Wednesday 27 March 2013

Re: {الفكر القومي العربي} استلهام التراث المعتزلي لعقلنة الخطاب الديني/ مجدي ممدوح

اشكلاك على هذا الماقل
و يحتاج الى تفكيك و اعادةتعريف عميق للمفردجات و الا تهنا مرة اخرى
Regards
K Safwat
Founder Oxford Friends of Gaza:

--- On Mon, 18/3/13, arab lotfy <arabl@yahoo.com> wrote:

From: arab lotfy <arabl@yahoo.com>
Subject: {الفكر القومي العربي} استلهام التراث المعتزلي لعقلنة الخطاب الديني/ مجدي ممدوح
To: "gnaa@yahoogroups.com" <gnaa@yahoogroups.com>, "alfikralarabi" <alfikralarabi@googlegroups.com>, "alhakeika group" <alhakieka@yahoogroups.com>, "arab nationalist" <arab_nationalist@yahoogroups.com>
Date: Monday, 18 March, 2013, 15:08



استلهام التراث المعتزلي لعقلنة الخطاب الديني
 
بقلم:  مجدي ممدوح


التراث المعتزلي العقلاني، ربما يكون هو الحلقة الأكثر إشراقا في صيرورة العقل العربي، وهذه الحلقة لا زالت حتى اللحظة مثار اهتمام أصحاب المشاريع الفكرية والحضارية ودعاة الإصلاح الديني، وتكمن أهمية المعتزلة في تراثنا العربي، كونهم التيار العقلاني الوحيد (من داخل المؤسسة الدينية) والذي يمتلك أدوات منضجة في مقاربة القضايا الاجتماعية والسياسية والعقدية، إن عقلنة الخطاب الديني أصبحت اليوم من أخطر المهام التي تواجه القوى التقدمية في مجتمعاتنا العربية، ومن الملاحظ أن مطالب الإصلاح الديني التي درجت هذه القوى على المناداة بها وعلى غرار الإصلاح الديني الأوروبي قد تراجعت قليلا وأصبحت مطالبها أكثر تواضعا في إضفاء نوع من العقلنة على خطابنا الديني، ونحن نلحظ أن الخطاب المعتزلي يلقى اليوم قبولا ضمن أطياف الخطابات التقدمية في حركات التحرر العربي، و نلحظ ان لائحة القومي العربي مثلا قد خصصت حيزا دائما تحت عنوان (المعتزلة قادمون) ضمن منشوراتها اليومية، كما أننا لاحظنا محاولات لإعادة الاعتبار لعلم الكلام والذي هو منتج معتزلي، ولقد تم عقد ندوة مشتركة بين الأزهر والجمعية الفلسفية المصرية تحت عنوان (نحو علم كلام معاصر)، كما أن العديد من فلاسفة ومتفلسفي العرب لديهم تصورات وطموحات في إعادة إحياء علم الكلام المنقرض.

علينا التفريق -ومنذ البدء- بين علم الكلام والفلسفة، هنالك فروقات جوهرية بين المتكلمين والفلاسفة في تراثنا العربي الإسلامي، علم الكلام نشأ نشأة عربية خالصة بوصفه اشتغالات على النص القرآني بالدرجة الأساس، وعلى نصوص الأحاديث بدرجة أقل، وقد كان الهدف منذ البدء، هو تقديم تأويل عقلاني لهذه النصوص حتى تصبح متوافقة مع العقل المتطور الديناميكي المواكب لتطور المجتمع، إن ثبات النص مسألة مسلم بها، ولم تكن مثار جدل في أية حقبة من حقب التاريخ العربي الإسلامي، ولكن هذا الثبات لم يكن مجانيا دائما، بل رافقته معارك وسجالات فكرية أخذت في الغالب طابع التأويل النصي كمخرج مقبول لدى كافة الأطراف.

المشروع الحضاري العربي، وكما أجمع كافة الدارسين لهذا المشروع، هو مشروع قائم على النصوص، لقد انبثق هذا المشروع وتبلور من النص القرآني والذي يعتبر نصا مؤسسا لمشروعنا الحضاري، ثم توالى إنتاج النصوص في حضارتنا والمستندة على النصوص المؤسسة (بكسر السين)، حضارتنا العربية الإسلامية حضارة نصوص بامتياز، وهذا نابع من حقيقة أن مشروعنا هو مشروع أخلاقي في منطلقاته وأهدافه وغاياته، وهنا نستطيع القول أن هذا المشروع قد بدأ بداية غير تقليدية، أو انه ابتدأ بطريقة مقلوبة، المشاريع الحضارية في العادة تبدأ بالنتاج المعرفي، ثم يتطور هذا النتاج المعرفي ليصنع شكلا من أشكال التمدن ليصار بعدها إلى البحث الدؤوب عن منظومة أخلاقية تصلح كصمغ لاصق للمجتمع، لقد بدأ اليونانيون مثلا بإنتاج المعارف والعلوم الرياضية والتي مهدت الطريق لنشوء وتطور الفلسفة، ومن الملاحظ أن مبحث الأخلاق جاء في فترات متأخرة نسبيا في سياق التمدن اليوناني، ونستطيع أن نسوق الحضارة الرومانية أيضا كمثال على ذلك، فبعد أن نمت الإمبراطورية الرومانية وبلغت درجة رفيعة من التمدن والقوة استوردت الدين المسيحي من الشرق، لحاجتهم الماسة إلى ايدولوجيا تشكل صمغا لاصقا لمجتمعاتها، وكذلك دولة الخزر المتعاظمة التي استوردت الدين اليهودي لنفس الأسباب، بعد أن درست كافة الأديان واكتشفت أن هذا الدين يناسب قومها كمجموعة محاربة تبحث لها عن مكان بين الأمم.

وإذا انتقلنا إلى المشاريع الفكرية للفلاسفة، فإننا نجد ان كافة الفلاسفة ابتدأوا مشروعهم بالنتاج الفلسفي المعرفي النظري، ثم نجدهم بعد أن يطمئنوا إلى جودة نتاجهم النظري كما ونوعا، ينتقلون إلى إنتاج المنظومات الأخلاقية، لقد أنتج عمانوئيل كانط أسفاره الخالدة في نقد العقل مبتدئا بنقد العقل الخالص، والذي ضمنه مشروعه الابستمولوجي، ثم نقد العقل العملي، والذي ضمنه مشروعه الأخلاقي، ثم نقد ملكة الحكم والذي ضمنه مشروعه الجمالي، وكذلك سبينوزا الذي أنتج كتابه الموسوم «رسالة في اللاهوت والسياسة» بعد أن وضع مؤلفه النظري في شرح الفلسفة الديكارتية، وأفلاطون أيضا جاءت مدينته الفاضلة كنتاج متأخر زمانيا عن محاوراته الفلسفية الخالصة، حتى ميشيل فوكو تدرج في مؤلفاته النظرية من «تاريخ الجنون» ثم «الكلمات والأشياء» وكذلك «الاركيولوجيا»، لينتهي بمشروعه الأخلاقي العملي الموسوم «المراقبة والمعاقبة»، أرجو أن أكون قد قدمت أدلة كافية حول أسبقية النتاج المعرفي في المشاريع الحضارية والمشاريع الفلسفية.

هذا هو قدرنا نحن العرب، أن يبدأ مشروعنا أخلاقيا خالصاً في انطلاقته وغاياته وأهدافه، وقبل أن تتاح لنا الفرصة لمراكمة النتاج المعرفي، وهذا المعلم المهم هو الذي جعل من حضارتنا حضارة نصوص، لأن المشروع الأخلاقي لا يمكن أن يتقوم بذاته وتصبح له كينونة دون النصوص، وهكذا لم تجد الثقافة العربية أمامها غير النصوص لكي تشتغل عليها، هكذا نشا علم الكلام مستندا إلى الكلام الإلهي، يدور في فلكه ويتمثل آلياته واشكالياته ودلالاته ومعانيه.

الفلسفة العربية الإسلامية نشأت في خط مواز ومستقل تماما عن علم الكلام، وجاءت متأخرة زمانيا، لقد تم استيراد الفلسفة اليونانية في عهد المأمون ولأسباب سياسية بحتة، ولم تنشأ الفلسفة في البيئة العربية كما نشأ علم الكلام، لقد أمر الخليفة المأمون وعلى نحو مفاجئ باستيراد فلسفة أفلاطون وأرسطو وترجمتها إلى اللغة العربية، وتتناقل كتب السير أن ذلك كان بسبب حلم رآه المأمون، وأرى أن قصة الحلم هذه قصة مختلقة، لان الدوافع لاستيراد الفلسفة كانت متعددة وقوية ولا يمكن ردها إلى مجرد حلم، وحلم المأمون يشبه تفاحة نيوتن، والتي اعتبرها دعابة لا أكثر، لان هاجس الجاذبية وأسرارها لدى نيوتن لا يحتاج إلى سقوط تفاحة، وكذلك حوض أرشميدس، المأمون كان يواجه تيارات عديدة تهدد الدولة العباسية، من خلال تهديدها للعقيدة الدينية التي قامت عليها شرعية الدولة العباسية، كان هنالك الدهريون والملاحدة والذين يتوافرون على مهارات عالية في الحجاج العقلي جعلت متكلمي الإسلام يقفون عاجزين أمام هذا السيل من النقد والتقويض الذي يواجهه دينهم وعقيدتهم، بالإضافة للمانوية والغنوصية، والأخطر من بين هؤلاء جميعا كانت الفرق الشيعية الامامية التي استطاعت بطرقها الباطنية المستوردة من الفلسفة الأفلاطونية المحدثة التي تبلورت في مدرسة الإسكندرية، من إقامة المذهب الشيعي الامامي على أسس فلسفية متسقة وتمتلك قدرا كبيرا من الجمال، ولقد اتضح أن رسائل إخوان الصفا كتبت في وقت مبكر قبل أن يتم استيراد الفلسفة اليونانية العقلانية، لقد استورد المأمون العقل اليوناني الذي يؤمن بإله (وان كان يفترق في مواصفاته عن اله المسلمين) لمحاربة الإلحاد، كما استورد هذا العقل نفسه المؤسس على المنطق والرياضيات لمحاربة الفرق الغنوصية والباطنية، لقد أضحت الدولة العباسية في وضع لا تحسد عليه، لقد استطاع الإمام جعفر الصادق المؤسس الحقيقي للمذهب الشيعي الاثني عشري أن يحقق سيطرة ثقافية هائلة على شرائح المجتمع الإسلامي، وخاصة أنه ينحدر من نسل الرسول محمد، وبهذا فهو يتفوق في شرعيته الدينية على خلفاء بني العباس، الذين ينتمون إلى عم الرسول، علينا الانتباه أن الشرعية الدينية كانت هي مصدر كل الشرعيات بما فيها الشرعية السياسية، ضمن هذه الأجواء تم استيراد الفلسفة اليونانية وبذل الفلاسفة العرب جهودا متميزة في ترجمة وتبيئة المفاهيم اليونانية في البيئة العربية، وكانت النجاحات متفاوتة في هذا الجهد، وجرت محاولات كثيرة لتوطين الفلسفة في البيئة الإسلامية، ولكن علينا الاعتراف أن هذه الجهود لم يكتب لها النجاح، فلقد ظلت الفلسفة متأرجحة وعرضة للهجوم والتكفير من قبل مختلف القوى السياسية والمجتمعية، واستطاعت القوى المحافظة في حقب مختلفة من اقتلاع الفلسفة وعرقلة نشاطها كما هو الحال مع ابن رشد ونكبته المشهورة.

لعب المعتزلة دورا أساسيا في الدفاع عن الإسلام والقرآن ضد الملاحدة والدهريين والمانويين والفرق التي قدمت من بلاد الفرس، ويبدو أن تلك الفرق كانت تمثل مجتمعات لها قوة اقتصادية وسياسية لا يستهان بها، لقد سخر الفرس على وجه الخصوص من اله المسلمين الذي يمتلك يدا وعينا وإصبعا، والذي استوى على العرش، فكيف لإله لا مادي صرف أن يتصف بكل هذه الصفات الجسمية، ولقد انبرى المعتزلة وأداروا هذه السجالات بكل براعة ودراية، واستعانوا بالتراث البلاغي العربي لإثبات أن اليد لا تعني سوى القوة والعين لا تعني سوى الرعاية، والإصبع لا يعني سوى التدخل وان الاستواء الإلهي على العرش لم يكن استواء مكانيا، بل هو يعني الهيمنة، واستلهموا بيت الشعر الذي يقول: قد استوى بشر على العراق /من غير سيف او دم مهراق، للتدليل على أن العرب استخدمت الاستواء للدلالة على الهيمنة، واستلهموا المثل العربي الذي يقول: في كل أمر له إصبع، للتدليل على جواز استخدام الإصبع في مقام التدخل، لقد استخدم المعتزلة تقنيات التأويل لإنقاذ النصوص الدينية والتي تبدو ظاهريا وكأنها تتقاطع مع العقل والمنطق، ولقد أدار المعتزلة أهم معاركهم ضد التيارات الجبرية التي أشاعها الأمويون إبان خلافة معاوية، والتي تقول بأن كافة أفعال الإنسان هي أفعال مخلوقة من قبل الله ومفروضة على الإنسان، ولا خيار للإنسان فيها، وان أفعال القتل والنهب والزنا والظلم هي أفعال مقدرة من الله وان من الكفر أن نقف في وجه المشيئة الإلهية، وما دام الإنسان غير مسؤول عن أفعاله فان عقابه مرجأ الى يوم الحساب، وبهذا المنطق الفاسد سيطر الأمويون على الرعية وجعلوهم يسكتون عن مرتكبي الكبائر، وجاء المعتزلة كتيار عقلاني للرد على هذا المنطق المتهافت، والوقوف بوجه الآثمين الذين يعزون آثامهم الى الله وتقديره الأزلي، وأطلقوا مقولتهم الشهيرة عالية مدوية «أن الإنسان خالق أفعاله» وهو مسؤول عنها ويحاسب عليها بعقوبات دنيوية وأخروية، وبينوا فساد مذهب المرجئة، وحين أنكر عليهم الناس وصفهم للإنسان بأنه خالق أفعاله، كون صفة الخالق لا تليق بغير الله، استعانوا بالآية الكريمة التي تقول (ويخلقون إفكا) العنكبوت آية 17، بمعنى أن الإنسان يمكن أن يتصف بالخلق أيضا.

المعتزلة كانوا مدرسة في التأويل وهم أول من ادخل تقنيات تأويل النصوص للفكر العربي الإسلامي، وقد أخذ أغلب المؤولين لاحقا دروسهم الأولى في التأويل عن المعتزلة، يذكر قطب التأويل الحديث نصر حامد أبو زيد أنه تعلم التأويل من المعتزلة في البدء، أثناء تحضيره لرسالة الماجستير عن مذهب الاعتزال، لقد بقيت النصوص الدينية الإسلامية متوافقة مع العقل بفضل الجهد المعتزلي المتواصل، علما أن الاعتزال كان نهض من كبوته الأولى التي حصلت أيام الخليفة المتوكل وبعث ثانية إبان الخلافة البويهية، ولكن مع انقطاع المعتزلة وأفول نشاطهم، تفاقمت الفجوة بين العقل والنقل إلى أن وصلت حدا لا يطاق، مما دعا فيلسوف الأندلس ابن رشد إلى وضع مؤلفه الشهير(فصل المقال فيما بين الشريعة والحكمة من الاتصال)، ورغم أن العنوان يوحي بنوع من التوافق، إلا أن ابن رشد يعترف في هذا المؤلف انه لا يمكن التوفيق بين العقل والنقل، ويضيف ابن رشد أن علينا الإيمان بالنصوص من غير إخضاعها للعقلنة، لأنها ربما تحتوي على قصد الهي لا نفهمه، ومن المؤسف حقا أن يصرح فيلسوف كابن رشد، أن مسالة معينة يمكن أن تكون صادقة شرعيا وكاذبة عقليا، أو العكس، بمعنى انه يعترف بانفصال الشريعة عن الحكمة (العقل)، لقد أصبحت النصوص الدينية غريبة وغير قابلة للعقلنة بسبب توقف الجهد التأويلي الذي اضطلع به المعتزلة، والذي كان على الدوام يقدم الدعم للنصوص ويمنعها من الانهيار أمام العقل المتجدد، ما أحوجنا اليوم للجهد التأويلي، وخاصة في قضايا حيوية كقضايا المرأة، والتي تبدو النصوص الدينية وكأنها غير مواكبة للعصر فيها، وهذا ما دعا إليه المفكر الأردني فهمي جدعان في كتابه الأخير (خارج السرب) والذي طالب بإعادة الاعتبار للجهد التأويلي وتطبيقه على النصوص الخاصة بالمرأة للخروج بصورة معاصرة تليق بالمرأة في مجتمعاتنا، ما أحوجنا للمعتزلة وتقنياتهم لإعادة تأويل الآية التي تقول (واضربوهن) لتقديم صورة معاصرة مشرقة عن ديننا.

المعركة الخطيرة الأخرى التي أدارها المعتزلة ضد الدهريين هي في إثبات وجود الله، ولقد استخدم المعتزلة السلسلة السببية الممتدة صعودا، سلسلة العلة والمعلول، لإثبات وجود الإله، وقالوا أن هذه السلسلة السببية لا يمكن أن تستمر إلى مالا نهاية، بل لا بد أن نصل إلى نهاية السلسلة حيث السبب الأول أو العلة الأولى، الذي هو علة لكل العلل السابقة، بالإضافة إلى أنه علة نفسه، وقالوا بان الله، بوصفه علة أولى، هو اله أزلي (قديم) وأن القدم هو أخص صفة من صفات الإله، وانه لا يجوز أن يشاركه في هذا القدم أي شيء، لان أي شيء قديم هو اله بالضرورة وهذا إشراك بالله، ولقد دافع المعتزلة عن مبدئهم الأساسي، انه لا قديم إلا الله، وقالوا أن القرآن ليس أزليا بل هو مخلوق، لأنه لو كان قديما لشارك الله في الإلوهية، وهكذا برزت قضية خلق القرآن التي امتحن فيها خلق كثير، وتم تعذيب وقتل كل من أنكروا خلق القرآن، والحقيقة ان إصرار المعتزلة على هذه القضية لم يكن نابعا من ترف فكري كما اعتقد اغلب الدارسين لهذه القضية.

لماذا أصر المعتزلة على نفي أي قديم حتى لو كان مادة غير عاقلة، وما الذي يضير الإله لو كان معه مادة أزلية تتحرك حركة أزلية وتصبح مادة لخلق العالم دون أي خطورة في الانزلاق إلى اعتبارها اله، كان هذا أمرا محيرا بالفعل عند المعتزلة، ولكن البحث المتأني سوف يوضح أن المعتزلة كانوا يخفون أمرا ما بخصوص هذه القضية، ان دليلهم الذي استخدموه للتدليل على الله كان دليلا متهافتا، لأننا إذا وضعنا علة أولى قديمة مادية على قمة السلسلة فإنها تفي بالغرض تماما كمبدأ للعالم، ولانتفت الحاجة إلى اله، إذا كنا قد وضعنا الإله كعلة أو سبب أول فان المادة تفي بالغرض، والحقيقة ان عمانوئيل كانط قد بين لاحقا بطلان وتهافت هذا الدليل اللاهوتي، لان من البديهي أن تكون العلة من صنف المعلول، وبالتالي فان من الخطل القول أن هناك علة غير مادية لمعلول مادي، وأن إلها غير مادي لا يمكن وضعه كمادة أولية لصناعة الكون، لهذا السبب دافع المعتزلة باستماتة لنفي صفة القدم عن غير الإله، لان وجود أي قديم سوف يؤدي الى انتفاء الحاجة للإله، اعتقد أن المحاججة السابقة كفيلة بحسم الجدل حول معركة خلق القرآن.

ما الذي نبغيه الآن من استلهام التراث المعتزلي، لقد اتضح لنا ان الفكر المعتزلي هو فكر عقلاني ضمن دائرة الخطاب الديني، وعندما نخرج هذا الفكر خارج سياقه فإنه لا يلبي شروط العقلانية الحديثة وفي نسختها الأحدث العقلانية النقدية، ان الجانب الذي لا يلبي العقلانية في الفكر المعتزلي هو اعتمادهم الاستشهاد بالنصوص في البرهان والمحاججة، وهذا الأمر غير مقبول، لأن النص لا يعتبر حجة إلا عند من يؤمنون بهذا النص، وبالتالي فان الفكر المعتزلي هو فكر مفيد في عقلنة الخطاب الديني عند جمهور المسلمين، وعلى كافة القوى التقدمية أن تطلع على آليات وطرائق المعتزلة في تخريج وتأويل النصوص تأويلا عقلانيا يناسب روح العصر، وينتشل الأفراد المتدينين بشكل ظلامي لا عقلاني، وينير لهم طريق العقل، لكي يزنوا القضايا بميزان العقل وليس النص فقط، وعلينا أن لا نروج لعقلانية المعتزلة باعتبارها عقلانية مطلقة كما حصل في بعض القراءات الماركسية للفكر المعتزلي، فلقد صور المفكر حسين مروة المعتزلة وكأنهم تيار عقلاني مادي متناسيا أنهم دينيون لاهوتيون في جوهرهم، وان عقلانيتهم لا تتعدى عقلنة النصوص.
التاريخ : 04-05-2012
__._,_.___
Reply via web post Reply to sender Reply to group Start a New Topic Messages in this topic (1)
Recent Activity:
==================================================================
Post message ������� ��������   : arab_nationalist@yahoogroups.com
Subscribe   ��������     :
arab_nationalist-subscribe@yahoogroups.com
Unsubscribe    ���� �������� :
arab_nationalist-unsubscribe@yahoogroups.com
List owner    ���� �������  : arab_nationalist-owner@yahoogroups.com
URL to this page: http://www.yahoo.com/group/arab_nationalist
.

__,_._,___


--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To unsubscribe from this group and stop receiving emails from it, send an email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
To post to this group, send email to alfikralarabi@googlegroups.com.
Visit this group at http://groups.google.com/group/alfikralarabi?hl=en-US.
For more options, visit https://groups.google.com/groups/opt_out.
 
 

--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To unsubscribe from this group and stop receiving emails from it, send an email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
To post to this group, send email to alfikralarabi@googlegroups.com.
Visit this group at http://groups.google.com/group/alfikralarabi?hl=en-US.
For more options, visit https://groups.google.com/groups/opt_out.
 
 

No comments:

Post a Comment