لي قطعة أرضة مساحتها سبعة دونمات في المنطقة بين بلدة عصيرة الشمالية وقرية إجنسنيا، وهي مطوُبة باسمي. الأرض مساحتها أربعة عشر دونما، ومعي فيها شريكان. أردت إفراز الأرض بهدف الاستقلال عن شركائي ومن ثم القيام بزراعتها وربما البناء فيها. لدي النية بزراعتها بالزيتون. قال لي المساح الذي رافقني بأن القطعة التي تقل عن خمسة دونمات لا تفرز لأن المنطقة مصنفة أرض زراعية، وطبعا كل الأراضي المجاورة غير مزروعة لأنها غير مفروزة، ولا يوجد أحد يرغب بتشجير أرض غير مفروزة لأنها قد تؤول لغيره، وعند الفرز يجب فحص وجود قُصّر، وحقيقة أحد شركائي وهو الدكتور باسم المكحول قد توفي رحمه الله، وترك خلفه أبناء قصرا. وقال المساح أننا بحاجة إلى ما يقرب من العام لتسوية الأمر بسبب تعقيد إجراءات المحاكم والإجراءت الإدارية.
وقال السيد المساح أن علينا أن ندفع رسوم الطابوإذا كنا سنفرز، والتي تساوي 3% من ثمن الأرض الذي تقدره دائرة الأراضي.، علما أنها كانت 1% فقط فقلت له أن الأرض مطوبة بأسمائنا وكلنا دفعنا رسوم الطابو، فضحك كثيرا على اعتبار أنني جاهل بالموضع، وقال يا حبيبي عليك أن تستمر بالدفع، هؤلاء (يعني دائرة الأراضي) يمصون دم الواحد. لا مفر لا يمكن المصادقة على الفرز بدون أن تدفع رسوما فوق الرسوم. وبهذا تنج السلطة في الحيلوة دون تكثيف البناء الفلسطيني، ولا يغرنك حديث أهل السلطة ضد الاستيطان، وما يهمنا هو الفعل على الأرض وليس ما نسمع من على شاشات التلفاز.
ضياع الأرض
ولهذا لا غرابة أن الناس لا يقومون بفرز الأراضي، فالتكاليف عالية. إنهم يجردون الناس من أموالهم من أجل تكثيف فسادهم. على الناس أن يمولوا الفساد من أجل أن تبقى رقابهم مهترئة من دوس أحذية الفاسدين.
في فلسطين المفروض تسهيل معاملات الأراضي لكي يتمكن الناس من البناء والزراعة. الأرض هي الوطن، وإن كنا نعرقل البناء والزراعة فإننا نخون الوطن والله والتاريخ والإنسان. إسرائيل تشجع البناء والزراعة وتقدم مختلف التسهيلات من أجل الاستيلاء على أراضينا، أما نحن فنقسو على الناس حتى لا يتمكنون من الحفاظ على وطنهم، وحتى نهجرهم في النهاية من البلاد. هذا عمل لا يجوز وهو إجرامي وخياني، وعلى الناس أن يرفضوه.
يقولون إنهم خصصوا مساحة واسعة في الضفة الغربية لتكون خضراء، أي زراعية، وهي في الغالب أراض جبلية صخرية، وكان واضحا أن الهدف هو عرقلة نشاطات الناس البنائية وإفساح المجال أمام الأعداء للاستيلاء على الأرض. والدليل على ذلك أن الأراضي الزراعية الخصبة تركت للبناء، بينما خصصت الجبال للزراعة. سهل جنين تأكله البنايات الآن وهو يتقلص بتسارع، أما سهل طولكرم فتم استهلاكه بالبنايات، أما بساتين نابلس لم تعد موجودة. سهل البيرة يختفي رويدا رويدا، وسهول دورا والساوية وعقربا فلن يكون لها أثر في المستقبل. إنهم يكذبون، ولا يريدون اتباع سياسات تحافظ على الوطن.
المشكلة هي لدى الناس أيضا الذين يرضون بمثل هكذا ترتيبات وإجراءات. اللهم لا تغفر لنا.
No comments:
Post a Comment