الأبراهيمي .... طوق نجاة للمتأمرين
خاص توب نيوز ــ بقلم : حسين الربيعي
أقتراح الأخضر الأبراهيمي ، المبعوث الأممي في سورية ، جاء متأخرا .. بل متأخرا جدا ، فالمبعوث الأممي ، مع أحترامنا لشخصيته العربية ، مرتبط بشكل أكيد بالمنظمة الأممية التي أختارته ، وتحديدا بالقوة المهيمنة على هذه المنظمة ، والقصد هو الولايات المتحدة وحلفائها . ولسنا نحاول أن ننتأ الجراح والألام ، ولكن كي لاننسى إن وراء قصة المحاصصة السياسية الطائفية في العراق ، كان الأخضر الأبراهيمي .. وغيره ، وهو "مخترع" ما سمي "الجمعية الوطنية " التي كانت الأساس للعملية السياسية القائمة الأن في العراق ، وهو الذي أختار اياد علاوي رئيسا للوزارة في 2004 . ولايخفى تأريخ الأبراهيمي ، إذ تراجع عن نهجه القومي التحرري وتنصل من حبه لعبد الناصر وعاداه بعد رحيله ، بعد ان كان مقربا له خلال فترة مهمته كسفير لبلاده الجزائر 1964 ـ 1970، ونعت عبد الناصر بالمغامر مقابل دفاعه عن السعودية .. يقول الكاتب العراقي كمال الطويل عنه انه " رجل من رجالات أل سعود " ، فالرجل هذا ليس اخضرا ، أو ابيضا او لون أخر ، يمكن تعريفه أنه "الحرباء" الأبراهيمي ، فمن لم يكن وفيا لماضيه ، لالون له ولارائحة ولاطعم .
الأبراهيمي يحاول أن يظهر كأنه حريص على الدم السوري ، ليطرح "مبادرة" ، هي أشبه لمبادرة التحكيم بين الخليفة علي بن ابي طالب والخارجين عليه ، كلام حق يراد به باطل ، فدعوته لوقف إطلاق النار من قبل السلطة السورية والخارجين عليها من العصابات الإرهابية المرتبطة بدوائر الأعداء ، وإن تكن الحكومة السورية قد أعلنت الموافقة على المبادرة من طرف حرصها على سورية ، فإن وراء المبادرة غايات تدخل ضمن غايات يراد بها باطلا .. فهي :
1 ـ محاولة لإضفاء الشرعية على العصابات الإرهابية ، وإدخالهم "لعبة" الحوار مع بقاء أرتباطاتهم الخارجية ، وبقاء أصابعهم على زناد الأسلحة الموجهة للوطن ومؤسساته الشرعية الشعبية .
2 ـ إنها طوق لنجاة العصابات الإجرامية المتورطة بالدم السوري ، بعد أن ضاق الخناق على رقبتها من قبل قوات الجيش العربي السوري ، وإنعزالها التام عن الجماهير السورية لسوء سلوكياتها وممارساتها وطائفيتها ، وبعد عزوف مناصريهم من القوى الغربية ، لما تحملته خزائن دولهم من خسائر لامبرر لها ، في ظل ظروف اقتصادية مأزومة لتلك الدول ، كما هو الحال بالنسبة للولايات المتحدة التي صرح نائب وزيرة خارجيتها لشؤون الشرق الأدنى "فيلتمان" من أن ما أسماه "مسألة سقوط الأسد أصبحت ورائنا" مما يدل على أنفراط عقد المؤامرة من جانب الولايات المتحدة التي أصبحت تتحاشى المواجهة المباشرة خشية توسع هزائمها بعد هزيمتها الكبرى في العراق . كما أن الدول الأوربية ، بالإضافة لخسارة مصالحها الأساسية في سورية ، تراودها المخاوف بشأن العصابات التكفيرية التي تقانل في سورية ، من توسع نشاطاتها في بلدانها ، مما حدا بفرنسا وبريطانيا إلى أعتقال خليتين ترسلان المرتزقة والسلاح إلى سورية .. ان المصالح الوطنية لهذه الدول يفوق "العطف" الذي تبديه هذه الدول أحيانا مع ماتسميه حقوق الأنسان والديمقراطية .
3 ـ محاولة بعث روح الثقة بمرتزقة العصابات الإرهابية ، وبث الأمل في نفوسهم المحبطة ، على أمل الخروج بغنيمة معينة من الحرب القذرة التي كانوا وقودها ، من خلال إشراكهم فيما يسمى "عملية سياسية" جديدة ، ولذلك كانت تصريحات المدعو " عبد الباسط سيدا " رئيس ما يسمى "المجلس الوطني السوري" خلافا لتصريحاته ومواقفه المتطرفة واعضاء مجلسه ، بشأن إيقاف العمليات الحربية والحوار مع السلطة السورية ، بأن أعلن موافقته السريعة على ما يسمى مبادرة الأبراهيمي ، فالمؤامرة المعقودة على سورية بفصلها الأخير ، لم يبقى متمسكا بخيوطها من أربابها سوى تركيا الأردوغانية الحالمة بعودة أمبراطورية الرجل المريض ، الهائم بحب حريمه وفعل المحرمات في قتل الأشقاء والتأمر لمصلحة الأعداء ، وبقية من أموال خليجية وسعودية تهدر في هذا الحريق ، على أمل من أن تتأجل ثورات بعضها وتتهاون أخرى ، لعقد المحاسبة التأريخية لما أقترفته هذه الأنظمة ضد شعوبها وشعوب الأمة العربية والمنطقة .
وإذ نقول هذا ، فإن سورية الدولة والقيادة ، لم تكن في معزل عن المعرفة والمتابعة ، بل ان الأمر منوط بها ، ولذلك فقد فرضت شروطا على قبولها بما يسمى مبادرة الأبراهيمي ، لتنقلها إلى نحور اعدائها ، وتغيير اهدافها في الأتجاه الوطني والقومي والأنساني الصحيح ، وهذه المقدرة والمتابعة القيادية ، سر نجاح سورية وسر انتصاراتها ، فنحن منذ الأيام الأولى كنا ندرك ، لأسباب عديدة ، أنتصار سورية الأكيد ، فهي دائما منارا للحكمة ونقطة البداية في حركة التجديد للحرية والتقدم والحضارة ، وها نحن اليوم أمام تصنيف جديد لكل الثوار والوحدويين والمقاوميين العرب ، فسورية صارت عنوانهم وانتمائهم ، وصارت عنوانا للوطن الكبير .. أما اليوم نقول يجب الحذر وإعادة الحسابات من جديد ، فالعدو قادر على أن يبدل جلده ويغير لسانه وشخوصه وفقا لمخططاته الخبيثة ..
No comments:
Post a Comment