Wednesday, 1 August 2012

{الفكر القومي العربي} مع سوريا أو ضد سوريا

مع سوريا أو ضد سوريا

بروفيسور عبد الستار قاسم

1/آب/2012

عندما ينشب صراع بين نظام الحكم والشعب فنحن مع الشعب، وعندما ينشب بين الدولة وقوى خارجية فنحن مع الدولة. هذه قاعدة تنطبق على سوريا وعلى غيرها من الدول العربية. التفسير بسيط وهو أن الشعب لا يخرج على حكومة أو نظام سياسي من فراغ ومن أجل التسلية، وإنما لسبب عظيم مفاده أن الظلم قد طفح؛ والقوى الخارجية لا تقاتل من أجل حرية شعب مظلوم وإنما من أجل مصالحها مستغلة الأوضاع الشعبية.

 

ولهذا كان من المهم الوقوف مع الشعب السوري أو ذلك الجزء الذي خرج يتظاهر ضد النظام في بداية الأحداث في سوريا لأن النظام استبد وطغى وظلم، ولم يترك مجالا للناس سوى الخروج مطالبين بحقوقهم. لكن عندما يتعرض النظام أو الشعب أو الأرض أو الدولة السورية لعدوان خارجي فإن مجال الاجتهاد يصبح فذلكة سياسية وخيانة للأمة والوطن.

 

ارتكب النظام أخطاء فادحة في رد فعله على الأحداث بداية، ولم يصغ لنصائح أو منشادات، وانتهينا الآن إلى ما نحن فيه من حشد عالمي ضد سوريا. وارتكبت المعارضة أخطاء أيضا لأنها ألقت بسمعها لدول غربية وعربية وفضلت التدخل الأجنبي على الاستمرار في نهج سلمي يحشر النظام في زاوية. وبعد كل العناد الذي رأيناه من قبل النظام والمعارضة، لم يعد هناك فائدة من البحث عمن كان المخطئ الأكبر لأن الديار تتعرض الآن لغزو أجنبي غربي بأدوات عربية وقوى إسلامية.

 

عند النظر إلى ما تتعرض له سوريا الآن، يصعب أن نجد في التاريخ حشدا من القوى مماثلا لمثل هذا الحشد، وهو أكبر من الحشد الذي تداعى ضد العراق عام 1991. تجتمع الآن دول الاتحاد الأوروبي، ودول حلف الأطلسي، ودول مجلس التعاون الخليجي، ودول عربية أخرى مثل الأردن وليبيا وتونس والمغرب، ومنظمات عربية وإسلامية وأحزاب ومقاتلون لقتال النظام السوري أو الجيش السوري أو غزو الأراضي السورية وتحطيم الدولة. تجتمع على سوريا الآن القوى التالية:

 

دول حلف شمال الأطلسي وعددها 28، ودول الاتحاد الأوروبي وعددها 27، وطبعا هناك تداخل في العضوية. وهذه الدول هي: ألبانيا، بلجيكا، بلغاريا، كندا، كرواتيا، تشيكا، دانمارك، إستونيا، فرنسا، ألمانيا، اليونان، هنغاريا، آيسلندا، إيطاليا، لتفيا، لتوانيا، لوكسمبورغ، هولندا، النرويج، بولندا، البرتغال، رومانيا، سلوفاكيا، سلوفينيا، إسبانيا، تركيا، بريطانيا، أمريكا، النمسا، قبرص، فنلندا، مالطا، السويد. هناك من هذه الدول من لا تنشط ضد سوريا، لكن مساهماتها ضد سوريا تبقى رصيدا موجودا يمكن استخدامه إذا دعت الضرورة.

 

إسرائيل، وكل القوى الإعلامية والتنظيمية الصهيونية واليهودية في أنحاء العالم.

 

دول عربية وهي: السعودية، قطر، البحرين، الكويت، عمان، الإمارات العربية، الأردن، المغرب، ليبيا، تونس، السلطة الفلسطينية.

 

قوى وأحزاب عربية: تيار المستقبل اللبناني، القوات اللبنانية، حزب الكتائب اللبناني، القاعدة وما يتفرع عنها من تنظيمات، الإخوان المسلمون، التيارات الإسلامية السلفية، بعض القوى القومية والوطنية في مصر والعراق وبلاد الشام، بعض قوى المعارضة الداخلية والخارجية السورية.

 

في المحصلة: هناك حوالي 60 قوة تشارك في القتال ضد سورية بشكل أو بآخر وعلى رأسها القوى النووية أمريكا وبريطانيا وفرنسا وإسرائيل، والقوى المالية العربية.

 

لا أستطيع القول إن كل هذه القوى تتفق على هدف واحد بعد إسقاط النظام إن تمكنت. جميعها يريد إسقاط النظام، لكن لكل قوة هواها بعد ذلك. لكن إن تمكنت هذه الدول والقوى من تحقيق هدفها المشترك، فإن الغلبة للأقوى منها وهو الطرف الغربي الإسرائيلي.

 

إذا استثنينا بعض القوى الإسلامية، وبعض القوى الوطنية الداخلية السورية، نجد أن أغلب القوى المحتشدة ضد سوريا الآن تعمل تحت الرايتين الإسرائيلية والأمريكية، وهي قوى تملك قدرات هائلة بحيث تستطيع الإمساك بالوضع السوري إذا انهار النظام. أي أنه ليس من المتوقع أن تسود القوى الإسلامية فيما إذا سقط النظام، وستكون جميعها مستهدفة من قبل القوى الغربية والإسرائيلية ومن يدور في فلكها من العرب.

 

تحت الظروف الحالية، الوقوف مع القوى الغربية ضد سوريا ليس من الوطنية أو القومية أو الإسلامية في شيء، وهو وقوف يساعد في تدمير سوريا وخرابها. لا بد من تغيير الأوضاع السياسية في سوريا، لكن ليس على الطريقة الإسرائيلية الأمريكية. ويتوجب علينا الدفاع عن سوريا الآن مع الاحتفاظ بحق التغيير بالطرق التي تضمن تماسك الجيش والشعب والأرض، وتحول دون الدمار والهلاك والتمزيق.

 

لا يمكن لقوة إسلامية أو قومية أو وطنية أن تكون في ذات التحالف الذي تتواجد فيه إسرائيل وأمريكا. قد نكره الطرف العربي، وقد نختلف معه، وقد نتصارع معه، لكننا لا نصارعه بسواعد وقنابل وبنادق أمريكية وإسرائيلية. وهنا أذكر الجميع بحصار عرفات من قبل الصهاينة. لم يقف فلسطيني أو عربي مع إسرائيل لأنه يكره عرفات، أو يرفض اتفاقية أوسلو، ووقف الجميع معه ضد إسرائيل. لم نتفق مع عرفات بشأن أوسلو وهو تحت الحصار، لكننا لم نفكر للحظة أن نكون مع إسرائيل ضد فلسطيني. فهل نقبل أن نكون مع إسرائيل وأمريكا ضد سوري؟

 

 

No comments:

Post a Comment