Friday, 30 July 2021

{الفكر القومي العربي} قصةُ ألمٍ ومعاناةٍ من غياهبِ السجونِ الإسرائيليةِ

قصةُ ألمٍ ومعاناةٍ من غياهبِ السجونِ الإسرائيليةِ

بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

لا تكاد تخلو السجون والمعتقلات الإسرائيلية من عشرات القصص والروايات المؤلمة القاسية، والحزينة المؤثرة المثيرة للشجون والأسى، لعددٍ كبيرٍ من الأسرى والمعتقلين العرب والفلسطينيين، الذين تغص بهم معتقلات العدو وسجونه، التي اعتقل فيها منذ تأسيس كيانه وحتى اليوم ما يزيد عن المليون ومائتي ألف عربيٍ وفلسطيني، شملت نساءً وأطفالاً وشيوخاً ورجالاً، وعجزةً ومرضى وجرحى ومصابين وغيرهم، يُفرج عن كثيرٍ منهم ويعاد اعتقالهم وجددٌ آخرون مرةً ومراتٍ أخرى، بما يُبقي في سجونه دوماً آلاف الأسرى والمعتقلين، يتخذهم رهائن يحبس حريتهم، وأسرى يعذبهم، وأدوات إكراهٍ يستخدمها للتأثير على الفلسطينيين والضغط عليهم، ليرغمهم على القبول بسياسته، والكف عن مقاومته، والحد من الحراك الشعبي العام ضده.

 

لا يتردد العدو الصهيوني في تعذيب الأسرى، المرضى والمصابين، والأطفال القاصرين والنساء الحوامل، ولا يكف عن اعتقالهم والتضييق عليهم، في الوقت الذي يمتنع فيه عن الاهتمام بصحتهم وسلامتهم، ولا يلتزم بتقديم العلاج المناسب لهم، ويرفض الإفراج عنهم لسوء وتردي حالتهم الصحية، أو السماح للأهل والمؤسسات الصحية والإنسانية الدولية بالإشراف عليهم والاهتمام بهم، ويتركهم يعانون في سجونه من الأمراض المستعصية الخطيرة المميتة والقاتلة، ويتسبب بإهماله علاجهم بفقدان بعضهم للبصر، أو إصابتهم بالشلل وفقد القدرة على الحركة، ما يؤدي إلى عجزهم التام عن خدمة أنفسهم.

 

لعل سجلات العدو السوداء تحفظ آلاف الحالات المرضية، التي تشهد عليها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وتدينه والمؤسسات الدولية عليها، وسجل الأسرى والمعتقلين الخالد يدون ويسجل قصص آلاف الأسرى الأبطال الذين عانوا من الأمراض الخطيرة، وشكوا من قسوة الآلام بين جدران السجون وخلف القضبان والأسلاك والشائكة، الأمر الذي يزيد ويضاعف من حزن الفلسطينيين وألمهم، وإحساسهم الكبير بالظلم والاضطهاد نتيجة صمت دول العالم عن جرائم العدو وتجاوزاته في حق أسراهم ومعتقليهم، وعجزهم عن صده ومنعه عن ارتكاب المزيد منها، أو إلزامه بالإفراج عن بعض الحالات الخاصة أو علاجها.

 

أما شهيدنا الحي وحكايته مع الألم الدائم والمعاناة المستمرة والإهمال المقصود، التي يروي فصولها بصحته المتهالكة، وحالته المتردية، وجراحه المفتوحة، وآلامه القاسية المستمرة، فهو الأسير إياد حربيات، ابن خربة سكة القريبة من بلدة دورا جنوبي الخليل، المعتقل في سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ العام 2002، والمحكوم بالسجن المؤبد وعشرين سنةً إضافيةً، الذي تعرض نتيجة إهمال سلطات السجون الإسرائيلية المقصود في العام 2004 إلى حقنةٍ ملوثةٍ أدت إلى إصابته بانتشارٍ بكثيري أضعف بنيته، وجعله عرضاً للإصابة بمختلف الأمراض، بسبب تهتك جهازه المناعي وفقدانه القدرة على التصدي لأي مرض.

 

ولما كانت سلطات السجون الإسرائيلية تعتمد الغازات السامة في قمع المعتقلين وعقابهم، حيث تعمد إلى فتح خراطيم الغاز السامة عليهم، التي تصيب الجهاز التنفسي وتعرض الجهاز العصبي للتلف، ولما كان الأسرى والمعتقلون محتجزين في غرفٍ ضيقةٍ وعنابرَ معلقةٍ، فإن كمية الغازات السامة على اختلاف أنواعها، تطال وتصيب جميع المعتقلين، وتستقر في أجسامهم وتتلف أو تعطل أجهزتهم الدماغية والعصبية بالإضافة إلى التنفسية.

 

وكان الأسير إياد حربيات المريض أصلاً والمصاب قصداً، قد تعرض في العام 2017 للرش المباشر بالغازات السامة، خلال إحدى عمليات القمع الوحشية التي تمارسها سلطات السجون الإسرائيلية بصورةٍ دوريةٍ ضد الأسرى والمعتقلين العزل في غرفهم وأقسامهم، ما أدى إلى إصابته بحروقٍ شديدةٍ وإصاباتٍ مباشرةٍ طالت جهازيه التنفسي والعصبي، وتسببت له بحروقٍ عديدة في مختلف أنحاء جسده، وأثرت على جهازه العصبي، فأصيب بمرضٍ عصبي سبب له رعشة دائمة في جسمه، وعطلت إلى درجة كبيرةٍ حركته، وأثرت على أنشطته الذهنية، فأصبح يعاني من عدم التركيز وفقدانٍ مستمرٍ للذاكرة.

 

لم يأبه العدو الإسرائيلي لمرض الأسير إياد وإصابته التي يتحمل كامل المسؤولية عنها، ولم يعرْهُ اهتماماً ولم ييسر له سبل العلاج اللازم، بل تمادى في غيه المقصود وسياسته المعهودة، وواصل إهماله حتى تردت حالته الصحية تماماً، شأنه شأن عشراتٍ آخرين من إخوانه وأخواته الأسرى والأسيرات، إلى أن ساءت حالته الصحية كلياً فاضطر إلى نقله مكبلاً بالقيود، ومُصَفَّدَاً بالأغلال إلى مستشفى سوروكا بمدينة بئر السبع، إلا أن الطواقم الطبية العاملة في المستشفى تعاملت معه كعدوٍ، وأهملت القيام بواجبها الإنساني تجاهه، رغم أنها ملزمة كسلطة احتلال برعايته وتقديم العلاج له، إلا أن الروح الإسرائيلية الخبيثة تأبى إلا أن تعبر عن طبيعتها العدوانية وجبلتها العنصرية، مما انعكس تدهوراً أكبر على حالة إياد الصحية، التي تتفاقم سوءً يوماً بعد آخر.

 

وأفادت مصادر فلسطينية مطلعة تتابع حالة الأسير إياد حربيات، أن سلطات السجون الإسرائيلية قد نقلته إلى عيادة سجن الرملة، وهي العيادة المشؤومة التي يكرهها الأسرى والمعتقلون، والتي لا يحبون الانتقال إليها ولا العلاج فيها، فهي ليست إلا قسماً للتعذيب ومقراً لممارسة السادية والعنصرية، فيها تتفاقم الأمراض، وتستعصي الحالات، ويتأخر العلاج، ويتعذر الشفاء، إذ تتبع العيادة سجن الرملة، وتخضع لإدارة مصلحة السجون، التي تتعمد تعذيب الأسرى بمرضهم، وزيادة معاناتهم بأوجاعهم، وتعميق جراحهم بحرمانهم من الدواء اللازم والعلاج المناسب.

 

ما زال الأسير إياد حربيات في أغلاله مقيداً وفي أصفاده مسربلاً، رغم أنه الآن يعاني بالإضافة إلى كل ما سبق بيانه من الأمراض، من التهابٍ في البروتستاتا، ما أدى إلى حصر بولٍ شديدٍ عنده، وتعذر قيامه بأداء وظائفه الحيوية بصورةٍ طبيعية، إلا عبر أكياسٍ خارجية، تثبت له ليتمكن من قضاء حوائجه بولاً وبرازاً، إلا أن الأنابيب قد تفجرت داخل جسده، ما أدى إلى حدوث حالة تسمم عامة، والتهاب البروتستاتا والمثانة.

 

رغم ذلك فقد أعادته سلطات الاحتلال الإسرائيلي محمولاً على محفةٍ إلى سجنه، وأودعته غرفته بلا رعاية، وأخضعته لشروطها القاسية بلا رحمةٍ، إذ أنها لا تخشى من المحاسبة والمسائلة القانونية، ولا تخاف من الملاحقة والمحاكمة، وتمارس جرائمها في ظل غياب المرجعية الدولية الضامنة لحقوق الأسرى والراعية لهم في ظل الاحتلال، لكننا نأمل للضمير الإنساني أن يصحو، وألا يطول الصمت الدولي ويستمر العجز القانوني عن مسائلة العدو ومحاسبته، والانتصار للأسير الفلسطيني عموماً والإفراج عنه، والانتباه لإياد حربيات خاصةً ومساعدته، وتسليط الضوء على قضيته ومعاناته، لتنتهي محنته ويتوقف ألمه، ويبرأ من جروحه ويشفى من أمراضه، وتتحقق حريته ويُفرج عنه.

 

بيروت في 30/7/2021

moustafa.leddawi@gmail.com

--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To unsubscribe from this group and stop receiving emails from it, send an email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
To view this discussion on the web visit https://groups.google.com/d/msgid/alfikralarabi/CA%2Bk3Ojiotnqa-OQEOnQu%2BJThDCwn4LiU123WE96enpb3kLYiJw%40mail.gmail.com.

Tuesday, 27 July 2021

{الفكر القومي العربي} الرياضيون العربُ يسقطونَ التطبيعَ بالضربةِ القاضيةِ

الرياضيون العربُ يسقطونَ التطبيعَ بالضربةِ القاضيةِ

بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

إنهم الأقرب إلى شعوبهم، والأصدق مع معتقداتهم، والأبسط في حضورهم، والأشد ضجةً بانسحابهم، والأكثر تعبيراً عن نبض شارعهم، والأجرأ إعلاناً عن مواقف مواطنيهم، رغم أن الكثير منهم لم يسعفه الحظ لمواصلة الدراسة واستكمال التعليم، وليسوا خطباء وواعظين، ولا موجهين ومرشدين، بل هم من عامة الناس وبسطائهم، إلا أن فهمهم الدقيق لقضايا أمتهم وهموم شعوبهم، وأصالة تربيتهم ووطنية نشأتهم، واستقلالية قرارهم وشديد غيرتهم، يجعلهم الأكثر وعياً وإدراكاً للمخاطر التي تحدق بالأمة، وتهدد مستقبلها وتستهدف وجودها ومقدراتها، وتطمع في خيراتها وكنوزها.

 

إنهم الرياضيون العرب، أبناء الأمة الحية وطلائع العروبة الأصيلة، الذين يفرطون بالشهرة والمجد الرياضي، ويتخلون عن الميداليات والأوسمة، ويتنازلون عن المكاسب والأرباح، وعن الهدايا والأموال، والحوافز والهبات، رغم فقر أغلبهم وعوز أكثرهم، إلا أنهم يُغَلِّبون الوطن على الذات، وينتصرون لفلسطين على الأعداء، ويقدمون المبادئ على الأهواء، ويتقدمون للمشاركة في النضال والمساهمة في المقاومة، بالقدر الذي يستطيعون، وبالموقف الذي يقدرون، وبالرفض الذي يقررون، وبالانسحاب الذي يفرضون، ولعلهم يحوزون بمواقفهم الوطنية والقومية احترام شعوبهم وتأييد أهلهم، الذين يحفظون أسماءهم، ويرفعون صورهم، ويخلدون مواقفهم، ويتزاحمون في المطارات لاستقبالهم، ويتنافسون في زيارتهم والسلام عليهم.

 

لم يكن لاعبا الجودو الجزائري فتحي نورين والسوداني محمد عبد الرسول، هما أول لاعبين عربيين يرفضان الخضوع لقانون القرعة الأولمبي، ومنازلة خصومهم الإسرائيليين، وإن كانوا الأحدث في هذه السلسلة، بعد أن رفضوا في أولمبياد طوكيو 2021، مواصلة المباريات مع الرياضيين الإسرائيليين، فقد سبقهم كثيرٌ من العرب والمسلمين، الذين كان لموقفهم دويٌ كبير وأصداء واسعة، أشعرت الإسرائيليين بعمق مأساتهم وسوء سياستهم، وفحش احتلالهم ووحشية حكومتهم، وأشعرتهم بالخزي أمام زملائهم، وبالحرج أمام المضيفين والمنظمين، إذ يؤثر اللاعبون العرب الخسارة أمامهم على مصافحتهم، ويفضلون الانسحاب على الاعتراف بهم، ويقبلون بالعقوبة والحرمان لئلا "يوسخون أيديهم" ويلطخون شرفهم الرياضي بملاقاة الرياضيين الإسرائيليين.

 

الإسرائيليون غاضبون جداً مما يحدث، ومستاؤون كثيراً مما يلاقون، ويحزنهم أنهم يُقاطعون ويعزلون، وأن الرياضيين العرب الذين عولوا على حكوماتهم التي اعترفت بهم وطبعت معهم، وصالحتهم وعاهدتهم، يقاطعون رياضييها، ويرفضون مصافحة مواطنيها، ويعلنون أنهم لا يصافحون نجساً، ولا ينازلون عدواً، ولا يقبلون بقرعةٍ تفرض عليهم الوقوف أمام محتلين لبلادهم وغاصبين لحقوقهم، ويتذكرون اللاعب المصري إسلام الشهابي الذي رفض مصافحة نظيره الإسرائيلي في أولمبياد ريو 2016، ومواطنه محمد عبد العال في طوكيو، والكويتي محمد الفضلي في أمستردام، وغيرهم كثير ممن أثبتوا وطنيةً عاليةً، وانتماءً إلى عروبتهم كبيراً.

 

تصر إدارة الأولمبياد والمؤسسات والهيئات الرياضية الدولية على عدم تسيس الأنشطة الرياضية، وعدم إخضاعها للمعايير السياسية، وتحاول أن تفرض على الدول الأعضاء جميعها القبول بالشروط الرياضية وعدم الاعتراض على نظام القرعة، الذي يحدد هوية الرياضي المنافس، وتفرض عقوباتٍ قاسية على المخالفين لشروطها، فتقصي لاعبيها، وتحرم أنديتها، وتسحب اعترافاتها، وتلغي نتائجها وتستعيد ميدالياتها، وغير ذلك من الإجراءات التي تهدد بها وتتوعد، لكن الأندية الرياضية العربية، وأغلب الرياضيين العرب، يرفضون الخضوع لشروط الهيئات الرياضية الدولية، ويصرون على ممارسة قناعاتهم وعدم مخالفة ضمائرهم الوطنية والقومية، ولو كان ثمن ذلك الانسحاب من المباراة، التي قد يكون فوزهم فيها أحياناً مؤكداً.

 

يدرك الإسرائيليون أن الأنظمة العربية المطبعة أنظمةٌ مفلسة، وأنها لا تمثل شعوبها ولا تعبر عنهم، ولا تستطيع أن تقنعهم أو تفرض عليهم، وأن السلام معها باردٌ جداً وهزيلٌ للغاية، ولن تجعله الصور والابتسامات والزيارات والتهنئات دافئاً أبداً، ولن تحوله إلى حالة تطبيعٍ وقبولٍ شعبي بهم، وإنما هم أمام ظاهرة تتنامى وتكبر، وتتسع وتنتشر، ولا تشمل الرياضيين فحسب، بل تشمل كل الفعاليات والأنشطة الدولية، التي يشارك فيها عربٌ وإسرائيليون، فقد عانوا من مقاطعة الفنانين والفنانات، والصحفيين والصحافيات، الذين يرفضون جميعاً مصافحة الإسرائيليين والحديث معهم، بل إنهم يرفضون النظر إليهم والابتسام في وجوههم، ولا يقبلون أن يردوا التحية عليهم أو أن يلتقطوا صوراً معهم أو بالقرب منهم.

 

سيكبر حجر المقاطعة العربية يوماً بعد آخر، وسيفج به العربُ جميعاً رأس الكيان الصهيوني الذي ظن أن الأرض العربية أصبحت أمامه مفتوحة، وأن اختراقه لها ميسرٌ، وتطبيعه مع أهلها سهلٌ، وأنه يستطيع أن يسير فيها مطبعاً سير السكين في الزيد الطري، ولكنه أدرك أن أقدامه فيها تسوخُ، ووجه يسود، وصورته تتشوه، وأنه لا يستطيع أن يحقق مع الشعوب العربية ما حققه مع حكوماتها وأنظمتها، وأنه في كل يومٍ سيتلقى من أبناء أمتنا العربية لطمةً على وجهه وركلةً على قفاه، ولن يجد منهم بسمةً تريحه، ولا بشاشةً تطمئنه، ولا قبولاً يمكنه، مهما حاول أن يزين وجهه القبيح، أو أن يجمل صورته البشعة المقيتة.

 

بيروت في 28/7/2021

moustafa.leddawi@gmail.com

--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To unsubscribe from this group and stop receiving emails from it, send an email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
To view this discussion on the web visit https://groups.google.com/d/msgid/alfikralarabi/CA%2Bk3Ojh%3DCSEbMZV%3DspiAswB6PZ8Pn3VdSoTjoEzsYOru_TuEuw%40mail.gmail.com.

Monday, 26 July 2021

{الفكر القومي العربي} حكايةُ توم وجيري بين الخصمين نتنياهو وبينت

حكايةُ توم وجيري بين الخصمين نتنياهو وبينت

بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

ستبقى الحرب متقدة بين الهر توم والفأر جيري، وسيتواصل الصراع وستحتدم المواجهة بينهما، وسيحاول كلٌ منهما الإيقاع بالآخر والقضاء عليه، مستخدماً كل السبل الممكنة والوسائل المتاحة، الناعمة والخشنة، واللطيفة والقاسية، الخفية والعلنية، والمباشرة والملتوية، ولا يبدو أنها ستتوقف يوماً، رغم تجديد فصولها وتطوير مشاهدها، وتعدد قصصها وخيال أحداثها، وتغير زمانها وتبدل شخوصها، إلا أن الصورة النمطية لهما ستبقى في الذاكرة ولا تنسى، ولن يسدل الستار على مقالبهما وقصصهما، وسيكون دوماً مناصرون لجيري ومؤيدون له ومعجبون به، كما سيجد توم من يرأف به ويحزن عليه، ويتعاطف معه ويتمنى لو أنه يستطيع مساعدته في مواجهة أفكار جيري الشيطانية، وفخاخه الكثيرة وحيله العجيبة.

 

هذا هو واقع الحال اليوم بين رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق بنيامين نتنياهو، ورئيسها الحالي نفتالي بينت، فالحرب بينهما مستعرة، والمواجهة بينهما قائمة، ومعاركهما لا تنتهي فصولاً ولا تعدم سلاحاً، ولا تشكو من ذخيرةٍ، ولا تعاني من نقصٍ في الأهداف، أو تخطئ في تحديد الاحداثيات، أو تضل في توجيه القاذفات، فكلاهما يريد أن يسقط الآخر ويقضي عليه، مستعينين بكل السبل ومستخدمين كل الأدوات والوسائل، فلا الأول يستطيع الاعتراف بالثاني الجديد والتسليم له برئاسة الحكومة، ولا الثاني يبدي ليونةً في خطابه لحليفه القديم وسيده الأول، الذي رباه وعلمه، وأشرف عليه ووجهه، بل يبري كلٌ منهما سهامه ويشدها على قوسه ليرمي بها خصمه، ولا يعنيه أمره إن مات أو قتل، أو أصيبَ وعُطِب.

 

ما كان رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق بنيامين نتنياهو يتوقع أبداً أن يحل السياسي الغر نفتالي بينت مكانه في رئاسة الحكومة، وأن يخلفه في منصبه العتيد، وأن يحتل بيته ويسكنه، ويأخذ دوره ويستخدم صلاحياته، وينهي حلمه في أن يكون ملك إسرائيل، وهو الذي كان ينظر إليه على أنه صبيٌ يخدمه، وأجيرٌ يتبعه، ووضيعٌ يصفعه، ومستخدمٌ ذليلٌ عنده، وخادمٌ مطيعٌ لدى زوجته وأبنائه، يوجهه حيث يريد، ويشغله متى أراد، وهو الذي شكل له حزبه وكون له ائتلافه، وعمل على تمتينه وتقويته، ليكون أداته الفاعلة في صفوف المتدينيين، وعصاه الحاضرة التي يلوح بها في وجه خصومه واليسار.

 

لكن معسكر البديل وقوى التغيير المنافسة لنتنياهو نجحت في استمالة نفتالي بينت إلى جانبهم، وأغرته بأن يكون معهم، على أن يكون هو رئيس الحكومة الأول، ضمن فريقٍ كبيرٍ يجمع اليمين المتطرف واليسار المعتدل ويمين الوسط، رغم أنه الأضعف والأقل تمثيلاً في الكنيست الإسرائيلي بين شركائه في الائتلاف، حيث أن شريكه الأساس في الحكومة يائير لابيد هو الأقوى، ويعتبر حجر الزاوية في الحكومة ويتفوق عليه، وهو الذي شكل الحكومة فعلياً، ونجح في إقصاء نتنياهو عن منصبه.

 

لم يسلم نتنياهو بالهزيمة، ولا يريد أن يعترف بها، ولا يستطيع أن يقر بأن الصبي الذي رباه، والولد الذي كبره، قد طرده من مكتب رئاسة الحكومة، وأجبره على الخروج من مسكن رؤساء الحكومة في بلفور، رغم أنه استعلى واستكبر، وعاند ورفض الخروج منه، إلا أنه رضخ في النهاية وحزم أمتعته وطوى آثاثه ورحل.

 

لكنه على ما يبدو لا يريد لبينت أن يعمر في رئاسة الحكومة، فوضع في طريقه عدداً من الألغام والمتفجرات، كانت مسيرة الأعلام هي أولها، حيث وضعه في مفترق طرقٍ، إما أن يجيزها ويتحدى المقاومة، ويعرض أمن الكيان للخطر، وإما أن يلغيها ويبدو أمام "شعب إسرائيل" أنه خاف من المقاومة الفلسطينية وخضع لها.

 

ثم حرك قانون "جمع الشمل الفلسطيني" وبدأت كتلته في الكنيست للتحضير لمشروع قرار يمدد حظر جمع العائلات الفلسطينية، ويحول دون استجابته للكتلة العربية المشتركة ورئيسها عباس منصور، الذي كان يتطلع إلى رفع الحظر عن قانون جمع العائلات، ويدرك نتنياهو أن التصويت على القانون بــ"نعم" يعني انفراط عقد الائتلاف، وخروج كتلة عباس منصور منها، والاعتراض عليه يعني غضب ليبرمان وساعر وخروجهما من الائتلاف، وبهذا يكون نتنياهو قد نجح في التعجيل بإسقاط الحكومة وتقصير عمرها، تمهيداً لحل الكنيست والدعوة إلى انتخاباتٍ برلمانية مبكرة خامسة.

 

لن يتوقف نتنياهو عن وضع الألغام والعبوات في طريق حكومة نفتالي بينت، وسيواصل محاولات إسقاطها وحل البرلمان، اعتقاداً منه أنه سيكون الأوفر حظاً لتشكيل الحكومة القادمة في حال أجريت الانتخابات، وقد أسعفه القدر بعودة فيروس كورونا بأجياله الجديدة وأخطاره الكبيرة، وقد بدا بينت أمامها مهزوزاً متردداً، لا يقوى على الحسم ولا يحسن التصرف مع لجنة كورونا، بينما يعتبر نتنياهو نفسه قد انتصر فيها، وترأس لجنتها نحو تحصين شعب إسرائيل من الوباء.

 

 لكن فريق "التغيير وبديل نتنياهو"، الذي نجح في إقصائه وحرمانه من منصبه، يفكر في الوقت الحالي بتمرير قانون جديد في الكنيست الإسرائيلي، يمنع تكليف أي شخصية إسرائيلية متهمة أو مدانة بجرائم جنائية بتشكيل الحكومة، فإذا تم تمرير هذا القانون، فإنه سيكون من العسير على نتنياهو تجاوز مفاعيله، التي ستكون حتماً ضده ولغير صالحه، ولهذا فهو يعجل الخطى ويبتدع الأفكار المختلفة ليسبق بينت وائتلافه ويسقطهم بالإحراج والتضييق، وبزعزعة الائتلاف وبث الخلاف بين أقطابه، قبل أن يقضوا على مستقبله السياسي كله بالضربة القاضية المميتة.

 

بيروت في 26/7/2021

moustafa.leddawi@gmail.com

--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To unsubscribe from this group and stop receiving emails from it, send an email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
To view this discussion on the web visit https://groups.google.com/d/msgid/alfikralarabi/CA%2Bk3OjgDWY1K-8Vch7YBEcKThPQGqcYWYq4hCd6-z2%3Dhu03__Q%40mail.gmail.com.

Sunday, 25 July 2021

{الفكر القومي العربي} FW: نشرة مجلة الصمود الأسبوعية:

 

 

 

 

 

 

                                             

 

 

 

 

 

نشرة مجلة الصمود الأسبوعية:

الثلاثاء :الموافق 25/7/2021 

هل يدفع الفلسطينيون ثمن أزمات لبنان؟

http://al-somod.com/post/45579

عبد المجيد يطالب بالإسراع بتسهيل عودة أهالي مخيم اليرموك

http://al-somod.com/post/45576

الزعيم القومي الكبير جمال فى ذكرى ثورة يوليو…جمال عبد الناصر حاضر رغم الغياب..

http://al-somod.com/post/45571

ذكرى إغتيال الفنان الكبير"ضمير الثورة والأمة"ناجي العلي…لن ننسى…لن نغفر…؟

http://al-somod.com/post/45567

*ما هي تفاصيل خارطة الطريق والرؤية العربية للحل في سوريا التي عرضها ملك الأردن على الرئيس "بايدن" ؟*

http://al-somod.com/post/45562

بيتا..إما أن تنضبطوا خلف حراس الجبل، ليسيرو بكم نحو العزة والكرامة والمجد، او تنصرفوا من جرحنا ومن دمنا .

http://al-somod.com/post/45557

*في ذكرى الانطلاقة 54 لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني..*

http://al-somod.com/post/45553

صور من القهر على الحواجز المصريه في الطريق الى غزه عماد عفانة

http://al-somod.com/post/45550

الأمين العام لـ"جبهة النضال الشعبي الفلسطيني لـ"العهد": المقاومة الشعبية والمسلحة هي السبيل لحماية

http://nedalalshab.com/?page_id=4684

 

 

مركز الصمود للأبحاث والدراسات
تلفاكس: 0112758006 – –
  Whats App00963948315899 هاتف: 0112763348
البريد الالكتروني:
alnedal.front@gmail.com– assmoud@scs-net.org

 

 

Saturday, 24 July 2021

{الفكر القومي العربي} مقالة من رشيد شاهين حول اعتذار حسين الشيخ

 

قراءة في اعتذار حسين الشيخ عن اغتيال المعارض السياسي نزار بنات  

 

رشيد شاهين 

كان الاعتذار الذي أطلقه الوزير حسين الشيخ في قضية اغتيال الناشط والمعارض السياسي نزار بنات مفاجئا للكثيرين، ذلك أنه جاء بعد شهر كامل من الجريمة البشعة التي هزت وصدمت المجتمع الفلسطيني. 

 

الاعتذار الذي رحب به البعض على اعتبار أنه خطوة في الاتجاه الصحيح لم يكن بحسب الكثير من النشطاء والحراكيين مقنعا ذلك أنه تبع عملية الاغتيال حملة من القمع والتعدي على المحتجين من قبل أجهزة الامن الفلسطينية في أكثر من مناسبة، كما تم اعتقال العديد من النشطاء وتم سحل المتظاهرين والصحفيين والاعتداء على الفتيات المشاركات في التظاهر ومصادرة هواتف بعضهن ....الخ. 

 

عائلة الشهيد نزار بنات لم تتوان عن التعقيب على تصريحات الشيخ من خلال فيديو عبر وسائل التواصل رفضت فيه الاعتذار واعتبرت أنه جاء متأخرا وأن الاعتذار لا يكون من خلال وسيلة إعلام أجنبية بل من خلال الطرق والوسائل الفلسطينية الاعلامية والرسمية. 

 

خلال الحديث الذي أدلى به الشيخ كان كما كل المتحدثين الرسميين يتحدث عن وقوع خطأ وأن مثل هذا الحادث يحدث حتى في الدول المتقدمة والديمقراطية متجاهلا أو ربما متناسيا انه في تلك الدول "تطير" رؤوس كل من له علاقة وقد تتغير حكومات ويستقبل وزراء. 

 

النشطاء والحراكيين يعتقدون ان الاولى ان بالاعتذار هو محمد شتية بصفته وزيرا للداخلية وأن يكون ذلك في وقت مبكر ومباشرة بعد وقوع الجريمة. 

 

اختيار الشيخ لوسيلة إعلام غربية وبعد شهر من عملية الاغتيال اعتبرت أنها لم تكن من أجل الاعتذار لعائلة الشهيد ولا للشعب الفلسطيني، وإنما الغرض منها هو مخاطبة الدول الغربية المانحة للسلطة والتي كان لها موقف "حاد" نسبيا وقد يكون ما قاله مساعد وزير الخارجية الأمريكية للشؤون الفلسطينية والإسرائيلية هادي عمرو للقادة الفلسطينيين وتقريعه لهم أحد اهم الأسباب التي دفعت بالشيخ للاعتذار عبر صحيفة أمريكية. 

 

في الختام، لا يكفي مجرد اعتذار جاء متأخرا وبلغة غير عربية ومن خلال وسيلة اعلام اجنبية "تمت قراءته على انه موجه للغرب اكثر مما هو موجه للجمهور الفلسطيني" ان يجعل الأمر وكأنه لم يكن وكأن الجريمة ام تقع. 

 

 بالاعتذار وحده وبدون إجراءات حقيقية تتعلق في الإسراع بتوجيه لوائح اتهام للقتلة وإقالة العديد من "الرؤوس" التي لها علاقة، كما ومحاكمة كل من استعمل القوة في قمع المحتجين ومن هدد الناس بالقتل والتصفية والسحل "هؤلاء أصبحوا معروفين ويوجد لهم فيديوهات على مواقع التواصل" فإن لا معنى لمثل هذا الاعتذار ولا لأية تصريحات مماثلة هدفها إرضاء المانحين لا أكثر ولا اقل. 

 

 

24-07-2021 


Friday, 23 July 2021

{الفكر القومي العربي} هجمةٌ إسرائيليةٌ مرتدةٌ والتفافةٌ منعكسةٌ

هجمةٌ إسرائيليةٌ مرتدةٌ والتفافةٌ منعكسةٌ

بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

يواجه الكيان الصهيوني تغييراً حقيقياً في المزاج العام الدولي، تلمسه حكومتهم ويدركه شعبهم، وتشكو منه مؤسساتهم، وتعاني منه مستوطناتهم، ويخشى من تعاظمه قادتهم وزعماؤهم، ويحذر من استمراره أنصارهم، ولا يقوى على صده والحد منه مؤيدوهم، وهو ما لم يعتد عليه الإسرائيليون وما لم يألفوه قديماً، فما تهيأوا له ولا استعدوا لمواجهته، إذ ما كانوا يتوقعون حدوثه يوماً.

 

فهم ربيبة القوى الاستعمارية، وصنيعة الدول الاستكبارية، التي أشرفت على تأسيس كيانهم، وحرصت على دعمه وتمكينه، وعملت على رعايته وحمايته، وتحملت المشاق وتكبدت الصعاب في سبيله، وأرهقت بالضرائب جيوب مواطنيها، وألزمت خزائنها وبيوت مالها على الوفاء بالتزاماتها وتوفير احتياجاتها لضمان بقائه واستمراره، وصموده وتفوقه، في مواجهة التحديات المستجدة والجوار المعادي.

 

إلا أن دول العالم بدأت تعيد تفكيرها تجاه إسرائيل، وتراجع مواقفها إزاءها، وتتنصل من التزاماتها معها وتعهداتها لها، فقد غدت عبئاً كبيراً وهماً ثقيلاً يضر بها ويزعجها، ويقلقها ويرهقها، ويضر بأمنها ويهدد سلامتها، ويضعف اقتصادها ويعطل برامجها.

 

فقد رأت بعض الحكومات الغربية وغيرها، أن تأييد الكيان الصهيوني يتناقض مع القيم والأخلاق، ويتعارض مع العدالة والفضيلة، ويتسبب في أزماتٍ نفسية وتناقضاتٍ فكرية، ويحدث صراعاتٍ مجتمعية، فالمواطنون الأوروبيون والأمريكيون وغيرهم أصبحوا يرون لم يكونوا يرون، وباتت معلوماتهم عما يفعله الإسرائيليون بالشعب الفلسطيني دقيقة وموثوقة، ولم يعودوا أسرى الإعلام الصهيوني، ولا رهينة دهاقنة الإعلام المؤدلجين، الذين سخروا قدراتهم ومؤسساتهم لخدمة المشروع الصهيوني على حساب حقوق شعوب المنطقة.

 

أمام هذا التغيير اللافت للنظر، والذي رأيناه في التشريعات الأوروبية الجديدة الرافضة لتعويض "اليهود"، والاستمرار في دفع الأموال لذوي الناجين من المحرقة النازية، وفي سياسة الإدارة الأمريكية الجديدة الآخذة في توجيه اللوم والنقد للحكومة الإسرائيلية، فهي لا تتردد في تحميلها المسؤولية، ودفعها للقيام بخطواتٍ من شأنها تخفيف الاحتقان، وتنشيط الاقتصاد، والتخفيف عن المواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، والكف عن الاعتداء على حياتهم وممتلكاتهم، والتضييق عليهم في مساكنهم ومساجدهم، ومصادرة أرضهم وبناء وتوسيع المستوطنات على حساب حقوقهم.

 

كما أخذت المنظمات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان تهاجم الحكومة الإسرائيلية وتطالب بإدانتها ومحاكمتها، وباتت الجرائم الإسرائيلية وحروبهم على الفلسطينيين أمام القضاء الدولي، وعمدت محكمة الجنايات الدولية إلى إعداد الملفات وتصنيف الجرائم تمهيداً لبدء توجيه اتهاماتٍ رسمية ضد الحكومة الإسرائيلية، وضد مسؤولين حاليين وسابقين فيها وفي مؤسسة الجيش والمخابرات.

 

ولم تتأخر الشركات التجارية الدولية الكبرى، والوكالات والهيئات العلمية والفنية والرياضية في توجيه النقد إلى الإسرائيليين وحكومتهم، فمنها من قاطعت الكيان الصهيوني وامتنعت عن زيارته، ومنها من أعلنت مقاطعتها للمستوطنات الإسرائيلية في القدس والضفة الغربية، وتوقفها عن التعامل معها بيعاً وشراءً، واتجه بعضها إلى فسخ العقود الموقعة مع جهاتٍ إسرائيلية رسمية وشعبية، والتحلل من الشروط السابقة التي كانت تحكم عملهم وتنظم علاقاتهم، وتقيد مبادلاتهم التجارية معهم.

 

أما على المستوى الرياضي فقد امتنعت أندية دولية كبيرة عن إجراء مبارياتٍ في الكيان الصهيوني، أو المشاركة مع فرقهم الرياضية في عقد مباريات دولية سواء كانت كرة قدم، أو أي أنشطة رياضية أخرى، ما عده الإسرائيليون أنه من أكبر الصفعات التي يتلقونها في الفترة الأخيرة، عند امتناع نادي برشلونة الأسباني عن تنظيم مباراة مع فريق بيتار الإسرائيلي، استجابةً للطلب الفلسطيني، ونزولاً عند جماعات الضغط والمنظمات العاملة ضمن حملة المقاطعة الدولية للكيان الصهيوني PDS، فضلاً عن امتناع مشاهير الرياضيين عن مشاركة الإسرائيليين أنشطتهم أو التعاون معهم.

 

أمام ما سبق وغيره مما لم يعلن عنه الإسرائيليون ولكنهم يشعرون به ويدركون مخاطره، بدأوا في الإعداد لهجمةٍ عكسيةٍ وخطوة ارتدادية منظمة ومدروسة لتدارك ما يحدث، والتصدي للمخططات التي تستهدفهم، والعمل على الحد من تنامي هذه الظاهرة التي تقلقهم، فأخذوا ينظمون رحلاتٍ دوليةٍ وجولاتٍ لسفراء وشخصياتٍ دوليةٍ مرموقة، لزيارة المستوطنات الإسرائيلية التي تضررت نتيجة قصف صواريخ المقاومة لها، والوقوف على آثار الدمار الناجم عنها في مختلف المدن "الإسرائيلية".

 

كما عمدوا إلى تنظيم جولاتٍ مقصودةٍ لأمريكيين وأوروبيين للوقوف على حال القبة الفولاذية، والتعرف على مدى الحاجة الإسرائيلية في هذا الشأن، لتطويرها وزيادة بطارياتها وتوسيع انتشارها، فضلاً عن حاجتهم إلى المزيد من الصواريخ التي فقدوا الكثير منها في الجولة القتالية الأخيرة، التي استنزفت قبتهم واستهلكت صورايخهم، وكشفت عن مدى العيب والعجز الناشئ فيها.

 

لا نستخف بهذا التغيير ونهمله، وفي الوقت نفسه لا نغتر به ونفرح له، ونركن إليه ونتخلى عن أدواتنا ووسائلنا، ونطمئن إليه ونسلم له، بل ينبغي البناء على هذا المتغير الجديد والاستفادة منه وتطويره، والعمل على توسيعه وإقناع المزيد من الدول لإعادة قراءة وتقييم علاقاتها مع الكيان الصهيوني، فما هو متاحٌ لنا في هذه المرحلة ما كان متاحاً لنا من قبل، وإن كان هو محنة لدى العدو الصهيوني فإنه ينبغي أن يكون منحةً لنا وفرصةً، فلنحسن استغلالها، ولنفعل أدواتها، ولنطور وسائلها، على قاعدة الإيمان بتظافر الجهود وانتهاز الفرص، وتكامل الكل، وحاجتنا إلى الجميع في معركتنا التاريخية مع العدو الصهيوني.

 

بيروت في 23/7/2021

moustafa.leddawi@gmail.com

--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To unsubscribe from this group and stop receiving emails from it, send an email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
To view this discussion on the web visit https://groups.google.com/d/msgid/alfikralarabi/CA%2Bk3Oji2j4g4JqrxKN5eV2Hwh0GF8UCZOHPshitr5GETvs%3D5Cw%40mail.gmail.com.

Saturday, 3 July 2021

{الفكر القومي العربي} مقالة من رشيد شاهين بعنوان ماذا يعني أن تتزود سلطة أوسلو بالأسلحة والأدوات اللازمة للقمع من دولة الاحتلال




 
ماذا يعني ان تتزود سلطة اوسلو بالاسلحة والادوات اللازمة للقمع من دولة الاحتلال

رشيد شاهين 

منذ تأسست سلطة اوسلو لم يخامرنا الشك ان هذه السلطة لن تمثل بحال من الاحوال الطموحات الحقيقية ولو بحدها الأدنى للشعب الفلسطيني، وأنها حتى لو أرادت فلن تكون قادرة على تحقيق ذلك.

على امتداد السنوات التي تلت توقيع اتفاقية العار في العاصمة النرويجية ودخول السلطة تشكلت في الأراضي المحتلة مفاهيم جديدة وغير مألوفة عملت السلطة وأجهزتها المختلفة بمساعدة قوة الاحتلال على ترسيخها وجعلها مقبولة ومستساغة في الذهنية الفلسطينية.

برغم كل محاولاتها لتجميل صورتها، ظلت هذه الصورة تزداد سوءا مع مرور الأيام وانكشاف مدى الانحطاط الذي وصلت إليه سلطة العار، كما والكم الهائل من حجم الفساد والتخريب الذي يمارس على مدار الساعة.

في هذا السياق، كان آخر ما تفتقت عنه ذهنية الانحراف والاستهتار بحياة الانسان الفلسطيني هو صفقة التعاقد على لقاحات كورونا والتي تحدث عنها في اخر ظهور له الشهيد نزار بنات.

خلال اليومين الماضيين قامت وسائل الإعلام الصهيونية  بفضح صفقة لا تقل عارا عن صفقة اللقاحات وهي صفقة التعاقد على شراء "أدوات وأسلحة" تستعمل لقمع المحتجين من أبناء الشعب الفلسطيني.

هذا الخبر كان خبرا مفزعا بكل المقاييس، حيث كشف بشكل مرعب المدى من الانحدار الذي وصلت إليه سلطة العار،
 أن تقوم "سلطة تحت الاحتلال" بشراء أدوات لقمع شعبها من دولة الاحتلال فهذا ما لم يكن يخطر على بال أحد حتى في أسوأ كوابيسه.

ان سلطة مثل هذه لا يمكن أن يكون لها علاقة بالوطنية، وهي ومهما رفعت من شعارات لا يمكن أن تقنع أيا كان أنها ليست أداة بيد الاحتلال تماما كما كانت سلطة أنطوان لحد وسعد حداد في جنوب لبنان.

الفرق بين هؤلاء واولئك ان لحد وجماعته كانوا يقرون بأنهم أدوات وعملاء للاحتلال، أما هؤلاء فما زالوا يزايدون بالشعارات الوطنية ويتاجرون بدماء الشهداء واهات الجرحى وعذابات الاسرى.

المشكلة ليست فيمن ارتضى لنفسه ان يكون أداة للاحتلال والعصا الثقيلة او الغليظة التي تهوي على رؤوس الاحرار من أبناء هذا الشعب المظلوم والابي،  لان هؤلاء وبعد ان اصبحت لديهم مصالح كبرى وامتيازات لم يعد بامكانهم التخلي عنها.

المشكلة الكبرى هي في أولئك الذين ما زالوا يدافعون عن سلطة العار معتبرين أنها تدافع عن مصالحهم وأنها تسعى إلى تحقيق طموحاتهم في الحرية والاستقلال.

برغم ذلك، وبرغم كل هذا السواد الذي يخيم على المشهد الفلسطيني، فإن مثل هذه الصفقات لن تزيد الاحرار من أبناء شعبنا الا إصرارا على الاستمرار في مقاومة الفساد والفاسدين، وأنه كلما "غرقت" السلطة في المزيد من القذارات، فإن هذا يعني أنها تقترب من نهايتها.
3-7-2021


TEST
احصل على Outlook for Android

Friday, 2 July 2021

{الفكر القومي العربي} إسرائيل كيانٌ مزعزعٌ للأمنِ ومفجرٌ للصراعِ

إسرائيل كيانٌ مزعزعٌ للأمنِ ومفجرٌ للصراعِ

بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

ما كان يقوله العرب والفلسطينيون قديماً، بات يقوله الأوروبيون والأمريكيون جديداً، لكن أحداً لم يكن يصغِ إلى العرب والفلسطينيين أو يصدقهم، أو يلقِ بالاً لحديثهم ويهتم لكلامهم، عندما كانوا يصفون دولة الكيان الصهيوني "إسرائيل" بأنها عنصرية وعدوانية، وأنها تمارس الإرهاب وتعتمده، وترعاه وتنظمه، وأنها سبب التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة منذ أن نشأت وتمكنت، وتكونت واستقوت، وهي التي تتسبب بأفعالها الخبيثة وممارساتها البغيضة في نشوب الحروب وافتعال المعارك، واشتعال المنطقة كلها، ولولاها لاستقرَ السلام في منطقة الشرق الأوسط، ولعَمَّ الهدوء والاستقرار، ولازدَّهرت المنطقة عمرانياً ومدنياً، وانتعشت اقتصادياً وتجارياً، ولَأَمن سكانها واطمأن أهلها، ولكن وجودها الأثيم في المنطقة ككيانٍ استيطاني سرطاني كرَّس العدوان وأسس للكراهية، وأدخل المنطقة كلها في أتون حربٍ لا تنتهي، ومرجل صراعٍ لا يهدأ. 

 

اليوم آمن الغربيون الأوروبيون على اختلافهم، وقَرَّ في أذهان الأمريكيين، جمهوريين وديمقراطيين، أن "إسرائيل" دولةٌ مزعزعةٌ للأمن في المنطقة، وأنها عنوان التوتر ومصدر القلق، وأنها بسياساتها العدوانية ضد شعوب المنطقة تعرض مصالحهم للخطر، وتقحمهم في صراعاتٍ لا دخل لهم فيها، وكان بإمكانهم إن نأوا بأنفسهم بعيداً عنها، وتوقفوا عن دعمها ومساندتها، أن ينجوا من تداعيات سياساتها العدوانية، التي مضى عليها أكثر من سبعين عاماً وما زالت تمارس ذات السياسة، التي ثبت بالتجربة أنها لا تحقق لهم الأمن، ولا تجلب لهم السلام، وإنما تزيد في قوة النار المشتعلة، وتوغر القلوب المتضررة، وتفجر من حينٍ إلى آخر حروباً جديدةً ومعارك كبيرة، يذهب ضحيتها آلاف المدنيين قتلاً وترويعاً وتهجيراً.

 

اختلف الخطاب الرسمي الدولي تجاه الكيان الصهيوني، وانتهت الأحلام المعسولة التي عاشها الإسرائيليون في ظل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، التي منَّوا بها أنفسهم بتحقيق أحلامهم القديمة وتنفيذ مشاريعهم الكثيرة، وبات المؤيدون تاريخياً لها يعيدون قراءة مواقفهم ومراجعة سياساتهم، ويطالبون بتبني سياساتٍ جديدةٍ تخفف عنهم، وتعفيهم من المسؤولية عن تحمل تبعات أخطاء الكيان وجرائمه، وارتفعت اللهجة الناقدة لهم والمختلفة معهم، وهي وإن بدت محدودة إلا أنها آخذة في الاتساع والانتشار، ولعل النبرة الحادة والتحذير المتكرر على لسان الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن، يؤشر إلى أن المزاج الأمريكي لم يعد يقبل بالسلوك الإسرائيلي، ولا يستطيع الدفاع عنه، خاصةً بعد عدوانه الأخير على قطاع غزة، وإجراءاته التعسفية ضد سكان الأحياء والبلدات الفلسطينية المقدسية.

 

لم تعد الإدارة الأمريكية تصغي إلى الشكوى الإسرائيلية، أو تستجيب لها بالكلية دون مناقشةٍ أو مراجعةٍ، فها هي تدين سلوكهم في حي الشيخ جراح، وترفض محاولاتهم اقتحام المسجد الأقصى، وترد اعتراضهم على افتتاح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية، وتعود إلى سياسة دعم الأونروا والمؤسسات الفلسطينية، وترسل إلى المنطقة مندوباً غير مرغوبٍ به إسرائيلياً، وموفدين لا يحضون بالموافقة الإسرائيلية، وتسمي سفيراً أمريكياً جديداً خلفاً لدافيد فريدمان، لا يحمل العقيدة الصهيونية ولا يؤمن بها، ولا يدافع عنها كسلفه، بل يريد أن يعيد إحياء مسار المفاوضات وحل الدولتين.

 

أما بريطانيا التي منحت اليهود وعد بلفور، وسلمتهم فلسطين على طبقٍ من ذهبٍ، فقد سار في شوارع عاصمتها لندن، إبان العدوان الإسرائيلي على القدس وقطاع غزة، مسيرةٌ مشهودةٌ، شارك فيها أكثر من مائتي ألف متظاهر، جلُهم من البريطانيين الأصليين، وليسوا من المهاجرين العرب أو المجنسين الملونين، وفيها حملوا شعاراتٍ صريحةٍ ضد الممارسات الإسرائيلية، وضد سياسات حكومتهم الداعمة للكيان الصهيوني، ودعوها إلى وقف تقديم كافة أشكال الدعم لهم، والامتناع عن تزويدهم بالسلاح والأدوات القتالية.

 

والحال نفسه تكرر مع ألمانيا التي دعت مستشارتها أنجيلا ميركل إلى وقف كافة أشكال العنف الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، وطالبت بالانفتاح على كل القوى الفلسطينية ومنها حركة حماس، وسمحت بتنظيم عشرات المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين والمعارضة للإسرائيليين في مختلف مدنها وأكبر ميادينها.

 

وفي الوقت الذي اجتاحت فيه المظاهرات العديد من العواصم الأوروبية، فقد عمدت بعض حكوماتها وبرلماناتها إلى إصدار قراراتٍ وتشريع قوانين تمنع تقديم الدعم للكيان الصهيوني، أو تعويض ما يسمى بضحايا المحرقة اليهودية، ورغم الاعتراضات الإسرائيلية الرسمية، فقد مضت الحكومات الغربية في تنفيذ قراراتها، والالتزام بقوانينها، التي ترى وجوب الكف عن دعم دولةٍ تمارس العنف والإرهاب ضد شعبٍ آخر، تحتل أرضه وتطرده من دياره وتحرمه من حقوقه.

 

أدركت أوروبا شعوباً وحكوماتٍ ولو متأخراً، صدق الرواية الفلسطينية، وكذب الرواية الإسرائيلية، وساعدها في المباشرة أو التهديد بتغيير سياستها مع الكيان الصهيوني، التغيرُ اللافت في موقف الإدارة الأمريكية، وموقف الحزبيين التاريخيين فيها، وأعضائه في كلٍ من مجلسي النواب والكونجرس، ويبدو أن المستقبل القريب سيشهد تغييراتٍ أعمق وتحولاتٍ أكبر في عقلية الأمريكيين والأوروبيين، الذين ما عادوا يستطيعون الدفع من جيوبهم، ومن حساب رفاهيتهم وسعادتهم، ضريبة الظلم والاحتلال والعدوان الإسرائيلي.

 

بيروت في 2/7/2021

moustafa.leddawi@gmail.com

--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To unsubscribe from this group and stop receiving emails from it, send an email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
To view this discussion on the web visit https://groups.google.com/d/msgid/alfikralarabi/CA%2Bk3OjhQ%2BMD8TiDLxiY99HgOKFxHzUXPfbbDFFEEq-zsiteoAQ%40mail.gmail.com.