Friday, 1 June 2012

{الفكر القومي العربي} من منشوات صحيفة التقدمية :السلفيّون أم الوهابيّة المقنّعة بقلم الباحثة التونسية: د. منية العلمي

من منشوات صحيفة التقدمية :السلفيّون أم الوهابيّة المقنّعة بقلم الباحثة
التونسية: د. منية العلمي
http://www.taqadoumiya.net/?p=11851
inShare

ردّة فعل عن سنوات الجمر هم ؟ أم عودة المكبوت بسبب تعثر التجربة
الديمقراطية ؟ أم لعلهم الإبن الشرعي لسياسة التهميش والإقصاء وتغييب
الثقافة الدينية التي تخاطب العقل وتنبني على إعمال الفكر ؟ أم هي مزيج
طبيعي من هذا وذاك ؟

ما حقيقة السلفيين ؟ من هم أصحاب الراية السوداء ؟ من يقف وراء
انتشارهم ؟ من يمولهم ؟

إجابة وحيدة وعنوان بارز يكتسح الصورة، يطغى على المكان، يسيّر الأحداث،
إنها الوهابيّة المدسوسة راعية التطرّف، إنها جيوش المرتزقة، يحركها
أصحاب القرار لتنفيذ أجندا باتت معروفة لدى الجميع، أجندا الهيمنة على
المنطقة والاستحواذ على خيراتها الطبيعية بضرب الفكر وتخريب العقل وذلك
بمباركة من عقدوا معهم صفقة النّذالة ومعاهدة الخساسة والقبح، من أرسوا
القواعد العسكرية في أقاليمهم، ومن استحلوا الدم العربي من أراضيهم،
مقابل تأمين بقائهم في السلطة إلى ما لا نهاية، هؤلاء ما انفكوا يعملون
على تخدير المواطن العربيّ بإيهامات المقدّس الزائف وذلك بإنفاق مليارات
الدولارات لأجل تمويل الوهابيّة السعودية التي صرفت في ثلاثين سنة أكثر
مما صرفه الاتحاد السوفياتي على الشيوعية طيلة ثلاثة أرباع قرن – على حدّ
تعبير د. رياض الصيداوي.

غير أنّ القراءة الموضوعية للمسألة تقتضي منّا بلا شك البحث في نشأة
السلفية، بغاية الإحاطة بمضمونها العقائدي، بمنهجها في التفكير برؤاها
ومشروعها.

وبالبحث في نشأة هذه الحركة يتبين أنها تعود في جذورها إلى أواخر القرن
السابع هجري عرفت وجودها على يد أحمد بن تيمية [661 هـ-728 هـ] كموقف من
الإصلاحات العقلية التي أدخلها الإمام الأشعري على عقائد أهل الحديث،
فلقد اعتبر ابن تيمية -الذي كان من فقهاء الحنابلة – أن تلك الإصلاحات
خروجا عن السنة، فعمل على إحياء عقائد أهل الحديث مستنكرا التأويلات التي
قدمها الأشاعرة للأحاديث التي أخذت منها تلك العقائد، وأطلق على طريقته –
منهاج السلف الصالح- واستحدث عقائد جديدة كقوله بأن السفر لزيارة قبر
الرسول صلى الله غير جائز، والاحتفال بمولده الشريف والتبرك بآثاره
والتوسل به وبأهل بيته وزيارة القبور بدعا وشركا ومخالفة لعقيدة التوحيد،
في حين ورد عنه صلى الله عليه وسلم قوله :"من زار قبري وجبت له شفاعتي"
رواه الدارقطني والبيهقي، كما أنكر كثيرا من الفضائل الواردة في أهل
البيت المرويّة في الصّحاح والمسانيد، وقد علّق الحافظ بن حجر في الفتح
عن هذه المسألة بقوله :"وهي من أبشع المسائل المنقولة عن ابن تيمية".

ومن قوله إنكار نبوّة آدم عليه السلام التي أقرّها القرآن الكريم في قوله
تعالى :﴿ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ
وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾. آل عمران /33

وبسبب هذه العقائد والتّأويلات المغلوطة – وغيرها كثير-، عُدّ ابن تيميّة
عند أتباعه مجدّدا عظيما ولقبّوه بشيخ الإسلام، ولكن دعوته لم تلاق
القبول، وبقيت محصورة في مناطق محدودة من الشّام ومصر، وقد تصدّى للردّ
عليه فقهاء ومُحققو أهل السنة والفرق الأخرى، وسجن في مصر لسنة ونصف
لإدانته بالتجسيم والتشبيه، ثم سُجن ثانية في دمشـق وتوفـي هناك سنة 728
هـ-1328 م.

وبحلول القرن الثاني عشر هجري، ظهر محمد بن عبد الوهاب(1115 هـ-1206 هـ)
وأنشأ حركة عملت على إحياء ونشر الفكر السلفي لابن تيمية وتلميذه ابن
القيم الجوزية في الجزيرة العربية،ومنها تسرّب ذلك الفكر إلى البلاد
الإسلامية، ولقد نُسبت إليه هذه الحركة الإحيائية للحركة السلفية،
فسُمّيت بالوهابية.

غير أن ابن عبد الوهاب تجاوز ابن تيميّة في حدّته وتعصّبه، إذ بلغ حدّ
تكفير عامة المسلمين ممن ليسوا على طريقته بدعوى الشرك وعدم إخلاص
التوحيد لله تعالى، وخصوصا الصوفية والشيعة منهم، فلقد كان أتباعه لا
يسلمون عليهم، ولقد ورد في جريدة "الصفا" الصادرة بتاريخ 21 أوت 1924 أن
الوهابية دخلوا إلى شرق الأردن وقتلوا النساء وذبحوا الأطفال، ولقد بلغ
عدد القتلى في غزوتهم تلك 2750 قتيلا، متناسين مكانة النّفس البشرية عند
الله تعالى وقوله صلى الله عليه وسلم :"لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال
الدنيا" أخرجه النسائي.

فلقد بلغ بهم التطرّف أقصى حدود الكره لمن خالفهم إلى جانب تكفيره
واستحلال ماله ودمه وعرضه فلقد حكم زعيمهم بكُفر الشّيعة كلّهم واعتبر
بلادهم بلاد حرب متغافلا عن الحديث الشريف : سبات المسلم فسوق وقتاله
كفر" البخاري، بل لقد وصل به الأمر إلى الاحتجاج على شذوذه وتطرّفه،
بغزوات الرّسول صلى الله عليه وسلم، إذ اعتبرها غزوات للإكراه في الدين
وإجبار المشركين على الدّخول فيه، خلافا لحقائق الإسلام الثابتة. وتحريفا
لقوله تعالى : ﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ البقرة/256. كما كان يكتب
للبلدان الإسلامية أن تدخل في مذهبه وان تدعم حركته، فإن لم تفعل غزاها
وقتل أهلها ونهب خيراتها، وإن فعلت أخذ عُشر مواشيها وعُشر نقودها
واستحوذ على ما أمكن من أرزاقها.

هذا جانب من تاريخ الوهابية وفكرهم الموغل في التطرّف وفي الإساءة لحقيقة
الرسالة المحمدية ولجوهر الإسلام.

ومن عقائدهم، أنّ زعيمهم دعا إلى إزالة ما يعتبره بدعا بقوّة السّيف،
فهدموا آثار أهل البيت النبوي بمكة والمدينة فهم يعتقدون في ضرورة هدم
القباب والأضرحة والأماكن المقدسة عند المسلمين.

ويزعم الوهابية في وفاء منهم للفكر السّلفي، أن عمل المولد النبوي الشريف
بدعة مُحرّمة كما أفتى بذلك ابن باز وابن عثيمين والجبرين في الكتاب
المسمى (فتاوى إسلامية، ص 47) وقال داعيتهم أبو بكر الجزائري "إن
الذّبيحة التي تُذبح لإطعام الناس في المولد أحرمُ من الخنزير".

كما أنّهم يُحرّمون قراءة القرآن على الميّت المسلم وكذلك تلقينه، كما
حرّم الألباني التسبيح بالسبحة والوضوء بأكثر من مُدّ أي ملء كفين
معتدلتين، كما يُحرّم الألباني قيام رمضان بأكثر من ثلاث عشر ركعة.

أنظروا فيما تتخبّط شعوبنا وانظروا فيما يبحث هؤلاء ! إنهم يُشرّعون
للتقزّم والرجعية، إنّهم يباركون الجهل والظلامية، إنهم يغتالون العقل !

ولقد قامت قبيلة آل سعود باستغلال هذا الفكر المتطرّف، فأعلنوا اعتناقهم
لمذهب السلفية، وشكلوا تحالفا مع حركة ابن عبد الوهاب ممّا ساعدهم على
احتلال معظم أجزاء الجزيرة العربية، والتي أنشأوا فيها لاحقا وبالتعاون
مع وزارة المستعمرات البريطانية ما يعرف اليوم بالمملكة العربية
السعوديّة.

وبعد أن كانت هذه الحركة محصورة في بدايتها ضمن نطاق الجزيرة العربية،
أصبحت اليوم وبفضل إمكانات المملكة السعودية تتمتع بامدادات عديدة من
العالم الإسلامي وتحوّلت بذلك من حركة دينية متطرفة في عقائدها إلى حركة
خادمة لآل سعود وآل ثاني، تجرى عقائدها وفتاويها بما يبارك كل ما يصدر عن
ولاة النعمة: ولاة الأمر، وبما يُشرّع لنظام ملكي وراثي ليس من الإسلام،
بل ولم يذكره الإسلام سوى بتحذير المجتمعات منه، قال تعالى في كتابه
العزيز: ﴿إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا
وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ
يَفْعَلُونَ﴾ النمل34.

هذا إلى جانب تصنيعها لعشرات بل لمئات النّجوم من الوجوه "الدينية " التي
ضخت بها قنواتها الفضائية بهدف تفعيل مشروع تخريب العقل العربي بحشوه
بفتاوى الشعوذة وتخاريف الشيوخ وثقافة العورة والفتنة والمسح على الخفين
ورضاع الكبير…

السلفية إذن، هي الوهابية المُقنّعة، الوهابية التكفيرية الغازية التي
تعشق السلطان وتهوى تكديس الثروة، سبيلها في ذلك تشويه الدين والانحراف
عن منهج سيّد الخلق، جاءت تبحث لها عن مستقر في بلادنا، في بلاد السماحة
والاعتدال، في بلاد عبرتها الحضارات منذ آلاف السنين فتغذت بالتنوع وجبلت
على الاختلاف واكتسبت بذلك خصوصيّتها وهُويتها وذاتيّتها وإسلامها.

خطأ الحكومة التونسية الفتيّة في تعاملها مع الوافدين الجُدد أو الفاتحين
المنغلقين، أنها أهملت أو تغاضت عن خصوصية المجتمع الذي تولت أمره، فلم
تسائل تاريخه ولم تنبش في ذاكرته ولو فعلت لعلمت أن تونس لا تُداس ولا
تتوهّب.

هي أرض ما هزمها الظلاميّون ولا المتواطئون أبدا، هي أرض تربتها مشرقة
ورجالها ونساؤها وأبناؤها "ماركة مسجّلة"، ثورتها قامت على مطلب الكرامة
وحق التشغيل، ثورتها لتجمع أبناءها على تنوّعهم، ولو كان لها أن تبعث في
نُسخة ثانية، لكان شعارها :"لا للغزو المقدّس، لا للوهابية المقنّعة ".


--


الناصر خشيني نابل تونس
Email Naceur.khechini@gmail.com
Site http://naceur56.maktoobblog.com/

facebook

http://www.facebook.com/reqs.php?fcode=9d34d7041&f=693791089#!/profile.php?id=1150923524
groupe
http://groups.google.com/group/ommarabia?hl=ar

--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To post to this group, send email to alfikralarabi@googlegroups.com.
To unsubscribe from this group, send email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
For more options, visit this group at http://groups.google.com/group/alfikralarabi?hl=en.

No comments:

Post a Comment