Tuesday, 5 March 2013

{الفكر القومي العربي} حتى لا نظل نتقدم على طريق مسدود بقلم: عادل البريني

حتى لا نظل نتقدم على طريق مسدود بقلم: عادل البريني
يكاد يجمع الناس اليوم على حالة الاحتباس التي تشهدها الثورة في " مربع"
الربيع العربي..وثمة اعتراف داخلي و اجماع خارجي ؛ واقرارذاتي و
إشهادجماعي ؛ بحالة الفشل الذريع التي تاهت فيها تجارب "الانتقال
الديمقراطي"في هذا المربع من تونس الى ليبيا مرورا بمصر وصولا الى
اليمن..وقد غدت هذه البقاع نقاطا ساخنة أطلقوا عليها "بؤرتوتر " بعدما
كانت في نظرهم -هم انفسهم - ساحات "للأمن والأمان" يطيب فيها فيها العيش
والترحال؛ فلقد صح القول الشائع حينئذ أن -هذه- لعبة قذرة لا صداقات فيها
تدوم ولا عداوات ؛ البوصلة الوحيدة هي المصلحة وفقط..وهذا حديث آخر

لنعد الى تونس .. لم تمض سنتان على انتفاضة عارمة في مناطق مظلمة فقرا
وجهلا وحرمانا حتى بدا للناس أن الزمن توقف عند ذلك التاريخ ؛وكانوا قد
ظنوا - وبعض الظن اثم فعلا - أن حلمهم على مرمى الحجر الذي رموه على
القبعات الزرقاء القاتلة..وأن بينهم وبين السعادة صير ساعة..لكن صبرهم
احتاج الى صبر بدوره وعاد الزمن بهم الى طاحونة خبروها جيدا محمولها وعود
عسلية وآمان وردية انكسرت نهائيا ورجعنا الى" قلب الرحى"..

ولن يكون الحديث عن الأسباب بأنواعها مفيدا ايا كانت الأطراف التي قد
ساهمت فيها وسواء كان ذلك بقصد او بغير قصد ليس هذا مهما الان..وليس مهما
ان نعيد الحديث عن مظاهر الفشل ..وعمن يتحمل المسؤولية لأن مقام القول
مساءلة تندرج ضمن باب الدفع الى الأمام ..خالية من البراغماتية الحزبية
الضيقة ..و لهذا يعنيناجدا ان نسجل في رأس الصفحة الجديدة التي سيفتحها
"أهل الحل والعقد" وهم يهمون بحكاية حكم جديدة تنفتح داخل الحكاية
الأولى ..و لم يطووا بعد الصفحة القديمة ولا الصفحة السابقة..فكل الأوراق
مكشوفة الآن ومخلوطة وملعوبة كما يقول المشارقة..لا يمكن أن ننسى ما
تعلمناه خلال هذه الفترة ..سنبدأمن السطر الأخير فهذا الشعب غير مستعد
لمحو ذاكرة الثورةالقريبة .. وهو يذكر جيدا كل ما حصل ويريد أن يتذكر
الذين يتأهبون الان لامتطاء القطار -قطار الحكم-وهو لم يتحرك أصلا ..أن
هناك محطات نضالية ساخنة جدا مرت بهامناطق داخلية وساحلية وجيهات نائية
وقريبة خلال هذه الفترة "الانتقالية" و ثمةمطالب مهنية حارة كافح من
أجلها اتحاد الشغل وغيره من المنظمات الهادفة؛لا يجب تناسي كل هذا أو
تجاهله ابدا حتى لا نعود الى نقطة الصفر ونخسر فعلا سنتين من عمر الثورة
أو نكتشف مرغمين انها لم تولد أصلا .. فلا يكون الأمر مجرد عملية تجميلية
لمشروع فاشل دفعت ثمن فشله أرواح بريئة ؛اذا لم تكن هناك قناعة أن
المطلوب فورا -حتى بدون مؤتمر للإنقاذ -برنامج انقاذ سريع وناجع يستند
الى برنامج متكامل تتم مناقشة كل خطوطه سطحا وعمقا..فالمسألة بعيون
التونسيين ليست أشخاصا وأرقاما و العالم بأسره يعلم أن البلاد ضاقت
بكوادرها ونوابغها حتى تفرقت "أيدي سبأ" .. ان الشعار الذي يتردد صداه
اليوم في مراكز الدوله وأطرافها هو تحقيق المعقول والمستطاع من مطالب
الثورة - أشياءها البسيطة - رزق كريم يحفظ الكرامة الانسانية وحريةواعية
ينتهي فيها حق المرء المطلق حين يبدأ حق الآخرين وعدالة حقيقية يكون فيها
الولاء لله والوطن لا غير يتساوى امامها الجميع لا فرق بين هذا وذاك الا
بالكفاءة والمقدرة..

ان ما بقي عالقا في ذاكرة التونسيين من التجربة الديمقراطية الأخيرة على
امتداد ما يربو عن السنة والنصف أن فيها تعاقبت الاضربات و تواردت
الاعتصامات وتعالقت التظاهرات والمسيرات وكل ما وقع اعتباره مطبات
مفتعلةلإرباك "العربة المثلثة " ولنكن الآن واقعيين بعد الدروس القاسية
التي حضرناها ثمة مرحلة انتهت لها ما لها من بضع نقاط مضيئة لا تكاد ترى؛
بفعل السواد الذي لفها ؛منها الجدل الفكري والسياسي الحر..والتعبير
المطلق عن الآراء والخواطر ما بلغ منها حد الغلو وتعدى كل الضوابط حتى
الأخلاقية أحيانا هذه حقيقة..وعليها ما عليها من القصور والتقصير
واللخبطة والإرتداد أحيانا على قواعد الثورة وهذه حقائق أيضا..الآن يجب
البناء على تلك المرحلة وازالة كل تلك المطبات فالشعب ابدا لا ينوي العود
على بدء في كل شيئ..هناك نوايا ومشاريع يجب لها أن تتنفذ ..التنمية في
الجنوب..التوزيع العادل للمواردوالطاقات..التشغيل..البنية
الاساسية..تجويد مستوى العيش..وفي سياق هذه المطالب الكبرى هناك اتفاقيات
وووعود وتفاهمات وقعت في كل الجيهات النائية ولاسيما ما عانى منها من
التهميش والتفقير والتجهيل سنين طويلة..عليها يجب ان تنهض المرحلة
القادمة وينبني العمل الجديد في تسيير هذا البلد ..وليس الامر مجرد رسائل
طمأنة خطابية ولا وزيارات تشريفية ومجالس جهوية بروتوكولية وكلام أجوف
وأرقام خرافية للتأهيل المعنوي تعطى للجمهور دون وعي ..المطلوب اذن بلغة
مباشرة أن يبدأ الفريق الجديد بتنفيذ ما وقع الاتفاق فيه وعلى وجه السرعة
قبل البحث عن حلول اخرى وسبل اضافية للتطوير والتنمية والتشغيل.. ولا
نريد أن نسمع -مثلا- لا من باب المزايدة ولا من قبيل المناقصة أن الاتفاق
الذي تعهدت به السلطة مع أهالي تطاوين حول محطة انتاج وتحويل الغاز لم
يكن الا دمية من الحلوى تسلينا بهاقليلا وتلذذنا وانتهى مفعولها ..هذا
مجرد مثال للإستدلال وللإيحاء وخذ ما شئت من الأحوال الأشباه والوعود
النظائر في مدن أخرى مهمشة وقرى جائعة و جبال عارية على امتداد تراب هذا
الوطن الصغير .. في مدنين وقبلي وقفصة والكاف وتالة ....وكل بقعة عامرة و
منسية فيه ..

إن أي برنامج للإصلاح جديد يقطع مع ما سبق من سياق الثورة ولحظاتها
الحاسمة سيعد تضليلا ومضيعة للوقت والجهد واستفزازا صريحا حتى يعود الناس
الى الوراء ..الى دائرة خرجنا منها بضرائب باهضة..كان الناس فيها يطلبون
حقهم باللين حيناوبالعنف أحيانا أخرى.. والثورة التي لا تراكم تجاربها
بحثا جدليا وحلا علميا وتنفيذا عمليا تظل تراوح مكانها أو تتقدم و لكن
على طريق مسدود

--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "الفكر القومي العربي" group.
To unsubscribe from this group and stop receiving emails from it, send an email to alfikralarabi+unsubscribe@googlegroups.com.
To post to this group, send email to alfikralarabi@googlegroups.com.
Visit this group at http://groups.google.com/group/alfikralarabi?hl=en.
For more options, visit https://groups.google.com/groups/opt_out.

No comments:

Post a Comment