Thursday, 30 January 2014

{الفكر القومي العربي} ان صلحت مصر صلحت الامة - عدنان برجي

ان صلحت مصر صلحت الامة
عدنان برجي
مدير المركز الوطني للدراسات – لبنان
مدير تحرير مجلة الموقف
 
في الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير،يسعدني كمراقب عربي ان اتوجه بالتحية الى الشعب المصري الذي انجز ثورة ادخلت الى قاموس الثورات مفاهيم وقواعد جديدة وغير مسبوقة.
ان ثورة 25 يناير، في حلتها الاولى وفي حلتها الثانية 30 يونيه، كشفت العمق الحضاري للامة العربية في وجه محاولات التضليل والتزييف التي تساق منذ قرون ضد الامة من اعدائها الخارجيين ومن بعض ضعاف النفوس من ابنائها. فهذه الثورة شارك فيها ملايين المصريين من مختلف الاعمار رجالا ونساء، ولم تخرج عن سلميتها ولم ترهن نفسها لأجندة خارجية. وهي جسدت الوحدة الوطنية المصرية المتأصلة عبر التاريخ فلم تكن ثورة لفئة ولا لطبقة ولا لطائفة بل كانت تمثيلا للأغلبية الشعبية لتحالف قوى الشعب العاملة. اسقطت النظام، اولا وثانيا، وحافظت على الوطن وهذا انجاز كبير في ظل ما تشهده بلدان عربية اخرى حيث يسقط النظام ويتفتت الوطن مما يحوّل الحراك الشعبي من نعمة الى نقمة.
ومن بين انجازات الثورة الحضارية اعادة الاعتبار الى الازهر الشريف كمرجعية اسلامية وسطية معتدلة، والامة في امس الحاجة اليوم الى هذه المرجعية في زمن التطرف والتكفير والافراط والتفريط، زمن تغليب العصبية المذهبية على الدعوة الوحدوية والتوحيدية التي جاء بها الاسلام الحنيف.
كما اثبتت الثورة، لاسيما في 30 يونيه و3 يوليو، انه يستحيل على اي نظام سياسي تجاوز الثوابت الشعبية وهي الحرية والعدالة والايمان والانتماء الوطني والقومي، وهذا ما جسده مشروع الدستور الجديد الذي هو بحق من افضل الدساتير التي يمكن ان تصاغ لوطن، والذي سيعتبر انموذجا لباقي اوطاننا العربية ولمختلف دول العالم الثالث.
لقد جاءت ثورة يناير في ظل متغيرات دولية واقليمية، حيث ينتقل العالم من نظام القطب الواحد الى نظام متعدد الاقطاب، والمراهنة العربية هي على دور مصر عربيا واقليميا ودوليا.ان مصر بموقعها الجغرافي في الدوائر الثلاث: الدائرة العربية، والدائرة الاسلامية، والدائرة الافريقية، وبما تمثل من ثقل شعبي وعمق حضاري، ومن عراقة مؤسستها العسكرية، تجعلنا نأمل في ايجاد مشروع عربي ينافس المشاريع الاقليمية ويتصدى للمشاريع الاستعمارية والصهيونية. لقد كانت مصر قبل غيرها من دول المنطقة والعالم سباقة في ستينيات القرن الماضي الى محاولة بناء برنامج نووي سلمي، ادراكا منها ان هكذا مشروع يمكنها من التغلب على معضلات كثيرة،  ويجعلها في مصاف الدول النامية فعلا، لكن للاسف فقد افتقدت مصر خلال العقود الاربعة الماضية الارادة السياسية التي امتلكتها زمن ثورة 23 يوليو، ودفعت نتيجة ذلك اثمانا غالية على الصعد كافة. ان المصريين يمتلكون القدرة البشرية والعلمية وجل مايطلبونه الارادة السياسية، وهذا ماسعى اليه الشعب المصري في ثورة 25يناير و30يونيه.
ان مصر تتعرض اليوم الى هجمة من قوى التطرف والارهاب، وهذه الهجمة قد تضع عقبات في طريق تحقيق اهداف الثورة لكنها لن تستطيع ابدا وقف تطور وتنامي هذه الثورة لانها ثورة شعبية ديمقراطية تريد الخير لجميع المصريين والعرب والمسلمين واحرار العالم.
ان المرحلة الحالية يتداخل فيها مشروع الشرق الاوسط الجديد التقسيمي التفتيتي، واماني الشعب العربي في الحرية والتحرر والعدالة الاجتماعية. وفي تقديرنا ان ثورة مصر وعت هذه الحقيقة فانتصرت لأماني الشعب ورفضت كل دعوة للتدخل الخارجي، بل رفضت اية معونة اميركية كانت او عربية، على حساب حريتها وكرامتها، وهذا هو احد مصادر قوتها .وهي لذلك تعاني من ضغوطات كثيرة وكبيرة وخطيرة، ولن تقوى مصر على مواجهتها سوى بوحدة الشعب مع قواته المسلحة التي اثبتت انها تنحاز الى الوطن والشعب في كل الظروف، وقد قيض الله لهذه القوات في هذا الوقت العصيب قائدا بمستوى الفريق الاول عبد الفتاح سيسي الذي يحوز ثقة القوات المسلحة ومحبة الشعب المصري بل والشعب العربي قاطبة، لذلك فكلنا امل ان مصر بقيادتها وشعبها ستنتصر على كل محاولات الارهاب والتطرف وستجتاز بنجاح المرحلة الانتقالية لتعود مصر الى دورها الطليعي والطبيعي في الدوائر الثلاث ولسان حالنا جميعا يقول: ان صلحت مصر صلحت الامة.
بورك للشعب المصري بهذه الثورة الخلاقة، وبورك الابداع في اساليب قيام الثورات والى النصر المبين باذن الله.
 
 
بيروت في 30-1- 2014
adnanbourji@gmail.com
 

No comments:

Post a Comment