Monday 30 January 2023

{الفكر القومي العربي} يوميات بن غفير العنصرية وقراراته الفاشية

يوميات بن غفير العنصرية وقراراته الفاشية

بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

منذ اليوم الأول الذي تسلم فيه إيتمار بن غفير حقيبته الوزارية في حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية السادسة، وأصبح فيها وزيراً للأمن القومي الصهيوني، إضافةً إلى وزارة النقب والجليل، وهي الوزارة التي كانت تسمى قبله "وزارة الأمن الداخلي"، إلا أنه أصر على تغيير اسمها بعد توسيع صلاحياتها وتمديد نفوذها، لتتماشى مع أفكاره اليمينية، وتتناسب مع معتقداته السياسية، وهو لا يتوقف عن إصدار القرارات وتوجيه الأجهزة العاملة تحت مسؤوليته، للتشديد على الفلسطينيين والضغط عليهم، وعدم التهاون معهم أو تسهيل سبل حياتهم.

 

وقد طالت قراراته التعسفية قبل عملية الشهيد خيري علقم في حي النبي يعقوب الاستيطاني، وعملية سلوان التي تلتها، جميع المواطنين العرب في فلسطين المحتلة، ولم يستثن منهم أحداً مسيحياً كان أو مسلماً، إلا أنه اختص الأسرى والمعتقلين بأسوأ قراراته، وصب عليهم جام حقده وخبثه، وعنصريته وعدوانيته، فضيق عليهم أكثر، وتشدد في إجراءات التعامل معهم، وأكد على مشروعه بتشريع تنفيذ قانون "إعدام الأسرى"، ووعد بالعمل على تمريره وإقراره.

 

سأحاول هنا ضمن مقالاتي اليومية تسليط الضوء على قرارات بن غفير، وبيان مدى عنصريتها وخطورتها، وأثرها على الشعب الفلسطيني وحياته وممتلكاته وأرضه وحقوقه، فضلاً عن آثارها السلبية الخطيرة المباشرة على أبنائه الأسرى والمعتقلين في مختلف السجون الإسرائيلية، علماً أن قراراته وإن كانت تصدر عنه شخصياً، إلا أنها تعبر عن السياسة العامة للحكومة، وتلقى موافقة وتأييد رئيسها بنيامين نتنياهو، الذي يؤمن بسياسة أقطاب ائتلافه ولا يعارضها، بل يشجع عليها ويساعد في إصدار المزيد والأسوأ منها.

 

بدأ بن غفير مهامه الوزارية بزيارة معتقل نفحة الصحراوي، الذي يضم المئات من كبار الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، وتفقد الإجراءات الأمنية في المعتقل ومحيطه، وتأكد من طريقة معاملة إدارة السجن للأسرى والمعتقلين، واجتمع مع إدارته واستمع إلى الحراس والسجانين، وتفقد الغرف والزنازين، وأقسام العزل وأشكال العقاب، فاطمأن إلى قسوة الظروف، وشدة الإجراءات، وغياب التسهيلات، وغلظة المعاملة، وأوصى بألا يتمتع الأسرى والمعتقلون بأي امتيازات، وألا يشعروا بالراحة في حياتهم، وألا يتلقوا معاملةً حسنةً أو يحصلوا على أي امتيازاتٍ إضافية، ودعا إلى سحب القديمة وحرمانهم منها، وأكد على عدم الإصغاء إلى شكواهم أو تلبية طلباتهم، أو الاستجابة لدعاوى مرضهم وحاجتهم إلى الرعاية والعلاج.

 

وفي طريقه إلى سجن نفحة الصحراوي زار النقب والتقى بقادة الاستيطان فيها، ووعد بتنفيذ أوسع عملية تشجيرٍ فيها، تمهيداً لتسهيل تمليكها إلى الوكالة اليهودية، والتعجيل في بناء عشرات المستوطنات الجديدة فيها، فضلاً عن توسيع القديمة وتحسينها، ولم يخفِ عزمه على ترحيل بدو النقب وهدم بيوتهم، وإعادة تجميعهم في مناطق ضيقة، وحرمانهم من أبسط حقوقهم الإنسانية في أرضهم ووطنهم الذي حافظوا عليه وتمسكوا به، وهي ذات السياسة التي ينوي القيام بها في منطقة الجليل.

 

كما أصدر أوامره إلى جهاز الشرطة الإسرائيلي العام بمحاربة العلم الفلسطيني، ومنع رفعه في الحيز العام والشوارع والاحتفالات والمناسبات، وإزالته بالقوة، وفرض عقوبة رادعة على كل من يحمله أو يرفعه، واعتبار ذلك جريمة تخالف القانون وتستوجب العقاب بالسجن الفعلي أو الغرامة المالية أو كليهما معاً.

 

كما أصدر أوامره إلى جهاز الشرطة العام بمحاربة كل محاولات التحريض الفلسطينية أياً كان شكلها أو أداتها، وأمره بمتابعة المحتوى الفلسطيني على مختلف صفحات ووسائل التواصل الاجتماعي، وملاحقة المتورطين فيها أو المشتبه فيهم، واعتقال ومحاسبة كل الذين يبتهجون بمقتل الإسرائيليين، ويوزعون الحلوى والسكاكر تأييداً للعمليات التي يقوم بها المقاومون، أو يحتفلون ويظهرون فرحهم ويفتحون السرادقات العامة للمباركة بحرية الأسرى المفرج عنهم، وهدد بإعادة اعتقالهم وعقاب وتغريم ذويهم.

 

ادعى بن غفير أنه يريد أن ينال بركة "الرب" قبل أن يباشر عمله في الحكومة، فقرر اقتحام المسجد الأقصى، وهو الاقتحام المستفز الذي اعتاد عليه خلال السنوات السابقة، ولكنه ما إن خرج من باحة المسجد حتى التقى بقائد شرطة القدس وكبار الضباط، قائلاً له، أغمض عينيك واعمل كل ما كنت تحلم به، فالفرصة أمامك متاحة والشرعية معك، وفعلاً قامت الشرطة الإسرائيلية بهدم وإغلاق أربعة عشر مبنىً في مدينة القدس بحجة المخالفة والبناء دون تراخيص قانونية.

 

لن يتوقف إيتمار بن غفير وحكومة نتنياهو الفاشية عن سياساتهم القمعية وإجراءاتهم التعسفية وقراراتهم العنصرية، إلا بقارعةٍ تنزل عليهم، ومقاومةٍ صلبةٍ تتصدى لهم، وشعبٍ حرٍ يثور عليهم، وستثبت له الأيام القادمة أنه الزائل، وأن الشعب الفلسطيني هو الباقي، وأنه لن يختلف عمن سبقه ممن جرب حظه وتعثر، وراهن على سياسته وخسر، وظن أنه الأقوى فانكسر، وأنه المنتصر فخاب واندثر.

 

بيروت في 30/1/2023

moustafa.leddawi@gmail.com

--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To unsubscribe from this group and stop receiving emails from it, send an email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
To view this discussion on the web visit https://groups.google.com/d/msgid/alfikralarabi/CA%2Bk3OjiDg5g6TdgrVEJOEOKMoJkLaCRV-TwuTJJOJ5qiOW9F1A%40mail.gmail.com.

Saturday 28 January 2023

{الفكر القومي العربي} شكراً للمقاومة شكراً للشعب الفلسطيني

شكراً للمقاومة شكراً للشعب الفلسطيني

بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

شكراً للمقاومة التي أثلجت صدورنا وأفرحتنا، ورسمت البسمة على شفاهنا وأسعدتنا، وأعادت الأمل إلى قلوبنا وأنعشتنا، ورفعت رأسنا وأعلت صوتنا، فهاهت نساؤنا وزغردت بناتنا، وتاه مجداً شبابنا، ودفعت مئات الآلاف من أبناء شعبنا الفلسطيني في الوطن والشتات للخروج إلى الشوارع فرحاً وابتهاجاً، والتهليل والتكبير في المساجد والشوارع حمداً لله وشكراً، فهذا يومٌ من أيام شعبنا المباركة، الذي فيه انتقم ومن عدونا اقتصَّ.

 

شكراً للمقاومة التي لم تتركنا ننتظر طويلاً بعد مجزرة مخيم جنين أمس، نذرف الدموع ونبكي شهداءنا ونتجرع الأسى وحدنا على ما لحق بنا، شكراً لها، وقد كان لسان حالنا جميعاً ينادي بالثأر والانتقام، ويستصرخ المقاومة أن تعجل ولا تتأخر، فاستجابت لنا وعجلت، وسارعت بالرد والجواب ونفذت، فكان ردها موجعاً ومؤلماً، تأوه منها العدو وتوجع، وأّنَ من هولها جرحاه، وصدم جزعاً من شهدها من مستوطنيه.

 

شكراً للمقاومة أن جاء ردها في مدينة القدس، التي يباهي بها العدو ويفتخر، مدعياً أنها العاصمة الأبدية الموحدة لكيانه، وأنها المدينة الأكثر تحصيناً والأشد تأميناً، وأنها تتمتع بحمايةٍ كبيرة وحراسةٍ مشددةٍ، فأصابته في قلبه، وباغتته في عمقه، ونالت منه في مكمنه، وأتته من مأمنه، وعلمته درساً جديداً مفاده أنها لن تسمح له بالاستفراد بشعبنا والإغارة على مدننا وبلداتنا، بينما يفاخر بالأمن والأمان في عاصمته المدعاة.

 

شكراً للمقاومة التي أثخنت في قلب العدو وطعنته، وأوجعته وآلمته، فقتلت منه سبعة وأصابت عشرة مستوطنين، جراح بعضهم خطيرة، فكبدته بشهادة مسؤوليه ثمناً كبيراً، وأجبرته على أن يتجرع من ذات الكأس، وقالت بمسدسها العامر للعدو المتغطرس في أكبر عمليةٍ نوعيةٍ يشهدها منذ سنواتٍ، أنها قادرة على الوصول إليه والنيل منه، مهما بلغت تحصيناته وإجراءاته الأمنية المشددة.

 

شكراً للمقاومة التي لطمت حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة، وأذهلت حكومته وأربكت قيادة جيشه، وصفعت وجه بن غفير وشريكة سموتريتش، وأخرستهما وهما المتشدقين بكل سوءٍ، وركلت مؤخرة كل صهيوني متطرف ويميني متشدد، ممن توعدوا بتركيع الشعب الفلسطيني وإخضاعه، وهددوا بخنقه وحصاره، وطرده وتهجيره، وحرمانه ومصادرة أرضه، وباشروا في قتل أبنائه واعتقال رجاله، فجاءهم الرد درساً أخرسهم، وأنبأهم أن هناك جديداً آخر ينتظرهم.

 

شكراً لخيري علقم، الفلسطيني المقدسي، سليل المقاومين وحفيد الشهداء، الشاب اليافع، العزيز الأبي، المقاتل الشجاع، الجريء الجسور، القوي الغيور، الثائر الغاضب، الذي انبرى إلى الميدان كفارس، وحمل مسدسه كسيفٍ صارمٍ، واستجاب إلى شعبه ولبى نداءه، فشكراً له أنه شفى غليلنا ورى ظمأنا، وأسعدنا بعد حزنٍ، وأفرحنا بعد ألمٍ، وهنيئاً له شهادته، فقد والله نال المنى بما قدم، وارتقى إلى السموات العلى بما أعطى.

 

شكراً للشعب الفلسطيني العظيم الذي ينجب هؤلاء الرجال، وفيه مثل هؤلاء الأبطال، الذين لا يقبلون بالظلم ولا ينامون على الضيم، ولا يسكتون على الحيف، ويثورون على ظالميهم، ويصدون المعتدي عليهم، ويردون الصاع له صاعين وأكثر، الذين يتنافسون على المقاومة، ويحاكون من سبقهم، ويقلدون من قاتل قبلهم، ويبرعون في رسم ملاحم جديدة وأساطير للمقاومة مجيدة.

 

شكراً لهذا الشعب الذي يربي أبناءه على الجهاد، وينشئهم على المقاومة، وينمي فيهم مفاهيم العزة والكرامة، ويخلق فيهم روح الصمود والثبات، وينشر بينهم ثقافة المقاومة ويقين النصر، ويزرع فيهم روح القوة وإحساس النصر، فيجعل صغيرهم كبيراً، وضعيفهم قوياً، وواحدهم أمةً، وعاجزهم إرادةً، وأعزلهم جباراً، وصامتهم ثورةً، وثائرهم بركاناً.

 

شكراً للشعب الفلسطيني العظيم ورجاله الشجعان الذين يعيدون رسم صورتهم وعرض قضيتهم، ويحسنون التعبير عن حالتهم وبيان أصالتهم، ويظهرون للأمة العربية والإسلامية التي تفتخر بهم وتعتز بحقيقتهم، أنهم شعبٌ جبارٌ، ثابتٌ صامدٌ، مؤمنٌ مقاتلٌ، صلبٌ عنيدٌ، لا يتنازل ولا يفرط، ولا يضعف ولا يستسلم، ولا يلقي البندقية ولا يتخلى عن المقاومة.

 

شكراً للشعب الفلسطيني الذي عمق أزمة العدو الصهيوني وأربك حكومته، وأظهر ضعف رئيسها وتخبطه، وكشف غروره وغباءه، وفضح علوه واستكباره، إذ جمع معه غلاة شعبه ومتطرفي مستوطنيه، ظناً منه أنه يستطيع بهم لجم الشعب الفلسطيني وإرهابه، وسيتمكن بمزيدٍ من القوة من دفعهم لليأس والقنوط والقبول بأقل المعروض خوفاً من بطشٍ ينتظرهم، أو مصيرٍ أسوأ يتربص بهم.

 

هذا هو الشعب الفلسطيني الذي لا يؤجل رده ولا يهمله، ولا يحتفظ بحق الرد في الزمان والمكان المناسبين وينساه، بل يعجل فيه ويبالغ، ويحدد هدفه ويقرر إصابته، ويصر عليه ويسدد إليه رميته، ولا يبالي بتهديد العدو ووعيده، ولا يلقي بالاً إلى سياساته وإجراءاته، وما رآه بالأمس ليس آخر سهمٍ في جعبته، ولا آخر مقاتلٍ من أبنائه، بل غيره كثيرٌ من الفدائيين آتٍ، ومعه جمعٌ غفيرٌ من المقاومين حتماً قادمٌ.

 

بيروت في 28/1/2023

moustafa.leddawi@gmail.com

--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To unsubscribe from this group and stop receiving emails from it, send an email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
To view this discussion on the web visit https://groups.google.com/d/msgid/alfikralarabi/CA%2Bk3OjhY38Ouue8LKA25E-dBwaajrvZDeint0NaJMTEqUbsi4Q%40mail.gmail.com.

Thursday 26 January 2023

{الفكر القومي العربي} والله لأنسين الروم وساوس الشيطان بخالد

والله لأنسين الروم وساوس الشيطان بخالد

بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

تلك هي المقولة الخالدة التي أطلقها الخليفة الراشد الأول أبو بكر الصديق، رضي الله عنه وأرضاه، يوم أن انتدب سيف الله المسلول خالد بن الوليد من أرض العراق، التي كان يسير فيها سير السكين في الزبد الطريق، فينتقل من نصرٍ إلى نصرٍ، ويحقق إنجازاً إثر آخر، ويطوي الأرض تحت قدميه فتحاً، وتضع خيوله حوافرها حيث تصل عيون فرسانها نصراً، ويجتاز الأرض ويفتح البلاد طُراً، وتنهزم من أمامه الجيوش صاغرةً، وتخضع له الرقاب ذلاً، فهابه الفرس وهربوا، وجبنوا عن قتاله وفروا.

 

لكن الروم في الشام طغوا واستعلوا، وبغوا في الأرض وفسدوا، فَسَيَّرَ أبو بكر الصديق خالداً إلى الشام قائداً ومدداً، وفارساً تئن تحت وطئه الخيول هولاً، فأسكت به الروم، وأنساهم بعزمه أحلامهم، وسقاهم بسيفه المسلول المنون ألواناً، وأرغمهم على ابتلاع ألسنتهم والتراجع عن تهديداتهم، والانكفاء بعيداً عن جيوش الفتح الإسلامي، حتى غدا وجيشه يدخلون البلاد رهباً، وتفتح لهم أبوابها خوفاً، وأرسل عندما استقر به الحال واطمأن به المقام إلى أبي بكر الصديق مبشراً، فجثا على ركبته وخر لله عز وجل ساجداً، يشكره على نعمائه، وعلى النصر الذي مَنَّ به على عباده، فأعزهم بعد ذلٍ، وأغناهم بعد فقرٍ، ورفعهم بعد ضِعةٍ وهوان.

 

ما أشبه اليوم بالبارحة، عربٌ مستضعفون، ورومٌ مستعلون، ولا أحد يظن أنهم سينتصرون، فهم أقل عدداً وأضعف جنداً، ولا عدة عندهم ولا سلاح معهم، ولا خيل تحملهم ولا عير تكفيهم، ولا من يمدهم بالسلاح أو يساندهم بالرجال، وعدوهم بالسلاح مدجج، وبالذخيرة مُزَوَّد، وجنوده يملأون البطحاء عدداً، ويحجبون عين الشمس غباراً، ويظنون أن النصر حليفهم، وأنه قريباً من أقدامهم، وأن من جاؤوا لقتالهم بغاثاً لا يستحقون، وحملاناً لا يصمدون، وأعراباً لا يثبتون، وحفاةً لا يلبسون، فلا خوف منهم ولا قلق يساورهم، فسيوفهم إرباً ستقطعهم وفي صحراء الشام ستبددهم، أو أن بعض الطعام والكساء سيردهم، وسيعيدهم من حيث أتوا راضين بذهب يعمي عيونهم، أو ببعض مالٍ يشبع جوعهم.

 

لكن الذين ظنوهم ضعافاً كانوا بعقيدتهم أقوياء، والذين وصفوهم بالعراة الجياع أثبتوا لهم أنهم أشرافٌ أغنياء، والذين خالوهم مترددين ومنهم خائفين كانوا بالنصر واثقين ولهم مقتحمين، إذ تسلحوا بيقينٍ لا يهزمُ ووعدٍ لا يُخلف، فلقد سبقهم إلى النصر الموعود سراقة، وبشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الأمة له بسواري كسرى، ومن قبل يوم الخندق بفتح الشام وكنوز قيصر، فما خاب ظن المسلمين، ولا ضعف بالنصر يقينهم، ولا شك أحدٌ بوعد النبي ولا ظن في بشارته خُلفاً، ويقينهم بالأمس هو يقيننا اليوم، فنحن الفلسطينيين على موعدٍ مع النصر القريب بإذن الله، مهما تأخر وتعذر، فإنه لا محالة آتٍ، فصاحب البشرى واحد، وصاحب وعد الحق في كتابه الكريم الله عز وجل الصادق الوعد العظيم.

 

قد أصابنا نحن الفلسطينيين العدو بنابه، وأوجعنا بحرابه، وآلمنا بسلاحه، وطغى علينا بقوته، واستقوى علينا بحلفائه، فبغى وتشدد وتطرف، وهدد ووعد وأرغى وأزبد، وقتل وأوجع وأثخن، وطغى وتجبر وتغطرس، واعتدى على الأرض والمقدسات، واستهدف بعدوانه البشر والحجر والشجر وما أبقى، وظن أنه في أرضنا سيبقى، وشعبنا سيطرد، وحلمنا سينهي، وأن أمتنا قد خبت جذوتنا كما تغنوا يوماً أن رسولنا قد مات، وأنه خلف بناتاً سبعة، لا يصنعون نصراً ولا يهزمون عدواً، لكننا بإذن الله سننتصر، في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد، ويومئذٍ يفرح الفلسطينيون والعرب والمسلمون.

 

لهذا اليوم وهذا الوعد فإننا في حاجةٍ إلى الاثنين معاً، إلى أبي بكرٍ الصديق الحاكم الشجاع، المخلص الصادق، المسؤول الأمين، الجريء الواثق الذي لا يخاف، الحكيم الذي يحسن الاختيار، الحازم الذي لا يتردد في القرار، بعيد النظر ثاقب البصيرة، الزاهد في الدنيا والمقبل على الآخرة، المعطاء من حر ماله والسخي حتى على من أساء إليه وآذاه.

 

كما أننا في حاجةٍ إلى خالد جديدٍ، وقائدٍ عظيمٍ، ومقاومٍ عنيدٍ، صادقٍ صابرٍ، بصيرٍ عالمٍ، عزيزٍ أبيٍ، قويٍ صلبٍ، صارمٍ قاطعٍ، واثقٍ مطمئنٍ، رحيمٍ بنا شديدٍ على عدونا، همه الوطن وشغله المقاومة، وعينه على النصر وقلبه على الوطن، يتطلع إلى الشهادة وتأبى نفسه الريادة، ينسي العدو الصهيوني بسيفه المسلول وساوسه الخبيثة باحتلال أرضنا والاستيطان فيه، وطرد أهلنا واستباحة محرماتنا، وتدنيس مقدساتنا، يقاتله بإصرار ويقاومه بعناد، ويصر على انتزاع النصر منه مهما كلفه وأتعبه، وناء به ونأى عنه، فهذه أمنية الشعب وغاية الأمة، تدفع دونها الأرواح والمهج، وتضحي في سبيلها بالغالي والنفيس.

 

بيروت في 26/1/2023

moustafa.leddawi@gmail.com

--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To unsubscribe from this group and stop receiving emails from it, send an email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
To view this discussion on the web visit https://groups.google.com/d/msgid/alfikralarabi/CA%2Bk3OjiL7qHXvDOxO88ps6-t_OSPTYnuVoTnnkx-9Ganu8qWkg%40mail.gmail.com.

Tuesday 24 January 2023

{الفكر القومي العربي} خطأ الانشغال بالأزمات الإسرائيلية عن الجبهة الداخلية الفلسطينية

خطأ الانشغال بالأزمات الإسرائيلية عن الجبهة الداخلية الفلسطينية

بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

مما لا شك فيه أن الكيان الصهيوني يعيش أزماتٍ داخلية مستعصية منذ العام 2019، عندما عجز وما زال عن تشكيل قيادة سياسية قوية مستقرة متوافقة ومتعاونة، تجمعها الهموم الوطنية وتوحدها التحديات الداخلية والخارجية، فهو وإن شكل حكومته الجديدة السابعة والثلاثين، التي وصفت بأنها الحكومة اليمينية الأكثر تطرفاً في تاريخه، إلا أنه ما زال يتخبط في مشاكله، ويتناقض من داخله، ويبتعد عن محيطه ويتصادم مع حلفائه، ولا يستطيع التصدي لمشاكله، وخلق الحلول المناسبة لها، ولعله اليوم أقرب إلى الانتخابات السادسة منه إلى استقرار الحكومة ومواصلة عملها.

 

نحن لا نفتأت على الكيان الصهيوني ولا نفتري عليه، ولا نحاول تشويه صورته ولا تلفيق الاتهامات له، وإن كنا نتمنى له الأسوأ ونرجو له الأخطر، بل إن الإسرائيليين أنفسهم قبل غيرهم وأكثر من سواهم، يدركون أن كيانهم في خطر، وأنه يعيش مآزق كثيرة، ويواجه تحدياتٍ صعبة، وأن ما ينتظره أسوأ بكثير مما تجاوزه على كل المستويات الداخلية والخارجية، وفي جميع الملفات السياسية والدبلوماسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، وأن حكومته الجديدة قد ولدت مشوهة مريضة، وتحمل في تركيبتها جينات التنازع والاختلاف، وعوامل الانقسام والتشرذم، إلا أن أعضاءها لا يعترفون بأنهم مرضى ويلزمهم مصحة نفسية، ولا يقتنعون بأنهم لا يصلحون للمرحلة، ولا يخدمون الشعب، ولا يفيدون في تطوير المشروع الصهيوني.

 

فالإسرائيليون أنفسهم يقولون عن حكومتهم أنها أول حكومة تتشكل ضد كيانهم، وتعمل ضد مصالح شعبهم، وأنها حكومة الهجين والمتناقضات، والفوضى والاضطرابات، والتداخل وتنازع الصلاحيات، وأنه لا اتفاق بين أطرافها وإن بدوا يميناً دينياً متطرفاً، وأنهم ورئيسهم يتفقون على محاربة الديمقراطية، والقضاء على الصورة النمطية التي ميزت كيانهم عن دول المنطقة، ويؤيدون تدمير النظام القضائي وإعادة تشكيله وفقاً لمصالحهم، ويعملون على هدم المحكمة العليا التي توصف بأنها حامية النظام وراعية "الدستور" وشرعية القوانين، والرقيبة على أداء الحكومة وتشريعات الكنيست.

 

وهم الذين يرون أن هذه الحكومة ستقوض نظامهم الاقتصادي وستفسد هياكله، وستتسبب في خلق حالة من الركود والانكماش، نتيجة هروب الرساميل ورجال الأعمال، وتعطل المشاريع وجمود الخطط خوفاً من مفاجئات كيانٍ لا يوجد فيه مؤسسات قضائية ضامنة للعدل وراعية للحقوق وحارسة على دستورية وشرعية ومعقولية القوانين، فضلاً عن أن أحزاب هذه الحكومة تتطلع إلى زيادة مداخيل مدارسها الدينية ورواتب طلابها على حساب دافعي الضريبة من مستوطني البلاد، فضلاً عن نيتهم فرض ضرائب وحسم نسب على التبرعات والهبات الأجنبية للهيئات والجمعيات المحلية.

 

وهي الحكومة التي خرج ضدها أكثر من مائة ألف متظاهر وما زالوا ينظمون للأسبوع الثالث على التوالي مظاهراتٍ أكبر، يشارك فيها طيفٌ كبير من المعارضة السياسية والمدنية الإسرائيلية، ممن يخشون من تغيير هوية الكيان، وفرض الأصولية الدينية على مناحي الحياة وشكل الدولة، وممن يرفضون سياسات الجندر الجديدة، وتوجهات الحكومة المعارضة للمثلية، والتدخل في شؤون الجيش، والإصرار على استمرار سياسة الاستيطان، وتغيير ضوابط وتعليمات إطلاق النار، وغير ذلك مما يعارضه أغلب الإسرائيليين من القوميين والعلمانيين على السواء، ومعهم الأحزاب العربية التي تعارض الحكومة الحالية كلياً.

 

هذه التناقضات والأزمات الإسرائيلية المختلفة ينبغي ألا تشغل الفلسطينيين عن همومهم الخاصة ومشاكلهم الداخلية، فالتحديات التي تواجههم كثيرة جداً وصعبة للغاية، وهي تضعفهم وتمزقهم، وتشتت جهودهم وتحبطهم، وتبعثر طاقاتهم وتفقدهم قدراتهم، وتيأس شعبهم وتضعف انتماءهم، وتنعكس سلباً على حياتهم اليومية ونضالهم الوطني

 

فعلى المستوى الوطني يشكل الانقسام الداخلي المشكلة الأكبر والأكثر استعصاءً، الذي مضى عليه أكثر من خمس عشرة سنة وما زال، وما زالت تداعياته السلبية تتفاقم وتزداد سوءً، انقساماً واختلافاً، وسياساتٍ كيديةً متبادلةً، واعتقالاتٍ سياسية وأخرى أمنية حقيقية ومفتعلة.

 

أما الاحتلال فرغم أزماته الكثيرة فإنه يمعن في سياساته العدوانية ضد الفلسطينيين قتلاً واعتقالاً وتدميراً ومصادرة أراضٍ وتوسيعاً للاستيطان وزيادةً فيه، وتضييقاً وحصاراً وسرقةً للحقوق والأموال والمياه والثروات، وكأن مشاكله اليومية لا تشغله عن همومه السياسية والأمنية والعسكرية، فهو ينفذها بقوةٍ وحزمٍ، ويمضي بها بحسمٍ وبلا تردد، ولا يلتفت كثيراً إلى ردود الفلسطينيين ومواقفهم، اللهم إلا إذا كانت مقاومةً موجعةً وصموداً محبطاً، وثباتاً على الأرض مربكاً.

 

يلزمنا أن نحيط علماً بمشاكل العدو وأزماته، وأن نعمل على تعميقها وتكريسها، وتعقيدها وتعذر حلها، فهذه حكمة وهي جزء من المعركة والحرب، ولكن هذا لا يشغلنا أبداً عن همومنا الوطنية، ونضالنا المستمر ضد الاحتلال لإنهائه وطرده، وتحرير أرضنا واستعادة مقدساتنا، والعمل على تعويض شعبنا وتوفير سبل العيش الكريم له، وإلا فإن الانشغال بالأولى عن الثانية يفقدنا الهدف، ويضعفنا أمام العدو، ويمكنه من الانتصار علينا أو عدم الخوف منا. 

بيروت في 24/1/2023

moustafa.leddawi@gmail.com

--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To unsubscribe from this group and stop receiving emails from it, send an email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
To view this discussion on the web visit https://groups.google.com/d/msgid/alfikralarabi/CA%2Bk3OjiOphPx0y90dNepz1ABHBhhjK6cFMkyDjfdt%3DwMDLpL%3Dw%40mail.gmail.com.

Sunday 22 January 2023

{الفكر القومي العربي} التصدي للحكومة الفاشية ينهي الأحلام الصهيونية

التصدي للحكومة الفاشية ينهي الأحلام الصهيونية

بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

ليس أخطر على الشعب الفلسطيني وربما على الأمة العربية والإسلامية من حكومة نتنياهو السادسة، اليمينية المتطرفة، الرجعية المتخلفة، الأصولية الجامدة، العدمية الخشبية، العنصرية الفوقية، التي لا ترى غير اليهود أهلاً للحياة والعيش في فلسطين المحتلة، وهم الذين وفدوا إليها من شتاتٍ لا ينتمي إليها ولا يرتبط بها، فاستوطنوا فيها هجيناً متناقضاً، ونسيجاً ملفقاً، وجماعاتٍ لا جذور لها في أرضنا، ولا تاريخ لهم فيها، إلا ما افتروه كذباً وبهتاناً، وما زوروه عمداً وعناداً.

 

هذه الحكومة كما كل الحكومات الصهيونية السابقة، لا تختلف عنها ولا تتناقض معها، لكنها أوضحها وأغباها، وأسودها وأسوأها، لا تؤمن بحقوق الشعب الفلسطيني في أرضه ووطنه، وتحاربهم فوق ترابه وتحته، وتحاصرهم في بره وبحره، وتمنع عنهم سماءهم وفضاءهم، وتنكر أنهم الأصل وأنهم أصحاب الأرض بلا منازعٍ أو شريكٍ، ولا تعترف بأن هذه البلاد بلادهم قبل أن يكون اليهود وتتشكل هويتهم أو يظهر دينهم، فهم الذين عمروها وسموها، وبنوا مدنها وعلَّو أسوارها، وعاشوا فيها وقاتلوا من أجلها، وفيها سمت قوميتهم ونطق بالضاد لسانهم، فكانوا فيها هم العرب الأوائل، نسل كنعان وعدنان وقحطان، ثم كانوا أبناء الفتح الإسلامي العظيم، ونصارى الأرض المقدسة الأوائل.

 

هذه الحكومة البغيضة وإن كانت غبيةً ضحلة الفكر وعديمة التجربة، وتظن أنها بعصاها الغليظة وأفكارها المتطرفة تستطيع أن تروض الشعب الفلسطيني وأن تخضعه، إلا أنها حملت معها الأحلام اليهودية القديمة، واستعادت الأطماع الصهيونية الأولى، واستحدثت أهدافاً جديدةً، ورسمت غاياتٍ كبرى، مما يجعلها الحكومة الأخطر، التي يجب علينا التصدي لها ودق عنقها، وتحدي سياستها وكسر إرادتها، وضربها على رأسها لتصحو وتستفيق من سكرتها، وتؤوب إلى رشدها وتعي حقيقة أمرها، تعترف بحقوق الآخرين وتقف عند حدودها، وإلا فإنها قد تمضي قدماً في مخططاتها، وتحقق ما عجز السابقون من أسلافها على تحقيقه.

 

نشأت هذه الحكومة وتشكلت على مجموعةٍ من المبادئ والأهداف التي فرضتها أحزابها ووقع عليها رئيسها، وصادق عليها أعضاء الكنيست ووافقوا على جميع بنودها، فهي تريد الأرض الفلسطينية كلها لليهود وحدهم، ولا تريد لأحدٍ أن يشاركهم العيش فيها، إلا أن يكونوا جالياتٍ أو سكاناً يقيمون فيها بموجب تصاريح إقامة مؤقتة، تخضع لشروطٍ كثيرة وتلتزم بضوابط عديدة، ويجوز للحكومة الإسرائيلية سحبها ممن تريد وحجبها عمن لا تريد أن يقيم فيها.

 

وهي لا تعترف بالسلطة الفلسطينية ولا تريد التعامل معها، وتريد أن تحولها إلى سلطاتٍ محليةٍ، تقوم بأعمال الخدمة البلدية بموجب القوانين الإسرائيلية التي تفرضها الإدارة المدنية الإسرائيلية، التي يديرها ويسيرها وزير المالية الوزير في وزارة الجيش الإسرائيلي بتسليئيل سموتريتش، الذي لا يؤمن بسيادة السلطة ولا يقبل بالصلاحيات الضيقة الممنوحة لها، ويريد أن يضيق عليها ويحاصرها أكثر، ويصادر أموالها ويمنع حركة مسؤوليها، ويتطلع إلى معاقبة المتمردين فيها والرافضين لسياسات حكومته ضدها.

 

وهي تريد أن تنزع الجنسية "الإسرائيلية" عن كل فلسطيني من سكان القدس الشرقية والأرض المحتلة عام 1948، يثبت إدانته بالقيام بعمليات مقاومةٍ "قومية" ضد أهدافٍ إسرائيليةٍ، وتريد بعد انتهاء فترة عقوبته في السجن أن تطرده من منطقة سكنه في "دولة إسرائيل" إلى سوريا ولبنان، أو إلى مناطق السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة.

 

كما ثبتت الأطراف المشاركة في الحكومة موقفها المؤيد لفرض عقوبة الإعدام، وتنفيذها فعلياً بحق أي فلسطيني أو عربيٍ يدان بقتل مستوطنين إسرائيليين.

 

وتريد الحكومة الإسرائيلية الجديدة تغيير شكل وهوية الأرض الفلسطينية، فهي تتطلع إلى تهويد الشطر الشرقي من مدينة القدس تهويداً كلياً، فلا أسماء عربية، ولا معالم إسلامية، ولا مقابر تاريخية، ولا مقدساتٍ دينية، والمسجد الأقصى الذي يعملون على إخضاعه بالكامل للسيادة الإسرائيلية، التي لا تعترف بمسؤولية وزارة الأوقاف الأردنية عليه، يريدونه مشاطرةً بين الفلسطينيين واليهود، دون تحديدٍ لمكانٍ أو زمانٍ يضيق عليهم حرية زيارة مقدساتهم في رحابه والصلاة فيها، فهو مفتوحٌ لهم على امتداده كله على مدى الساعة والأيام.

 

أما البؤر الاستيطانية المبعثرة على الأرض وفوق الجبال، فهي مستوطناتٌ قانونيةٌ مشروعة، تشق لها الطرق وتُعَبدُ، وتقدم لها الخدمات وتُيَسرُ، ويقوم الجيش على حمايتها، وتتعهد الحكومة بتمويلها وتوسيعها، وتحسين ظروف العيش فيها، وتزويد المستوطنين بما يلزمهم للحياة فيها.

 

تلك هي الحكومة الإسرائيلية الحالية، وهذه بعض أهدافها، وما تخفيه في جعبتها أكثر، وما تنوي فعله أخطر، لذا فإن مقاومتها واجب، والتصدي لها فرض، وإفشالها نصرٌ، وإحباطها هزيمة للمشروع الصهيوني وإنهاءٌ له، والمسؤولية في ذلك فلسطينيةٌ عربيةٌ، وربما أمميةٌ إسلامية، وإن الذي هزم من سبقها ومرغ أنف من جعجع قبلها، قادرٌ بإذن الله على هزيمتها وكسر شوكتها، وإجبارها على التفكك والرحيل.

 

بيروت في 22/1/2023

moustafa.leddawi@gmail.com

--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To unsubscribe from this group and stop receiving emails from it, send an email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
To view this discussion on the web visit https://groups.google.com/d/msgid/alfikralarabi/CA%2Bk3OjhMunL-yq84jDRhDw_HQEtC%3DqJG6xwNU0sjgYujRNJ2Jg%40mail.gmail.com.

Friday 20 January 2023

{الفكر القومي العربي} الحرية لأفيرا منغيستو والموت للمعتقلين الفلسطينيين

الحرية لأفيرا منغيستو والموت للمعتقلين الفلسطينيين

بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

هذا هو لسان حال الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية ومعهم عدد غير قليلٍ من القتلة المجرمين، الظالمين المعتدين، الذين يراؤون ويكذبون، ويتآمرون ويغدرون، ولا يستحون ولا يخجلون، ولا يقيمون وزناً للعدل ولا قدراً للحق، ولا يحترمون المواثيق ولا يلتزمون بالقوانين، ولا يبالون بالرأي العام ولا يهمهم مزاج الشعوب، بل لا تعنيهم حياة البشر ولا مستقبل الإنسان، فتراهم يقلبون الحق باطلاً والباطل حقاً خدمةً لمصالحهم، وتوظيفاً لمنافعهم، ويستخدمون المفردات التي تحلو لهم وتخدمهم، ويطلقون الأوصاف التي تعجبهم وتنفعهم، ويحرمون ضحاياهم المظلومين من حقوقهم المشروعة، ويعيبون عليهم مقاومتهم والتصدي لسياساتهم، ويمنعونهم من الشكوى والتذمر، أو الاعتراض ورفع الصوت.

 

إنهم أولئك الذين يصفون أفيرا منغيستو بالمظلوم، ويحزنون لحالته ويتألمون لمعاناته، ويتضامنون مع أهله وعائلته، ويواسون أمه ويزورونها، ويشدون على يد أخيه ويعزونه، ويقولون عنه بأسى إنه يعاني في سجون "حماس" ويعذب، ويقاسي فيها ويتألم، وأنه قد مر على حجز حريته أكثر من ثماني سنواتٍ، لم تتمكن خلالها عائلته من زيارته، ولم تستطع الهيئات ومنظمات حقوق الإنسان واللجنة الدولية للصليب الأحمر من مقابلته والاطمئنان عليه، والاستماع إليه وسؤاله عن حالته الصحية وحاجاته الشخصية، وهو الأمر المنافي لحقوق الإنسان وشرائعه الدولية، مما يزيد في معاناته وأهله، ويعرض حياته للخطر وللإصابة بالأمراض النفسية.

 

إنهم أناسٌ مرضى مهووسون، يظنون أن العالم سيصدقهم وسيقف معهم، وسينصرهم وسيساعدهم، وسيضغط لصالحهم على المقاومة في قطاع غزة لتفرج عن معتقلهم، الذي يلقى من المشرفين عليه والمكلفين بحمايته وحراسته كل رعايةٍ واهتمامٍ، فهو في مكانٍ آمنٍ، ويتلقى رعايةً صحيةً جيدةً، ويهتم حراسه بأمنه وسلامته وراحته وحاجاته الشخصية، ولا يضيقون عليه ولا يعذبونه، ولا يحققون معه ولا يستجوبونه، ولا يداهمون غرفته ولا يقمعونه، ولا يوقظونه فجراً ولا يحرمونه النوم ليلاً، ولا يصادرون أغراضه ولا يبعثرون ثيابه، ولا يحطمون متاعه ولا يدوسون فراشه، ولا يصادرون أقلامه ويمزقون أوراقه.

 

إنه الفيديو القصير الذي نشرته كتائب الشهيد عز الدين القسام عن أفيرا منغيستو، ففضح الحكومة الإسرائيلية، وأحرج الأجهزة الأمنية، وكشف ضعف قادة جيش الاحتلال وكبار ضباطه، الذين عجزوا جميعاً حتى اليوم عن الإفراج عن مستوطنيهم واستعادة جثامين جنودهم، ومعرفة مصير مفقوديهم، رغم الحروب المتكررة التي شنوها على قطاع غزة، والجهود الأمنية المهولة التي بذلوها وهم يبحثون عنهم، ويوسطون الدول والمنظمات الدولية لمعرفة أخبارهم، والضغط على قوى المقاومة للإفراج عن الأحياء منهم وإعادة جثامين القتلى منهم.

 

نسي العدو الإسرائيلي أنه يحبس حرية أكثر من سبعة آلاف فلسطيني وفلسطينية من مختلف الأعمار، ويعتقل كل يوم عشراتٍ آخرين، ويحكم عليهم بالسجن مدداً طويلةً جداً وبالمؤبد أكثر من مرةٍ، ويعيد اعتقال من يفرج عنهم، وفي سجونه التي تشبه الباستيلات المحصنة في بنائها، يسوم الأسرى والمعتقلين سوء العذاب، ويضيق عليهم ويبطش بهم، ويخنقهم ويحرمهم من كل شيءٍ، ويمنع زيارتهم ويحول دون تواصلهم مع أسرهم وعائلاتهم، ويبتدع في كل يومٍ وسائل جديدة وسبل مختلفة لتعذيبهم والتضييق عليهم.

 

رغم جرائم العدو الموصوفة ضد الشعب الفلسطيني وأسراه، فقد استصرخ دول العالم وقادته لنصرته ومساعدته، والعمل على بذل أقصى الجهود لطمأنة عائلات جنوده المفقودين ومستوطنيه المحتجزين، فقامت مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية ليندا توماس بوضع قضية منغيستو والجنود الإسرائيليين المفقودين على جدول أعمالها في الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، لحث دول العالم على القيام بدورهم "الإنساني" لضمان الإفراج عن المفقودين الإسرائيليين.

 

وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية قد أرسل سكرتيره الأمني الخاص لزيارة عائلة منغيستو وطمأنتها، وكلف مكتبه بتخصيص فريق طبي لمتابعة حالة والدته الصحية والنفسية، ومساعدتها في هذه المحنة "الإنسانية" التي تمر بها، ووعد بالعمل بكل السبل الممكنة لضمان الإفراج عنه وعن جميع المفقودين، وخصص جزءً من لقائه مع رئيس أركان جيشه الجديد هارتسي هاليفي لتكثيف الجهود لوضع نهاية "غير مؤلمة" لملف المفقودين، في إشارة إلى رفض الحكومات الإسرائيلية إجراء صفقة تبادل "محترمة وعادلة" مع المقاومة الفلسطينية.

 

عجيبٌ أمر هذا العدو الصهيوني وحلفائه، وغريب تفكيرهم وأعوجٌ منطقهم، تقوم دنياهم ولا تقعد من أجل معتقلٍ واحدٍ أو أكثر من جنوده ومستوطنيه، بينما ينسى جرائمه الموصوفة ضد آلاف الأسرى والمعتقلين، ويقوم وزير الأمن القومي الجديد، الصهيوني اليميني المتطرف إيتمار بن غفير في أول أيام عمله في وزارته، بزيارة معتقل نفحة الصحراوي، الذي يقبع فيه مئات الأسرى الفلسطينيين في ظل أسوأ الظروف وأقساها، ليطمئن إلى أنهم لا يتمتعون بأي امتيازات، ولا يتلقون أي معاملة لطيفة، وأنهم يخضعون لنظام تعذيبٍ وتضييقٍ يومي يليق بهم.

 

إزاء منطقهم العجيب يقول الفلسطينيون لهم، الحرية لأسرانا أولاً، وسلامتهم ورفع الأعباء عنهم، والتوقف عن التضييق عليهم وتعذيبهم، مقابل حرية مستوطنيهم واستعادة جثامين جنودهم، ولا يحلمون يوماً أنهم سيحققون حرية مجرميهم دون أثمانٍ يدفعونها، وتبادلٍ يخضعون له، وأسماء كبيرة يوافقون عليها، وشروطٍ مكفولةٍ يلتزمون بها، ولا جديد يبرم معهم قبل الوفاء بالقديم الذي نكثوه، والعودة إلى شروط صفقة الوفاء الأولى التي خالفوها، فهي البوابة والمفتاح، وهي النموذج والمثال.

 

بيروت في 20/1/2023

moustafa.leddawi@gmail.com

--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To unsubscribe from this group and stop receiving emails from it, send an email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
To view this discussion on the web visit https://groups.google.com/d/msgid/alfikralarabi/CA%2Bk3OjhRTsY7u%3Dr%2BL%3DY9JQN_pGd49VoQTWjXiTug3_gORt9dZg%40mail.gmail.com.

Wednesday 18 January 2023

{الفكر القومي العربي} اقتحامات إسرائيلية متنوعة ومنهجية عدوانية موحدة

اقتحامات إسرائيلية متنوعة ومنهجية عدوانية موحدة

بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

تتعدد جرائم الاقتحام الإسرائيلية وتتنوع، وتختلف أشكالها وتتكرر، وتتباين حدتها وتتطرف، ويكثر الداعون إليها والمنظمون لها، ويزداد المشاركون فيها والمؤيدون لها، وترعاها الحكومة وتحميها الشرطة، ويُؤَمِن الجيش لها الطريق ويضمن سلامة المستوطنين، ويطلق جنوده النار على الفلسطينيين ويقتلهم، والقنابل المسيلة للدموع ويخنقهم، ولا يتردد في الاعتداء عليهم واعتقالهم، دون تمييزٍ بينهم أو تحييدٍ لبعضهم، في صيرورةٍ من العدوان لا تنتهي، وإصرارٍ على البغي لا يتوقف، وكأنهم في سباقٍ مع الزمن ضد كل ما يتعلق بالفلسطينيين ويرتبط بهم، ورغم سلاحهم الفتاك وتفوقهم اللافت فإنهم يخافون الفلسطينيين ويخشون مواجهتهم، ويلجأون إلى القوة وكثافة النيران لصدهم وإرهابهم، ومنع مقاومتهم وكسر إرادتهم.

 

لا تقتصر عمليات الاقتحام الإسرائيلية على المسجد الأقصى وباحاته، وإن كانت هي أشهرها وأكثرها، ومحل اهتمامهم ومنطلق أطماعهم، إذ إنهم يتطلعون إلى السيطرة عليه والتحكم فيه، ومقاسمة الفلسطينيين أماكنه ومزاحمتهم أوقاته، وتغيير معالمه وتبديل حقائقه، وتزوير واقعه وتحريف حكايته، وصولاً إلى هدمه من أساسه، وإنهاء وجوده وإزالته من مكانه، تمهيداً لبناء الهيكل الثالث المزعوم مكانه، واستعادة مُلك سليمان وهيكله، وتابوت موسى وعصاه، وفي سبيل ذلك فإنهم لا يتوقفون عن عمليات الاقتحام المحمومة، ولا تقوى القوانين الدولية على ردعهم، ولا يستطيع المجتمع الدولي منعهم، بل يساعدهم بالسكوت عنهم، ويشجعهم بصمته على المزيد من جرائمهم.

 

لا تقل أشكال الاقتحام الإسرائيلية الأخرى عنفاً وشدةً، وقسوةً وعدواناً، وحقداً وغدراً، وظلماً وإرهاباً، فهم يعتدون بصورةٍ يوميةٍ دائمةٍ ومنتظمة على الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل، الذي لم يعد فيه موطئ قدمٍ للفلسطينيين، ولا موضع لسجود المسلمين، إذ سيطروا على أغلب مساحته، وتحكموا في المصلين فيه والداخلين إليه، وأخضعوا محاريبه ومنابره لقرارهم، ومنعوا الأذان إلا بإذنهم، وأدخلوا إلى باحاته زانياتهم وغانياتهم، وعاثوا فيه فساداً رقصاً وصخباً، وعقدوا فيه حفلات قرانهم وختان أطفالهم، وزرعوا فناءه بمقاماتهم، وزوروا شواهدها بأسماء أنبيائهم وزوجاتهم، وأسماء ملوكهم وقادة جيوشهم.

 

أما قبر يوسف في مدينة نابلس فهو وجهتهم وقبلتهم، وهدف عدوانهم اليومي واقتحامهم المتكرر، يقصدونه بالمئات، ويزحف نحوه المستوطنون، ومعهم الجنود وعناصر الأجهزة الأمنية، التي لا يعنيها غير حماية المستوطنين وإسنادهم، بينما يقتحمون فناءه، ويؤدون فيه طقوسهم الدينية التي لا تخلو أبداً من الدماء الفلسطينية النازفة، حيث يستشهد أمامه وخلال الدفاع عنه وصد جموع المستوطنين عنه شبانٌ فلسطينيون، يافعون وبالغون، ومعهم شيوخٌ ومسنون، وغيرهم ممن يهبون للدفاع ويسرعون للصد والمواجهة، غير آبهين بقوة العدو واستعداداته، وسلاحه وتجهيزاته.

 

كما أن مقابر الفلسطينيين الإسلامية والمسيحية كلها فهي محل أطماع الإسرائيليين وعدوانهم، إذ يرونها أرضاً خاليةً يحتاجونها، ويخططون لجعل بعضها حدائق ومنتزهات، أو قضمها بشق الطرق فيها وتوسيع الشوارع بها، فما سلمت منهم مقابر القدماء ولا مدافن المعاصرين من أبناء القدس المسيحيين والمسلمين، فكانت مقبرة مأمن الله عنواناً مستمراً لعدوانهم، ومحطَ أطماعهم، في الوقت الذي يحاولون فيه طمس معالمها، وتزوير شواهدها، وإضفاء الصفات اليهودية على بعضها.

 

أما ما يتعلق بحياة الفلسطينيين اليومية ويمس عيشهم وحاجتهم، ويسد رمقهم ويطعمهم، ويحافظ على كرامتهم ويؤويهم، فإن سلطات الاحتلال تضعها في مقدمة أولوياتها اليومية وأنشطتها العدوانية، فهي تقتحم البيوت الآمنة، تخربها وتعيث فساداً فيها، وتمزق أثاثها وتحطم ممتلكاتها، وقد تقتل أهلها وتخرج منها ساكنيها، وتدمرها أمام عيونهم وتنسفها وهم ينظرون إليها.

 

وكذا الحال مع البساتين والحقول، والأشجار والمزروعات، وخاصةً أشجار الزيتون الشاهدة على وجود الفلسطينيين وعمق انتمائهم إلى أرضهم وبلادهم، التي تصبغ الأرض بهم وتنسبها إليهم، فإنهم يحرقونها أو يقتلعونها من جذورها، ويجرفون أرضها أو يفتحون المياه العادمة عليها وعلى مختلف البساتين، لتغرق مزروعاتهم وتلوثها بقاذوراتهم ومخلفاتهم، بما لا يجعلها وثمارها صالحة أو مفيدة، ويقوم بهذه العمليات الاستفزازية المستوطنون والمتطرفون القوميون والدينيون على السواء، بينما ترعاهم الحكومة ويحميهم الجيش.

 

عاد الإسرائيليون إلى عهد العصابات الصهيونية الأولى، شتيرن والأرجون والهاجاناة، التي كانت تعتدي على الفلسطينيين وممتلكاتهم، وتجتاح بيوتهم وحقولهم وبساتينهم، وتدنس مقدساتهم وتنتهك حرمة مساجدهم، وتسمم مياههم وتردم آبارهم، وكأنهم جميعاً قد تعاهدوا على إعلان الحرب على هذا الشعب، وتواصوا على المضي في مسلسل الاقتحامات والانتهاكات، ظانين أنهم بهذا سيصلون إلى أهدافهم، وسيجبرون الفلسطينيين على التسليم بمخططاتهم، والقبول بواقعهم، وما علموا أن الفلسطينيين قد تعاهدوا قبلهم، وأعطوا الله عز وجل وشعبهم وأمتهم موثقاً لا يخلفونه ولا ينكثونه، أن يدافعوا عن أرضهم حتى التحرير، وأن يقاتلوا في سبيلها حتى التطهير، وأن يتمسكوا بها مهما علت الكلفة وعظمت التضحية.

 

بيروت في 18/1/2023

moustafa.leddawi@gmail.com

--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To unsubscribe from this group and stop receiving emails from it, send an email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
To view this discussion on the web visit https://groups.google.com/d/msgid/alfikralarabi/CA%2Bk3OjhksNDTMno9oCc6j8iJ4chFHv%2BeJRY-2TZDhcs%3D_uz_ag%40mail.gmail.com.

Saturday 7 January 2023

{الفكر القومي العربي} اقتحام بن غفير للمسجد الأقصى قديمٌ منظمٌ وجديدٌ مُشَرَّعٌ

اقتحام بن غفير للمسجد الأقصى قديمٌ منظمٌ وجديدٌ مُشَرَّعٌ

بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

من يعرف إيتمار بن غفير كان يدرك تماماً أنه سيقدم على اقتحام المسجد الأقصى المبارك، وسينتهك حرمته، وسينفذ تهديداته، وسيستمر في إطلاق وعوده، وسيواصل تصريحاته الحمقاء ومواقفه الاستفزازية الخرقاء، وسيصر على سياسته الغبية وأفكاره العنصرية المتطرفة، ولن يغيره المنصب أو تعقله المسؤولية، ولن يردعه المجتمع الدولي ولن تخيفه أصوات المعارضة، ولن يلجمه نتنياهو، ولن يضغط للتأثير عليه أو تغيير رأيه، بل سيبقى كما عرفناه أهوجاً مضطرباً، عنصرياً متشدداً، يظن نفسه أنه الأقوى، وأن أحداً لن يرده أو يقوى على صده، فهو يعتمد على القوة العمياء والعنف الأهوج، التي لن تنفعه كثيراً ولن تبقيه أبداً، مهما ظن أنه الأقوى والأقدر، فهو كالثور المذبوح، يرغي ويزبد والدماء تنعب من شرايينه وهو في طريقه إلى السقوط النهائي لا محالة.

 

لا جديد في اقتحام بن غفير للمسجد الأقصى المبارك سوى أنه أصبح وزيراً في الحكومة الصهيونية الجديدة، فهو قد اعتاد على محاولات اقتحام باحات المسجد الأقصى، وكان ينظم الكثير منها ويدعو إليها ويعلن بتبجحٍ وتحدي عن مواعيدها، ويطالب المستوطنين بتأييده ومشاركته فعالياته الاستفزازية، وكانت الشرطة والأجهزة الأمنية الإسرائيلية تتابع نشاطه وترصد تحريضه، وتعرف مواعيده، بل وتواكبه عند الاقتحام وتحميه أثناء التجوال، وتيسر الطريق له وتسهل مهمته، وتصد الفلسطينيين إن حاولوا منعه، وتعتقلهم وتطلق النار عليهم، وتتهمهم بأنهم من بادر بالاعتداء وعرضوا حياة المستوطنين للخطر.

 

الجديد في غزوة بن غفير القصيرة السريعة، التي جرت خلسةً ونفذت على عجلٍ وباضطرابٍ في غير موعدها، أنه بات في قمة السلطة وصاحب القرار الأول في تقنين الاقتحامات وتنظيم الاعتداءات على المسجد الأقصى المبارك، فهو وزير الأمن القومي "الداخلي"، ما يعني أنه قائد الشرطة والمسؤول عن الأمن والحماية، والمعني بأذونات الموافقة وقرارات الرفض، والمسؤول عن الطرد والإقصاء، والمنع والحرمان وتنفيذ الاعتقالات وفرض الإقامات الجبرية المنزلية والمناطقية، حيث تخضع القدس وأحياءها والمسجد الأقصى وبواباته لسلطة الشرطة التي تخضع لتعليماته وتأتمر بأوامره، وتنفذ برامجه، ولا تستطيع الاعتراض على سياسته.

 

هذا يعني أننا قد نشهد في الأيام القادمة اقتحاماتٍ جديدةً ومحاولاتٍ أخرى كثيرة للاعتداء على حرمة المسجد الأقصى المبارك، طالما أن بن غفير قد أصبح هو المقنن والمشرع، وصاحب السلطة ومالك القرار، وشريكاً في الحكومة وعضواً في الكابينت، علماً أن من سبقه كانوا مثله لكن بنعومةٍ وهدوء، حيث كانوا يسهلون له ولغيره عمليات الاقتحام بسريةٍ وصمتٍ، ودون جلبةٍ أو فوضى، أو تصريحاتٍ ووعودٍ وتهديدات، لكن بن غفير يتطلع إلى المجاهرة والإعلان، والإصرار والتكرار، لكي الوعي الفلسطيني والعربي والإسلامي، وتعويدهم على يوميات الاقتحام ومواقيت الصلاة، وجداول الطقوس وهيئات العبادة.

 

بالعودة إلى سجل بن غفير الشخصي الذي يفاخر به ولا يخفيه، ويعلن عنه ويتمادى فيه، فسنجد أنه ينتمي إلى تنظيم "كاخ" الإرهابي فكراً، ويتخذ من زعيمه مائير كهانا مرشداً روحياً له، ويتبنى أفكاره ويعلق صوره ويحيي ذكراه، ويمجد باروخ جولدشتاين منفذ جريمة مجزرة الحرم الإبراهيمي عام 1994، ويعتبره بطلاً قومياً ومخلصاً دينياً، ويرى أن مقتله كان جريمةً كبيرة، وسُبةً ولعنةً وعاراً على الجنود الذين أطلقوا النار عليه، وأنه يجب إعادة الاعتبار له وتكريمه، والاعتذار إلى عائلته وتعويضه، ولعله أسوأ من الاثنين وأكثر عنصريةً منهما، وأشد فحشاً وأكثر دموية، وأوقح أسلوباً وأرعن سلوكاً، فهو مصرٌ بسياساته ومواقفه، وتصريحاته وممارساته، على وصل الماضي الإرهابي بالحاضر الأسوأ.

 

أمام هذا الواقع الذي قد يستجد ويتكرر، ويتقنن ويتشرع، ويصبح أمراً واقعاً وحدثاً مألوفاً، ينبغي أن يكون أولاً للفلسطينيين موقفهم الصارم والواضح، كموقفهم في مواجهة البوابات الإليكترونية وإغلاق بوابات الحرم، حيث أجبروا سلطات الاحتلال ورئيس الحكومة نفسه نتنياهو على التراجع والانكفاء، وفتح البوابات وإزالة المعدات.

 

كما يجب على العرب والمسلمين جميعاً، أنظمةً وشعوباً، حكوماتٍ ومنظماتٍ، أن يكون لهم موقفهم القومي والديني إزاء العدوان الجديد، ومواجهته بكل السبل الممكنة للجم العدو وكبته، وإعلامه أن القدس كما المسجد الأقصى عقيدةً دينيةً، وآياتٍ قرآنية، لا يمكن العبث بها أو التساهل فيها، وإلا فإن للفلسطينيين كامل الحق في أن يردوا على ممارسات الاحتلال بمقاومتهم، وأن يجبروه بالقوة على التراجع، وشعبنا على ذلك قادر، وعلى حماية حقوقه ومقدساته ماضٍ مهما كلفه ذلك شهادةً واعتقالاً، وتضييقاً وحصاراً، وحرباً وعدواناً.

 

بيروت في 7/1/2023

moustafa.leddawi@gmail.com

--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To unsubscribe from this group and stop receiving emails from it, send an email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
To view this discussion on the web visit https://groups.google.com/d/msgid/alfikralarabi/CA%2Bk3Oji0ueYMQw8hYji%2BB9ALU%2BnJWp3GLiCyqud%3DH%2BBPEDQkgw%40mail.gmail.com.