Saturday, 21 March 2020

{الفكر القومي العربي} article

 

السؤال الأبدي : هل الدجاجة من البيضة أم البيضة من الدجاجة ؟!

صباح علي الشاهر

 

 

هل السياسيون الإسلاميون أو من زعموا تحولهم من دعاة إلى ساسة، و من جلوس القرفصاء في الجامع إلى كراسي السلطة الوفيرة ، سنة وشيعة هم لوحدهم الفاسدون فقط ، أم الفساد يشمل طيفاً واسعاً من الفاسدين المفسدين ، ممن جاؤا مع المحتل أو إلتحقوا به فيما بعد ؟

خروج رجل الدين ، أي دين ، من المعبد أو الكنيسة أو الجامع والدخول في دهاليز السياسة ، يستوجب خروجه من  مفهوم الداعية ، وما يتطلبه هذا من هداية وإرشاد ونصح ، إلى مفهوم رجل السلطة ، بكل ما في السلطة من متطلبات أغلبها يتنافى مع روح أي دين سماوي أم غير سماوي ، هذا الإنتقال من رحاب الدين إلى رحاب السياسة يُسيء للدين ، ولا يضيف للسياسة شيئاً ، سوى مزيد من الفساد المتلفع بعباءة المقدس ، وهو كتحصيل حاصل سيسيء للمقدس ، وبالضرورة سيجعل (رجال الدين) مثار سخرية المسحوقين والمهمشين ، وهم عماد وإحتياطي أي دين أو حركة دينية ، أما بالنسبة للمثقفين فسيكون (رجال الدين) مادة للتندر والإستهزاء ، وكما هو حاصل الآن .

من المؤكد أن الساسة المتلفعين برداء الدين بعد الإحتلال تفوقوا على سواهم من الحكام السابقين في الفساد والنهب والإحتيال ، وبذا حكموا على تجربتهم بالفشل الآن وفي الغد، ولكن هل هذا الذي يزعق ضد الفاسدين الشيعة والسنة ، يجهل بيئة الفساد ، ومُسببيه أم يتجاهل السبب الحقيقي لأمر في نفس يعقوب؟

يخيل لي أن المنتمين للأحزاب الفاشلة بعد أن تجاوزتهم الأحداث ،  وجدوا في رفع شعار معاداة الإسلام الشيعي والسني تعويضا عن النضال الطبقي أو القومي ، متصورين أن هذا الموقف اللفظي من فساد الأحزاب الإسلامية يعفيهم من مراجعة تأريخهم القديم والجديد وإصلاح الأخطاء الكارثيه التي وقعوا بها، والتي تسببت في دمار الوطن .

هل حشدت أمريكا المعارضة الإسلامية ، أم أنها حشدت المعارضة العلمانية ، واليسارية تحديداً ، قبل أن تفلح في إلحاق الإسلاميين ، سنة وشيعة بركابها؟

هل كان مجلس الحكم إسلاميا ، وهل كانت حكومة إبريمر إسلامية ؟

من هو أول رئيس وزراء في ظل الإحتلال ، ألم يكن علمانياً ، معاديا للإسلاميين ، ومتأمركاً حتى العظم ؟

من هو أول رئيس جمهورية ؟ أولم يكن أمريكيا ، عشائريا ، سعودياً ، لا علاقة له بالحركات الإسلامية ، ورئيس الجمهورية الثاني أولم يكن من الإشتراكية الدولية ، وتقلد المنصب من بعده (كادر) من كوادر حزبه ، ثم آل المآل أخيراً إلى الرئيس البريطاني الحالي الذي لايمكن بأي حال وصفه بصفة الإسلاموي ؟

وبإستثناء شخصان تقلدا رئاسة البرلمان وهما محسوبان على الإسلام السني ، فإن من تقلد هذا المنصب فيما بعد شخصيات تعلن جهاراً عدائها للحركات الإسلامية، وتعتمد المال والعشيرة ، والأحزاب المدنية في تبوئها لهذا المنصب .

لقد تحول منصب رئاسة الوزراء لأول مرة إلى الأحزاب الشيعية منذ تسلم الجعفري رئاسة الوزراء ، ومن ثم المالكي ، والعبادي ، وعبد المهدي، الذي من المحتمل أن يكون آخر رئيساً للوزراء من الأحزاب الإسلامية الشيعية .

هل كان فساد وزراء المرحلة ما بعد الإحتلال هم وزراء الإسلام الشيعي أو السني ؟ ، أين نضع فساد وزير الدفاع حازم الشعلان الذي هرب بأكثر من مليار دولار ، وأين نضع فساد أيهم السامرائي الذي حكم بالفساد وأخرجته القوات الأمريكية عنوة من السجن بإعتباره مواطناً أمريكيا ؟، وماذا عن فساد القوات الأمنية التي إختارها المحتل وفرضها على السلطات الصورية ، وفساد الشرطة والقضاء ، وفضائح التعليم ، والإدارات المحلية في كامل العراق ؟، والوزارات التي تقلدها غير الإسلاميين ، وفساد الأحزاب الكردية ، والحكم العائلي في جمهوريتي كردستان شبه المستقلتين ؟

أهو من قلة الوعي ، أم أمراً مقصوداً رفع شعارات تحمل في طياتها مواصلة الإحتراب ، بحجة فساد الشيعة أو السنة ؟ ، وكل نهج طائفي هو فاسد بداهة، ولكن الأفسد لا يشار له ، ولا حتى إشارة خجولة  ، والأفسد  ، والذي هو الشر كله، الإحتلال الذي منح البلد ومقدراته لوكلاء إختارهم ، لا هم لهم سوى النهب  .

أولئك الذين إمتهنوا التبعية وبيع عرق الجبين مقابل حفنة من الدولارات تمنح لهم كأفراد  وجماعات ، وتنظيمات ، قبل الإحتلال وما بعد الإحتلال صدعوا رؤس الناس بكون العراق سيصبح منارة الشرق الأوسط في الرفاهية والديمقراطية والنمو المستدام بظل المحتل ، أليسوا هم مساهمين في هذا الخراب الذي لا مثيل له ، وهل يكفي يساري تناسى يساريته ، أو قومي تناسى شعاراته القومية ، أو بعثي سابق ، تناسى شعاره المثلث القاعدة ، هل يكفي هؤلاء سب الإسلام الشيعي والسني ، وهل يشفع لهم عدم إتخاذ موقف من أس الفساد والإفساد ، والسبب المباشر للكوارث التي أحاقت بالعراق  وما تزال؟  

 


No comments:

Post a Comment