للاجابة على هذا السؤال فنقول ان غيابها بفعل الظروف الخارجية والخارجة
عن نطاق الأمة وأما تغييبها فبفعل الارادة الذاتية لهذه الأمة التي يقتل
منها يوميا بالمئآت في حروب مشتعلة منذ أكثر من قرن من الزمان ودون توقف
بحيث لم تأخذ هذه الأمة حتى استراحة محارب وتقدم تضحيات جسيمة من أبنائها
ومن ثرواتها المنهوبة بفعل العدوان الخارجي والنهب الداخلي فكلها عوامل
مضافة على جهد الأمة وقدرتها على التحمل وانها لا تزال قائمة لم تنحني
بعد ولم تستسلم نهائيا لارادة الطغاة سواء كانوا أجانب أم من أبناء الأمة
انخرطوا مع الأجنبي ليكونوا عملاء أذلاء له وتابعين و خانعين لارادته
ويكتفون من ثروات أمتهم بالفتات ويتركون اللباب للمحتل الأجنبي وبناء
عليه فسنقوم بتتبع هذه الديمقراطية الغائبة و المغيبة في الوطن العربي
وما السبيل الى احضارها مجددا و التمسك بها بناء لنهوض هذه الأمة ومنعا
لعهود الظلم و القهر التي عانت منها هذه الأمة التي من المفروض أنها خير
أمة أخرجت للناس اذ تحمل في وجدانها و ثقافتها الحضارة الاسلامية العظيمة
ولكن دورنا يتطلب منا العمل على انهاء هذه المعاناة وبناء انسان عربي
جدير بان تكون له مكانته على الأرض.
فالديمقراطية التي نتحدث عنها أول ما تعنيه الحرية الحقيقية دون كثير
فلسفة أو تنظير للانسان و الأرض معا فهذا أول درس في الديمقراطية و بدونه
لن تتحقق اطلاقا وبما أننا ننتمي لأمة عربية تمتد أراضيها من المحيط الى
الخليج العربي فلا بد أن تكون كل هذه الأرض متحررة من الغزو الأجنبي سواء
كان من اسبانيا التي تحتل مدينتي سبتة ومليلة أو أثيوبيا التي تحتل منطقة
الأوغادن من أراضي الصومال أو العصابات الصهيونية التي تحتل فلسطين وجزء
من سوريا و لبتان وتساهم هذه العصابات مع الولايات المتحدة الأمريكية و
ايران في احتلال العراق و تدميره أرضا وشعبا وتنفرد ايران باحتلال
الأحواز والجزر الاماراتية الثلاثة و لاتقبل حتى مبدأ التفاوض حول هذه
الملفات كما أن تركيا تحتل منطقة لواء الاسكندرون من أراضي سوريا وأمام
هذا الاحتلال فلن تتحقق أي ديمقراطية ما لم تتحرر هذه المناطق وأي ادعاء
لأي نظام عربي للديمقراطية دون تبني تحرير هذه الأجزاء من الوطن مضيعة
للوقت وضحك على الذقون فلنختبر هذه الأنظمة حول كل هذه القضايا وأول وأهم
اختبار لهذه الأنظمة وبصورة ملحة قضيتا الشعبين العراقي و الفلسطيني فلا
بد من العمل على تحريرهما بأسرع ما يمكن من الوقت وبدون تعلات وان محك
الديمقراطية الحقيقية ينطلق من هنا والا فان أي نظام يمالىء الصهاينة
ويقف مكتوف الأيدي أمام الاحتلال المزدوج للعراق من قوى دولية واقليمية
في المنطقة وترك الشعب العراقي يعاني لوحده ودون مساعدة مقاومته وعدم
الاعتراف بها ودون فتح مكاتب لها في الوطن العربي وبدون استثناء فان هذا
من شأنه أن يعري الأنظمة أما م شعوبها وأمام التاريخ الذي لا يرحم اذن
العنوان الأول لاقتحام عالم الديمقراطية الذي سبقتنا اليه شعوب الأرض فلا
مجال للتشدق بها دون الأخذ بعين الاعتبار بهذا الأمر تحرير الوطن ضرورة
ملحة لابد منها أولا وقبل الحديث عن أي أمر آخر.
مازلنا بصدد الحديث عن تحرير الوطن من الاحتلال الأجنبي أي أن يمارس كل
الشعب العربي سيادته على كل أرضه العربية ولكن هذا غير متوفر موضوعيا
بحكم التجزئة فكل نظام عربي يقتطع جزء من الأرض العربية وجزء من الشعب
العربي ويمارس السيادة عليهما دون بقية الأرض و الشعب العربي ويمنع بقية
الشعب العربي من أن يمارس السيادة على الاقليم الذي يتخذه النظام موضوعا
لمباشرة سيادته أو سلطته فنقول انها سيادة منقوصة من جهة الشعب الذي
لايمارس سيادته على كل أرضه ومن جهة الأرض التي لا تستوعب الجميع فأي
حديث عن الديمقراطية دون الغاء التجزئة والبوابات التي أقامها المستعمر
وتركها وراءه ليتصارع العرب فيما بينهم ويبقى هو يستفيد فانه غير مجد
وهذا هو الأمر الثاني والملح على طريق بناء الديمقراطية التي أصبحت ليست
مجرد ترف فكري بل انها مسألة حياة أو موت فاذا لم نسارع الى هذه الخطوات
الأولى و المبدئية لاقامة ديمقراطية حقيقية وسليمة وبشكل نهائي فان غير
هذا الطريق محاولة للكذب على الشعوب والتدجيل عليها و نحن في عصر
الانترنات و التواصل السريع فلا مجال للتعتيم على هذه القضايا الجوهرية.
تحرير الوطن من المستعمرين والاقليميين معا
لا ديمقراطية دون تحرير كل الأرض العربية من الاستعمار الأجنبي ومن
الحدود الاقليمية التي تحول بين المواطن العربي وحق الاقامة والتنقل
والعمل والسكن في مكان ما من وطنه فاذا كان الاستعمار المباشر أو عبر
خططه الجهنمية قد قضى على فرص التواصل بين مكونات الشعب العربي عبر
مؤامرة سايكس بيكو هل يعقل أن تتواصل هذه الخطط الجهنمية الى اليوم حيث
تسير المجتمعات نحو مزيد من التكتل كالاتحاد الأوروبي وهم مجتمعات مختلفة
عرقيا وقوميا ولغويا وتاريخيا ومع ذلك يتجهون للتوحد السياسي و العسكري و
الاقتصادي والنقدي ويتنقلون فيما بينهم بمجرد بطاقة الهوية لأنهم أدركوا
أنه لاوجود للصغار في هذا العالم وتجاوزوا الاختلافات بينما نحن أمة
واحدة ومقسمة الى اثنين وعشرين دولة والقوى المعادية و الرجعية المحلية
في سعي حثيث بينهم الى مزيد من التقسيم والتجزئة على أسس طائفية فالآخرون
يتجهون الى مزيد من القوة باتحادهم ونحن الى مزيد من الضعف و الهوان و
التشرذم وأمثلة السودان و اليمن والعراق والصومال والصحراء الغربية حاضرة
بقوة لخدمة المشاريع الطائفية والتجزيئية على أسس مذهبية وقبلية نهاية في
السخف أمام ما يقع من حركات وحدوية بالنسبة للآخر المعادي لهذه الأمة.
ونأتي الآن الى بيان أن الدساتير في الدول العربية بناء على هذا المعطى
ليست ديمقراطية لأنها جميعا تكرس البعد الاقليمي للدولة الاقليم وليس
فيها نصوص على أن ذلك الاقليم ليس دولة كاملة السيادة في ظل التجزئة بل
يذكر فيه أنها دولة مستقلة كاملة السيادة على الاقليم وذلك الجزء من
الشعب والأولى بها أن تؤكد البعد القومي للأمة وأن تسمح الدولة لكل الشعب
العربي دون استثناء بالاقامة والتنقل دون حدود والا فان الشرط الأول
للديمقراطية فانه منعدم فلا يجوز اذن لكل الأنظمة العربية التشدق بكونها
ديمقراطية وهي لم تلتزم بالحد الأدنى من شروط الديمقراطية وهي حرية الأرض
وممارسة كل الشعب سيادته على كامل أرضه في الجوانب التي تعتبر أوليات أي
مجرد التنقل وحرية العمل والاقامة ونقل البضائع في أرض الوطن للأمة وهذه
حقوق طبيعية لابد من تحقيقها أولا قبل الحديث عن العناصر الأخرى من
المساواة بين البشر في الحقوق والحريات وحقوق التعبيرو الحراك السياسي
والثقافي فبالرغم من أهميتها فانها ستكون محور حديثنا فيما يأتي من
حديث .
نشر في ثقافة وفنون, ديموقراطية عربية, كتاب التقدمية
--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To post to this group, send email to alfikralarabi@googlegroups.com.
To unsubscribe from this group, send email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
For more options, visit this group at http://groups.google.com/group/alfikralarabi?hl=en.
No comments:
Post a Comment