد / د. قيس النوري
http://www.arabrenewal.info/2010-06-11-14-11-19/36554-التعددية-التي-يريدون-التعددية-التي-نريد.html
ليس هناك من يتقاطع مع التعددية السياسية التي تحقق أوسع مشاركة شعبية في الحكم باعتبارها الصيغة الأنجع نحو ممارسة شكل من السلطة تحقق الرضا من جموع المحكومين.. لكن هل هذا الشعار (التعددية) والديمقراطية بالمعنى الذي ذهبنا إليه هو ما تسعى وتروج له الولايات المتحدة والحلفاء الأوربيون لفرضه على الشعوب؟
http://www.arabrenewal.info/2010-06-11-14-11-19/36554-التعددية-التي-يريدون-التعددية-التي-نريد.html
ليس هناك من يتقاطع مع التعددية السياسية التي تحقق أوسع مشاركة شعبية في الحكم باعتبارها الصيغة الأنجع نحو ممارسة شكل من السلطة تحقق الرضا من جموع المحكومين.. لكن هل هذا الشعار (التعددية) والديمقراطية بالمعنى الذي ذهبنا إليه هو ما تسعى وتروج له الولايات المتحدة والحلفاء الأوربيون لفرضه على الشعوب؟
لا أحد يختلف أيضا، أن الشباب هم الشريحة الأكثر المفتقدين إلى مستويات لائقة من فرص العمل والتعليم، إضافة إلى أنهم في الغالب الأعم محرومين من حقوقهم السياسية، وهذه أحدى الحقائق المؤلمة في الواقع العربي..
أدرك صناع السياسات في الغرب، أن تفاقم فساد وتعفن الحالة العربية ستمثل تهديدا مباشرا لاستقرار النظم العربية (الخادمة) ومن ثم انسياب هذا التهديد على مصالح الدول الصناعية الغربية الكبرى، ومن دوافع الخوف هذه من حدوث أنفجارات في المنطقة تغير الأوضاع ثم تعيد ترتيبها بطريقة لا تنسجم ومصالح الإمبراطورية الأميركية وحلفائها، هو الذي يدفع اتجاهات السياسات الغربية نحو تبني ورعاية انحرافات محسوبة لجهة التحكم بالحراك الشعبي ومن ثم المنطقة..
بوقت مبكر، وبسياقات العمل، توصل منطق وسلوك الإمبراطورية إلى صيغة شيطانية، غاية في الخطورة والتزييف، مفادها أن التعددية نفسها يمكن أن تكون وسيلة لتوطيد مصالح وسلطة الإمبراطورية من خلال التوصل إلى آليات سيطرة غير مباشرة، وجديدة، تؤدي إلى استبدال النظم القمعية، حيث تتمركز السلطة والثروة في أيدي الديكتاتوريات، إلى نوع من التعددية القمعية المقنعة بشكل الديمقراطية دون مضمونها الحقيقي..
الملاحظ، أن خطاب الدعاية السياسية الأميركي ومنذ سقوط الاتحاد السوفيتي ومنظومته الأوربية الشرقية وحلفه العسكري، صاعد ذلك الخطاب من وتيرة تروج لتوسيع دور منظمات (المجتمع المدني) طريقا لممارسة الديمقراطية وكان هذا في دوافعه يمثل أسس جديدة لإدارة العالم طبقا للنموذج الذي تريده أميركا، وهو ما أطلق عليه بوش الأب، النظام العالمي الجديد..
أن التعددية في الحكم التي تريدها أميركا هي طريقة لإدارة العالم النامي غايتها ليس النهوض بالعالم النامي، وإنما إضفاء شرعية على عدم المساواة القائمة بين البلدان الصناعية المتقدمة والبلدان النامية، حيث أن هذا الشكل من التعددية تقوم من حيث الوظيفة بأداء المهمة وبنجاح أكبر من الحكم الاستبدادي المتخلف السائد في دول العالم النامي، من هنا نرى أن بعض الدول التي اعتمدت التعددية (المحسوبة) توافقت سياساتها مع التوجهات الأميركية، وأنتجت، بل قل (فرخت) وعلى عجل، أحزاب ومنظمات مدنية، متنافسة في الخطاب لكنها متوافقة لجهة خيارات ورؤى تجاه قضايا رئيسية انساقت كلها نحو تبني خيار العولمة التي تتولى قيادة عربتها الولايات المتحدة.. أن حكومة الدمى التي نصبها الاحتلال في العراق، مثال يجسد بدقة هذا النموذج المزيف للتعددية والديمقراطية، وهو يكشف بجلاء فساد النموذج نفسه.. أن ما يجري في العراق محاولة بائسة لضبط الإيقاع لضمان استمرار تبعات الاحتلال وغاياته، ذلك يجري عبر توجيه تدفق الأموال (عائدات النفط) ليس لأغراض التنمية وإنما نحو رشوة الساسة والمثقفين (مثقفي السوق) وكل من يقوم بتشكيل الرأي العام، وهنا تلعب النتائج المدمرة دورها السلبي العميق في الإبقاء على الدولة العراقية في دائرة التخلف وعدم الفاعلية، أن لم تزيد مؤشرات التراجع عما هو قائم الآن، لكن لا تنسوا أنها ديمقراطية وتعددية!!
أنها لعبة أجادتها السياسة الأميركية وهي بصدد التعامل مع دول العالم النامي، وقد أفرزت لها مؤسسات صاغت سياسات استهدفت العالم غير الرأسمالي، ولعل العالم يتذكر مؤسسة (فريدوم هاوس) في أربعينات القرن الماضي التي اشتهرت بمراقبة الانتخابات في العالم الثالث وإصدارها (الفتاوى) حول ديمقراطية أو لا ديمقراطية الانتخابات!! ومؤسسات أخرى اختصت بالتضليل والدعاية السوداء مثل (مؤسسة الدقة في الإعلام) و(اتحاد المقاومين الدولي) و (راديو أوربا الحرة) والمعاصر منها قنوات (الحرة) التي دشنت نشاطها الدعائي المحرض عشية التحضير لغزو العراق، والكثير من منظمات المجتمع المدني الممولة أمريكيا بالكامل والعاملة في بعض من الأقطار العربية المعرضة للاستهداف..
علينا أن لا نقع في هوة التضليل الذي تمارسه الدعاية الأميركية من خلال الخلط المقصود، فشعوبنا أنتجت منظمات مجتمع مدني من أحزاب ونقابات عمال واتحادات طلاب وشباب ونساء، مارست أدوارا نضالية على طريق مقاومة السياسات الاستعمارية، مجتمعاتنا أذا قادرة على بناء مؤسسات مدنية في أطار الحقوق المشروعة للشعب العربي، هذه المجتمعات ليست بحاجة إلى منظمات (صفراء) وظيفتها وغاياتها حرف المسار لصالح صيغ الهيمنة..
أن التعددية التي نريد، هي ناتج فعل سياسي لأحزاب ومنظمات وطنية تناهض الرأسمالية وصيغها المتجددة بالعولمة ونزعتها الاستحواذية الشرهة، أحزاب ومنظمات تنطلق من رؤية أصيلة نحو صياغة مشروع وطني جامع، متكافئ في الفرص والحقوق والممارسة، وليس تعددية تلبس أردية فصلتها أميركا لخدمة تحقيق (الحلم الأميركي) بالهيمنة والنهب والإذلال..
هكذا يريدون، وهكذا نريد.
عبدالقادر
No comments:
Post a Comment