Friday 30 August 2013

{الفكر القومي العربي} التيار العروبي في لبنان: دور توحيدي في مواجهة التقسيم والتطرف - وسام الطرابلسي


 التيار العروبي في لبنان: دور توحيدي في مواجهة التقسيم والتطرف
 
وسام الطرابلسي
في ظل إرتفاع حدة الخطاب التحريضي الطائفي والمذهبي وإزدياد مخاطر مشروع الشرق الأوسط الكبير الصهيو- أميركي، يبرز الدور التوحيدي الجامع للتيار العروبي في لبنان وأحد أبرز مكوناته المؤتمر الشعبي اللبناني. وإذا ما إستعرضنا حفلات الإفطار التي أقامتها مؤسسات "المؤتمر" على مختلف الأراضي اللبنانية، فإننا ندرك أن التيار العروبي هو الوحيد القادر على جمع الناس بعيداً عن إنتماءاتهم السياسية والطائفية والمذهبية، وهذا ما تعجز عنه تيارات أخرى.
فالحضور في هذه اللقاءات الرمضانية ضم ممثلين عن كافة رؤساء الطوائف الدينية اللبنانية، الإسلامية والمسيحية، وشخصيات سياسية وإجتماعية وإقتصادية وتربوية ونسائية، وجمعيات المجتمع الاهلي، وسفراء عدد كبير من الدول العربية والأجنبية. فضلا عن أن تكريم الشخصيات والهيئات الذي يتم في هذه اللقاءات الرمضانية، لم يقتصر فقط على شخصيات لبنانية بل جرى تكريم بطريرك الكرازة المرقسية البابا تواضروس الثاني لمواقفه وقراراته الوطنية والقومية التي لم تصدر من أي شيخ من شيوخ التطرف، والسفير الفلسطيني في لبنان اشرف دبور للدور الذي يقوم به من خلال إبعاد المخيمات الفلسطينية عن المشاكل اللبنانية الداخلية.
كما أن كلمات رئيس المؤتمر الشعبي اللبناني الأخ كمال شاتيلا خلال الإفطارات شددت على إن الإسلام بريء من ممارسات الحركات الطائفية، ومن ظواهر فتاوى التكفير وجهاد النكاح، وقطع الرؤوس وتقطيع الأجساد وقتال المسلم ضد المسلم، وضرب الكنائس والمساجد، وخطف رجال الدين. فالإسلام هو عنوان السماحة والتسامح والإعتدال والعدل وحسن المعاملة، وهذه القيم هي التي أدت لإنتشار الاسلام في كل أنحاء العالم. ومن نماذجه صحيفة المدينة أيام الرسول محمد صلى الله عليه وسلّم، والعهدة العمرية لبطريرك القدس صفرينوس، واصفاً الحركات الطائفية بأنها لا تحمل سوى برامج الهدم والتخلف والجهل والظلم والظلام، وعندما تصل إلى السلطة تمارس أبشع أنواع الديكتاتورية وحكم الحزب الواحد كما جرى في مصر، مطالباً العلماء المسلمين الأحرار بتوحيد كلمتهم وقوننة الفتاوى في ظل وجود بعض الفتاوى العشوائية واللافقهية، والتي تنتشر بين الناس وبخاصة البسطاء منهم وثؤثر بهم وتخدم في النهاية المشروع الأميركي.
وتساءل كيف يمكن أن يحدث صراع إسلامي- مسيحي وبابا الأقباط تواضروس الثاني أكد خلال مقابلة تلفزيونية على القرار الذي أصدره البابا الراحل الانبا شنودة بمنع المسيحيين من زيارة القدس في ظل الإحتلال، وكذلك التطبيع مع الإسرائيليين، في الوقت الذي لم تصدر أي فتوى من الشيخ القرضاوي أو غيره من الشيوخ المتطرفين تمنع التطبيع مع إسرائيل؟. ولماذا الإقتتال مع المسيحيين والرسول محمد صلى الله عليه وسلّم سمح لسبعين مسيحياً من نجران أتوا لزيارته في المدينة المنورة بآداء صلاتهم في مسجده؟.
واستغرب شاتيلا إلتزام بعض الأحزاب المتطرفة بالقرارات الأميركية ومشروع الشرق الأوسط الكبير الذي أعلن عنه جورج بوش الإبن بعد ضرب الأبراج عام 2001، وهم الذين ادّعوا سابقاً أنهم يحاربون الأميركيين!. فجعلوا الولايات المتحدة صديقة لهم، متناسين أنها قتلت مليون مسلم عراقي، ومتجاهلين ما تفعله ربيبتها إسرائيل في فلسطين المحتلة، مشدداً على أن المحاولات الأميركية لإثارة الإضطرابات والصراعات في المنطقة لا تتقصر على الصراع الطائفي بين السنّة والشيعة، والمسلمين والمسيحيين، بل يتعدّاه ليشمل الصراع العرقي بين العرب والأكراد والبربر، بهدف إبقاء إسرائيل صاحبة اليد الطولى في المنطقة على حساب دول مقسّمة واهنة وخاضعة للهيمنة الأميركية، وهذا ما حدث في العراق ويحدث اليوم في سوريا، لافتاً إلى أن إنتهاء الحكم الطائفي في مصر شكّل ضربة قوية جداً لهذا المشروع.
ورأى أن ما يروجه البعض من أن التحريض الطائفي في لبنان لم ينتج حرباً أهلية بين السنّة والشيعة، لأن الشيعة يملكون السلاح والسنّة لا يملكونه هو كلام خطير وغير صحيح، ومن يطلقه مشبوهون، فالسلاح أصبح متوفراً في كل المناطق، كما أن تركيا توزع السلاح مجاناً في سوريا وغيرها. لكن ذاكرة اللبنانيين لم تنس الحرب اللبنانية التي أودت بحياة 150 ألف ضحية وأدت لدمار شامل، وهم لا يريدون العودة إلى الإقتتال والذهاب إلى الفتنة، ويطالبون بالجيش اللبناني لحماية الأمن والسلم الأهلي. فالوعي الشعبي لأبناء الطائفة السنية وقياداتها الحرة الرافضة أن تتأمرك أو تتطرف إستطاعت ضبط الشارع بالرغم من كل محاولات التجييش الطائفي، فضلاً عن مسارعة القيادات الشيعية لضبط شارعها، مؤكداً أن درجة الوعي الشعبي اللبناني مرتفعة جداً ولن تسمح للمؤامرات الطائفية والمذهبية أن تتغلغل لأن اللبنانيين يدركون أنه لن تستطيع أي طائفة أن تسيطر على أي طائفة أخرى أو على لبنان.
 

No comments:

Post a Comment